عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-01-2020, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الحج سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز




س: ما حكم الحج عن الوالدين اللذينِ ماتَا ولم يحجَّا؟[75]
ج: يجوز لك أن تحج عن والديك بنفسك، وتنيب من يحج عنهما إذا كنت حجَجْتَ عن نفسك، أو كان الشخص الذي يحج عنهما قد حَجَّ عن نفسه؛ لما رُوي عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - من حديث شبرمة[76].
س: رجل مات ولم يقضِ فريضة الحج، وأَوْصَى أن يُحَج عنه من ماله، ويسأل عن صحة الحجة، وهل حج الغير مثل حجه لنفسه؟[77]
ج: إذا مات المسلم ولم يقضِ فريضة الحج، وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يُحَج عنه من ماله الذي خلفه، سواء أوصى بذلك أم لم يوصِ، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه، صَحَّ حجه وأجزَأَه في سقوط الحج عنه؛ كما لو حج عن نفسه، أما كون ذلك أقل أو أكثر فذلك راجع إلى الله - سبحانه وتعالى - لأنه العالِم بأحوال عباده ونِيَّاتهم، ولا شك أن الواجب عليه المُبادرة بالحج إذا استَطَاع قبل أن يموت للأدلة الشرعية الدالة على ذلك، ويُخْشَى عليه من إِثْم التأخير.


حكم الحج عمن مات ولم يوصِ بالحج

س: إذا مات رجل لم يوصِ أحدًا بالحج عنه، فهل تسقط عنه الفريضة إذا حج عنه ابنُه؟[78]
ج: إذا حج عنه ابنه المسلم الذي قد حج عن نفسه سقَطَتْ عنه الفريضة بذلك، وهكذا لو حج عنه غير ابنه من المسلمينَ الذين قد حجوا عن أنفسهم؛ لما ثبت في الصحيحَينِ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة قالت: "يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه؟" قال: ((نعم حجي عنه))[79]. وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ما ذكرنا.


حكم من نذر الحج ومات ولم يحج.

س: من نَذَر على نفسه الحج، ومات وليس وراءه تَرِكَة، هل يكون القضاء استحبابًا أو وجوبًا؟[80]
ج: إن تَيَسَّر من بعض الوَرَثة أو غيرهم أن يحج عنه فذلك مُسْتَحَب وفاعله مأجور، وإلا فليس عليه شيءٌ؛ لقول الله – سبحانه -: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[81]، مثل الدَّيْن إذا قضوا عنه فقد أحسنوا، وإلا فلا حرج إذا لم يخلف تَرِكة.


الحج عن الوالدَيْنِ أفضل من إنابَة من يحج عنهما.

س: تُوفِّيتْ والدتي وأنا صغير السن، وقد أجَّرَتْ على حجتها شخصًا موثوقًا به، وأيضًا والدي تُوفِّي وأنا لا أعرف منهما أحدًا، وقد سمعت من بعض أقاربي أنه حَجَّ. فهل يجوز أن أُؤجِّر على حجة والدتي، أم يلزمني أن أحج عنها أنا بنفسي، وأيضًا بالنسبة لوالدي هل أقوم بحجة له، وقد سمعت أنه حَجَّ؟ أرجُو إفادتي وشكرًا[82]
ج: إن حججتَ عنهما بنفسك، واجتهدت في إكمال حجك على الوَجْه الشرعي فهو الأفضل، وإن استأجرتَ مَنْ يحج عنهما من أهل الدِّينِ والأمانة فلا بأس.
والأفضل أن تؤدي عنهما حجًّا وعمرة، وهكذا من تستنيبه في ذلك، يشرع لك أن تأمره أن يحج عنهما ويَعْتَمِر، وهذا من بِرِّك لهما وإحسانك إليهما، تَقَبَّل الله منَّا ومنك.


تقديم الأم على الأب في الحج أفضل؛ لأن حقها أعظم وأكبر.

س: تُوفِّي والدي منذ خمس سنوات، وبعده بسنتين تُوفِّيت والدتي، قبل أن يؤدِّيَا فَريضة الحج، وأرغبُ أن أحج عنهما بنفسي، فسمعتُ بعض الناس يقول: يلزمك أن تحج عن أمك أولاً؛ لأن حقها أعظم من حق الأب، وبعضهم يقول: تحج عن أبيك أولاً؛ لأنه مات قبل أمك. وبقيت محتارًا فيمن أُقَدِّم؟ وضّحُوا لي أثابكم الله[83]
ج: حجك عنهما من البر الذي شَرَعَهُ الله - عز وجل - وليس واجبًا عليك؛ ولكنه مشروع لك ومستحبّ ومُؤَكَّد؛ لأنه من برهما؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح لما سأله رجل: "هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟" قال: ((نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما))[84]. والمقصود أن من برهما بعد وفاتهما أداء الحج عنهما. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سألته امرأة، قالت: "يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عبادِه في الحج وهو شيخٌ كبيرٌ لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟"، قال: ((حجي عن أبيك))[85]، وسأله آخر عن أبيه، قال: "إنه لا يثبت على الراحلة، ولا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟" فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((حج عن أبيك واعتمر))[86].
فالمشروع لك يا أخي أن تحج عنهما جميعًا، وأن تعتمر عنهما جميعًا، أما التقديم فلك أن تقدم من شِئْت: إن شئت قَدَّمْت الأم، وإن شئت قَدَّمْت الأب، والأفضل هو تقديم الأم؛ لأن حقها أكبر وأعظم، ولو كانت متأخرة الموت وتقديمها أَوْلَى وأفضل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل فقيل له: "يا رسول الله، من أبر؟" قال: ((أمك))، قال: "ثُمَّ مَنْ؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟" قال: ((أبوك))[87] فذكره في الرابعة. وفي لفظ آخر سُئِل - عليه الصلاة والسلام - قيل: "يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم مَنْ؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟"، قال: ((أمك))، قال: "ثم من؟" قال: ((أبوك))[88]. فدل ذلك على أن حقها أكبر وأعظم، فالأفضل البداءة بها ثم تحج بعد ذلك عن أبيك، وأنت مأجورٌ في ذلك، ولو بدأت بالأب فلا حَرَج.


جواز الإنابة في الحج والعمرة[89]

س: سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - حفظك الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرسل إليكم هذا المكتوب - راجيًا من فضيلتكم - في أمر يخص مسألة وصية وهي:
أنَّ جدتي أوصتني أن أحج لها، وبالنسبة لي فإنني مقعد بسبب رجلي، وكبر سني، ولا أطيق الحج، فقد كلفت المدعو محمد بن سعيد بالحج عني، وقد تكلفت بمصاريف حجه، فأعطيته ألفينِ وستمائة ريال 2600 لذلك. فهل تجزئ هذه الحجة عن تلك الوصية؟. بارك الله فيكم.
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فقد أحسنت فيما فعلت، وحج محمد بن سعيد المذكور عن جدتك لا بأس به إذا كان ثِقَة. وفق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ما يشترط في النائب

س: سماحة الشيخ: هل يجوز أن استأجر من يقوم بأداء الحج لوالدي، علمًا بأنني لم أقضِ فريضة الحج بعدُ؛ لعدم وجود مَحْرم لديّ، أو إذا لم يكن ذلك جائزًا، فهل يجوز أن أقوم بذلك العمل في نفس العام الذي سوف أحج فيه إن شاء الله؟[90]
ج: لا حَرَج عليكِ أن تستأجري من يحج عن أبيك، وإن كنتِ لم تحجي عن نفسك، أما أنت فليس لك الحج عن أبيك إلا بعد أن تحجي عن نفسك، ولا مانع أن يحج عن أبيك مَنْ قد حج عن نفسه في السنة التي تحُجِّينَ فيها عن نفسك. والله الموفق.


لا يلزم النائب أن يأتي بالحج من بلد من ناب عنه

س: إذا كان النائب عمن نذر الحج في بَلْدة أخرى غير بلد الناذر أقرب من بلد الناذر نفسه، هل يلزمه أن يأتي بالحج من بلد الناذر؟[91]
ج: لا يلزمه ذلك؛ بل يكفيه الإحرام من المِيقَات، ولو كان في مكَّة فأحرم منها بالحج كفى ذلك؛ لأن مكة مِيقَات أهلها للحج.
لا حاجة إلى استشارة أبناء المتوفى للحج عنه

س: أريدُ أن أُؤدِّي فريضة الحج عن خَالي، فهل لي أن استشير أبناءه الصغار؟[92]
ج: إذا كان خالك مُتوفَّى، وأنت قد أديتَ الفريضة عن نفسك فلا بأس أن تؤديَ الحج عنه، ولا حاجة إلى استشارة أبنائه أو غير أبنائه إذا كان قد تُوفِّيَ، أو كان كبير السن لا يستطيع الحج، وأنت قد أديتَ الفريضة، فإنك إذا أحسنت إليه بأداء الحج عنه تطوعًا، فأنت مشكور ومأجور، ولا حاجة إلى استئذانِ أحد في ذلك.
حج عن والدتك ولو بغير إذنها.

س: أريد أن أحج عن والدتي فهل لا بد أن أستأذنها، علمًا بأنها سبق أن أدتْ حجة الفريضة؟[93]
ج: إذا كانت والدتك عاجزةً عن الحج لكِبَر سنها، أو مرض لا يُرْجى بُرْؤه، فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استأذنه رجل قائلاً: "يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة"، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((حج عن أبيك واعتمر))[94]، واستأذنته امرأة قائلة: "يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، ولا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه؟"، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((حجي عن أبيك))[95]. وهكذا الميت يحج عنه؛ لأحاديث صحيحة ورَدَتْ في ذلك، ولِهذَينِ الحديثَينِ. والله ولي التوفيق.
حجك عن أخيك من مالك مسقط للواجب عليه

من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم/ م. ن. س. ع. وفَّقه الله إلى ما فيه رضاه. آمين[96]
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصلني سؤالك من طريق "جريدة الجزيرة"، ونصه:
أن أخاك تُوفِّيَ وترك مبالغ عند بعض الناس، وتم جمع هذه الأموال وهي عندك الآن، وتريد إنفاقها في المشاريع الخيرية، وقد حججتَ عنه من مالك.. إلى آخره.
ج: حجك عنه من مالك كافٍ وهو مُسْقِط للواجب عليه. جزاك الله خيرًا، وضَاعَفَ مَثُوبتك.
أمَّا الأموال المذكورة فالواجب تقسيمها بين الوَرَثة، وما أشكل عليكم في ذلك من وصية أو غيرها فراجعوا فيه المحكمة، وفيما تراه المحكمة الكِفَاية إن شاء الله.


حُكْم أخذ حجة لوفاء دَيْن

س: هل يجوز أخذ مال عن أداء الحج عن غيري؛ لسداد دَيْن عَلَيّ؟ أفيدوني مأجورينَ[97]
ج: لا بأس أن تأخذ حجة؛ لتفي بالدَّيْن الذي عليك؛ ولكن الذي ينبغي لك أن يكون القصد من الحجة مُشاركة المسلمينَ في الخير مع قضاء الدَّيْن؛ لعل الله أن ينفعك بذلك، ويكون المقابل المادي الذي تأخذه عن الحجة تبعًا لذلك.
حُكْم الحج عن مُقرئ مقابل إهدائه ثواب تلاوته
لي صديق مقرئ في مصر، هل يجوز لي أن أُؤَدي عنه الحجة أو العمرة بشرط أن يقرأ هو القرآن عدة مرات، ويهب ثواب ذلك لوالدي؟[98]
ج: إذا كان عاجزًا كالشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، والمريض الذي لا يرجى برؤه، جاز لك أن تحج عنه وتعتمر، وأنت مأجور؛ لكن بدون هذا الشرط؛ بل تبرُّعًا منك أو بمال يعطيك إياه لتحج عنه؛ أما القراءة عنك أو عن غيرك فلا أصل لها شرعًا.


حكم الحج والعمرة عن عدة أشخاص معًا

س: لي إخوة كثيرون، هل يجوز أن أعتمر عمرة واحدة وأحج حجة واحدة أثوبهما لي ولهم، مع العلم أنهم لا يحافظون على الصلاة؟[99]
ج: العمرة لا تكون إلا عن واحد، وكذلك الحج، فليس لك أن تحج عن جماعة، ولا تعتمر عن جماعة، وإنما الحج عن واحد، والعمرة عن واحد فقط إذا كان المحجوج عنه ميتًا، وهكذا المعتمر عنه ميتًا، أو عاجزًا لمرض لا يُرْجى بُرْؤه، أو كبير سن فلا بأس أن تحج عنه وتعتمر إذا كان شخصًا واحدًا، وإذا أعطاك وليُّه مالاً أو هو نفسه - أي العاجز - لتحج عنه فلا بأس إذا أخذته لله لا لقصد الدنيا. والذي لا يحافظ على الصلاة لا يحج عنه، وإذا كان الشخص الميت أو العاجز عن الحج لكبر سنه أو لمرض لا يرجى بُرْؤُه معروفًا بأنه كان لا يصلي، أو عنده ما يكفر به من نواقض الإسلام الأخرى فإنه لا يحج عنه؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العُلماء. نسأل الله العافية.


حكم من استناب رجلاً غير صالح

س: شخص دفع مالاً لشخص من أجل أن يحج لوالدته، وهو يرى أنه أمين، ثم تبين له أن هذا الشخص يعمل عملاً غير صالح، ويطلب الإفادة؟[100]
ج: ينبغي لمن أراد أن يستنيب أحدًا أن يبحث عنه، وأن يعرف أمانته، واستقامته، وصلاحه، وعليه إذا كانت الحجة لازمة وفريضة أن يعوض عنها حجة أخرى، وإذا كانت الحجة وصية لأحد أوصاه بأن يخرجها فوضعها في يد غير أمينة، فإن الأَحْوَط في حقه أن يبدلها بغيرها؛ لأنه لم يحرص ولم يعتنِ بالمقام؛ بل تساهل، أما إن كان متطوعًا ومحتسبًا وليس عنده وصية لأحد؛ وإنما أراد التطوع والأجر فلا شيء عليه، وإن أحب أن يخرج غيرها فلا بأس.


يجوز حج المرأة عن الرجل والعكس.

س: الأخت أ. م. م. من القاهرة تقول في سؤالها: هل يجوز أن تحج المرأة عن الرجل، وهل هناك فرق بين أن يكون الحج تطوعًا أو واجبًا نرجُو الفتوى؟، وجزاكم الله خيرًا[101]
ج: يجوز حج المرأة عن الرجل إذا كان المَحْجُوج عنه ميتًا أو عاجزًا عن الحج؛ لكِبَر سن أو مرض لا يرجى برؤه: سواء كان الحج فرضًا أو نَفْلاً؛ لما ثَبَت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً قال له: "يا رسول الله، إن أبي لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حج عن أبيك واعتمر))[102]، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة من "خَثْعَم" قالت: "يا رسول الله، إن أبي لا يستطيع الحج، أفأحج عنه؟" فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: ((حجي عن أبيك))[103]، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولم يفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - بين حج الفَرْض والنَّفْل؛ فدل ذلك على جواز النيابة فيهما من الرجل والمرأة بالشرط المذكور، وهو كَوْن المحجوج عنه ميتًا أو عاجزًا؛ لكبر سن، أو مرض لا يُرْجَى بُرْؤُه. والله ولي التوفيق.


الحج عن الآخرين ليس خاصًّا بالقرابة.

س: هل الحج عن الآخرين مشروع على الإطلاق أم خاصٌّ بالقرابة؟، ثم هل يجوز أخذ الأجرة على ذلك؟، ثم إذا أخذ الأجرة على حجة عن غيره فهل له أَجْر في عمله هذا؟[104]
ج: الحج عن الآخرين ليس خاصًّا بالقرابة؛ بل يجوز للقرابة وغير القرابة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شبهه بالدين؛ فدل ذلك على أنه يجوز للقرابة وغير القرابة. وإذا أخذ المال وهو يقصد بذلك المُشاهدة للمشاعر العظيمة، ومشاركة إخوانه الحُجاج والمشاركة في الخير فهو على خير - إن شاء الله - وله أجر. أما إذا كان لم يقصد إلا الدنيا، فليس له إلا الدنيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))[105]؛ مُتَّفق على صحته.


تارك الصلاة لا يحج عنه.

س: أبو عبدالله من الرِّياض يقول في سؤاله: ماذا يقول فضيلتكم فيمن يهب الأعمال الصالحة: كقراءة القرآن، والحج والعمرة عمن توفى وهو تارك للصلاة، وفي الغالب يكون هذا المُتوفَّى جاهلاً وغير متعلم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا[106].
ج: تارك الصلاة لا يُحَج عنه، ولا يُتَصَدق عنه؛ لأنه كافر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((بين الرجل وبين الشرك والكُفْر ترك الصلاة))؛ رواه مسلم في صحيحه[107]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((العَهْد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمَنْ تركها فقد كَفَر))[108]؛ رواه الإمام أحمد، وأهل السُّنن بإسناد صحيح.
أما القراءة عن الغير فلا تشرع، لا عن الحي ولا عن الميت؛ لعدم الدليل على ذلك، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدّ))[109]؛ أخرجه مسلم في صحيحه؛ وأخرجه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحينِ بلفظ: ((من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدّ))[110]، ومعنى فهو رد: أي فهو مَرْدود.
ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة - رضي الله عنهم - فيما نعلم أنهم قَرؤُوا القرآن، وثَوَّبُوه لحي ولا ميت. والله ولي التوفيق.


حُكْم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير الله

س: سائل يقول: إن والده يذبح لغير الله فيما قيل له عن ذلك، ويريد الآن أن يتصدق عنه ويحج عنه، ويعزو سبب وقوع والده في ذلك إلى عدم وجود عُلماء، ومُرْشِدينَ، وناصِحينَ له، فما الحُكْم في ذلك كله؟[111]
ج: إذا كان والده معروفًا بالخير والإسلام والصَّلاح، فلا يجوز له أن يصدق من ينقل عنه غير ذلك ممن لا تعرف عدالته، ويُسَن له الدعاء والصدقة عنه حتى يعلم يقينًا أنه مات على الشرك، وذلك بأن يثبت لديه بشهادة الثقات العُدول اثنينِ أو أكثر، أنهم رأوه يذبح لغير الله من أصحاب القبور أو غيرهم، أو سمعوه يدعو غير الله، فعند ذلك يمسك عن الدعاء له، وأمره إلى الله - سبحانه وتعالى - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استأْذَنَ ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن الله له، مع أنها ماتت في الجاهلية على دين الكُفَّار، ثم استأذن ربه أن يزورها فأذن له، فدل ذلك على أن من مات على الشرك ولو جاهلاً لا يُدْعَى له، ولا يُسْتغفر له، ولا يُتَصدق عنه، ولا يُحَج عنه، أما من مات في محل لم تبلغه دعوة الله، فهذا أمره إلى الله – سبحانه - والصحيح من أقوال أهل العلم: أنه يُمْتَحَن يوم القيامة، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار؛ لأحاديث صحيحة وردت في ذلك.


باب المواقيت: مواقيت الحج الزمانية والمكانية.

س: نسأل فضيلتكم عن معنى قول الله – سبحانه -: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ... الآية}؟، جزاكم الله خيرًا[112].
ج: يقول الله – سبحانه -: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}[113].
ومعنى الآية: أن الحج يهل به في أشهر معلومات وهي: شوال، وذو القعدة، والعشر الأولى من ذي الحجة، هذه هي الأشهر. هذا هو المراد بالآية وسَمَّاها الله أشهرًا؛ لأن قاعدة العرب إذا ضموا بعض الثالث إلى الاثنينِ، أطلقوا عليها اسم الجمع.
وقوله – سبحانه -: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} يعني: أَوْجَب الحج فيهن على نفسه بالإحرام بالحج، فإنه يُحَرَّم عليه: الرَّفَث، والفُسوق، والجِدَال. والرَّفَثُ هو: الجِمَاع ودَوَاعيه، فليس له أن يُجَامع زوجته بعد ما أحرم، ولا يتكلم ولا يفعل ما يدعوه إلى الجِمَاع، ولا يأتي الفُسُوق وهي: المعاصي كلها من: عقوق الوالدينِ، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والغيبة، والنميمة، وغير ذلك من المعاصي.
والجِدال معناه: المُخاصَمَة، والمُمَاراة بغير حق؛ فلا يجوز للمُحْرِم بالحج أو بالعمرة أو بهما أن يُجادِل بغير حق، وهكذا في الحق لا ينبغي أن يُجَادل فيه؛ بل يُبَيِّنه بالحكمة والكلام الطيب، فإذا طال الجدال ترك ذلك؛ ولكن لا بد من بيان الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن وهذا النوع غير مَنْهيّ عنه؛ بل مأمور به في قوله – سبحانه -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[114].


حكم من جَاوزَ المِيقَات دون إحرام.

س: ما حكم من جاوز الميقات دون أن يُحْرِم سواء كان لِحَج أو عمرة أو لغرض آخر؟[115]
ج: من جاوز الميقات لحج أو عمرة، ولم يُحْرِم وجب عليه الرُّجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، ويُهِلُّ أهل نَجْد من قَرْن، ويُهِلّ أَهْل اليَمَن مِنْ يَلَمْلَم))[116]، هكذا جاء في الحديث الصحيح، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "وَقَّتَ النبي لأهل المدينة ذَا الحُلَيْفَة، ولأهل الشَّام الجُحْفَة، ولأهل نَجْد قَرْن المنَازِل، ولأهل اليمن يَلَمْلَم، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِن مِنْ غير أَهْلِهِنّ ممن أراد الحج والعمرة" [117]، فإذا كان قصده الحج أو العمرة فإنه يلزمه أن يُحْرِم من الميقَات الذي يمر عليه، فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحُلَيْفة، وإن كان من طريق الشام، أو مصر، أو المغرب أحرم من "الجُحْفَة" - من "رَابِغ" الآن - وإن كان من طريق اليمن أحرم من "يَلَمْلَم"، وإن كان من طريق "نجد" أو "الطائف" أحرم من "وادي قَرْن"؛ ويسمى "قرن المنازل"؛ ويسمى "السيل" الآن، ويسميه بعض الناس "وادي محرم" فيحرم من ذلك بحجة أو عمرة أو بهما جميعًا، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويَسْعَى ويقصر ويحل، ثم يُحْرِم بالحج في وقته، وإن كان مر على الميقَات في غير أشهر الحج مثل: رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة فقط، هذا هو المشروع. أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجًّا ولا عمرة، إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه، أو لغرض آخر ولم يرد حجًّا ولا عمرة، فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح، وله أن يدخل بدون إحرام، هذا هو الراجح من أصح قولي العلماء، والأفضل أن يحرم بالعمرة؛ ليَغْتَنِم الفرصة.


حكم من تجاوز الميقات أكثر من مرة دون إحرام

س: شخص عليه دم لإحرامه من "جدة" بعد أن جاوز الميقَات، وقد وقع في هذا الخطأ عدة مرات، ماذا يفعل؟ هل يذبح ذبيحة واحدة وتكفي، أم الجواب خلاف ذلك؟ أرجو من سماحتكم الإفادة؟ جزاكم الله خيرًا[118].
ج: عليه عن كل مرة ذبيحة تُذْبَح في مكة للفُقراء، إذا كان قد جاوز الميقات وهو ناوٍ الحج، أو العمرة ثم أحرم من جدة، ويجزئ عن ذلك سُبع بَدَنَة، أو سُبع بَقَرة مع التوبة إلى الله – سبحانه - من ذلك؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يُجَاوز الميقات وهو ناوٍ للحج أو العمرة إلا بإحرام؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: ((هُنَّ لَهُنَّ، ولمن أتى عَلَيْهِنَّ من غير أهلِهِنَّ ممن أراد الحج والعمرة))[119]؛ ولقول ابن عباس - رضي الله تعالى - عنهما: "من تَرَك نُسُكًا أو نسيه فليهرق دمًا"[120]، وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.


مَنْ قصد مكة لتجارة أو زيارة لأقاربه فليس عليه إحرام

س: ما حكم من قدم إلى مكة، ولم يحرم للعمرة ولم يَطُف، ولم يَسْع؟[121]
ج: إذا كان الذي قصد مكة لم يقصد حجًّا ولا عمرة؛ وإنما أراد التجارة أو الزيارة لبعض أقاربه أو نحو ذلك، فليس عليه إحرامٌ ولا طوافٌ ولا سعي ولا وداع؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقَّت المواقيت لأهل المدينة والشام ونجد واليمن: ((هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أتى عليهِنَّ من غير أهلِهِنَّ ممن أراد الحج والعمرة))[122]؛ الحديث أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - فدل ذلك على أن من لم يرد الحج والعمرة فليس عليه شيء، ولكن إذا تَيَسَّر له الإحرام للعمرة فهو أفضل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((العمرة إلى العمرة كَفَّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[123]، وهذا في حق من قد أَدَّى عمرة الإسلام. أما من لم يؤدها فالواجب عليه البدار بها إذا قدر على ذلك كالحج. والله الموفق.


حُكْم التَّردُّد بين الطائف وجدة للعمل بلا إحرام لمن نوى الحج.

س: موظف قد عزم على الحج؛ لكن له أعمال في الطائف يتردد؛ من أجلها بين الطائف وجدة بغير إحرام؟[124]
ج: لا حَرَج في ذلك؛ لأنه حين تردده من الطائف إلى جدة لم يقصد حجًّا ولا عمرة، وإنما أراد قضاء حاجاته؛ لكن من علم في الرجعة الأخيرة من الطائف أنه لا عَوْدَة له إلا الطائف قبل الحج، فعليه أن يحرم من الميقَات بالعمرة أو الحج. أما إذا لم يعلم ثم صادَف وقت الحج، وهو في جدة فإنه يحرم من جدة بالحج، ولا شيء عليه. ويكون حكمه حُكْم المُقيمينَ في جدة الذين جاؤوا إليها لبعض الأعمال، ولم يُريدوا حجًّا ولا عُمرة عند مُرورهم بالميقَات.


حكم من نوى العمرة لوالده ثم لنفسه قبل الميقات

س: أنا مقيم وأرغَب في تأدية عمرة رمضان لي ولوالدي المُتوفَّى، فهل يجوز لي أن أذهب للميقات، وأنوي العمرة لوالدي ثم إذا أديتُ النُّسُك أحرم من مكاني سواء بمكة أو جدة بعمرة لنفسي، أم لا بد من الذّهاب للميقَات؟[125]
ج: إذا كنتَ خارج المواقيت، وأردتَ الحج أو العمرة لك أو لغيرك من الأموات أو العاجزينَ عن أدائها؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى بُرْؤه. فإن الواجب عليك أن تحرم من الميقات الذي تَمُرّ عليه، وأنت قاصد الحج أو العمرة، فإذا فرغت من أعمال العمرة أو الحج فلا حرج عليك أن تأخذ عمرة لنفسك من أدنى الحل؛ كالتَّنْعِيم والجِعْرَانة ونحوهما، ولا يلزمك الرجوع إلى الميقات؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - أحرمت بالعمرة من مِيقَات المدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فلمَّا فرغت من حجها وعمرتها استأذنَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة مفردة، فأمر أخاها عبدالرحمن أن يذهبَ بها إلى التَّنْعِيم فاعتمرتْ بعد الحج، ولم يأمرها بالرجوع إلى الميقَات. وكانت قد أدخلت الحج على عمرتها التي أحرمت بها من الميقات بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حاضت قبل أن تُؤَدِّيَ أعمالها.
أما إن كنتَ ساكنًا داخل المواقيت جدة، وبحرة ونحوهما، فإنه يَكْفيك أن تحرم بالعمرة أو الحج من منزلك، ولا يلزمك الذهاب إلى الميقَات؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وَقَّت المواقيت قال: ((هُنَّ لَهُنَّ، ولمن أتى عَلَيهِنَّ من غير أهلهِنَّ ممن أراد الحج والعمرة))، ثم قال: ((ومن كان دون ذلك، فمِنْ حيثُ أَنْشَأَ حتى أهل مكة يُهِلّون من مكة))[126]؛ متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وبَيَّن حديث عائشة - رضي الله عنها - المذكور آنفًا: أنَّ مَنْ كان داخل الحرم ليس له أن يحرم من داخل الحرم للعمرة خاصة؛ بل عليه أن يخرج إلى الحل فيحرم منه بالعمرة؛ كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة بذلك. ويكون حديث عائشة المذكور مخصصًا لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس: ((حتى أهل مكة يهلون من مكة))، وهذا قول جمهور أهل العلم - رحمهم الله تعالى - وبالله التوفيق.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]