عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-01-2020, 02:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,725
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه

حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه


الشيخ محمد ناصر الدين الألباني



الرابع: قوله - صلى الله عليه وسلم -: لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به:
"ألعامنا هذا أم لأبد الأبد؟" فشبك - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في أخرى وقال:
((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لا بل لأبد أبد لا بل لأبد أبد)). كما يأتي في الفقرة (24).
فهذا نص صريح على أن العمرة أصبحت جزءًا من الحج لا يتجزأ، وأن هذا الحكم ليس خاصًا بالصحابة كما يظن البعض بل هو مستمر إلى الأبد. (2)
خامسًا: أن الأمر لو لم يكن للوجوب لكفى أن ينفذه بعض الصحابة فكيف وقد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتفي بأمر الناس بالفسخ أمرًا عامًا فهو تارة يأمر بذلك ابنته فاطمة - رضي الله عنها - كما يأتي (فقرة 48) وتارة يأمر به أزواجه كما في "الصحيحين" عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع قالت حفصة: "فقلت: ما يمنعك أن تحل؟ قال: ((إني لبدت رأسي...)) الحديث. ولما جاء أبو موسى من اليمن حاجًا قال له - صلى الله عليه وسلم -: ((بم أهللت))؟ قال: "أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((هل سقت من الهدي))؟ قال: "لا" قال: ((فطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل...))؛ الحديث.


فهل هذا الحرص الشديد من النبي - صلى الله عليه وسلم - على تبليغ أمره بالفسخ إلى كل مكلف لا يدل على الوجوب؟ اللهم إن الوجوب ليثبت بأدنى من هذا.
ولوضوح هذه الأدلة الدالة على وجوب الفسخ بَلْهَ التمتع لم يسع المخالفين لها إلا التسليم بدلالتها ثم اختلفوا في الإجابة عنها فبعضهم ادعى خصوصية ذلك بالصحابة، وقد عرفت بطلان ذلك مما سبق.
وبعضهم ادعى نسخه ولكنهم لم يستطيعوا أن يذكروا ولو دليلاً واحدًا يحسن ذكره والرد عليه اللهم إلا نهي عمر - رضي الله عنه - وكذا عثمان وابن الزبير كما في "الصحيحين" وغيرهما.
والجواب من وجوه:
الأول: أن الذين يحتجون بهذا النهي عن المتعة لا يقولون به لأن من مذهبهم جوازها فما كان جوابهم عنه فهو جوابنا.


الثاني: أن هذا النهي قد أنكره جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم علي وعمران بن حصين وابن عباس وغيرهم.
الثالث: أنه رأي مخالف للكتاب فضلا عن السنة قال الله – تعالى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]. وقد أشار إلى هذا المعنى عمران بن حصين - رضي الله عنه - بقوله:
((قال تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل فيه القرآن - وفي رواية: نزلت آية المتعة في كتاب الله- يعني متعة الحج- وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات - قال رجل برأيه بعد ما شاء))؛ صحيح: رواه مسلم.
وقد صرح عمر - رضي الله عنه - بمشروعية التمتع، وأن نهيه عنه أو كراهته له إنما هو رأي رآه لعلة بدت له فقال:
"قد علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن (3) في الأراك (4) ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم"؛ صحيح: رواه مسلم وأحمد.


ومن الأمور التي تستلفت نظر الباحث أن هذه العلة التي اعتمدها عمر - رضي الله عنه - في كراهته التمتع هي عينها التي تذرع بها الصحابة الذين لم يبادروا إلى تنفيذ أمره - صلى الله عليه وسلم - بالفسخ في ترك المبادرة فقالوا:
"خرجنا حجاجًا لا نريد إلا الحج حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني من النساء..." انظر الفقرة (40) وقد رد النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: ((أبالله تعلموني أيها الناس؟ قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم، وأبركم افعلوا ما آمركم به، فإني لو لا هديي لحللت كما تحلون)) (فقرة 42).
فهذا يبين لنا عمر - رضي الله عنه - لو استحضر حين كره للناس التمتع قول الصحابة هذا الذي هو مثل قوله وتذكر معه رد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم لما كره ذلك ونهى الناس عنه.
وفي هذا دليل على أن الصحابي الجليل قد تخفى عليه سنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قول من أقواله فيجتهد برأيه فيخطئ وهو مع ذلك مأجور غير مأزور والعصمة لله وحده ثم لرسوله.


وقد يقول قائل: "إن ما ذكرته من الأدلة على وجوب التمتع وعلى رد ما يخالفه واضح مقبول ولكن يشكل عليه ما يذكره البعض هذا وبين ما ذكرته؟"
والجواب: "أنه سبق أن بيَّنا أن التمتع إنما يجب على من لم يسق الهدي، وأما من ساق الهدي فلا يجب عليه ذلك بل لا يجوز له وإنما عليه أن يقرن وهو الأفضل، أو يفرد فيحتمل أن ما ذكر عن الخلفاء من الإفراد إنما هو لأنهم كانوا ساقوا الهدي". وحينئذ فلا منافاة والحمد لله.
وخلاصة القول: أن على كل من أراد الحج أن يأتي إحرامه بالعمرة ثم يتحلل منها بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة بقص شعره، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج فمن كان لبى بالقران، أو الحج المفرد فعليه أن يفسخ ذلك بالعمرة إطاعة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - والله - عز وجل - يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} [النساء: 80]، وعلى المتمتع بعد ذلك أن يقدم هديًا يوم النحر أو في أيام التشريق، وهو من تمام النسك وهو دم شكران وليس دم جبران وهو- كما قال ابن القيم- بمنزلة الأضحية للمقيم وهو من تمام عبادة هذا اليوم فالنسك المشتمل على الدم بمنزلة العيد المشتمل على الأضحية وهو من أفضل الأعمال فقد جاء من طرق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي الأعمال أفضل؟
أن الخلفاء الراشدين جميعا كانوا يفردون الحج فكيف التوفيق فقال:
(صحيح): (العج والثج) وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي وحسنه المنذري، والعج رفع الصوت بالتلبية والثج إراقة دن الهدي. وعليه أن يأكل من هديه كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما يأتي بيانه (فقرة 90) ولقوله - عز وجل - فيما يذبح من الهدي في منى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28].


وقد اتصلنا بكثير من الحجاج فعرفنا منهم أنهم مع كونهم يعلمون أن التمتع أفضل من الإفراد فكانوا يفردون ثم يأتون بالعمرة بعد الحج من التنعيم وذلك لئلا يلزمهم الهدي
وفي هذا من المخالفة للشارع الحكيم والاحتيال على شرعه ما لا يخفى فساده فإن الله بحكمته شرع العمرة قبل الحج وهم يعكسون ذلك وأوجب على المتمتع هديًّا وهم يفرون منه وليس ذلك من عمل المتقين ثم هم يطمعون أن يتقبل الله حجهم وأن يغفر ذنبهم هيهات هيهات فـ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] وليس من البخلاء المحتالين.
فكن أيها الحاج متقيا لربك متبعا لسنة نبيك في مناسكك عسى أن ترجع من ذنوبك كيوم ولدتك أمك.
ثالثًا: واحذر يا أخي أن تدع البيات في منى ليلة عرفة وكذا البيات في المزدلفة ليلة النحر فذلك من هدي نبيك - صلى الله عليه وسلم - لا سيما في البيات في المزدلفة حتى الصبح ركن من أركان الحج على الراجح من أقوال أهل العلم. ولا تغتر بما يزخرف لك من القول بعض من يسمون بـ (المطوفين) فإنهم لا همَّ لهم إلا قبض الفلوس، وتقليل العمل الذي أخذوا عليه الأجر كافيًا وافيًا على أدائه بتمامه وسواء عليهم بعد ذلك أتم حجك أم نقص أتبعت سنة نبيك أم خالفت؟


رابعًا: واحذر أيضًا يا أخي من أن تمر بين يدي أحد من المصلين في المسجد الحرام، وفي غيره من المساجد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه)). قال الراوي: "لا أدري قال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة"؛ رواه الشيخان في صحيحيهما. وكما لا يجوز لك هذا فلا يجوز لك أيضًا أن تصلي إلى غير سترة بل عليك أن تصلي إلى أي شيء يمنع الناس من المرور بين يديك. فإن أراد أحد أن يجتاز بينك وبين سترتك فعليك أن تمنعه. وفي ذلك أحاديث وآثار أذكر بعضها:
1- ((إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرجل فليصل، ولا يبالي من مر من وراء ذلك))؛ صحيح
2- ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره وليدرأ ما استطاع فإن أبى فليقاتل فإنما هو شيطان))؛ (5) صحيح


3- قال يحيى بن كثير:
((رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئا أو هيأ شيئا يصلي إليه))؛ صحيح: رواه ابن سعد (7/18) بسند صحيح.
4- عن صالح بن كيسان قال:
((رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة ولا يدع أحدا يمر بين يديه))؛ صحيح: رواه أبو زرعة الرازي في (تاريخ دمشق) (91/1) (6) وكذا ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (8/106/2) بسند صحيح.


ففي الحديث الأول: إيجاب اتخاذ السترة وأنه إذا فعل ذلك فلا يضره من مر وراءها.
وفي الحديث الثاني: إيجاب دفع المار بين يدي المصلي إذا كان يصلي إلى السترة وتحريم المرور عمدا وأن فاعل ذلك شيطان.
وليت شعري ما هو الكسب الذي يعود به الحاج إذا رجع وقد استحق هذا الاسم: "الشيطان"؟
والحديثان وما في معناهما مطلقان لا يختصان بمسجد دون مسجد ولا بمكان دوم مكان فهما يشملان المسجد الحرام والمسجد النبوي من باب أولى لأن هذه الأحاديث إنما قالها - صلى الله عليه وسلم - في مسجده فهو المراد بها أصالة والمساجد الأخرى تبعًا. والأثران المذكوران نصان صريحان على أن المسجد الحرام داخل في تلك الأحاديث فما يقال من بعض المطوفين وغيرهم إن المسجد المكي، والمسجد النبوي مستثنيان من النهي لا أصل له في السنة، ولا عن أحد من الصحابة اللهم سوى حديث واحد روي في المسجد المكي لا يصح إسناده، ولا دلالة فيه على الدعوى كما سيأتي بيانه في (بدع الحج) (الفقرة 124).


خامسًا: وعلى أهل العلم والفضل أن يغتنموا فرصة التقائهم بالحجاج في المسجد الحرام، وغيره من المواطن المقدسة فيعلموهم ما يلزم من مناسك الحج وأحكامه على وفق الكتابة السنة وأن لا يشغلهم ذلك عن الدعوة إلى أصل الإسلام الذي من أجله بعثت الرسل وأنزلت الكتب ألا وهو التوحيد فإن أكثر من لقيناهم حتى ممن ينتمي إلى العلم وجدناهم في جهل بالغ بحقيقة التوحيد وما ينافيه من الشركيات والوثنيات كما أنهم في غفلة تامة عن ضرورة وجوع المسلمين على اختلاف مذاهبهم وكثرة أحزابهم إلى العمل الثابت في الكتاب والسنة في العقائد والأحكام والمعاملات والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغير ذلك من شؤون الحياة وأن أي صوت يرتفع وأي إصلاح يزعم على غير هذا الأصل القويم والصراط المستقيم فسوف لا يجني المسلمون منه إلا ذلا وضعفا والواقع أكبر شاهد على ذلك والله المستعان.


وقد تتطلب الدعوة إلى ما سبق شيئا قليلا أو كثيرا من الجدال بالتي هي أحسن كما قال الله - عز وجل -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]. فلا يصدنك عن ذلك معارضة الجهلة بقوله – تعالى -: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196]. فإن الجدال المنهي عنه في الحج هو كالفسق المنهي عنه في غير الحج أيضًا، وهو الجدال بالباطل وهو غير الجدال المأمور به في آية الدعوة قال ابن حزم - رحمه الله - (7/196):
"والجدال قسمان: قسم واجب وحق، وقسم في باطل فالذي في الحق واجب في الإحرام وغير الإحرام قال – تعالى -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: 125] ومن جادل في طلب حق به فقد دعا إلى سبيل ربه - تعالى - وسعى في إظهار الحق والمنع من الباطل وهكذا كل من جادل في حق لغيره أو لله - تعالى - والجدال بالباطل وفي الباطل عمدًا ذكرًا لإحرامه مبطل للإحرام وللحج؛ لقوله – تعالى -: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196]".


وهذا كله على أن "الجدال" في الآية بمعنى المخاصمة والملاحاة حتى تغضب صاحبك. وقد ذهب إلى هذا المعنى جماعة من السلف وعزاه ابن قدامة في (المغني) (3/296) إلى الجمهور ورجحه. وهناك في تفسيره قول آخر: وهو المجادلة في وقت الحج ومناسكه واختاره ابن جرير ثم ابن تيمية في "مجموعة الرسائل الكبرى" (2/361) وعلى هذا فالآية غير واردة فيما نحن فيه أصلاً. والله أعلم.
ومع ذلك فإنه ينبغي أن يلاحظ الداعية أنه إذا تبين له أنه لا جدوى من المجادلة مع المخالفة له لتعصبه لرأيه، وأنه إذا صابره على الجدل فلربما ترتب عليه ما لا يجوز فمن الخير له حينئذ أن يدع الجدال معه لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا))؛ حسن: رواه أبو داود بسند حسن عن أبي أمامة وللترمذي نحوه من حديث أنس وحسنه.
وفقنا الله والمسلمين لمعرفة سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - واتباع هديه.


لا حرج:
وهذه الأمور يتحرج منها بعض الحجاج وهي جائزة:
1- الاغتسال لغير احتلام ودلك الرأس ففي "الصحيحين" وغيرهما عن عبدالله بن حنين عن عبدالله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه فأرسلني عبدالله بن العباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستر بثوب فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبدالله بن حنين أرسلني إليك عبدالله بن العباس أسألك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر وقال: هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم – يفعل"؛ صحيح، وزاد مسلم: ((فقال المسور لابن عباس: لا أماريك أبدًا)).


وروى البيهقي بسند صحيح عن ابن عباس قال:
"ربما قال لي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفسا ونحن محرمون"؛ صحيح
وعن عبدالله بن عمر "أن عاصم بن عمر وعبدالرحمن بن زيد وقعا في البحر يتمالقان – يتغاطسان - يغيب أحدهما رأس صاحبه، وعمر ينظر إليهما فلم ينكر ذلك عليهما؛ صحيح
2- حك الرأس ولو سقط بعض الشعر وحديث أبي أيوب المتقدم آنفا دليل عليه وروى مالك (1/358/92) عن أم علقمة بن أبي علقمة أنها قالت:
"سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأل عن المحرم: أيحك جسده؟ فقالت: نعم فليحكه وليشدد ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت"؛ صحيح: وسنده حسن في الشواهد.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (المجموعة الكبرى) (2/368):
"وله أن يحك بدنه إذا حكه وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره".
3- الاحتجام ولو بحلق الشعر مكان الحجم لحديث ابن بحينة - رضي الله عنه - قال:
"احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بـ (لحي جمل)- موضع بطريق مكة- في وسط رأسه"؛ صحيح: متفق عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مناسكه) (2/338): "وله أن يحك بدنه إذا حكه ويحتجم فى رأسه وغير رأسه وإن احتاج أن يحلق شعرًا لذلك جاز فإنه قد ثبت في - ثم ساق هذا الحديث ثم قال - ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره وإن تيقن أنه انقطع بالغسل".
وهذا مذهب الحنابلة كما في (المغني) (3/306) ولكنه قال: "وعليه الفدية".
وبه قال مالك وغيره. ورده ابن حزم بقوله: (7/257) عقب هذا الحديث: "لم يخبر - عليه السلام - أن في ذلك غرامة ولا فدية ولو وجبت لما أغفل ذلك وكان - - عليه السلام - - كثير الشعر أفرع (7) وإنما نهينا عن حلق الرأس في الإحرام".


4- شم الريحان وطرح الظفر إذا انكسر. قال ابن عباس - رضي الله عنه -:
"المحرم يدخل الحمام وينزع ضرسه ويشم الريحان وإذا انكسر ظفره طرحه ويقول: أميطوا عنكم الأذى فإن الله - عز وجل - لا يصنع بأذاكم شيئًا".
رواه البيهقي (5/62- 63) بسند صحيح. وإلى هذا ذهب ابن حزم (7/246) وروى مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه سأل سعيد بن المسيب عن ظفر له انكسر وهو محرم؟ فقال سعيد: "اقطعه".


5- الاستظلال بالخيمة أو المظلة - الشمسية - وفي السيارة ورفع سقفها من بعض الطوائف تشدد وتنطع في الدين، ولم يأذن به رب العالمين. فقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بنصب القبة له ب "نمرة" ثم نزل بها كما سيأتي في الكتاب فقرة (57- 58) وعن أم الحصين - رضي الله عنه - قالت:
"حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة"؛ صحيح.
وأما ما روى البيهقي عن نافع قال:
"أبصر ابن عمر - رضي الله عنه - رجلاً على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال له: ضح لمن أحرمت له"؛ صحيح.
وفي رواية من طريق أخرى "أنه رأى عبدالله بن أبي ربيعة جعل على وسط راحلته عودًا وجعل ثوبًا يستظل به من الشمس وهو محرم فلقيه ابن عمر فنهاه".
قلت: "فلعل ابن عمر - رضي الله عنه - لم يبلغه حديث أم الحصين المذكور وإلا فما أنكره هو عين ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قال البيهقي:
"هذا موقوف وحديث أم الحصين صحيح". يعني فهو أولى بالأخذ به وترجمه له بقوله:
"باب المحرم يستظل بما شاء ما لم يمس رأسه". (8)


6- وله أن يشد المنطقة والحزام على إزاره، وله أن يعقده عند الحاجة، وأن يتختم، وأن يلبس ساعة اليد ويضع النظارة لعدم النهي عن ذلك وورد بعض الآثار بجواز شيء من ذلك.
فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها سئلت عن الهيمان للمحرم؟ فقالت: وما بأس؟ ليستوثق من نفقته"؛ صحيح وسنده صحيح. وعن عطاء: "يتختم- يعني المحرم- ويلبس الهيمان". رواه البخاري تعليقًا.
قلت: "ولا يخفى أن الساعة والنظارة في معنى الخاتم والمنطقة مع عدم ورود ما ينهى عنهما {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].

يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة، ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون.
دمشق في 15 شوال 1384 هـ.
محمد ناصر الدين الألباني.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]