[ابوالوليد المسلم]

فضل العلم في القرآن

التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة


د. علي بن عبده بن شاكر أبو حميدي



4- قوله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ï´¾ [المجادلة: 11].

واعلم أنه تعالى ذكر الدرجات لأربعة أصناف:
أولها: للمؤمنين من أهل بدر؛ قال تعالى: ï´؟ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ï´¾ [الأنفال: 2، 3].

الثانية: للمجاهدين؛ قال: ï´؟ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ï´¾ [النساء: 95].

الثالثة: للصالحين؛ قال تعالى: ï´؟ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ï´¾ [طه: 75].

الرابعة: للعلماء؛ قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ï´¾ [المجادلة: 11][4].

"والله فضَّل أهل بدر على غيرهم من المؤمنين بدرجات، وفضل المجاهدين على القاعدين بدرجات، وفضل الصالحين على هؤلاء بدرجات، ثم فضل العلماء على جميع الأصناف بدرجات"[5].

فمن خلال التفصيل الذي نراه أن أفضل هؤلاء هم العلماء: وجب إيجاب تفضيلهم لعلمهم، والحث على طلب العلم لله، إخلاصًا له، حتى يكون الإنسان بهذا العِلم عالِمًا ربانيًّا، ليس له همٌّ إلا الآخرة.

الخامس: قوله تعالى: ï´؟ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ï´¾ [البقرة: 201].

قال الحسن في قوله تعالى: ï´؟ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ï´¾: هي العِلم والعبادات، ï´؟ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ï´¾: هي الجنة، وهذا من أحسن التفسير؛ فإن أجلَّ الحسنات العلمُ النافع والعمل الصالح"[6].

"وقد تجمعُ الحسنةُ من الله عز وجل العافيةَ في الجسم، والمعاش، والرزق، وغير ذلك، والعلم والعبادة"[7].

السادس: قوله تعالى: ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ï´¾ [فاطر: 28].

فإن الله وصَف العلماء في كتابه الكريم بخمس مناقب:
إحداها: الإيمان ï´؟ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ï´¾ [النساء: 162].

ثانيتها: التوحيد والشهادة: ï´؟ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ï´¾ [آل عمران: 18].

ثالثتها: البكاء: ï´؟ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ï´¾ [الإسراء: 109].

رابعتها: الخشوع: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ï´¾ [الكهف: 107].

خامستها: الخشية: ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ï´¾ [فاطر: 28].

فالأمر أن يكون العلم للأهم في أموره الهامة الضرورية؛ فعن أبي الفتح نصر بن المغيرة قال: قال سفيان - (يعني) ابن عُيَنية -: "طلبُ العلم والجهاد فريضة على جماعتهم، ويجزئ فيه بعضُهم عن بعض، وقرأ هذه الآية: ï´؟ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ï´¾ [التوبة: 122][8].


[1] محمد ضياء الدين الرازي، تفسير الفخر الرازي، مرجع سابق، جـ1، صـ 195.

[2] محمد فخر الدين الرازي، تفسير الفخر الرازي، مرجع سابق، جـ1، صـ195 - 196.

[3] المرجع السابق، جـ1، صـ196.

[4] المرجع السابق، جـ1، صـ196.

[5] المرجع السابق، جـ1، صـ 196.

[6] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، مرجع سابق، جـ1، صـ124.

[7] محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل القرآن، مرجع سابق، جـ2، صـ 372.

[8] يوسف ابن عبدالبر القرطبي، جامع بيان العلم وفضله، دار ابن الجوزي، الدمام، 1419هـ - 1998م، جـ1، صـ53، ط4.