وتأمل الآيات القرآنية التي تخبر عن جزاء الصابرين، فسوف تجد أن الله - تعالى -أعطى على الصبر ما لم يعطه لغيره، قال - تعالى -: ( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (الزمر: 10)، وقال - تعالى -: ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (النحل: 96).
كما أنه جمع للصابرين أمور لم يجمعها لغيرهم، فقال - تعالى -: ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (البقرة: 157).
فالصبر هو السلاح الفعال الذي أعطاه الله لعباده المؤمنين، ليستعينوا به ضد المصائب والمكايد والهموم، وما يعصف بهم من رياح الدنيا، وقد جربه من كان قبلنا، وانظر في سير الأنبياء والمرسلين، فهذا " نوح " - عليه السلام - ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ومع ذلك لم يؤمن له إلا القليل، فصبر واستمر في دعوته حتى أهلكهم الله، وهذا " إبراهيم " - عليه السلام - يُحرم الذرية مع كبر سنه ويجمع له الحطب ويلقى في النار ويترك ولده بعد ما رزقه الله إياه على كبر ونجا من الذبح في واد غير ذي زرع، ومع ذلك صبر فجزاه الله خيراً، وهذا " يعقوب " - عليه السلام - يعلم أن أبنائه كادوا لأخيهم ومكروا به ومع ذلك يقول " فصبر جميل "، و" أيوب " - عليه السلام - الذي ابتلاه الله بأشد أنواع البلاء وأخذ منه ما أصاب من الدنيا، فصبر حتى عوضه الله خيراً، وهذا " نبينا - صلى الله عليه وسلم - " يتحمل الجوع والإيذاء وموت الأهل والأحباب والتغريب عن الوطن والطعن في العرض وهو مع ذلك ظل صابراً محتسباً، حتى أعزه الله ونصره وجعل كلمته العليا.
* التسليم والانقياد التام لله - عز وجل - " الإيمان بالقضاء والقدر ": -
إن الإيمان والإذعان والانقياد والتسليم التام بأنه لا يحدث أي شيء في هذا الكون كبر أو صغر مهما كان من أمره إلا وهو مطابق لقضاء الله - تعالى -وقدره، يعتبر ذلك جزء لا يتجزأ من عقيدة المسلم، ولا يكتمل إيمانه إلا بها، قال - تعالى -: ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (الحديد: 22-23)، فهاتين ألآيتين قد ألقيتا الثقة والرضا والاطمئنان بقضاء الله وقدره في قلوب المؤمنين، قال - تعالى -: ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (التوبة: 51).
وهناك فوائد نفسية من جراء الإيمان بالقضاء والقدر منها:
- هون المصائب على العبد، ألإنسان إذا علم أنها من عند الله، هانت عليه المصيبة، كما قال - تعالى -: ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (التغابن: 11)، قال علقمة - رحمه الله -: " هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم " [15].
- أن الإنسان منا متى اعتقد اعتقاداً جازماً أن ما قضاه الله - تعالى - في علمه لابد أن يتم، وأن ما قدره لابد أن يكون متى اعتقد ذلك انطلق في هذه الحياة؛ ليؤدي ما يجب عليه نحو خالقه - عز وجل - ونحو عقيدته، ونحو ذاته، ونحو غيره، يؤدى التكاليف التي كلف بها بكل نشاط وإقدام وإخلاص وإتقان ثم بعد ذلك يترك النتائج لله - عز وجل - يصرفها كيف يشاء [16].
- كما أن ألإيمان بالقضاء والقدر يجعل الإنسان في حالة انقياد واستسلام لأمر الله، لا يفاجئ بما يحل به؛ لأنه اختيار الله، ومن ثم إن كان خير شكر، وإن كان غير ذلك صبر وفي كل خير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)) [17].
* الدعاء: -
أمر الله- تبارك وتعالى- بالدعاء، وحث عليه، قال - تعالى -: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ ) (البقرة: 186)، فلا وساطة في الدعاء حتى ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم -.
كما أن الدعاء من أسباب نزول البلاء، قال - تعالى -: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) (ألأنعام: 42).
والبلاء مفيد في الوقاية والعلاج، أما الوقاية فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر )) [18]، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من شدة الابتلاءات، فعن أبى هريرة قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسؤ القضاء وشماتة الأعداء"[19]، والأحاديث في الباب كثيرة.
* المواظبة على أداء الصلوات: -
تعد الصلاة من أهم أساليب مقاومة الهموم والغموم، قال - تعالى -: ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) (البقرة: 45)، والاستعانة هي طلب العون والمدد، فهذا أمر من الله - تعالى -للمؤمنين، والنداء لجذب انتباههم لما سيلقى عليهم، فيأمرهم - سبحانه - بالاستعانة بالصبر مع الصلاة، على ما يواجهونه من مهمات وملمات ومما تعصف به الحياة من كدر وهم وغم وأحزان، وما يلاقونه من شدائد، فقد أذاقتهم قريش ألوان وصنوف العذاب، وحدث لهم في صدر الدعوة ما لا يطيقه غيرهم، كما نبههم الله إلى أن الصلاة كبيرة ثقيلة إلا على الخاشعين، لذلك فلابد من الخشوع في الصلاة حتى تأتي الطمأنينة من خلالها.
من أعظم النعم لو كنا نعقل هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة كفارة لذنوبنا، رفعة لدرجاتنا عند ربنا، ثم هي علاج عظيم لمآسينا، ودواء ناجح لأمراضنا، تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين، وتملأ جوانحنا بالرضا، أما أولئك الذين جانبوا المسجد، وتركوا الصلاة، فمن نكد إلى نكد، ومن حزن إلى حزن، ومن شقاء إلى شقاء ( فتعساً لهم وأضل أعمالهم ) [20].
تعد الصلاة بالنسبة لكثير من الناس طريقة فعالة للتغلب على التوتر والمعاناة، حيث يساعدهم إيمانهم بحب الله وبعدالته على الصبر، وتساعدهم الصلاة على الثبات عند المحن والصعاب، فهم عندما يصلون يعترفون بقلة حيلتهم وبعظمة الله، وهذا الخضوع لله يمنحهم القوة والشجاعة، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى القوة المؤثرة على الجسد، فالأشخاص الذين يصلون يكونون أقل عرضة لارتفاع ضغط الدم، والسكتة الدماغية، كما تساعدهم الصلاة نفسياً على تحويل القلق إلى هدوء وسكينة [21]، كما تعمل الصلاة على التغلب على الانفعالات والشعور بالأمن ومواجهة مصاعب الحياة [22].
* اليقين بفرج الله - تعالى -وعدم اليأس: -
ينبغي على المسلم أن يوقن بأن الله - سبحانه وتعالى - جعل مع العسر اليسر، ومع الحزن الفرح، ومع الهم والكدر الفرج، وأنه كلما اشتد الهم والضيق قرب الفرج.
قال - تعالى -: ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) (يوسف: 110)، وقال - تعالى -: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) (الشرح: 5-6)، أكد - سبحانه وتعالى - على أن اليسر لا يفصله عن العسر شيء فهما متلازمان لا يفترقان، وإعادة الآية حتى يوقن أولئك الذين غلبت عليهم الهموم والأحزان من فرج الله - تعالى -، وقال - تعالى -: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا " (الطلاق: 4).
يقول الشاعر:
كم فرج بعد يأس قد أتى *** وكم سرور قد أتى بعد الأسى
من يحسن الظن بذي العرش جنى *** حلو الجنى الرائق من شوك السفا
فمن أيقن من ابتلاء الله وأتبعه بإيقانه بالفرج هانت عليه بلواه، فماذا بعد العسر إلا اليسر.
* النظر إلى المبتلين: -
من أساليب مواجهة الابتلاءات، هو النظر والتعزي في أهل البلاء، فمن نظر في بلوى من هو أشد منه تصبر وعلم أن بلاءه أهون من بلاء غيره فهان عليه بلاءه، وسكنت نفسه.
وهذا الأسلوب شاع وكثر في القرآن الكريم، خاصة فيما نزل قبل الهجرة، فكان جله قصص من قصص الأولين نزلت تسلية وتقوية للرسول - صلى الله عليه وسلم - تعينه على الصبر والمجاهدة، قال - تعالى -: ( وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ) (إبراهيم: 45).
وعندما حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهمه ما قاله أهل الكتاب وما طلبوه من أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، فوجه الله - تعالى -ما حدث مع " موسى " - عليه السلام - وهو أكبر مما حدث معه، ليسكن قلبه وتهدأ روحه، قال - تعالى -: ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا) (النساء: 153).
* الخوف: -
الخوف عبارة عن انفعال داخلي نتجه توقع مكروه في المستقبل، والخوف من الله إما أن يكون لمعرفة الله - تعالى -ومعرفة صفاته، والخوف من عقابه، فإنه - سبحانه وتعالى - قادراً على إهلاك الخلق جميعاً، وإذا أهلكهم لا يسأل عن ذلك، قال - تعالى -: ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) (ألأنبياء: 23)، فهو - سبحانه وتعالى - غنى عنهم، قال - تعالى -: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (الذاريات: 56)، وإما أن يكون خوف الله بسبب كثرة الذنوب والخطايا، وأخوف الخلق من الله - تعالى -أعلمهم به، قال - تعالى -: ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) (فاطر: 28).
وتبدوا ثمرة الخوف من الله- تبارك وتعالى- في هذا المجال، فإن من خاف أحداً جمع كل همه وخاطره في العمل لإرضائه وتجنب عقابه، ولم يشغله غيره، فمن كان خوفه من الله، شغله خوفه عن التفكر في ملذات الدنيا وفوات حظوظها، والعمل للآخرة، فلا تشغله التوافه، ولا تضره الهموم والأحزان، كما أنه يسعد بالابتلاء ويتخذه وسيلة لإرضاء مولاه - جل وعلا -، فلا توقفه المصائب، تزعجه الملمات، ولا يؤثر فيه ضيق العيش وأذى الخلق؛ لأنه مشغول عن كل ذلك بما هو أهم منهم، فتكتسب نفسه قوة وعزيمة لا يقف أمامه شيء من أمور الدنيا.
ولذلك حث الله- تبارك وتعالى- عليه ورغب فيه في مواطن كثيرة تخرج عن الحصر، فقد جمع الله - تعالى- للخائفين صفات وفضائل، مثل الهدى والرحمة، قال - تعالى -: ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (ألأعراف: 154)، والعلم كما في قوله - تعالى -: ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) (فاطر: 28)، والرضا قال - تعالى -: ( جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (البينة: 8).
كما جعل - سبحانه وتعالى - الأفضلية عنده لمن زاد خوفه منه وتقواه، قال - تعالى -: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات: 13)، ووصى به، قال - تعالى -: ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ) (النساء: 131)، وجعله شرط الإيمان، قال - تعالى -: ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (أل عمران: 175)، وأنظر جزاء الخوف، قال - تعالى -: ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (الرحمن: 46).
وما حمل الأنبياء والرسل والصالحين على تحمل ما لقوه فى سبيل دعوتهم إلا خوفهم من ربهم - جل وعلا -.
* الرجاء: -
الرجاء هو حالة من الارتياح تحدث للفرد من جراء أخذه بأسباب الحصول شيء وعدم التقصير في سبل الحصول عليه، لذلك فهو يأمل فيه وينتظر وقوعه.
فالعبد إذا بث بذر الإيمان، وثقاه ماء الطاعات، وطهر القلب من شوك الأخلاق الرديئة، وانتظر من فضل الله - تعالى- تثبيته على ذلك إلى الموت، وحسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة، كان انتظاره لذلك رجاء محموداً باعثاً على المواظبة على الطاعات والقيام بمقتضى الإيمان إلى الموت، وإن قطع بذر الإيمان عن تعهده بماء الطاعات أو ترك القلب مشحوناً برذائل الأخلاق، وانهمك في طلب لذات الدنيا، ثم انتظر المغفرة، كان ذلك حمقاً وغروراً..... وحال الرجاء يورث طريق المجاهدة بالأعمال، والمواظبة على الطاعات كيفما تقلبت ألأحوال، ومن آثاره التلذذ بدوام ألإقبال على الله - عز وجل -، والتنعم بمناجاته، والتلطف في التملق له [23].
وقد حث الله - تعالى- في آيات متعددة منها قوله - تعالى -: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (الزمر: 53)، وقوله - تعالى -: ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ) (فاطر: 29).
فالرجاء يبعث في النفس الطمأنينة والراحة، فالنفس المؤمنة تأمل مغفرة الله ورضوانه لذلك فهي تعمل لما ترجوه، حتى تحدث لها الراحة التي يبغيها، ومن ثم فالنفس التي يشغلها السعي لرضى ربها، لا تقف عند غيره، ولا يضرها ما تلقيه الدنيا عليها من مصائب وابتلاءات.
لذلك فالخوف والرجاء يكملان بعضهما البعض، فالخوف بدون الرجاء ربما يفضى إلى اليأس والقنوط فيتحول فوائده على النفس إلى العكس، وكذلك فالرجاء بدون الخوف، ربما يفضى إلى ألأمن من مكر الله، وعم الأخذ بالأسباب فيجنح مع ذلك للدنيا من ملذات وشهوات فيضيع أثره وفائدته.
فيجب على المربين الحذر في أثناء محاولات إكساب أولادهم الخوف والرجاء فالإسراف في إكسابهم والمبالغة فيهم تأتى بنتائج عكسية على نفسية الأولاد، كما ينبغي ألا يقوم بهذا الدور إلا عالم خبير بنفوس أولاده حتى يكون على دراية بأين ومتى وكيف يلقهم ذلك، كما ينبغي ألا يبدأ في إكسابهم وتلقيهم الخوف والرجاء إلا في سن متقدمة، مع استخدام الوسائل المناسبة.
* التوكل على الله وتفويض الأمر إليه والاحتساب:
قال الأمام أحمد: التوكل عمل القلب ومعنى ذلك أنه عملي قلبي ليس بقول اللسان ولا عمل الجوارح.
قال - تعالى-: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (أل عمران: 173)، وقال - تعالى -: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) (الفرقان: 58)، وقال - تعالى -: ( وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) (إبراهيم: 12)، وقال - تعالى -: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال: 2).
وعن ابن عباس -رضي الله عنه-ما قال: ( حسبنا الله ونعم الوكيل)، قالها " إبراهيم " - عليه السلام - حين ألقي في النار، وقالها " محمد " حين قالوا له: ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) [24].
يقول ابن القيم: " ممن علم أن الله على كل شيء قدير، وأنه المتفرد بالاختيار والتدبير، وأن تدبيره لعبده خير من تدبير العبد لنفسه وأنه أعلم بمصلحة العبد وأقدر على جلبها وتحصيلها منه وأنصح للعبد لنفسه وأرحم به منه بنفسه، وأبر به منه بنفسه، وعلم مع ذلك أنه لا يستطيع أن يتقدم بين يدي تدبيره خطوة واحدة ولا يتأخر عن تدبيره له خطوة واحدة فلا متقدم له بين يدي قضائه وقدره ولا متأخر، فألقى نفسه بين يديه ومسلم الأمر كله إليه، وانطرح بين يديه انطراح عبد مملوك ضعيف بين يدي ملك عزيز قاهر، له التصرف في عبده بما يشاء، وليس للعبد التصريف فيه بوجه من الوجه، فاستراح حينئذ من الهموم والعموم والأنكاد والحسرات، وحمل كل حوائجه ومصالحة من لا يبالى بحملها ولا يثقله ولا يكترث بها.
فتولاها دونه وأراه لطفه وبره ورحمته وإحسانه فيها من غير تعب من العبد ولا نصب، ولا اهتمام منه لأنه قد صرف اهتمامه كله إليه وجعله وحدة همه، فصرف عنه اهتمامه بحوائجه ومصالح دنياه، وفرغ قلبه منها، فما أطيب عيشه وما أنعم قلبه وأعظم سروره وفرحه.
وأما من أبى إلا تدبير نفسه واختياره لها واهتمامه بحظه دون حق ربه فلا وما أختاره وولاه ما تولى فحضره الهم والغم والحزن والنكد والخوف والتعب وكف البال وسؤ الحال، فلا قلب يصفو، ولا عمل يزكو، ولا أمل يحصل، ولا راحة يفوز بها، ولا لذة ينتهي بها، بل قد حيل بينه وبين مسرته وفرحه وقرة عينه، فهو يكدح في الدنيا كدح الوحش ولا يظفر منها بأمل ولا يتزود منها لمعاد [25]. انتهى.
* النظر إلى الجوانب الايجابية:
قال - تعالى -: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (البقرة: 116).
وعندما ظن المسلمون في صلح الحديبية من خلال بنود الصلح والتي وافق عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذه البنود استسلام فأظهر المسلمون حزنهم وغضبهم، نزل القرآن الكريم بتوجيههم إلى النظر في الجوانب الايجابية في الصلح، قال - تعالى -: ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) (الفتح: 20).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فيما رواه أبو هريرة قال: (( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلق رضي منها آخر)) [26].
فينبغي علينا أن نوجه أنفسنا وأبنائنا إلى أن أي ابتلاء له جوانب إيجابية وسلبية فلماذا ننظر في الجانب السلبي فقط ونعقد أنفسنا ونرهق عقولنا ونضيق علينا دنيانا، فلننظر في الجوانب المشرقة من الابتلاء، حتى تسعد أنفسنا وتهدأ عقولنا وترتاح ضمائرنا، ولنحمد الله على كل حال.
فكم من الرجال قد حولوا المصائب إلى فرص استفادوا منها أيما استفادة، فهذا ابن تيمية كتب الفتاوى عشرين مجلداً وهو مسجون وغيره كثيرون، ومنهم أيضاً من حفظ القرآن وهو مسجون.
فللمصائب والابتلاءات فوائد ظاهرة منها إنها تعود الصبر، وتذكر العبد بربه، وضعفه وقرب نهايته.
ألا يكفي هذا.
* البذل والعطاء: -
أمر الله- تبارك وتعالى- بالإحسان والتسابق إلى فعل الخيرات، قال - تعالى -: ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) (المائدة: 48)، وقال - تعالى -: ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77).
كما نفى الله - سبحانه وتعالى- الحزن والخوف عن عباده المتقين، قال - تعالى-: ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (البقرة: 262)، وأيضاً أقر - سبحانه - بأن الصدقة تثبت النفس إذا كانت ابتغاء مرضاة الله؛ لأن النفس إذا رضيت بالتحامل على الأنفاق قل طمعها وإتباعها لشهواتها، وتخطت درجة النفس الأمارة بالسوء؛ لأن المال شقيق الروح، قال - تعالى -: ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة: 265).
وهذه الحقيقة القرآنية هي من أهم مكتشفات علم النفس الحديث، فهو يسعى إلى إثبات أن سعادة الإنسان وقدرته على إدراك كنه نفسه لن يتأتيا بغير تضحية النفس في سبيل الغير وتعويد المرء نفسه الخضوع لنظم خاصة، فالإنسان بطبعه أناني ينقاد وراء دوافعه المباشرة، وقد أثبتت اختبارات الصفات الشخصية والتجارب الطبية لعلماء النفس أن الاتجاه في هذا الطريق يؤدي إلى انكماش الشخصية، واضطراب العواطف، والأعصاب، والتخبط الفكري والشقاء وسؤ النظام، أما الاتجاه إلى فعل الخيرات والتضحية لإسعاد الآخرين والتعاون معهم واللجوء إليهم فدليل سعادة الفرد وتوفير حياة هادئة [27].
وعلى المربين والآباء غرس هذا الأسلوب في الطفل منذ نعومة أظفاره، حتى يصير طبعه ودأبه عند الكبر.
[1] [عبد الرحمن بن الجوزى , صيد الخاطر, تحقيق محمد الغزالى , نهضة مصر, ص : 215 ] .
[2] [رواه ابن ماجة , وحسنه الألبانى فى الصحيحة " 688 " ] .
[3][ شهاب الدين محمد الإبشيمى المستطرف فى كل فن مستظرف , الطبعة الاولى , القاهرة : مؤسسة المختار(2006 ) .ج437]
[4][ رواه البخارى " 5641 – 5642 " , ومسلم " 2573 " ] .
[5][ رواه الترمذى , وصححه الالبانى فى صحيح الجامع " 308 " ] .
[6][ الإمام الحافظ عبد الرحمن السيوطى ، مختصر كتاب الفرج بعد الشدة المسمى الأرج فى الفرج ، تحقيق محمد فتحى النادى, دار النشر للجامعات , مصر الطبعة الأولى ـ، 2008" ص 55 – 56 " ] .
[7][ رواه مسلم " 918 " , والترمذى , والنسائى , وأبو داود , وإبن ماجة ] .
[8][ رواه الترمذى , وصححه الالبانى فى الصحيحة " 602 " ] .
[9][ رواه مسلم " 2734 " ] .
[10][ رواه البخارى " 7536 " , ومسلم " 2675 " ] .
[11][ رواه البخارى " 6487 " , ومسلم " 2823 " ] .
[12][ رواه الترمذى , وصححه الالبانى فى صحيح الجامع " 6510 " ] .
[13][يوسف رشاد الأسلوب الأمثل فى تربية البنات فى الإسلام , الطبعة الاولى , القاهرة : دار إبن الجوزى(2006 ) . نقلاً عن الدور التربوى للوالدين " ص 148 " ] .
[14][ عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لإبن القيم " ص 17 " ] .
[15][ محمد بن صالح العثيمين _ شرح العقيدة الوسطية _ تحقيق أبو عبد الرحمن نبيل بن صلاح سليم ، دار العقيدة ، ط 1 ، 2003 " ص 404 " ] .
[16][ محمد سيد طنطاوى _ العقيدة وألأخلاق _ مجمع مطابع الأزهر الشريف ، 2008 " ص 88 " ] .
[17][ رواه مسلم " 2999 " ] .
[18][ رواه الترمذى , والحاكم فى مستدركه , وحسنه الالبانى فى الصحيحة " 154 " ] .
[19][ رواه البخارى " 6347 " , ومسلم " 2707 " ] .
[20][عائض بن عبد الله القرنى, لا تحزن , مكتبة العبيكان , الطبعة الحادية عشر (2009) , " ص 62 " ] .
[21][ آرثر روشان , 2001 ؛ 72 ] .
[22][ أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر _ مدخل العلوم السلوكية " ص 61-62 " ] .
[23][أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة-مختصر منهاج القاصدين –مكتبة الصفا , القاهرة (2002)" ص 298 – 299 " بتصريف ] .
[24][ رواه البخارى " 4563 " ] .
[25][ الإمام شمس الدين ممحمد بن أبى بكر بن قيم الجوزية _ الفوائد _ دار الريان للتراث ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، 1987 " ص 209 " ] .
[26][ رواه مسلم " 1469 " ] .
[27][أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر _ مدخل العلوم السلوكية " ص 63 " ] .