الموضوع: الخط الأحمر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-01-2020, 02:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي الخط الأحمر

الخط الأحمر

حمزة حرب الرقب

أما سئمتَ يا صديقي؟ أما ضجرت؟ هلا عزمتَ على التغيير، هلا تعطَّشتَ للتحرير، فتلك أيام خلت وسنونَ مضت، وأنت برأسك القاسية تختال جاهلاً.

أتظنُّها حياة؟ تلك أيامك بتردُّد واحد ثابت، تلك أيامك لا طعم فيها، ولا رائحة ولا فائدة، أتحسب أن ثباتك على الخطأ صوابٌ؟ أتخال أن عنادك سلاحٌ؟

تلهَّف يا عزيزي وراء رغباتك، تقول: سأفعل كل ما أريد، لن يمنعني أحد عما أروم، وتفعل يا صديقي، ثم تقول: هذا آخر يوم من الضياع، بل هذه آخر لحظة منه، يا لك يا رفيقي! فكم مضى على وعودك العرقوبية وما زلت معتكفًا في وحول الضياع.

ماذا لو استبدلت بظلام الانتكاس شمس الانتفاض؟ أجبني بنعم، وخذ أيامًا كالجنان؛ فيوم كالوردة تغازل قلب من يراها، وتفعم قلبه برائحة شذية، كلما قُطفتْ عادت أجمل، كلما تعرضت لقصف الرعود وصرّ الرياح آبت مصرّة متحدية متمسكة بالحياة.

ويوم كالنهر كلما هم الناس بتلويثه، رمى بأثقالهم بعيدًا ليَبقى نقيًّا زلالاً، ويوم كالحسُّون كلما رميتَه بنظرةِ تملُّك، تَباهى واثقًا بريشه، ورفع صوت تغريده.

أنت يا رفيقي في فراغك مَشغول، تحسب نفسك ماهرًا وأنت جهول، لا تجرؤ على مصارحة نفسك لحظات، إلى أن أضحى اليأس والجبن فيك طبقات، تحلف بأن لا تتعدى الخط الأحمر، وأحوالك بعدها تتدهوَر، ثم ماذا...؟ ثم تتعب الروح، تراها كالحمامة تنوح، فتتخبط بالهواجس، تضحي رمزًا لكل بائس، وبعدها تصرخ الروح.. ثم ماذا؟


ثق أن الأيام لا تنتظر أحدًا، وأن الفرص لن تبقى سرمدًا، لا أدري لم ذاك التسويف؟ أحقًّا قد ركنتَ لذاك التخريف؟ لم تغرق نفسك في أغوار الظاهر؟ ألست تهندم نفسك بلباس فاخر؟ إذًا ماذا عن الروح؟ أتُخليها عاريةً وتروح؟ أتروم نتن ظلماتك أن يفوح؟ أتبقى هاجرًا نفسكَ وإليها لا تبوح؟ أخشى أن السخط أخذ يلوح.

أنا يا صديقي عليك حزين، أحلف كذبًا ويُطوقني الحنين، فأنت تروم أن تطير من غير أجنحة، وتعبر بحرًا بغير أشرعة، وتخوض حربًا بلا أسلحة، وتبني قصرًا بلا أعمدة.

ماذا لو استبدلت بظلام الانتكاس شمس الانتِفاض؟
ماذا يا صديقي؟!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.11%)]