عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-12-2019, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة : Egypt
افتراضي ليشهدوا منافع لهم (مقال نادر عن الحج)

ليشهدوا منافع لهم (مقال نادر عن الحج)


الشيخ محمد حامد الفقي


نشر في مجلة الهدي النبوي - الجزء العاشر من السنة الثالثة (ع: 34)

15 من ذي القعدة سنة 1358هـ



أحمد الله سبحانه على ما أسبغ عليَّ من سوابغ نعمه، وما أولاني من واسع رحمته وعظيمِ فضله؛ فنعمه عليَّ لا تزال تتوالى، وفضله عليَّ لا يزال يترى؛ فهو الذي تفضل عليَّ بالهداية إلى الدين الحق، والتمسك بعروة الكتاب والسنة، واستعملني في إحياء سنة نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، ومحاربة البدع والخرافات التي شوَّهت وجهَ الإسلام، وطمسَت معالِمَه، وحجبت عن الناس نورَه، حتى ضلوا بها في بَيداء الأهواء والشهوات والشبهات، فعاد الإسلامُ بها غريبًا كما بدأ، ويسر الله لي من واسع كرمه وجوده استجابة دعائي بالضيافة عند بيته المحرَّم كل عام، والتشرف بتلك البقاع المقدسة التي أشرقَت منها شمسُ الهداية الإسلامية؛ فأخرجت العالمَ من ظلماته، وجلجَل فيها صوت خاتم المرسلين بكلمة الحق، فقوضَت الباطلَ من أساسه، والتي جعلها الله مثابةً للناس وأمنًا، وأهوى إليها أفئدةَ أحبابه الذين شغلَتهم محبتُه ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء، ووجدوا فيها كلَّ متعةٍ وسعادة لأرواحهم، وحياةٍ ونعيم لقلوبهم وطمأنينة لنفوسهم، ووجدوا فيها الأمنَ والأمان والسرور والحبور؛ ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64]، فكان أحقَّ الحق وأوجب الواجب عليَّ أن أرسل صيحتي بالدعوة كلَّ عام إلى تلك الضيافة الكريمة، على مائدة أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين عند بيته المحرم ﴿ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 96، 97]؛ ليشهدوا منافعَ لهم، كما شهد أحباب ربهم كل عام، وليحظوا بنُزلهم من الغفور الرحيم الذي هيَّأه وأعدَّه لمن استجاب دعوةَ خليله الكريم إبراهيم.

لذلك أخصص هذا العدد من مجلة الهدي النبوي للتحدُّث في الحج ومناسكه، وفي البلد الحرام ومشاعره، والبلادِ المقدَّسة وما فيها من شؤون اجتماعية واقتصادية وعلمية، مما يحتاج قاصدها أن يلمَّ به إلمامة تعطيه صورةً حقيقية تعينُه على شهود منفعة من منافع الحج التي نوَّه الله تعالى بها، ورغَّب فيها وحضَّ عبادَه عليها؛ لأنهم بحاجة إليها في معاشِهم ومعادهم، فقال: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾ [الحج: 28].

وسأجعل لذلك بابَ التفسير من هذا العدد في تفسير آيات الحج، فأقول وبالله تعالى التوفيق، ومنه أستمدُّ المعونة، وهو حسبي ونعم الوكيل.

ثم أبدأ بسوق كلمةٍ للإمام المحقِّق ابن القيم رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]، ثم أذكر بعدها تفسير آيات الحج من سورة الحج إن شاء الله تعالى.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى بعد أن ذكر الآية السابقة: ﴿ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾ مبتدأ، وخبره في أحدِ المجرورَين قبلَه، والذي يقتضيه المعنى أن يكون في قوله: ﴿ عَلَى النَّاسِ ﴾؛ لأنه وجوب، والوجوب يقتضي ﴿ عَلَى ﴾، ويجوز أن يكون في قوله: ﴿ وَلِلَّهِ ﴾؛ لأنه يتضمن الوجوبَ والاستحقاق، ويرجح هذا التقدير: أن الخبرَ محطُّ الفائدة وموضعها، وتقديمه في هذا الباب في نية التأخير، وكان الأحق أن يكون ﴿ وَلِلَّهِ ﴾، ويرجح الوجه الأول بأن يقال: قوله: ﴿ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾ على الناس أكثر استعمالاً في باب الوجوب مِن أن يقال: ﴿ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾ لله؛ أي: حق واجب لله، فتأمله.

وعلى هذا ففي تقديم المجرور الأول - وليس بخبر - فائدتان؛ إحداهما: أنه اسمٌ للموجِب للحج؛ فكان أحقَّ بالتقديم من ذكر الوجوب، فتضمنَت الآيةُ ثلاثة أمور مرتبة بحسب الوقائع؛ أحدها: الموجِب لهذا الفرض، فبُدِئ بذِكره، والثاني: مؤدِّي الواجب، وهو المفترَض عليه، وهم الناس، والثالث: النسبة والحق المتعلق به إيجابًا، وبهم وجوبًا وأداءً، وهو الحج.

والفائدة الثانية: أن الاسم المجرور من حيث كان لله سبحانه اسمًا وجب الاهتمامُ بتقديمه؛ تعظيمًا لحرمة هذا الواجب الذي أوجبه، وتخويفًا من تضييعه؛ إذ ليس ما أوجبه اللهُ سبحانه بمثابة ما أوجبه غيره، وأما قوله: ﴿ مَن ﴾ فهي بدَل، وقد استهوى طائفة من الناس القول بأنها فاعل المصدر، كأنه قال: أن يحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، وهذا القول يضعف من وجوه:
منها: أن الحج فرض عين، ولو كان معنى الآية ما ذكره، لأفهم فرض الكفاية؛ لأنه إذا حج المستطيعون برئت ذممُ غيرهم؛ لأن المعنى يؤول إلى: ولله على الناس أن يحجَّ مستطيعهم، فإذا أدَّى المستطيعون الواجبَ لم يبقَ واجبًا على غير المستطيعين، وليس الأمر كذلك، بل الحج فرض عين على كل أحد، حجَّ المستطيعون أو قعدوا، ولكن اللهَ سبحانه عَذَر غير المستطيع بعجزه عن أداء الواجب، فلا يؤاخذ به، ولا يطالب بأدائه، فإذا حجَّ أسقط الفرضَ عن نفسه، وليس حج المستطيعين بمُسقط للفرض عن العاجزين.

وإن أردتَ زيادةَ إيضاح، فإذا قلت: واجب على أهل هذه الناحية أن يجاهد منهم الطائفة المستطيعة للجهاد، فإذا جاهدَت تلك الطائفةُ انقطع تعلق الوجوب عن غيرهم، وإذا قلت: واجب على الناس كلهم أن يجاهد منهم المستطيع، كان الوجوب متعلقًا بالجميع، وعُذِر العاجز بعجزه.

ففي نظم الآية على هذا الوجه - دون أن يقال: ولله حجُّ البيت على المستطيعين - هذه النكتة البديعة، فتأملها.

الوجه الثاني: أن إضافةَ المصدر إلى الفاعل إذا وُجد أولى من إضافته إلى المفعول، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل منقول، فلو كان ﴿ مَنْ ﴾ هو الفاعل، لأضيف المصدرُ إليه، وكان يقال: ولله على الناس حج من استطاع، وحمله على باب: يعجبني ضرب زيدًا عمرو مما يفصل به بين المصدر وفاعله والمضاف إليه بالمفعول والظرف - حَمْلٌ على المَكْثُور المرجوح، وهي قراءة ابن عامر ﴿ قَتْلُ أَوْلَادَهمْ ﴾ [الأنعام: 137] بفتح الدال (شُرَكَائهمْ) فلا يصار إليه.

وإذا ثبت أن ﴿ مَنْ ﴾ بدَل بعضٍ مِن كلٍّ، وجب أن يكون في الكلام ضمير يعود إلى الناس، كأنه قيل: من استطاع منهم، وحَذْف هذا الضمير في أكثر الكلام لا يحسن، وحسَّنه ها هنا أمور، منها:
أن ﴿ مَنْ ﴾ واقعة على من يعقل، كالاسم المبدَل منه، فارتبطَت به.

ومنها: أنها موصولة بما هو أخص من الاسم الأول، ولو كانت الصلة أعمَّ لقبح حذف الضمير العائد، ومثال ذلك: إذا قلت: رأيت إخوتك مَن ذهب إلى السوق، تريد: من ذهب منهم - لكان قبيحًا؛ لأن الذاهب إلى السوق أعمُّ من الإخوة، وكذلك لو قلت: البَسِ الثياب ما حسن وجمل، تريد: منها، ولم تذكر الضمير، لكان أبعد في الجواز؛ لأن لفظ: "ما حسن" أعمُّ من الثياب، وبابُ بدَل البعض من الكلِّ: أن يكون أخصَّ من المبدل منه، فإذا كان أعمَّ وأضفتَه إلى ضمير، أو قيدته بضمير يعود إلى الأول - ارتفع العمومُ، وبقي الخصوص.

ومما حسَّن حذف الضمير في هذه الآية أيضًا - مع ما تقدم - طولُ الكلام بالصلة والموصول، وأما المجرور من قوله: ﴿ إِلَيْهِفيحتمل وجهين.
أحدهما: أن يكون في موضع حالٍ مِن "سبيل"، كأنه نعت نكرة قدِّم عليها؛ لأنه لو تأخر لكان في موضع النعت لـ: "سبيل".

والثاني: أن يكون متعلقًا بـ: "سبيل".

فإن قيل: كيف يتعلق به وليس فيه معنى الفعل؟
قيل: السبيل إن كان ها هنا عبارة عن الموصل إلى البيت مِن قُوتٍ وزاد ونحوهما، كان فيه رائحة الفعل، ولم يقصد به السبيل الذي هو الطريق، فصلح تعلُّق المجرور به، واقتضى حسنُ النظم وإعجاز اللفظ تقديمَ المجرور، وإن كان موضعه التأخير؛ لأنه ضمير يعود على البيت، والبيت هو المقصود بالاعتناء، وهم يقدِّمون في كلامهم ما هُمْ به أهَمُّ وببيانِه أَعْنَى، هذا تعبير السهيلي، وهو بعيد جدًّا، بل الصواب في متعلق الجار والمجرور وجه آخر أحسن من هذين، ولا يليق بالآية سواه، وهو الوجوب المفهوم من قوله: ﴿ عَلَى النَّاسِ ﴾؛ أي: يجب على الناس الحج؛ فهو حقٌّ واجب، وأما تعليقه بالسبيل، أو جعله حالاً منها، ففي غاية البعد، فتأملْه، ولا يكاد يخطر بالبال من الآية، وهذا كما يقول: لله عليك الحج، ولله عليك الصلاة والزكاة.

ومن فوائد الآية وأسرارها: أنه سبحانه إذا ذكر ما يوجبه ويحرمه يذكرُه بلفظ الأمر والنهي، وهو الأكثر، أو بلفظ الإيجاب والكتابة والتحريم؛ نحو: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183]، ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ﴾ [المائدة: 3]، ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأنعام: 151].

وفي الحجِّ أتى بهذا اللفظ الدالِّ على تأكد الوجوب من عشرة أوجهٍ:
أحدِها: أنه قدَّم اسمه تعالى، وأدخل عليه لام الاستحقاق والاختصاص، ثم ذكر مَن أوجبه عليهم بصيغة العموم الداخلة عليها حرف ﴿ عَلَى ﴾، ثم أبدل منه أهل الاستطاعة، ثم نكَّر السبيلَ في سياق الشرط؛ إيذانًا بأنه يجب الحج على أي سبيل تيسرَت مِن قوتٍ أو مال، فعلق الوجوب بحصول ما يسمى سبيلاً، ثم أتبع ذلك بأعظم التهديد بالكفر؛ فقال: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ ﴾؛ أي: بعدم التزام هذا الواجب وتركِه، ثم عظَّم الشأنَ وأكَّد الوعيد بإخباره باستغنائه سبحانه عنه، والله تعالى هو الغني الحميد، ولا حاجة به إلى حجِّ أحد، وإنما في ذكر استغنائه عنه هنا من الإعلام بمقته له وسخَطه عليه، وإعراضه بوجهه عنه ما هو من أعظم التهديد وأبلغِه، ثم أكَّد ذلك بذكر اسم ﴿ الْعَالَمِينَ ﴾ عمومًا، ولم يقل: فإن الله غنيٌّ عنه؛ لأنه إذا كان غنيًّا عن العالمين كلهم فهو عنه أغنى، فله الغِنى التام من كل وجهٍ عن كل أحد بكل اعتبارٍ، وكان أدل على عِظَم مقته لتارك حقه الذي أوجبه عليه، ثم أكَّد هذا المعنى بأداة ﴿ إِنَّ ﴾ الدالة على التوكيد.

فهذه عشرةُ أوجه تقتضي تأكُّد هذا الفرض العظيم.

وتأمَّل سرَّ البدل في الآية، المقتضي لذكر الإسناد مرتين، مرةً بإسناده إلى عموم الناس، ومرة بإسناده إلى خصوص المستطيعين، وهذا من فوائد البدَل، تقويةً للمعنى وتأكيدًا له بتكرار الإسناد؛ ولهذا كان في نية تكرار العامل وإعادته.

ثم تأمَّل ما في الآية من الإيضاح بعد الإبهام، والتفصيلِ بعد الإجمال، وكيف تضمَّن ذلك إيراد الكلام في صورتين وحُلَّتين، اعتناءً به وتأكيدًا لشأنه.

ثم تأمَّل كيف افتتح هذا الإيجاب بذكر محاسن البيت وعظم شأنه بما يدعو النفوسَ إلى قصده وحجِّه، وإن لم يطلب ذلك منها؛ فقال: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 96، 97]، فوصفه بخمس صفات:
أحدها: أنه أسبق بيوتِ العالم وُضع في الأرض.
الثاني: أنه مبارك، والبركة: كثرة الخير ودوامه، وليس في بيوت العالم أبرك منه، ولا أكثر خيرًا، ولا أدوم ولا أنفع للخلائق.
الثالث: أنه هدًى، ووصفه بالمصدر نفسه مبالغة، حتى كأنه هو نفس الهدى.
الرابع: ما تضمنه من الآيات البيِّنات التي تزيد على أربعين آية.
الخامس: الأمن لداخله.

وفي وصفه بهذه الصفات دون إيجابِ قصده ما يبعث النفوسَ على حجه، وإن شطت بالزائرين الديار، وتناءَتْ بهم الأقطار.

ثم أتبع ذلك بصريحِ الوجوب المؤكَّد بتلك التأكيدات، وهذا يدلك على الاعتناء منه سبحانه بهذا البيت العظيم، والتنويه بذكره، والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره، ولو لم يكن له شرفٌ إلا إضافة الله له إلى نفسه بقوله: ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ﴾ [الحج: 26] - لكفَى بهذه الإضافة فضلاً وشرفًا، وهذه الإضافة هي التي أقبلَت بقلوب العالَمين إليه، وسلبَت نفوسَهم حبًّا له وشوقًا إلى رؤيته؛ فهو المَثابة للمحبِّين، يثوبون إليه ولا يقضون منه وطرًا أبدًا، كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له حبًّا، وإليه اشتياقًا، فلا الوصال يشفيهم، ولا البعاد يسليهم، كما قيل:
أطوفُ به، والنفسُ بعد مشوقة
إليه، وهل بعد الطواف تداني؟

وألثم منه الركن، أطلب برد ما
بقلبي من شوقٍ ومن هيمانِ

فوالله ما أزدادُ إلا صبابةً
ولا القلب إلا كثرة الخَفقانِ

فيا جنة المأوى، ويا غاية المنى
ويا منيتي من دون كلِّ أماني

أبَت غلباتُ الشوق إلا تقربًا
إليك، فما لي بالبُعاد يدانِ

وما كان صدِّي عنك صد ملالة
ولي شاهد من مُقلتي ولساني

دعوتُ اصطباري عنك بعدك والبكا
فلبَّى البُكا والصبر عنك عصاني

وقد زعموا أن المحبَّ إذا نأى
سيبلى هواه بعد طول زمانِ

ولو كان هذا الزعم حقًّا لكان ذا
دواء الهوى في الناس كل أوانِ

بلى، إنه يبلى التصبر، والهوى
على حاله، لم يُبْلِه الملوانِ

وهذا محب قاده الشوق والهوى
بغير زمام قائد وعِنانِ

أتاك على بعد المزار ولو ونَت
مطيتُه جاءَت به القدمانِ

انتهى كلام ابن القيم - رحمه الله ورضي عنه -.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.05%)]