
11-01-2020, 12:53 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,025
الدولة :
|
|
رد: تخريج حديث: (أنا مدينة العلم) وبيان علله
تخريج حديث: (أنا مدينة العلم) وبيان علله
محمد زياد التكلة
حديث أنس:
الطريق الأولى: قال محمد بن جعفر الشاشي: نا أبوصالح أحمد بن مزيد، نا منصور بن سليمان اليمامي، نا إبراهيم بن سابق، نا عاصم بن علي، حدثني، أبي، عن حميد الطويل، عنه مرفوعا بلفظ: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها، وحلقتها معاوية"!
قال الألباني في الضعيفة (6/528 رقم 2955): "أخرجه محمد بن حمزة الفقيه في أحاديثه (214/2). قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، مَن دون عاصم بن علي لم أعرف أحدا منهم، ووالد عاصم -وهو علي بن عاصم بن صهيب الواسطي- ضعيف، قال الحافظ: صدوق، يخطئ ويصر، ولستُ أشك أن بعض الكذابين سرق الحديث من أبي الصلت وركّب عليه هذه الزيادة انتصارا لمعاوية رضي الله عنه بالباطل، وهو غني عن ذلك".
قلت: والأمر كما قال، وحديث أنس رواه الديلمي (44/1) أيضا بهذا اللفظ، وضعفه السخاوي في المقاصد الحسنة (189) وفي الأجوبة المرضية (2/880).
الطريق الثانية: قال عمر بن محمد بن الحسين الكرخي: نا الحسين بن محمد بن يعقوب البردعي، نا أحمد بن محمد بن سليمان قاضي القضاة بنوقان، حدثني أبي، نا الحسن بن تميم بن تمام، عنه مرفوعا بلفظ: "أنا مدينة العلم، وأبوبكر وعمر وعثمان سورها، وعلي بابها"!
رواه ابن عساكر (45/321) وقال: منكر جدا إسنادا ومتنا.
وقال الألباني في الضعيفة (6/526): بل باطل ظاهر البطلان، من وضع بعض جهلة المتعصبين ممن ينتمون للسنة.
قلت: وهو كما قالا، ولم أهتد لرجاله.
حديث أبي سعيد الخدري:
قال ابن شاذان في مائة منقبة (94): حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن بهلول الموالي رحمه الله، حدثني محمد بن الحسين، حدثني عيسى بن مهران، حدثني عبيد الله بن موسى، حدثني خالد بن طهمان الخفاف، سمعت سعد بن جنادة العوفي يذكر أنه سمع زيد بن أرقم يقول: إنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: إنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: "علي بن أبي طالب سيد العرب". فقيل: أليس أنت سيد العرب؟ قال: "أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب، من أحبه وتولاه أحبه الله وهداه، ومن أبغضه وعاداه أصمه الله وأعماه، علي حقه كحقي، وطاعته كطاعتي، غير أنه لا نبي بعدي، من فارقه فارقني، ومن فارقني فارق الله، أنا مدينة الحكمة وهي الجنة، وعلي بابها، فكيف يهتدي المهتدي إلا الجنة إلا من بابها؟ علي خير البشر، من أبى فقد كفر".
وهذا موضوع بيّن الكذب والتركيب، وفيه ثلاثة كذابين، وهم: ابن شاذان المؤلف، وابن البهلول، وشرهم عيسى بن مهران، فهو من جبال الرفض والكذب.
فضلا أن خالد بن طهمان اختلط.
وسبقت رواية أخرى مكذوبة عن عبيد الله بن موسى بمتن مغاير من حديث ابن عباس.
حديث ابن مسعود:
قال ابن عساكر (9/20) في ترجمة إسماعيل بن علي بن المثنى الاستراباذي الواعظ: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب، حدثني أبو الفرج الإسفرايني بلفظه غير مرة، قال كان ابن المثنى يعظ بدمشق، فقام إليه رجل، فقال: أيها الشيخ! ما تقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"؟ فقال: فأطرق لحظة، ثم رفع رأسه، وقال: نعم! لا يعرف هذا الحديث على التمام إلا من كان صدرا في الإسلام، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم، وأبوبكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها، وعلي بابها".
قال: فاستحسن الحاضرون ذلك وهو يردده، ثم سألوه أن يخرج لهم إسناده، فأنعم، ولم يخرجه لهم!
ثم قال شيخي أبو الفرج الإسفرايني: ثم وجدت هذا الحديث بعد مدة في جزء على ما ذكره ابن المثنى، فالله أعلم. أو كما قال.
قلت: إسماعيل هذا كذبه غير واحد؛ كما في اللسان (422/1).
وهذا الحديث أورده الديلمي في الفردوس (1/43-44)، ونص السخاوي في المقاصد الحسنة (189) أن الديلمي وابنه أورداه عن ابن مسعود دون إسناد.
حديث عدة من الصحابة:
رواه الطوسي في أماليه (1172) من طريق موضوعة على شريك، عن أبي إسحاق، عمرو بن ميمون الأودي، عن عدة من الصحابة - منهم حذيفة وكعب بن عجرة - مرفوعا، ضمن متن طويل مركب في الفضائل، وهو بيّن البطلان.
وفي سنده أبو المفضل محمد بن عبد الله، وهو كذاب.
وأنبّه مجدداً أن كتب الرافضة لا يوثق بأصولها فضلا عن مروياتها، وإنما ذكرت هذه الطريق تنبيهاً، وإلا فليس من صنيع أهل الحديث الاعتماد على كتب القوم.
* وبذلك يتبيّن أن الحديث موضوع مكذوب، ولا تزيده كثرة طرقه إلا وهناً، هذا من جهة السند.
أما من جهة المتن فقد أبدع في الكلام عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبيّن بطلانه من وجوه، فقال في منهاج السنة (7/515-517): "حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) أضعف وأوهى، ولهذا إنما يُعد في الموضوعات، وإن رواه الترمذي، وذكره ابن الجوزي، وبيّن أن سائر طرقه موضوعة، والكذب يُعرف من نفس متنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم؛ ولم يكن لها إلا باب واحد؛ ولم يبلّغ عنه العلم إلا واحد: فسد أمر الإسلام، ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلّغ عنه العلم واحدا، بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة، وإذا قالوا: ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخَبَره؛ قيل لهم: فلابد من العلم بعصمته أولا، وعصمتُه لا تثبت بمجرد خبره قبل أن يعلم عصمته، فإنه دور، ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فيها، وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة لأن فيهم الإمام المعصوم، فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه، فعُلم أن عصمته لو كانت حقا لا بد أن تعلم بطريق آخر غير خبره، فلو لم يكن لمدينة العلم باب إلا هو لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدين، فعُلم أن هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ظنه مدحاً، وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في دين الإسلام إذ لم يبلغه إلا واحد.
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي، أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهما ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئا قليلا، وإنما كان غالب علمه في الكوفة، ومع هذا فأهل الكوفة كانوا يعلمون القران والسنة قبل أن يتولى عثمان، فضلا عن علي، وفقهاء أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر، وتعليم معاذ لأهل اليمن ومقامه فيهم أكثر من علي، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر مما رووا عن علي، وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل، ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضيا وهو وعَبيدة السلماني تفقها على غيره، فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة".. الخ.
ثم أسهب في بيان نشر الصحابة للعلم إلى (ص522)، فرحمه الله رحمة واسعة على ما قدَّم للسنّة وأهلها.
وقال العلامة المعلمي في حاشيته على الفوائد المجموعة (ص353): كل من تأمل منطوق الخبر ثم عرضه على الواقع عرف حقيقة الحال، والله المستعان.
وقال الإمام الألباني في الضعيفة (6/529): في متنه ما يدل على وضعه.. واستشهد بكلام شيخ الإسلام الآنف.
أقوال طائفة من العلماء في الحديث:
أولا: من ضعفه.
ذُكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: ليس لهذا الحديث أصل. (نقله الزركشي في الأحاديث المشتهرة 151 عن مسند الفردوس، ونقله من بعد الزركشي عنه، كالسيوطي في الدرر المنتثرة 38 والعجلوني في كشف الخفاء).
قلت: يحيى من حفاظ أصحاب الأعمش، ولكن أخشى أن "سعيد" تصحيف من "معين"، فالعبارة عبارته، ولأن يحيى بن سعيد القطان توفي سنة 198، وهو شيخ أحمد وابن معين، ولو عرف الحديث لعلماه منه، ولما قالا: لم نسمع به قط، ولو تكلم به القطان لكان عمدة النقل في الحديث من قديم، ولجاء به مثل ابن عدي والخطيب وابن عساكر، ولا أظن الحديث وُضع إلا بعد وفاته، وذلك في الربع الأول من القرن الثالث، والله أعلم.
وقد قال ابن معين: هذا حديث كذب لا أصل له. وتقدم سياق الروايات عنه في الحديث.
وأقره الإمام أحمد، وقال: ما سمعنا به. وقد تقدم أيضاً.
وقال الترمذي في كتاب العلل (كما في التذكرة في الأحاديث المشتهرة 151 والمقاصد الحسنة): سألت محمدا [يعني البخاري] عن هذا الحديث فأنكره، وقال: هذا حديث منكر، وليس له وجه صحيح.
ولفظه في مطبوعة العلل الكبير (699): سألتُ محمداً عنه فلم يعرفه، وأنكر هذا الحديث.
وقال الترمذي في الجامع (3723): هذا حديث غريب منكر.
وقال أبوزرعة الرازي في الضعفاء (1/519-520): حديث ابن معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس: "أنا مدينة الحكمة وعلي بابها" كم من خلق قد افتضحوا فيه!
وقال أبوحاتم الرازي في الجرح (8/22) عن حديث علي إنه منكر.
أما ما نقل السيوطي في الدرر المنتثرة (38) وتبعه العجلوني في كشف الخفاء (1/235) من أن أبا حاتم قال: "لا أصل له" فلا أظنه الرازي، بل أراه أبا حاتم بن حبان، فإن العبارة له.
وقال أبوجعفر محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بمطين: لم يرو هذا الحديث عن أبي معاوية من الثقات أحد، رواه أبو الصلت فكذبوه. رواه الخطيب (7/172) ومن طريقه ابن عساكر (42/381).
وقال العقيلي (149/3): لا يصح في هذا المتن حديث.
وقال ابن حبان في المجروحين (2/94): هذا خبر لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شريك حدّث به، ولا سلمة بن كهيل رواه، ولا الصنابحي أسنده، ولعل هذا الشيخ بلغه حديث أبي الصلت عن أبي معاوية فحفظه ثم أقلبه على شريك وحدّث بهذا الإسناد.
وقال أيضاً (2/151): هذا شيء لا أصل له، ليس من حديث ابن عباس، ولا مجاهد، ولا الأعمش، ولا أبومعاوية حدّث به، وكل من حدث بهذا المتن فإنما سرقه من أبي الصلت هذا؛ وإن أقلب إسناده.
ونقله السمعاني محتجاً به في الأنساب (5/637 الثقافية).
وقال ابن عدي (189/1): وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا، ومعه جماعة ضعفاء.
وقال أيضا (2/341): هذا حديث أبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، على أنه قد حدث به غيره، وسرق منه من الضعفاء، وليس أحد ممن رواه عن أبي معاوية خير وأصدق من الحسن بن علي بن راشد، والذي ألزقه العدوي عليه.
وقال أيضا (3/412): وهذا يروى عن أبي معاوية عن الأعمش، وعن أبي معاوية يعرف بأبي الصلت الهروي عنه، وقد سرقه عن أبي الصلت جماعة ضعفاء.
وقال أيضا (5/67): والحديث لأبي الصلت عن أبي معاوية، وبه يُعرف، وعندي أن هؤلاء كلهم سرقوا منه.
وقال أيضا (5/177): وهذا الحديث في الجملة معضل عن الأعمش، ويروي عن أبي معاوية عن الأعمش، ويرويه عن أبي معاوية أبو الصلت الهروي، وقد سرقه من أبي الصلت جماعة ضعفاء.
وقال أبوالفتح الأزدي (كما في البداية والنهاية 11/96 دار هجر): لا يصح في هذا الباب شيء.
وقال الدارقطني في تعليقاته على المجروحين (179): قيل إن أبا الصلت وضعه على أبي معاوية، وسرقه منه جماعة فحدثوا به عن أبي معاوية، منهم: عمر بن إسماعيل بن مجالد، ومحمد بن جعفر الفيدي، ورجل كذاب من أهل الشام حدث به عن هشام عن أبي معاوية، وحدث به شيخ لأهل الري دجال يقال له محمد بن يوسف بن يعقوب، حدث به عن شيخ له مجهول، عن أبي عبيد القاسم بن سلام عن أبي معاوية.
وقال في العلل (3/248) عن حديث علي: الحديث مضطرب غير ثابت.
وصدّره ابن عبدالبر في الاستيعاب (بهامش الإصابة 8/155 وفي الطبعة الحفيظية 3/38) بلفظة روي بصيغة التمريض.
وقال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن (3/1114): هذا حديث باطل.
وأقره القرطبي في تفسيره (9/336).
وحكم محمد بن طاهر المقدسي في معرفة التذكرة (308) بأنه كذب، وانظر ذخيرة الحفاظ له (1/500) والمغني عن حمل الأسفار (1/483).
وقال ابن عساكر في تاريخه (42/380) بعد أن سرد عدة طرق للحديث: كل هذه الروايات غير محفوظة، وهذا الحديث يُعرف بأبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي.
وختم تخريجه للحديث بالنقل السابق عن العقيلي، وهو قوله: لا يصح في هذا المتن حديث.
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (1/353 و355)، وقال: هذا حديث لا يصح من جميع الوجوه.. ثم ساق علل طرقه، وختم بقوله: والحديث لا أصل له.
وحكم عليه السراج علي بن عمر القزويني بالوضع في أحاديث موضوعة مستخرجة من مشكاة المصابيح (انظر آخر المشكاة 3/1774 و1777).
وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (1/348): وأما الحديث المروي عن الصنابحي عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا دار الحكمة وعلي بابها"، وفي رواية: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" فحديث باطل.
وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام (كما الأحاديث المنتشرة لزركشي 151 والمقاصد الحسنة 189): الحديث لم يُثبتوه، وقيل إنه باطل، وقال الترمذي: حديث منكر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (522 – 515/7 ) ومجموع الفتاوى (4/410): إنما يُعد في الموضوعات. وطوّل في بيان بطلانه من جهة المتن بما لم يُسبق إليه كما تقدم، وأقره الذهبي في المنتقى من المنهاج.
وحكم عليه بالوضع في أحاديث القصاص (78)، وهو في الفتاوى الكبرى (232/2) ومجموع الفتاوى (18/123 و377)، وفي الفتاوى العراقية (1/127).
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (18/268): الحديث موضوع، ما رواه الأعمش.
وقال أيضا في تلخيص الموضوعات (256): هذا الحديث شُبِّه لبعض المحدّثين السُّذَّج؛ فإنه موضوع، وله طرق كثيرة.. وجميع طرقه مطعون فيها.
وقال في تذكرة الحفاظ (4/1231-1232): هذا الحديث غير صحيح، وأبو الصلت هو عبد السلام متهم.
وقال في الميزان (1/415): هذا موضوع.
وقال ابن كثير في جامع المسانيد والسنن (مسند ابن عباس رقم 1940): عبد السلام بن صالح الهروي، وهو متروك. (وعنده تصحيف، ولعل الصواب ما أثبت)، واعتمد ضعفه في تاريخه (96/11).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/114): فيه عبد السلام بن صالح الهروي، وهو ضعيف.
ولمحدّث الهند الشاه عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي جواب عن الحديث، وأنه موضوع.
وحكم عليه العلامة المعلّمي بالوضع، وأفاد في تخريجه بحاشية الفوائد المجموعة (349).
وقال سماحة الشيخ ابن باز في التحفة الكريمة (19): إن جميع طرقه موضوعة بلا شك.
وقال الإمام الألباني في الضعيفة (2955): موضوع. وأفاد في تخريجه.
وضعفه شيخنا عبد القادر الأرناؤوط في تخريجه لجامع الأصول (657/8).
وللشيخ المعاصر خليفة الكواري جزء مفرد في تخريج الحديث، توسع فيه وبذل جهداً كبيراً في تتبع طرق الحديث، واستفدت منه، وقال في خاتمة بحثه: فالحديث إذاً لا يصح إسناداً ولا متناً، وهو منكر جدًّا.
كما توسع في تخريجه شيخنا سعد بن عبد الله الحميّد في تخريجه لمختصر استدراك الذهبي على الحاكم (3/1370-1413 و1426)، واستفدت منه كذلك، وقد خلص إلى الحكم على الحديث بالوضع.
قلت: وتقدمت بعض الأحكام الأخرى ضمن الكلام على الطرق.
من قوّى الحديث:
رغم إطباق أئمة الحفاظ على الحكم عليه بالوضع إلا أن هناك من تساهل وقوّاه، ولا سيما من المتأخرين.
فقال ابن جرير في تهذيب الآثار (مسند علي 104): هذا خبر صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح.
وصححه الحاكم كما تقدم.
أما العلائي: فقد ردّ الحكم عليه بالكذب، وحكم عليه بالحسن في النقد الصريح (18)، وتعقبه الزركشي في الأحاديث المشتهرة (151). لكن العلائي قال في كتابه إجمال الإصابة (55): في إسناده ضعف.
وقال ابن حجر العسقلاني في اللسان (2/123) متعقبا حكم الذهبي بوضعه: وهذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم، أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع.
قلت: كذا قال، وليس له في المستدرك إلا طريقان عن ابن عباس، وآخر عن جابر.
وقال أيضاً في الأجوبة عن أحاديث المصابيح (3/1788 و1791): هو ضعيف، ويجوز أن يحسّن.
وقال زكريا الأنصاري آخر شرح المنفرجة (136): إن شيخه ابن حجر أفتى بأن الحديث يحسن بمجموع طرقه.
وهذه الفتوى قال فيها: أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: إنه صحيح. وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات، وقال: إنه كذب. والصواب خلاف قولهما معاً، وأن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلى الصحة، ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولا، ولكن هذا هو المعتمد في ذلك. (نقله السيوطي في الجامع الكبير، كما في ترتيبه الكنز 13/148-149 رقم 36464 وفي اللآلئ المصنوعة 1/334، وفي التعقبات).
وقال السيوطي بعد نقل كلام ابن حجر الأخير: وقد كنتُ أجيب بهذا الجواب دهراً إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار، مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس، فاستخرت الله، وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحة، والله أعلم.
وقال في تاريخ الخلفاء (170): هذا حديث حسن على الصواب، لا صحيح كما قال الحاكم، ولا موضوع كما قاله جماعة؛ منهم: ابن الجوزي، والنووي، وقد بينت حاله في التعقبات على الموضوعات.
وقال السخاوي في المقاصد (189): وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس، بل هو حسن!
وقال في الأجوبة المرضية (2/880) نحوه.
وذهب الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص349) إلى تحسينه لغيره نظراً لكثرة طرقه تبعاً لابن حجر، وكان له جزء مفرد قديم في الحديث، وقد طُبع.
ثم جاء من المعاصرين أحمد الغماري وألّف رسالة مفردة في تصحيح الحديث، سلك فيها كل مسلك من الهوى والتدليس والتخليط، وأظهر فيه تشيعه الشديد، بل إنه أهدر وهاجم قواعد المحدّثين في التصحيح والتضعيف وفي الجرح والتعديل لكي يتسنى له تقوية الحديث! ولهذا قال الألباني في الضعيفة (6/530): الرد عليه يتطلب رسالة، والمرض والعمر أضيق من ذلك.
وقد لخص الكلام على جزئه الآنف شيخنا سعد الحميد في مختصر استدراك الحاكم على الذهبي (3/1407-1409)، كما تعرض له الكواري في مواضع من جزئه، وسبق لنا ذكر بعض أخطائه.
والملاحظ عند جميع المتأخرين الذين قووا الحديث أنهم اغتروا بكثرة طرقه، وقووه بمجموعها دون تحقيق علمي دقيق لصلاحيتها للاعتبار من عدمه، أو أنهم قلدوا في الحكم.
والتحقيق يؤيد قول من حكم بوضعه، وهو قول الجمهور، وعليه أئمة الحفاظ، والله أعلم.
* وللتنبيه والمعرفة فقد قام بعض الرافضة المتأخرين بتخريج الحديث وإفراده بالبحث والتصنيف، فأكملوا جهود سلفهم الذين وضعوا الحديث وركبّوا له الطرق والمتابعات، فقاموا بتصحيح الحديث على قاعدتهم في الهوى وتكذيب الصحيح والمتواتر وتصحيح المكذوب، وأبحاثهم المشار إليها أقل من أن تُناقش على قواعد المحدّثين، فهي مجرد تقميش وحشد للنقول بلا فهم ولا أمانة، وأكتفي بمثال واحد يدل على مبلغ فهمهم وعقلهم، فقال علّامتهم الآية المرعشي (ت1411) في شرح إحقاق الحق (33/117) معدداً المصادر التي خرَّجت إحدى طرق الحديث: "رواه جماعة.. منهم العلامة علي بن محمد بن عراق الكناني المتوفى سنة 963 في كتابه تنزيه الشريعة المرفوعة.. ومنهم الفاضل المعاصر صالح يوسف معتوق في التذكرة المشفوعة في ترتيب أحاديث تنزيه الشريعة المرفوعة ص17"!!
ولا يخفى الباحث أن كتاب تنزيه الشريعة ليس من مصادر الرواية أصلاً، فضلا أن التذكرة المشفوعة هو مجرد فهرس للأحاديث قام به أحد المعاصرين من سنوات قريبة للكتاب السابق! فجعله الرافضي المذكور مصدراً للرواية والتخريج! ليس لهذا الحديث فقط، بل جعله مصدراً للتخريج في مواضع كثيرة من كتابه! وفي أماكن أخرى يقول: رواه بسيوني زغلول في موسوعة أطراف الحديث! ورواه الدكتور المعاصر الشرقاوي في كتاب التصوف الإسلامي، وغير ذلك من المضحكات.
ولم يقف الأمر ههنا، فجاء بعده مجموعة من باحثي الرافضة ونقلوا عزوه وتحقيقه حذو القذة بالقذة، كأصحاب الكتب والرسائل الكثيرة التي أُخرجت باسم مركز المصطفى!
فصلٌ: ومن الأحاديث التي فيها شبه مع الحديث المذكور:
حديث عن ابن عباس:
قال ابن عدي (4/101): حدثنا أحمد بن حمدون النيسابوري، حدثنا ابن بنت أبي أسامة، هو جعفر بن هذيل، حدثنا ضرار بن صُرَد، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن عباية، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "علي عيبة علمي".
رواه ابن عساكر (42/385) وابن الجوزي في العلل المتناهية (355) من طريق ابن عدي.
وهذا موضوع مسلسل بالعلل:
فجعفر بن الهذيل لم أجد له ترجمة إلا في اللسان (2/132)، عن رجال الشيعة، فهو ضعيف عند ابن حجر.
وضرار بن صرد شيعي متروك، وكذبه ابن معين، وأورد ابن عدي الحديث في مناكيره، وتبعه الذهبي في الميزان (2/327).
ويحيى ضعيف.
والأعمش مدلس، وقد عنعنه.
وعباية رافضي محترق يروي الموضوعات، ترك الناس الرواية عنه، كما يستفاد من ترجمته في اللسان (3/237).
وابن حمدون وإن تُكلم فيه إلا أنه ثقة إن شاء الله. (انظر الكشف الحثيث 43 واللسان 1/165).
وأما الحديث فقال عنه ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.
وقال الذهبي في تلخيص العلل المتناهية (174): فيه ضرار بن صرد -متروك- عن يحيى بن عيسى -واه.
وقال الألباني في الضعيفة (2165): موضوع.
وقد جاءت الرواية عن الأعمش عن عباية من وجه آخر، وهو الآتي:
حديث آخر عن ابن عباس:
قال عبد الله بن داهر: حدثني أبي، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس، قال: ستكون فتنة، فمن أدركها منكم فعليه بخصلتين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو آخذ بيدَي عليّ: هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمة؛ يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي.
رواه العقيلي (2/47) -ومن طريقه ابن عساكر (42/42-43)- وابن عدي (4/228) -ومن طريقه ابن عساكر (42/42) وابن الجوزي في الموضوعات (1/345) والكنجي في كفاية الطالب- وابن مردويه (ساق سندهما في نفحات الأزهار 10/394) كلهم من طريق ابن داهر به.
قلت: وهذا موضوع بيّن الوضع، كما حكم ابن الجوزي وابن تيمية في منهاج السنة (7/448)، فعبدالله بن داهر رافضي خبيث، وهو واه في الحديث، بل اتهمه ابن عدي وابن الجوزي. وأبوه داهر قال عنه العقيلي: كان يغلو في الرفض، لا يتابع على حديثه. وعباية تقدم الكلام عليه قريباً وأنه رافضي ضعيف جداً.
والحديث أنكره العقيلي، وابن عدي، وابن طاهر في ذخيرة الحفاظ (5/2579)، وابن عساكر، والذهبي في الميزان (2/416-417) وفي تلخيص الموضوعات (249) وفي المنتقى من المنهاج (482)، وابن حجر في اللسان (2/413 و3/272).
وقد خرجتُ الطريق الذي فيه ذكر الباب، وإلا فقد ورد دونه بنحوه من وجهين باطلين أيضا.
حديث أبي ذر:
رواه الديلمي في مسند الفردوس (3/65 والسند من زهر الفردوس -بحاشيته- واللآلئ 1/335) من طريق محمد بن علي بن خلف العطار، نا موسى بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ثنا عبد المهيمن بن العباس، عن أبيه، عن جده سهل بن سعد، عن أبي ذر مرفوعا: "علي باب علمي، ومبين لأمتي ما أُرسلت به من بعدي، حبُّه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة، ومودته عبادة".
ذكره السخاوي في المقاصد (189) وفي الأجوبة المرضية (2/879-880)، وضعفه فيهما.
وهذا موضوع، فيه علل:
فعبد المهيمن متفق على ضعفه، ونص الساجي وأبونعيم أن في رواياته عن آبائه مناكير.
وموسى بن جعفر يظهر من ترجمته في اللسان (6/114) أنه لا شيء.
والعطار ذكرنا حاله قبل ثلاثة أحاديث.
ومن دون العطار قال عنهم المعلمي في حاشية الفوائد المجموعة (ص353): فيه من لم أعرفه.
حديث علي:
قال أبوأحمد الفرضي في حديثه (133/أ، كما في مسند علي لأوزبك 2/703) -ومن طريقه أبوالنون الدبوسي في معجمه (6/ب، كما عند أوزبك 2/704)-: حدثنا أبوالعباس أحمد بن عقدة، نا أحمد بن الحسين بن عبد الملك، نا إسماعيل بن عامر البجلي، حدثني عبد الرحمن بن الأسود، عن الأجلح أبي حجية، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف باب، كلُّ باب يفتح ألف باب".
قلت: وهذا ضعيف جداً، فيه علل: فابن عقدة شيعي رواية المناكير، وتكلم فيه جماعة، وكان يحمل شيوخ الكوفة على الكذب، ولا ينفرد بسند فيه خير.
وشيخه أحمد بن الحسين لا بأس به.
وإسماعيل بن عامر البجلي لم أجد له ترجمة بهذا الاسم، وأظنه تحرف عن إسماعيل بن عمرو البجلي، فإن السند كوفي، وهذا كوفي الأصل ومن تلك الطبقة، وهو ضعيف صاحب غرائب ومناكير.
وعبد الرحمن بن الأسود إن لم يكن اليشكري فلم أعرفه، وهذا ذكره الخطيب في المتفق والمفترق (3/1488)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما الأجلح فشيعي ضعيف.
ووهم الغماري في عزوه إلى الحلية لأبي نعيم، كما نبه الإمام الألباني في الضعيفة (10/2/709 رقم 4968).
كما عزاه الغماري للإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس، ولم أجده في المعجم المذكور ولا في أي مصدر آخر، فيظهر أنه من أوهامه أيضا، على أن الغماري نفسه ضعّفه.
وروي الحديث من وجه آخر منكر جدا، وهو الآتي:
حديث عبد الله بن عمرو:
قال ابن حبان في المجروحين (2/14) وابن عدي (2/450 واللفظ له) -ومن طريقه ابن عساكر (42/385) وابن الجوزي في العلل المتناهية (347)-: أنا أبويعلى، ثنا كامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، ثنا حيي بن عبد الله، عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبدالله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: "ادعوا إلي أخي". فدعوا له أبا بكر، فأعرض عنه. ثم قال: "ادعوا إلي أخي". فدعوا له عمر، فأعرض عنه. ثم قال: "ادعوا إلي أخي". فدعوا له عثمان، فأعرض عنه. ثم قال: "ادعوا إلي أخي". فدعي له علي بن أبي طالب، فستره بثوب، وانكب عليه، فلما خرج من عنده قيل له: ما قال؟ قال: علمني ألف باب يفتح كل باب ألف باب.
قال ابن عدي: وهذا هو حديث منكر، ولعل البلاء فيه من ابن لهيعة، فإنه شديد الإفراط في التشيع، وقد تكلم فيه الأئمة، ونسبوه إلى الضعف.
وأقره ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ (2/774) وابن عساكر.
وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح.
وقال الذهبي في السير (8/24): هذا حديث منكر، كأنه موضوع.
وعده الذهبي من مناكير ابن لهيعة في الميزان (1/624 و2/483)، وقال في تاريخ الإسلام (11/224): مناكيره جمة، ومن أردئها هذا الحديث. وقال في تلخيص العلل المتناهية (169): بهذا وشبهه استحق ابن لهيعة الترك، مع أن راويه عنه مضعّف.
وقال الألباني في الضعيفة (4968): منكر.
قلت: الحديث ظاهر أنه من وضع الرافضة، وكأن أحدهم أدخله على ابن لهيعة، وقد كان يُدخَل عليه ويتلقن، وقد يكون مُدخله خالد بن نجيح، فقال البرذعي في سؤالاته لأبي زرعة (2/417 ومن طريقه الخطيب 3/162): رأيتُ بمصر نحوا من مائة حديث عن عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار وعطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها: "لا تُكرم أخاك بما يشق عليه". فقال: لم يكن عثمان عندي ممن يكذب، ولكن كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ؛ أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبُلوا به.
قلت: وخالد هذا كذاب، كان يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب الناس.
وربما كان البلاء من كامل، فإن فيه كلاما على صدقه، وقد تفرد به من بين أصحاب ابن لهيعة، وقال الذهبي في السير (8/26) متعقبا اتهام ابن عدي لابن لهيعة أنه مفرط في التشيع: ما سمعنا بهذا عن ابن لهيعة، بل ولا علمت أنه غير مفرط في التشيع، ولا الرجل متهم بالوضع، بل لعله أُدخل على كامل، فإنه شيخ محله الصدق، لعل بعض الرافضة أدخله في كتابه؛ ولم يتفطن هو.
وقال في تاريخ الإسلام (11/225): لعل البلاء فيه من كامل.
قلت: ويظهر أن أصله مركب من حديث علي السابق، والحديث الموضوع المنسوب إلى عائشة في قصة قبض روح النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتضن عليا في ثوب، رواه ابن الجوزي في الموضوعات (1/392) وغيره.
حديث آخر عن ابن عباس:
رواه الدارقطني في الأفراد (3/293 أطرافه) -ومن طريقه الديلمي في مسند الفردوس (3/64) وابن الجوزي في العلل المتناهية (384)- عن أبي ذر أحمد بن محمد الباغندي، أنا محمد بن علي بن خلف العطار، أنا حسين الأشقر، نا شريك، عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: "علي بن أبي طالب باب حطة، فمن دخل فيه كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا".
قال الدارقطني: تفرد بن حسين الأشقر عن شريك، وليس بالقوي.
قلت: هذا مسلسل بالعلل، فالأعمش مدلس، وقد عنعنه، وشريك ليس بالقوي، وتقدمت الرواية عنهما بخلاف هذا، وحسين الأشقر شيعي واه، ولكن يظهر أن بليّته من العطار، فقال ابن عدي (2/382) بعد أن أورد أحاديث أخرى في فضائل آل البيت من روايته عن الأشقر: ومحمد بن علي هذا عنده من هذا الضرب عجائب، وهو منكر الحديث، والبلاء فيه عندي من محمد بن علي بن خلف.. إلى أن قال: والحسين الأشقر له غير هذا من الحديث، وليس كل ما يُروى عنه من الحديث فيه الإنكار يكون من قِبَله، وربما كان من قِبَل من يروي عنه، لأن جماعة من ضعفاء الكوفيين يحيلون بالروايات على حسين الأشقر، على أن حسينا هذا في حديثه بعض ما فيه.
قلت: وتأتي للعطار رواية أخرى بسند آخر في هذا الباب.
والحديث ذكره الذهبي في ترجمة حسين الأشقر في الميزان (1/532): هذا باطل.
وقال السخاوي في المقاصد (189) وفي الأجوبة المرضية (2/879): سنده ضعيف جدا.
وقال الألباني في الضعيفة (3913): باطل. وقال في ضعيف الجامع (3800): موضوع.
تنبيه: وقع الحديث في كتاب الفردوس عن ابن عباس، وهكذا ساق سنده الغماري في المداوي (4/485) والألباني في الضعيفة (3913)، وهو هكذا في أصله الأفراد للدارقطني، وكتاب ابن الجوزي، وكنز العمال (32910)، وفيض القدير (4/356)، ولكن وقع في زهر الفردوس لابن حجر (كما في حاشية الفردوس): عطاء عن ابن عمر، وتبعه السخاوي في كتابيه، فاقتضى التنويه.
وحديث "علي باب حطة" روي عن الأعمش من وجه آخر عن أبي ذر، وله طريقان آخران إلى أبي ذر، وروي من حديث أبي سعيد الخدري، وحديث علي، وكلها شديدة الضعف، والله أعلم.
تنبيه:
وقع في تلخيص الموضوعات (258) للذهبي عن سعد رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول غير مرة لعلي: "إن (مدينة العلم) لا تصلح إلا بي أو بك".
فلت: وهذا اللفظ تصحيف من ناسخ المخطوط، ولا أصل له مطلقاً في الرواية، ونبّه المحقق أن ما بين قوسين وقع في أصله الموضوعات لابن الجوزي وفي اللآلئ المصنوعة والفوائد المجموعة: (إن المدينة).
على أن الحديث بلفظه المحفوظ موضوع أيضاً، ويُنظر له المجروحين لابن حبان (1/258)، ومنهاج السنة (4/274)، والمصادر السابقة.
ذكرتُ ذلك لئلا يُغتر باللفظ ويُحسب من شواهد الحديث، والله أعلم.
وتبيّن فيما سبق أن حديث مدينة العلم وجميع الأحاديث التي بمعناه وتشبهه: كلها موضوعة، والأمر كما قال العقيلي: لا يصح في هذا المتن شيء.
والله أعلم.
كتبه: محمد زياد بن عمر التُّكْلَة
حامداً مصليًّا مسلّماً
الرياض 1428
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|