الدرس الثاني
في دورة القاعدة النورانية
إنجي بنت محمد بن أحمد
إن الحمد لله، نحمَدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد:
فأيتها الفُضليات، أحيِّيكنَّ بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام؛ فالسلام عليكنَّ ورحمة الله وبركاته..
وحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرِقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وطِبْتم جميعًا وطاب لقاؤكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً.
وأسأل اللهَ الذي جمعنا في هذه الدنيا الفانية على هذه الشبكة الصغيرة، وفي هذه الغرفة المباركة، أن يجمعَنا في الآخرة في جنة عالية، قطوفها دانية، إخوانًا على سرر متقابِلين.
وأذكركن وأذكر نفسي - غالياتي - بتجديد النِّية.
ولا بدَّ أيضًا - حبيباتي - أن ننتبهَ إلى أن مِن ثمرات قراءة الكتب تقييد الفوائد، حتى ذكر الكثيرُ من أهل العلم أن قراءة الكتب لا يتحقَّقُ منها الفائدة إلا بتقييد هذه الفوائد؛ كما قال عبدالسلام هارون - رحمه الله -: (فإن الحكيمَ العربيَّ كان يقول - وقوله الحق -: "العلمُ صيدٌ والكتابة قيدُه"، وإذا ضاع القيد ذهَب الصيد!).
فاحرِصْن - غالياتي - كلَّ الحرص على تدوين وتسجيل ما يتم أخذه دائمًا من هذا العلم الجليل.
تحدثنا في المجلس السابق عن أهمية وفضل العلم، ثم تحدثنا عن أصل المادة التي سيتم أخذها في هذه الدورة، وتعرَّفنا على مؤلِّف هذه المادة، وتكلمنا أو أعطينا نبذة مختصرة عن الشيخ الذي قام بتأليف هذه المادة، والهدف منها، وعرفنا الأسماء المندرجة أسفلها، والفروقات بين بعضها البعض، والفائدة المستنبطة من هذه المادة، والغرض من دراستها، ثم قمنا بوَضْع منهجية لهذه المادة حتى نسير عليها، وذكرنا الحركات التي سيتم شرحها في القاعدة النورانية، من حيث حركات اللغة العربية، والحركات المختصَّة بالقرآن الكريم.
اليوم - بإذن الله تعالى - سنقوم بتعريف بعض المصطلحات الهامة في الدرس الأول من القاعدة النورانية، فسيتم أخذ حروف الهجاء بنطقها الصحيح، ثم أخذ الحركات الثلاث بحروفها، وكيفية التهجي بها، لكن قبل أن نأخذ الحركات وتطبيقها على حروف الهجاء لا بد أن نعرفَ أولاً:
ما هو الحرف؟
الحروف: جمع حرف، ولا بد من تعريفه لغةً واصطلاحًا.
ما المقصود بالتعريف اللغوي والاصطلاحي؟
المقصود بالتعريف اللغوي؛ أي عند العرب الفصحاء المحتجِّ بكلامهم، اللغة (أي عند أهل اللغة العربية): يقومون بالتعريف بصفة عامة.
والتعريف الاصطلاحي: هو ما اصطلح عليه علماء الفن، الاصطلاح (أي عند علماء التجويد): يعرِّفون الشيء بدقة، بمعنى: يقومون بتعريف المادة تعريفًا دقيقًا.
قبل أن نقومَ بتعريف الحرف لا بد أن نعرف الفرق بين الأحرف والحروف.
الأحرف تطلق على أقل من 9 حروف، مثلاً حروف الجوف.
الحروف تطلق على أكثر من 9 حروف، وهي كل الحروف الهجائية.
نعود لتعريف الحرف:
لغةً: هو الطرَف أو الحد.
نلاحظ أن من هذا التعريف اندرج تعريف آخر داخل التعريف:
معنى الطرَف: أي طرَف الكلمة في أوله وآخره؛ لقوله تعالى: ï´؟ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ï´¾ [هود: 114].
اصطلاحًا (أي عند أهل التجويد): هو صوت يعتمد على مخرج محقَّق أو مخرج مقدَّر.
نلاحظ أيضًا أن من هذا التعريف تفرع منه عدة تعريفات أخرى، لا بد أن نذكرها حتى يتضح لنا ما هو الصوت؟ وكيف ينشأ الصوت عند المرء؟ وما معنى مخرج؟ وتعريف المخرج المحقق والمخرج المقدر؟
الصوت: هو عبارة عن تخلخل أو تموج في طبقات الهواء، تدركه الأذن البشرية؛ أي: تسمعه الأذن البشرية.
ينشأ الصوت عند المرء: عندما يستنشق الإنسان الهواء، فإن الهواء الذي يستنشقه يغذي الدم في جسم الإنسان، وتعتبر هذه عملية الشهيق، وتأتي هنا عملية الزفير وإخراج ثاني أكسيد الكربون، فيخرج في تلك اللحظة حروف وأصوات بإذن الله، فسبحان الخالق المدبر!
المخرج: لغةً: هو موضع الخروج.
اصطلاحًا: هو محلُّ خروج الحروف.
• المخرج المحقَّق: هو ما اعتمد على جزء معين من أجزاء الفم، مثل "الحَلق, اللسان, الشفتين".
.
• المخرج المقدَّر: هو الذي لا يعتمد على جزء معين من أجزاء الحَلق، ولا اللسان، ولا الشفتين، ولا ينتهي في نقطةٍ محددة، بل ينتهي بانتهاء الزفير، ويقبل الزيادة والنقصان، ويخرج منه حروف المد الثلاثة، وهي دائمًا في كتاب الله ساكنة عارية عن الحركة، ويكون قبلها حركة من جنسها.
بعد أن عرفنا تعريف الحروف، نأتي الآن إلى تعريف الحروف العربية:
ما هو تعريف الحروف العربية؟
هي حروف أصلية، وهي الحروف الهجائية من "الهمزة حتى الياء".
تنقسم الحروف العربية إلى قسمين:
"حروف معانٍ" و"حروف مبانٍ".
ما هي حروف المعاني؟
هي التي تدل على معنى.
قال تعالى: ï´؟ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ï´¾ [الإسراء: 1].
"من - إلى"، ونلاحظ وجودها في الآية، ودل كلٌّ منها على معنى.
الحرف "من": دل على بداية الرحلة إلى المسجد الحرام، بينما الحرف "إلى": دل على نهاية الرِّحلة إلى المسجد الأقصى، إذًا يقصد بالحروف معنى يربط بين شيئين "اسم وفعل"، و"فعل وفعل".
ما هي حروف المباني؟
هي حروف يتكوَّن منها كلمة، وهي الحروف الهجائية المفردة، وتنقسم إلى "حروف أصلية, حروف فرعية".
ما هي الحروف الأصليَّة؟
هي الحروف الهجائية.
ما هي الحروف الفرعية؟
مثل الهمزة المسهَّلة، نحو: ï´؟ أَأَعْجَمِيٌّ ï´¾، واللام المفخمة في "قراءة ورش"، والياء المشمة التي يخالطها صوت الواو، نحو: "قيل".
يتبع