
02-01-2020, 08:51 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة :
|
|
حديث: استأذن العباس رسول الله أن يبيت بمكة ليالي منى
حديث: استأذن العباس رسول الله أن يبيت بمكة ليالي منى
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: استأذن العباس بن عبدالمطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذِن له.
♦ قال البخاري: باب سقاية الحاج، وذكر الحديث، ثم ذكر حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس: يا فضل، اذهب إلى أمِّك، فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها، فقال: اسقني قال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه، قال: اسقني فشرب منه، ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها، فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح، ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه، يعنى عاتقه، وأشار إلى عاتقه.
♦ قال الحافظ: (قوله: باب سقاية الحاج، قال الفاكهي: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا الحسن بن محمد بن عبيدالله، حدثنا ابن جريج عن عطاء، قال: سقاية الحاج زمزم، وقال الأزرقي: كان عبد مناف يحمل الماء في الروايا والقِرب إلى مكة، ويَسكُبه حياضٍ مِن أَدَمٍ بفناء الكعبة للحجاج، ثم فعله ابنه هاشم بعده، ثم عبدالمطلب، فلما حفر زمزم كان يشتري الزبيب، فينبذه في ماء زمزم ويسقي الناس، قال ابن إسحاق: لما وُلِّي قصي بن كلاب أمر الكعبة، كان إليه الحجابة والسقاية واللواء والرفادة، ودار الندوة، ثم تصالح بنوه على أن لعبدمناف السقاية والرفادة والبقية للأخوين، ثم ذكر نحو ما تقدم وزاد ثم، ولي السقاية من بعد عبدالمطلب ولده العباس، وهو يومئذ من أحدث إخوته سنًّا، فلم تزل بيده حتى قام الإسلام وهي بيده، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فهي اليوم إلى بني العباس، وروى الفاكهي من طريق الشعبي، قال: تكلم العباس وعلي وشيبة بن عثمان في السقاية والحجابة، فأنزل الله عز وجل: ﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ﴾ [التوبة: 19]، إلى قوله: ﴿ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [التوبة: 24]، قال: حتى تفتح مكة، ومن طريق ابن أبي مليكة عن ابن أن العباس لما مات أراد علي أن يأخذ السقاية، فقال له طلحة: أشهد لرأيت أباه يقوم عليها، وإن أباك أبا طالب لنازل في إبله بالأراك بعرفة، قال: فكف علي من السقاية، ومن طريق ابن جريج قال: قال العباس: يا رسول الله، لو جمعت لنا الحجابة والسقاية، فقال: "إنما أعطيتكم ما ترزؤون ولم أعطكم ما ترزؤون"، الأول بضم أوله وسكون الراء وفتح الزاي، والثاني بفتح أوله وضم الزاي؛ أي: أعطيتكم ما ينقصكم لا ما تنقصون به الناس، وروى الطبراني والفاكهي حديث السائب المخزومي أنه كان يقول: اشربوا من سقاية العباس، فإنه من السنة[1].
♦ قال ابن كثير: (والرفادة وهي إطعام الحجيج أيام الموسم إلى أن يخرجوا راجعين إلى بلادهم.
♦ قال ابن إسحاق: وذلك أن قصيًّا فرضه عليهم، فقال لهم: يا معشر قريش، إنكم جيران الله وأهل مكة وأهل الحرم، وإن الحجاج ضيف الله وزوَّار بيته، وهم أحق بالضيافة، فاجعلوا لهم طعامًا وشرابًا أيام الحج، حتى يصدروا عنكم، ففعلوا فكانوا يخرجون لذلك في كل عام من أموالهم خرجًا، فيدفعونه إليه، فيصنعه طعامًا للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية حتى قام الإسلام، ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا، فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج.
قلت: ثم انقطع هذا بعد ابن إسحاق، ثم أمر بإخراج طائفة من بيت المال، فيصرف في حمل زاد وماء لأبناء السبيل القاصدين إلى الحج، وهذا صنيع حسن من وجوه يطول ذكرها، ولكن الواجب أن يكون ذلك من خالص بيت المال، من أحل ما فيه[2]؛ انتهى.
♦ وقال البخاري أيضًا: باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي[3]، وذكر الحديث.
♦ قال الحافظ: (مقصوده بالغير مَن كان له عذر من مرض أو شغلٍ؛ كالحطابين والرعاء)[4].
♦ قوله: (استأذن العباس بن عبدالمطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذِن له).
وعند الإسماعيلي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت بمكة أيام منى من أجل سقايته.
♦ قال الحافظ: (في الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى، وأنه من مناسك الحج؛ لأن التعبير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة، وأن الإذن وقع للعلة المذكورة وإذا لم توجد أو ما في معناها، لم يحصل الإذن، وبالوجوب قال الجمهور، وفي قول للشافعي ورواية عن أحمد وهو مذهب الحنفية أنه سنة، ووجوب الدم بتركه مبني على هذا الخلاف، ولا يحصل المبيت إلا بمعظم الليل، وهل يختص الإذن بالسقاية وبالعباس، أو بغير ذلك من الأوصاف المعتبرة في هذا الحكم، فقيل: يختص الحكم بالعباس، وهو جمود، وقيل: يدخل معه آله، وقيل: قومه وهم بنو هاشم، وقيل: كل مَن احتاج إلى السقاية فله ذلك، ثم قيل أيضًا: يختص الحكم بسقاية العباس حتى لو عملت سقاية لغيره، لم يرخص لصاحبها في المبيت لأجلها، ومنهم مَن عمَّمه وهو الصحيح في الموضعين، والعلة في ذلك إعداد الماء للشاربين، وهل: يختص ذلك بالماء أو يلتحق به ما في معناه من الأكل وغيره محل احتمال، وجزم الشافعية بإلحاق من له مال يخاف ضياعه أو أمر يخاف فوته، أو مريض يتعاهده بأهل السقاية، كما جزم الجمهور بإلحاق الرعاء خاصة وهو قول أحمد، واختاره ابن المنذر؛ أعني الاختصاص بأهل السقاية والرعاء لإبل، والمعروف عن أحمد اختصاص العباس بذلك، وعليه اقتصر صاحب المغني، وقال المالكية: يجب الدم في المذكورات سوى الرعاء، قالوا: ومن ترك المبيت بغير عذرٍ، وجب عليه دم عن كل ليلة، وقال الشافعي: عن كل ليلة إطعام مسكين، وقيل: عنه التصدق بدرهم وعن الثلاث دم، وهي رواية عن أحمد والمشهور عنه، وعن الحنفية لا شيء عليه، قال: وفي الحديث أيضًا استئذان الأمراء والكبراء فيما يطرأ من المصالح والأحكام، وبدار استؤمر إلى الإذن عند ظهور المصلحة، والمراد بليالي منى ليلة الحادي عشر واللتين بعدها)[5]؛ انتهى، والله أعلم.
تتمة:
عن عاصم بن عدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغداة، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر؛ رواه الخمسة، وصححه الترمذي.
وفي رواية: رخص للرعاء أن يرموا يومًا ويدعوا يومًا، رواه أبو داود والنسائي، وللترمذي: "ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر يرمون في أحدهما".
♦ قال الشوكاني في قوله: "ويدعوا يومًا"؛ (أي: يجوز لهم أن يرموا الأول من التشريق، ويذهبوا إلى إبلهم، فيبيتوا عندها، ويدعوا يوم النفر الأول، ثم يأتوا في اليوم الثالث، فيرموا ما فاتهم في اليوم الثاني مع الثاني مع رمي اليوم الثالث، وفيه تفسير ثان: وهو أنهم يرمون جمرة العقبة ويدعون رمي ذلك اليوم ويذهبون، ثم يأتون في اليوم الثاني من التشريق، فيرمون ما فاتهم، ثم يرمون ذلك اليوم كما تقدم وكلاهما جائز)[6]؛ انتهى.
♦ وقال الموفق: (وإن أخر الرمي كله فرماه في آخر أيام التشريق، أجزأه ويرتبه بنيته، وإن أخره عن أيام التشريق، أو ترك المبيت بمنى في لياليها، فعليه دم، وفي حصاة واحدة أو ليلة واحدة ما في حلق شعرة، وليس على أهل سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى)[7]؛ انتهى.
وعن أبي نضرة قال: حدثني من سمع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق، فقال: "يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر بالتقوى، أبلغت؟"، قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رواه أحمد.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: "دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، فحمد الله وأثنى عليه، وكبَّر وهلَّل، ثم قام إلى ما بين يديه من البيت، فوضع صدره عليه وخدَّه ويديه، ثم هلَّل وكبَّر ودعا، ثم فعل ذلك بالأركان كلها، ثم خرج فأقبل على القبلة وهو على الباب، فقال: هذه القبلة، هذه القبلة، مرتين أو ثلاثًا"؛ رواه أحمد والنسائي.
وعن عبدالرحمن بن صفوان رضي الله عنه قال: "لَما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، انطلقتُ فوافقته قد خرج من الكعبة وأصحابه، قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم"؛ رواه أحمد وأبو داود، والله الموفق.
[1] فتح الباري: (3/ 491).
[2] البداية والنهاية: (2/ 264).
[3] صحيح البخاري: (2/ 217).
[4] فتح الباري: (3/ 491).
[5] فتح الباري: (3/ 579).
[6] نيل الأوطار: (5/ 141).
[7] شرح المقنع: (3/ 177).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|