عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-01-2020, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات

إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات
الشيخ محمد بن مسعود العميري الهذلي




عَنْ أبي عَبْدِاللهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إن الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثيِرٌ مِنَ الناسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الْحَرَامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِك أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلا وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُه، أَلا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَح الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْب"[1]؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.


ترجمة الراوي: هو أبو عبدالله النعمان بن بشير بن ثعلبة بن سعد بن خلاس بن زيد بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر الأنصاري الخزرجي رضي الله عنهما، وُلِدَ قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بثماني سنين وسبعة أشهر، وحملته أمُّه إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم، فطلب تمرة فمضغها، ثمَّ وضعها في فمه، وهو أولُ مولود للأنصار بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فقد تحمَّل الحديث وهو صغير، ورواه بعد بلوغه، ووُلِّيَ إمارة الكوفة وقضاء دمشق وحمص، وكان من أخطب الناس، رُوي له (114) حديثًا، وبعد موت يزيد بايع النعمان ابن الزبير، فتنكَّر له أهل حمص، فخرج، فتبعه خالد بن خلي الكلاعي، وقُتل سنة (65هـ) وله (64) سنة.

منزلة الحديث:
هذا الحديث الشريف قاعدة من أعظم قواعد الدين الحنيف؛ لأنه يحتوي على علوم الشريعة، ففيه الحلال واجتناب الحرام، والإمساك عن الشبهات، وأيضًا الاهتمام بشؤون القلب، قال أبو داود السجستاني رحمه الله: الإسلام يدور على أربعة أحاديث، ثمَّ ذكر منها هذا الحديث.

مفردات الحديث:
بَيِّن: ظاهر.
مُشْتَبِهَات: جمع مشتبه والمشتبه في اللغة: الاختلاط، وهو المشكل؛ لما فيه من عدم الوضوح في الحل والحرمة.
لا يَعْلَمُهُنَّ: لا يعلم حكمها.
كثير من الناس؛ أي: إن بعض الناس يعلم حكمه.

اتَّقَى الشُّبُهَاتِ: ابتعد عنها، وجعَل بينه وبين كلِّ شُبهة أو مشكلة وقاية.
اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ: طلب البراءة أو حصل عليها لعرضه من الطعن، ولدينه من النقص، وأشار بذلك إلى ما يتعلق بالناس وما يتعلق بالله عز وجل.

الْحِمَى: المحمي، وهو المحظور على غير مالكه.
أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ: أن تأكل منه ماشيته وتُقيم فيه.
مُضغة: قطعة من اللحم قدرَ ما يُمضغ في الفم.
صلَحت: بفتح اللام وضمها، والفتح أشهر، وقيَّد بعضهم الضمَّ بالصلاح الذي صار سجيَّة.

فوائد الحديث:
1- الحث على فعل الحلال، واجتناب الحرام، وترك الشُّبهات، والاحتياط للدين والعرض، وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن والوقوع في المحظور.

2- الدعوة إلى إصلاح القوة العاقلة، وإصلاح النفس من داخلها، وهو إصلاح القلب.

3- سد الذرائع إلى المحرمات، وتحريم الوسائل إليها.

4- طلب التحرز مما يُتوهم منه.

5- اجتناب الصغائر؛ لأنها تجر إلى الكبائر.

6- الإكثار من الشبهات يوصل إلى فِعل الحرام.

7- يُندَب ضربُ الأمثال لفَهم المفهوم.

8- تعظيم القلب والاهتمام به، والسعي فيما يُصلحه؛ إذ عليه صلاح الجسد والجوارح.

9- أكل الحلال ينوِّر القلب، فتصلح الجوارح.

10- أكل الحرام يُظلم القلب، فتَفسد الجوارح.

11- التقوى ترك بعض المباحات خوفًا من الوقوع في الحرام.


12- حُسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم بضربه للأمثال وتوضيحها.

13- فساد الظاهر دليلٌ على فساد الباطن.


[1] قال الحافظ: سُمي القلب قلبًا لتقلُّبه في الأمور، أو أنه خالص ما في البدن، وخالص كل شيء قلبه، أو لأنه وُضع في الجسد مقلوبًا، (الفتح 1/137)، والذي يظهر أن المعنى الأول والثاني قريبان من الصواب، أما الأخير فبعيد، (قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 87).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]