الموضوع: محمد رشيد رضا
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-12-2019, 06:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,670
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محمد رشيد رضا

المنار بعد رشيد رضا
توقفت المجلة سبعة أشهر بعد وفاة الشيخ رشيد، ثم أسندت رئاسة تحريرها إلى الشيخ بهجة البيطار من علماء سوريا، فقام على تحريرها، وحاول إكمال التفسير الذي كان يقوم به الشيخ، فأتم تفسير سورة يوسف، ثم توقفت المنار مرةً ثانيةً لمدة ثلاثة سنوات تقريبًا.
ثم أسندت أسرة الشيخ إعادة إصدار المنار إلى فضيلة الشيخ «حسن البنا» المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وكان ممن يحضر دروس الشيخ رشيد، وتربوا في مدرسة المنار الفكرية، فأصدرت العدد الأول الجديد في (غرة جمادى الآخر 1358ه = 18 من يوليو 1939م)، وكان لرجوعها مرةً أخرى صدىً واسع، عبَّر عنه الشيخ «محمد مصطفى المراغي» شيخ الأزهر بكلمة في افتتاحية المجلة، قدَّم فيه حسن البنا إلى قراء المنار، مشيدًا بعلمه وقدرته، فكان مما قال:
" والآن وقد علمت أن الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث المنار ويعيد سيرتها الأولى فسرني هذا فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقاً على اختلاف طبقاتهم وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة، وبعد فإني أرجو الأستاذ البنا أن يسير على سيرة السيد رشيد رضا، وأن يلازمه التوفيق كما صاحب السيد رشيد رضا، والله هو المعين، عليه نتوكل وبه نستعين" [مذكرات الدعوة والداعية، حسن البنا، ص253]
وواصلت المجلة صدور أعدادها لمدة أربعة عشر شهرًا بطيئة الخطى، فصدر منها ستة أعداد، ثم حالت ظروف حسن البنا في استكمال الإصدار، فقد كانت أعباؤه كثيرة وثقيلة فحالت بينه وبين ما يشتهي ويحب.
وفاة محمد عبده واتجاه رشيد رضا للمنهج السلفي
كان الشيخ محمد عبده يعرف للسيد رشيد غزارة علمه وسعة باعه واطلاعه في العلوم، ويعرف له قدرته على الكفاح والنضال وشغفه بتأدية رسالة العلم والإصلاح فرشحه في مرض موته أن يكون خليفة له بهذه الأبيات التالية:
فيا رب إن قدرت رجعي قريبة *** إلى عالم الأرواح وانفض خاتم
فبارك على الإسلام وارزقه مرشداً *** (رشيدا) يضيء النهج والليل قائم
فتوفي الشيخ محمد عبده سنة (1323ه = 1905م) وخلفه الشيخ رشيد رضا فصمد في ميدان الكفاح والقيام بأعباء الدعوة والإصلاح حتى آخر رمق من حياته -يرحمه الله -.
مات أستاذه محمد عبده سنة (1323 ه)، وهذا يعني أنه عاش في صحبته حوالي سبع سنين، واستمرت المنار ثلاثين عاماً بعد موت محمد عبده، واستمر عطاء رشيد رضا الذي يكاد لا ينضب، وخلال هذه المرحلة صلح حاله وأقبل على كتب السنة ينهل منها، ويعترف في مقدمة المنار بأنه خالف منهج محمد عبده بعد وفاته:
" هذا وإنني لما استقللت بالعمل بعد وفاته خالفت منهجه - رحمه الله تعالى -بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيراً لها أو في حكمها، وفي تحقيق بعض المفردات أو الجمل اللغوية والمسائل الخلافية بين العلماء، وفي الإكثار من شواهد الآيات في السور المختلفة، وفي بعض الاستطرادات لتحقيق مسائل تشتد حاجة المسلمين إلى تحقيقها، بما يثبتهم بهداية دينهم في هذا العصر، أو يقوي حجتهم على خصومهم من الكفار والمبتدعة.."
رشيد رضا ومنهجه في الإصلاح
كتب رشيد مئات المقالات والدراسات التي تهدف إلى إعداد الوسائل للنهوض بالأمة وتقويتها، وخص العلماء والحكام بتوجيهاته؛ لأنهم بمنزلة العقل المدبر والروح المفكر من الإنسان، وأن في صلاح حالها صلاح حال الأمة، وعبر عن ذلك بقوله: «إذا رأيت الكذب والزور والرياء والنفاق والحقد والحسد وأشباهها من الرذائل فاشية في أمة، فاحكم على أمرائها وحكامها بالظلم والاستبداد وعلى علمائها ومرشديها بالبدع والفساد، والعكس بالعكس».
ويقول العلامة محمد رشيد رضا - رحمه الله - في المنار 4/232 ما نصه: " واعلم أنه لا مفسدة أضر على الدين وأبعث على إضاعة الكتاب ونبذه وراء الظهر واشتراء ثمن قليل به من جعل أرزاق العلماء ورتبهم في أيدي الأمراء والحكام، فيجب أن يكون علماء الدين مستقلين تمام الاستقلال دون الحكام لاسيما المستبدين منهم وإنني لا أعقل معنى لجعل الرتب العلمية ومعايش العلماء في أيدي السلاطين والأمراء إلا جعل هذه السلاسل الذهبية أغلالا في أعناقهم يقودونهم بها إلى حيث شاءوا من غش العامة باسم الدين وجعلها مستعبدة لهؤلاء المستبدين، ولو عقلت العامة لما وثقت بقول ولا فتوى من عالم رسمي مطوّق بتلك السلاسل".
وكان الشيخ رشيد رضا من أشد الداعين إلى أن يكون الإصلاح عن طريق التربية والتعليم، وهو في ذلك يتفق مع شيخه محمد عبده في أهمية هذا الميدان، وحدد العلوم التي يجب إدخالها في ميدان التربية التعليم لإصلاح شئون الناس، ودفعهم إلى مسايرة ركب العلم والمعرفة، ومن هذه العلوم: الفقه وأصول الدين، والتاريخ والجغرافيا، والاجتماع، والاقتصاد، والتدبير المنزلي، وحفظ الصحة، ولغة البلاد والخط.
وقرن الشيخ رشيد دعوته إلى إصلاح التعليم بالعمل، وحاول تطبيق ما يراه محَّققًا للآمال، فأنشأ مدرسة «دار الدعوة والإرشاد» لتخريج الدعاة المدربين لنشر الدين الإسلامي، وافتتحت في ليلة الاحتفال النبوي سنة (1330ه = 1912م) في جزيرة الروضة بالقاهرة، وكانت المدرسة تقبل شباب المسلمين ممن تتراوح أعمارهم ما بين العشرين والخامسة والعشرين، على أن يكونوا قد حصلوا قدرًا من التعليم يمكنهم من مواصلة الدراسة، غير أن المدرسة كانت في حاجة إلى دعم قوي لاستمرار رسالتها، وحاول رشيد رضا أن يستعين بالدولة العثمانية في إقامة مشروعها فلم يفلح، ثم جاءت الحرب العالمية الأولى لتقضي على هذا المشروع، فتعطلت الدراسة في المدرسة التي أغلقت أبوابها.
وكان الشيخ رشيد يميل إلى الوحدة ويكره الفرقة بين المسلمين، ويدعو إلى وضع الوسائل التي تعين على ذلك، فاقترح تأليف كتاب يضم جميع ما اتفقت عليه كلمة المسلمين بكل فرقهم في المسائل التي تتعلق بصحة الاعتقاد وتهذيب الأخلاق، والابتعاد عن مسائل الخلاف بين الطوائف الإسلامية الكبرى، كالشيعة، وأرسل نسخًا بعد ذلك من هذا الكتاب إلى جميع البلاد الإسلامية، وحث الناس على دراستها، كما طالب بتأليف كتب تهدف إلى توحيد الأحكام الفقهية على الأسس المتفق عليها في جميع المذاهب الإسلامية وتتفق مع مطالب العصر، ثم تعرض على سائر علماء المسلمين للاتفاق عليها والتعاون في نشرها وتطبيق أحكامها.
خلاصة منهجه الإصلاحي
نعيد للأذهان أننا نتحدث عن دعوة الشيخ رشيد رضا في المرحلة التي تلت وفاة شيخه محمد عبده (1905م- 1935م)، ونلخص أهم ما دعا إليه في النقاط التالية:
1- كان ملتزماً بمنهج أهل السنة والجماعة، وكان يحرص على أخذ أدلته من الكتاب والسنة، ويهتم بتخريج الأحاديث، ومعرفة الصحيح من الضعيف أو الموضوع، وانتهج مذهب السلف في الأسماء والصفات.
2 - من أهم ما دعا إليه نبذ التقليد، والتحذير من البدع والخرافات، والتنديد بمناهج الصوفيين وبيان ما وقعوا فيه من انحرافات وضلالات، وموقف رجال عصره من البدع والتقليد يختلف عن موقف رجال وعلماء عصرنا.
لقد عاصر - رحمه الله - هيمنة أصحاب البدع والخرافات على شئون العالم الإسلامي ومقدراته، فالسلطان عبد الحميد كان صوفياً نقشبندياً، وبقربه قبع أبو الهدى الصيادي يأمر وينهى مدة لا تقل عن ثلاثين عاماً، وكان يوغر صدر السلطان عبد الحميد ضد كل جديد ومجدد.. وكان اسم وظيفته الرسمية مشيخة المشايخ أو شيخ مشايخ الطرق الصوفية ونقيب الأشراف.
وفي مصر خاض السيد رشيد معركة حامية الوطيس ضد الخرافيين والمبتدعين.. وردوا من جهتهم له الصاع صاعين، وحاولوا تشويه سمعته، وبالغوا في الإساءة إليه، ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا: كان رشيد رضا أول داعية في العصر الحديث يتصدى للمبتدعين والخرافيين، وكان ينطلق في مواجهتهم من التزامه بمنهج أهل السنة والجماعة.
3 - كان بارعاً في ربطه بين التصورات والمفاهيم الإسلامية، وبين واقع العصر وذلك لأنه كان من العلماء المعدودين في عصره، وكان باعه طويلاً في العقائد والتفسير والحديث والفقه والأصول وعلوم اللغة العربية والعلوم الاجتماعية، كما كان إلمامه بمشكلات العصر جيداً وذلك بسبب أسفاره ومخالطته لعدد من علماء الغرب وفلاسفتهم، وكان يعرف أفكارهم وطروحاتهم، وله ردود جيدة عليهم في كتابه (الوحي المحمدي) وفي مجلة المنار.
4 - كان داعية من دعاة الإصلاح، ولقد هاجم الترف والإسراف، وحذر من الجهل والتخلف والخوف من الظالمين، ونادى بالشورى وندد بالاستبداد والمستبدين، ودعا علماء الأمة إلى القيام بواجبهم في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5- رأى أن تنفير العرب من الترك مفسدة من أضر المفاسد وإن من يسعى إلى التفرقة بيننا وبينهم فهو عدو لنا ولهم.
6- عندما قام الاتحاديّون الأتراك بالثورة على السلطان عبد الحميد سنة (1908م) وأجبروه على إعلان الدستور، كان رشيد رضا مثل غيره من الزعماء والمفكّرين العرب، ممن هلّلوا للانقلاب اعتقاداً منهم بأنّ إعلان الدستور هو بمثابة إطلالة عهد جديد تسوده الحريّة، غير أنه لم يلبس في العام التالي أن أصيب بخيبة أمل شديدة في الاتحاديّين، على إثر زيارته للقسطنطينية؛ ولما تأكّد من أنّ الاتحاديّين ماضون في سياستهم، أخذ يكشف أوراقهم، ويبيّن خطر سياستهم، لا على فلسطين بل على الأمّة الإسلاميّة كلّها، فتناول كيفيّة تواطؤ الاتحاديّين مع الصهاينة لبيعهم أراضي السلطان عبد الحميد، ومساعدتهم في الاستيلاء على فلسطين، ووصف جمعيّتهم بأنّها جمعيّة الأحمرين (الذهب والدم)؛ وقال: أمّا كونها -ويقصد جمعيّة الاتحاد والترقي- جمعيّة دم وثورة فهو صفتها الرسميّة، وأمّا كونها جمعيّة ذهب فلا يخفى على أحد أنهم نهبوا أموال السلطان عبد الحميد خان، وصادروا أكثر أموال الأمّة، وباعوا البوسنة والهرسك للنمسا، وطرابلس الغرب لإيطاليا، واتفقوا مع الجمعيّة الصهيونيّة على بيعها أراضي السلطان عبد الحميد الواسعة، وعلى تمهيد الأسباب لامتلاك البلاد المقدّسة، وإقامة ملك إسرائيل فيها.
7- حارب الماسونيّة على صفحات المنار قائلا: من الحقائق الثابتة الخفية أن الجمعيّة الماسونيّة التي ثلّت عروش الحكومات الدينيّة في أمم أوروبا والترك والروس هي من كيد اليهود، وهم أصحاب السلطان الأعظم فيها. وقال: ومن غرائب اليهود وقدرتهم التي فاقوا بها جميع شعوب البشر أن الغرض السياسي النهائي لهم من هذه الجمعيّة هو: تأسيس دولة يهوديّة في مهد الدولة الإسرائيليّة التي أسّسها داود وأتمها سليمان، باني هيكل الدين اليهودي في أورشليم على جبل صهيون، ولهذا سمّوها جمعيّة البنائين الأحرار، ويريدون بهم الذين بنوا هيكل سليمان.
ومن أجل مكافحة الصهيونيّة ودرء خطرها حذّر من بيع الأراضي لليهود أو لغيرهم من الأجانب، وقال: إنني أعتقد أنّ الذين باعوا أرضهم لليهود لم يكونوا يعلمون أن بيعها خيانة لله ولرسوله ولدينه وللأمة كلّها، كخيانة الحرب مع الأعداء لتمليكهم دار الإسلام وأهلها، وهذا أشدّ أنواعها؛ واقترح على العرب جمع قواهم كلّها لمقاومة الصهيونيين بكل طرق المقاومة، وأوّله تأليف الجمعيّات والشركات وآخرها تأليف العصابات المسلّحة التي تقاومهم بالقوة.
8- كشف عن وجه بعض القوى العالميّة التي تقف وراء الحركة الصهيونيّة، فقال: إنّ إنكلترا لا تزال ممعنة في إرهاب عرب فلسطين، وانتزاع وطنهم منهم، وإعطائه لليهود الصهيونيين، لتجد لهؤلاء ملكاً في قلب البلاد العربيّة، حاجزاً بين مصر والحجاز وفلسطين، مما يمنع قيام دولة عربيّة إسلاميّة قويّة وموحّدة، تقف في وجه الاستعمار الأوروبي، فتضمن بذلك مصالحها في الشرق الأدنى والشرق الأقصى.
9- دعا إلى وحدة المسلمين، والدفاع عن الإسلام والشريعة، وتصحيح عقائد المسلمين، وجمع بين العمل في ميدان الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي.
10- وأولى العلم والعلماء رعاية خاصّة، وروّج لفكرة دعوة اليابان لاعتناق الإسلام.
التقارب بين السنة والشيعة
سعى رشيد رضا كثيرا من أجل التقارب السني الشيعي، وقامت علاقات طيبة بينه وبين عدد من أعلام الرافضة منهم صاحب مجلة «العرفان» والمدعو هبة الدين الشهرستاني النجفي، والمدعو عبد الحسين العاملي صاحب المراجعات والمدعو محي الدين عسيران، وظن رشيد رضا أن أصحابه هؤلاء من المعتدلين لكنه فوجئ بكتاب للمدعو محسن الأمين العاملي اسمه «الرد على الوهابية» ثم ظهر له كتاب آخر اسمه «الحصون المنيعة، في الرد على ما أورده صاحب المنار في حق الشيعة» فعلم صاحب المنار أن الاعتدال الذي كان يتظاهر به أصحابه الشيعة ليس إلا تقية ونفاقا، وتأكد من ذلك عندما راح صديقه صاحب مجلة العرفان يشيد بكتب معدوم الأمانة محسن العاملي.
ووجد رشيد رضا نفسه مضطرا للرد على أباطيلهم، وبيان الحق الذي حاولوا طمسه فكتب رسالته الأولى التي أسماها «السنة والشيعة» وبين فيها مذهب أهل الرفض الذين يزعمون أن الصحابة قد حذفوا آيات من القرآن، والسنة عندهم هي قول إمامهم المعصوم أو فعله أو تقريره، وأخيرا كشف وقاحتهم على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولعنهم لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم - وزعمهم أن معظم الصحابة قد ارتدوا. وأجمل ما في كتاب رشيد رضا رسالتان تبادلهما علامة العراق الآلوسي وعلامة الشام جمال الدين القاسمي في الرد على محسن العاملي، ويبدو أن القاسمي كان قد كتب للآلوسي في أمر الكتابين الصادرين عن العاملي، فأجابه الآلوسي مؤكدا أن الرافضة يقولون بتحريف القرآن وإنكار السنة وكان مما قاله:
وأما العترة أي زعمهم بأخذ أصولهم عن العترة، فعلم أن الروافض زعموا أن أصح كتبهم أربعة: الكافي، وفقه من لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار، وقالوا إن العمل بما في هذه الكتب الأربعة من الأخبار واجب، وبدأ الآلوسي بنقد رواة هذه الكتب وهم بين فاسد المذهب كابن مهران وابن بكير، ووضاع كجعفر القزاز وابن عياش، وكذاب كمحمد بن عيسى، ومجاهيل كابن عمار وابن سكرة، ومجسمة كالهشامين وشيطان الطاق المعبر عنه لديهم بمؤمنة.
ثم تتبع الآلوسي شركيات الرافضة في العقيدة والعبادة ولا عجب أن ينالوا من أعلامنا لأنهم قالوا بكفر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وردتهم، واستدل بقول الشاعر:
إن الروافض قوم لا خلاق لهم *** من أجهل الناس في علم وأكذبه
وقال صاحب المنار أنه حذف عبارات من رسالة الآلوسي لأنها جاءت قاسية، وليته لم يفعل، فرسالة «السنة والشيعة» لرشيد رضا تتضمن شهادة عالمين جليلين: القاسمي والآلوسي إضافة إلى شهادة المؤلف وجميعهم قالوا بفساد عقيدتهم واستحالة الالتقاء معهم. [خميني العرب حسن نصر الله والرافضة الشيعة.. الشر الذي اقترب /د. سيد العفاني ص 307-309]
مسيرة النضال
دخل رشيد رضا ميدان السياسة، وعمل على نقد الدولة العثمانية والاشتراك عملياً في محاولات إصلاح الأوضاع فيها، وترأس (جمعية الشورى العثمانية) المؤلفة من العثمانيين المنفيين إلى مصر، حيث كانت هذه الجمعية ترسل منشوراتها السرية إلى سائر أرجاء البلاد العثمانية حتى أقلقت مضاجع السلطان. كما أخذ رشيد رضا في مجلته «المنار» يهاجم استبداد الدولة، وكشف عن قدرة فريدة في فهم الأوضاع التي أحاطت بالدولة العثمانية والبلاد العربية.
بعد الثورة العربية الكبرى وهزيمة الأتراك، تم الاتفاق بين إنجلترا وفرنسا على اقتسام الوطن العربي... وهذا ما سبق ونبه إليه رشيد رضا في مجلته «المنار»، كما حذر الزعماء العرب من الوقوع في حبائل الوعود البراقة والأماني الخادعة من فرنسا وبريطانيا، مما جعله يشرع بإرسال كتب إلى رؤساء وزارتي إنجلترا وفرنسا ينصحهم بالابتعاد عن المساس بحقوق العرب والغدر بهم، كما أتيحت له فرصة ذهبية ليندد بالاستعمار وأعماله في البلاد العربية حين قرر قادة العرب عقد مؤتمر في جنيف للدفاع عن القضايا العربية، ووقع الاختيار على رشيد رضا ليكون نائباً لرئيس هذا المؤتمر، حيث أسهم بقسط وافر من تجاربه وآرائه القيمة في وضع نداء للمجتمع الدولي وعصبة الأمم المتحدة للنظر في الحقوق العربية.
كما اشتهر رشيد رضا بالشدة في الحق والصدق في الحديث بكل ما يدلي به من آراءه، حين كان على رأس الوفد السوري الفلسطيني المبعوث إلى الأمم المتحدة لشرح القضايا العربية وكسب تأييدهم، وأكد لهم أن الشرق قد استيقظ وعرف نفسه ولن يرضى بعد اليوم أن تكون شعوبه ذليلة مستعبدة للطامعين المستعمرين.
الثمرات
ظل رشيد رضا يتابع رسالته في «المنار» بالدفاع عن الأمة العربية والأخذ بيدها، وتنبيه أبناء الأمة العربية إلى خطر الصهيونية، وإلى تبنى الاستعمار لها، ليجعل منها وسيلة لتحقيق مآربه في تحطيم وحدة الوطن العربي، ونادى في مقالاته بعد أن اشتد خطر الاستعمار والصهيونية، على ضرورة جمع كلمة العرب، وظل هكذا حاملاً لواء الجهاد في سبيل الإسلام والعروبة إلى أن انتقل إلى الملأ الأعلى في يوم22/8/1935م، تاركاً وراءه تراثاً كبيراً من الأعمال العلمية نذكر منها:
1. مؤلفه الأول الذي دونه أثناء طلبه للعلم في الشام «الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية».
2. « مجلة المنار» وهي المعلمة الإسلامية الكبرى، والكنز الذي احتوى ثمار تجارب رشيد رضا وآرائه في الإصلاح الديني والسياسي... لقد أخذت المنار معظم وقته، وهي بلا شك أعظم أعماله، فقد استمرت من سنة (1316ه = 1899م) إلى سنة (1354 = 1935م)، واستغرقت ثلاثة وثلاثين مجلدًا ضمت 160 ألف صفحة.
3. تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده وما جرى بمصر في عصره.
4. حقوق النساء في الإسلام.
5. الوحي المحمدي.
6. المنار والأزهر.
7. ذكر المولد النبوي.
8. الوحدة الإسلامية.
9. يسر الإسلام وأصول التشريع العام.
10. الخلافة أو الإمامة العظمى.
11. الوهابيون والحجازيون.
12. السنة والشيعة.
13. مناسك الحج، أحكامه وحكمه.
14. تفسير القرآن الكريم، المعروف بتفسير المنار. الذي استكمل فيه ما بدأه شيخه محمد عبده الذي توقف عند الآية (125) من سورة النساء، وواصل رشيد رضا تفسيره حتى بلغ سورة يوسف، وحالت وفاته دون إتمام تفسيره، وهو من أجل التفاسير، قال في مقدّمته:
" كان من سوء حظ المسلمين، أن أكثر ما كتب في التفسير، يشغل قارئه عن مقاصد القرآن العالية، وهدايته السامية، فمنحها ما يشغله عن القرآن بمباحث الإعراب، وقواعد النحو، ونكت المعاني، ومصطلحات البيان. ومنها ما يشغله عنه بجدل المتكلمين، وتخريجات الأصوليين، واستنباط الفقهاء المقلّدين، وتأويلات المتصوّفين، وتعصّب المذاهب والفرق بعضها على بعض، وبعضها يلفته عنه بكثرة الروايات، وما مزجت به من خرافات الإسرائيليّات، وقد زاد الفخر الرازي صارفاً آخر عن القرآن هو ما يورده في تفسيره من العلوم الرياضيّة، والطبيعيّة، وغيرها من العلوم الحادثة في الملّة على ما كانت عليه في عهده كالهيئة الفلكيّة اليونانيّة وغيرها، فكانت الحاجة إلى تفسير تتوجه العناية الأولى فيه إلى هداية القرآن، على الذي يتفق مع الآيات الكريمة المنزّلة في وصفه، وما أنزل لأجله من الإنذار، والتبشير، والهداية، والإصلاح".
15. حقيقة الربا. " وللشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية - رحمه الله - رسالة في الرد على رشيد رضا، اسمها «الروضة الندية في الرد على من أجاز المعاملات الربوية» وهي رد على أحمد محمد محجوب وفتوى الربا والمعاملات في الإسلام لرشيد رضا"
16. مساواة الرجل بالمرأة.
17. رسالة في حجة الإسلام الغزالي.
18. المقصورة الرشيدية.
وللسيد رشيد رضا غير هذه المؤلفات ساقها شكيب أرسلان في كتابه «محمد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة» وقال عنها بالحرف الواحد: " هذه مؤلفات هذا الرجل الذي لم يضع ساعة واحدة من حياته بلا عمل مفيد للإنسانية عموماً وللإسلام خصوصاً".
ثناء العلماء عليه
• قال شكيب أرسلان:
" ويطول العهد بعد الأستاذ الأكبر السيد رشيد -فسح الله في أجله- حتى يقوم في العالم الإسلامي من يسد مسده في الإحاطة والرجاحة وسعة الفكر وسعة الرواية معاً والجمع بين المعقول والمنقول والفتيا الصحيحة الطالعة كفلق الصبح في النوازل العصرية والتطبيق بين الشرع والأوضاع المحدثة مما لا شك أن الأستاذ الأكبر فيه نسيج وحده انتهت إليه الرئاسة لا يدانيه فيه مدان مع الرسوخ العظيم في اللغة والطبع الريان من العربية والقلم السيال بالفوائد في مثل نسق الفرائد والخبر بطبائع العمران وأحوال المجتمع الإنساني ومناهج المدنية وأساليبها وأنواع الثقافات وضروبها إلى المنطق السديد الذي لم يقارع به خصماً مهما علا كعبه إلا أفحمه وألزمه ولا نازل قرناً كان يستطيل على الأقران إلا رماه بسكاته وألجمه. وأجدر بمجموعة «المنار» أن تكون المعلمة الإسلامية الكبرى التي لا يستغني مسلم في هذا العصر عن اقتنائها: [حاضر العالم الإسلامي: المجلد الأول، الجزء الأول، ص 284، والسيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة: تأليف شكيب أرسلان، ص 15، مطبعة ابن زيدون بدمشق]
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.55 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.84%)]