عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-01-2020, 01:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير آيات قرآنية عن قيام الليل

تفسير آيات قرآنية عن قيام الليل (1)




فتحي حمادة





تفسير بعض الآيات من سورة المزمل:
عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 2]، أمر الله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بقيام الليل إلا قليلاً، فشقَّ على المؤمنين، ثم خفف عنهم ورحمهم، وأنزل بعد هذا: ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى ﴾ [المزمل: 20]، الآية، فوسَّع الله له ولم يضيِّق، قال: كان بين الآيتين سنة: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ... ﴾، ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ ﴾، إلى آخر السورة.

وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثهم في جيشٍ وأمَّر عليهم أبا عبيدة - رضي الله عنه - وقد كان كُتِب عليهم قيام الليل، فكانوا يقومون حتى انتفخت أقدامهم، فأصابهم في ذلك الوجه جوع شديد، قال: ووضع الله عنهم قيام الليل.

وعن الحسن - رحمه الله - قال: إن الله لما أنزل هذه السورة، وكان بين أولها وآخرها سنة: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾، حتى بلغ: ﴿ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾، ثم أنزل الله بعد سنة: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ﴾، قال: لا والله، ما كل القوم قام بها، قال: ﴿ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾، فبكى الحسن عند ذلك، وقال: الحمد لله الذي جعل قيام الليل تطوعًا بعد فريضة، ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾، حتى بلغ: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾، وقال: ولا بد من قيام الليل، قال: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾، قال فريضتانِ لا صلاحَ للأعمال إلا بهما.

وعن أبي عبدالرحمن السلمي قال: لما نزلتْ: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حَولاً حتى انتفخت أقدامهم وسُوقهم، حتى نزلتْ: ﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾، حتى بلغ: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾.

وعن قتادة في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 4]، افترض الله قيامَ الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولاً، فأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرًا، ثم أنزل الله التخفيف في آخرها، فصار قيام الليل تطوعًا من بعد فريضة، قال: ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ الآيةَ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها.

وعن مجاهد في قوله: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ ﴾، قال: "رخَّص لهم في قيام الليل".

وعن عكرمة: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾، قال: لَبِثُوا بذلك سنةً، فشق عليهم وتورمت أقدامهم، ثم نسخها آخر السورة قوله: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾.

وعن عطاء في قوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 17]، قال: ذلك إذ أمروا بقيام الليل إلا قليلاً، كانوا يحتجرون احتجارًا بالصلاة، فقال رجل لعطاء: مِن الجوع؟ قال: بل لله، كان أبو ذر يحتجر، ثم يأخذ الغطاء فيتعبَّد عليها حتى نزلت الرخصة: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ ﴾ إلى ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾، قال: المكتوبة، وسأل رجل عكرمة: إني أتعلَّم القرآن، ويقولون لا توسِّده، فقال له: إنك أن تنام عالمًا خير من أن تنام جاهلاً.

تفسير الطبري:
القول في تأويل قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 4].

يعني بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ يا أيها المتزمِّل، وهو الملتفُّ بثيابه، وإنما عنى بذلك نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم.

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي وصف الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية من التزمُّل؛ فقال بعضهم: وصفه بأنه مُتَزمِّل في ثيابه، متأهِّب للصلاة.

ذكر مَن قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾؛ أي: المتزمل في ثيابه.

حدثنا ابن عبدالأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾، هو الذي تزمَّل بثيابه.

وقال آخرون: وصفه بأنه متزمِّل النبوَّة والرسالة.

ذكر مَن قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني عبدالأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرِمة، في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾، زُمِّلت هذا الأمرَ فقُمْ به.

قال أبو جعفر: والذي هو أولَى القولين بتأويل ذلك، ما قاله قتادة؛ لأنه قد عقبه بقوله: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ ﴾، فكان ذلك بيانًا عن أن وصفه بالتزمُّل بالثياب للصلاة، وأن ذلك هو أظهر مَعْنَيَيه.

وقوله: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾، يقول لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ ﴾ يا محمد كله ﴿ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ منه ﴿ نِصْفَهُ ﴾، يقول: قم نصف الليل، ﴿ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ﴾، يقول: أو زِدْ عليه، خَيَّره الله - تعالى ذكره - حين فرض عليه قيام الليل بين هذه المنازل، أي ذلك شاء فعل، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فيما ذُكر يقومون الليل نحو قيامهم في شهر رمضان - فيما ذُكر - حتى خفِّف ذلك عنهم.

ذكر مَن قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو أُسامة، عن مِسْعَرٍ، قال: ثنا سِمَاك الحنفي، قال: سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: لما نزل أوَّل المزمِّل، كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في رمضان، وكان بين أوَّلها وآخرها قريبٌ من سنة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا محمد بن بشر، عن مِسْعَرٍ، قال: ثنا سماك، أنه سمع ابن عباس يقول، فذكر نحوه، إلا أنه قال: "نحوًا من قيامهم في شهر رمضان".

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن حيان، عن موسى بن عبيدة، قال: ثني محمد بن طحلاء مولى أمِّ سلمة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنتُ أجعل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصيرًا يصلي عليه من الليل، فتسامع به الناس، فاجتمعوا، فخرج كالمُغضَب، وكان بهم رحيمًا، فخشي أن يُكتَب عليهم قيام الليل، فقال: ((يا أيُّها النَّاسُ، اكلفُوا مِنَ الأعْمالِ ما تُطِيقُونَ، فإنَّ الله لا يَمَلُّ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ العَمَلِ، وخَيْرُ الأعْمال ما دُمْتُمْ عَلَيْه))، ونزل القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ﴾، حتى كان الرجل يَربِط الحبل ويتعلَّق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من رضوانه، فرَحِمهم، فردَّهم إلى الفريضة، وترك قيام الليل.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن موسى بن عبيدة الحميري، عن محمد بن طحلاء، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنتُ أشتري لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصيرًا، فكان يقوم عليه من أوَّل الليل، فتسمَّع الناس بصلاته، فاجتمعت جماعة من الناس، فلما رأى اجتماعهم كَرِه ذلك، فخشي أن يكتب عليهم، فدخل البيت كالمُغضَب، فجعلوا يتنحنحون ويتسعَّلون حتى خرج إليهم، فقال: ((يا أيُّها النَّاس، إنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا - يعنى من الثواب - فاكْلَفوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُون، فإنَّ خَيْر العَمَلِ أدْوَمُهُ وَإنْ قَلَّ))، ونزلت عليه: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ السورةَ، قال: فكُتِبت عليهم، وأنزلت بمنزلة الفريضة، حتى إن كان أحدهم ليربط الحبل فيتعلق به، فلما رأى الله ما يكلفون مما يبتغون به وجه الله ورضاه، وضع ذلك عنهم، فقال: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ ... ﴾ إلى: ﴿ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾، فردَّهم إلى الفريضة، ووضع عنهم النافلة، إلا ما تطوَّعوا به.

حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، فأمر اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بقيام الليل إلا قليلاً، فشقَّ ذلك على المؤمنين، ثم خفَّف عنهم فرحمهم، وأنزل الله بعد هذا: ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ... ﴾ إلى قوله: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾، فوسَّع الله، وله الحمد، ولم يضيِّق.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: لما أنزل الله على نبيه: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾، قال: مكث النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على هذا الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره الله، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه، فأنزل الله عليه بعد عشر سنين: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ... ﴾ إلى قوله: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾، فخفَّف اللهُ عنهم بعد عشر سنين.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة والحسن، قالا: قال في سورة المزمل: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، نسختها الآية التي فيها: ﴿ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾.

حدثنا ابن عبدالأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾، قاموا حولاً أو حَوْلينِ حتى انتفختْ سوقهم وأقدامُهم، فأنزل الله تخفيفًا بعدُ في آخر السورة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن وهب، عن أبي عبدالرحمن، قال: لما نزلت: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾، قاموا بها حولاً حتى ورمت أقدامهم وسوقهم، حتى نزلت: ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَهُ ﴾، فاستراح الناس.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جرير بياع الملاء، عن الحسن، قال: الحمد لله، تطوُّع بعد فريضة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن مبارك، عن الحسن، قال: لما نزلت ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ... ﴾ الآية، قام المسلمون حولاً، فمنهم مَن أطاقه، ومنهم مَن لم يُطِقْه، حتى نزلت الرخصة.

قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما نزل أوَّل المزمل كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان، وكان بين أوَّلها وآخرِها نحو من سنة.

وقوله: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ يقول - جل وعز -: وبيِّن القرآنَ إذا قرأته تبيينًا، وترسَّل فيه ترسُّلاً.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر مَن قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُليَّة، قال: ثنا أبو رجاء، عن الحسن، في قوله: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، قال: اقرأه قراءة بيِّنة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبدالرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، فقال: بعضه على أثر بعض.

حدثنا محمد بن عبدالله المخزومي، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، فقال: بعضه على أثر بعض، على تُؤَدةٍ.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله الله: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، قال: ترسَّل فيه ترسُّلاً.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، فقال: بعضه على أثر بعض.

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج، عن عطاء: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، قال: الترتيل، المدُّ: الطَّرْح.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، قال: بيِّنه بيانًا.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عباس: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، قال: بيِّنه بيانًا.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾، قال: بعضه على أثر بعض.

القول في تأويل قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴾ [المزمل: 5 - 7].

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾؛ فقال بعضهم: عُنِي به: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ العملُ به.

ذكر مَن قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عليَّة، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾، قال: العمل به، قال: إن الرجل لَيَهُذُّ السورة، ولكنَّ العمل به ثقيل.

حدَّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: قوله: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾، ثقيل والله فرائضه وحدوده.

حدثنا ابن عبدالأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ﴿ ثَقِيلًا ﴾، قال: ثقيل والله فرائضه وحدوده.

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك أن القول عينه ثقيل محمله.

ذكر مَن قال ذلك:
حدثنا ابن عبدالأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوحي إليه، وهو على ناقته وضعت جرانها، فما تستطيع أن تتحرَّك حتى يسرَّى عنه".

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾، قال: هو والله ثقيل مبارك، القرآن، كما ثقل في الدنيا ثَقُل في الموازين يوم القيامة.

وأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: إن الله وصفه بأنه قول ثقيل، فهو كما وصفه به، ثقيل محمله، ثقيل العمل بحدوده وفرائضه.

وقوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾؛ يعني - جل وعز - بقوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾ إن ساعات الليل، وكل ساعة من ساعات الليل ناشئة من الليل.

وقد اختلف أهل التأويل في ذلك.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا حاتم بن أبي صغيرة، قال: قلت لعبدالله بن أبي مُلَيكة: ألا تحدثني أي الليل ناشئة؟ قال: على الثَّبت سقطتَ، سألتُ عنها ابن عباس، فزعم أن الليل كله ناشئة، وسألتُ عنها ابن الزبير فأخبرني مثل ذلك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل، قالوا: نشأ.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبدالرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، نشأ: قام.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبدالرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي مَيْسرة ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: "نشأ: قام".

قال: ثنا عبدالرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، قال: إذا قام الرجل من الليل، فهو ناشئة الليل.

حدثنا هناد بن السري، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة، في قوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: هو الليل كله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: إذا قمت الليل فهو ناشئة.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: كل شيء بعد العشاء، فهو ناشئة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: قيام الليل؛ قال: وأيُّ ساعة من الليل قام، فقد نشأ.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: أيُّ الليل قمت فهو ناشئة.

قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مُلَيكة، قال: سألت ابن عباس وابن الزبير عن ناشئة الليل، فقالا: كلُّ الليل ناشئة، فإذا نشأت قائمًا فتلك ناشئة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: أيُّ ساعة تَهَجَّدَ فيها متهجِّد من الليل.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾؛ يعني: الليل كله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبي عامر الخزاز، ونافع عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس في قوله: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ﴾، قال: الليل كله.

قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الليل كله إذا قام يصلي فهو ناشئة.

وقال آخرون: بل ذلك ما كان بعد العشاء، فأما ما كان قبل العشاء فليس بناشئة.


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]