عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-12-2019, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أدبية الناسك، وشمائل الحاج والسالك

أدبية الناسك، وشمائل الحاج والسالك



الشيخ حمزة بن فايع الفتحي




والتزود له صور:

- التزود بالمال، وهو عصب الحياة، به يُعِف نفسَه، ويحفظ مروءته، ويحسن إلى إخوانه، ويُطعم الفقراء.
- والتزود بالمتاع من لباس ومفرش ونظائرهما، والتزود بالطعام، لا سيما الأماكن التي قَلَّ فيها الطعام ويحصل فيها الجوع، أو أماكن لا يبدو فيها إلا رديء الأطعمة المعروضة.
- والتزود بالأصحاب الذين يرشدونك ويؤنسونك، ويسهلون عليك أداء الفريضة.
- والتزود بالعلم من القراءة والتفقه، واستصحاب الكتب النافعة المفيدة.

وعطف الرجاء على التقوى، قصد به الناظم عظم رجاء الناسك، وابتغاءه ما عند الله من الرحمات السابغات، والهبات الوافرات، التي تمحو كل خطيئة عظمت، وتزيل كل سيئة كبرت.

وفي أمره بالتزود (بالحياء) يقصد: التحلي به؛ لزجره النفس عن السؤال، حتى ولو قلت النفقة، فلا يمتهن المرءُ نفسه، ولا يُريق ماء وجهه، وفي الحديث: ((والحياء شعبة من الإيمان))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يأتي إلا بخير)).

فمتى ما استحيا الحاج، هيأ الله له رزقه، دون تطلع أو استشراف نفس.


مُتَّجِهًا بِأَطْيَبِ الأَمْوَالِ وَأَحْسَنِ الآدَابِ وَالخِصَالِ





هذا هو الأدب الثالث، أن يكون المال من سبيل حلال، والنفقةُ المسافَرُ بها طيبة، ليس فيها رياء ولا شبهة، ولا سحت ولا غش؛ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وقد قال - تعالى -: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، والتقوى حاصلة بالكسب الحلال، وليس الحرام المجموع من مشاريع ربوية، أو فوائد بنكية، أو سرقات تِجارية، وقد أفتى جماعة من أهل العلم بوجوب إعادة الحجة، لمن حج بمال فاسد، ونفقة محرمة.

ثم أشار الناظم أن الحاج يتجه للبلد الحرام بأطيب النفقات، وأحسن الآداب والخصال، فذلك المجمع الكبير، والمؤتمر الواسع موطنٌ لبروز الأخلاق، وكشف معادن النفوس وشمائل الأرواح، وهذا هو الأدب الرابع: أن يحرص الناسك أن يقدم صورة أخلاقية راقية للنفس المسلمة.

مُسَارِعًا لِلخَيْرِ وَالفَضَائِلِ مُلَبِّيًا مِنْ غَيْرِ مَا تَثَاقُلِ

في هذا البيت أدبان:
الأول: المسارعة للخيرات والفضائل: ليحرص الحاج الكريم أن يكون في حجته مسارعًا للخير، باحثًا عن الفضائل، يطلب الكمال، ويقفو السنن: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، وقال - تعالى -: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133]، وقال: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].

والثاني:

مُلَبِّيًا مِنْ غَيْرِ مَا تَثَاقُلِ

الجد في التلبية، وهي شعار الحج، وعنوان التوحيد، وسبيل الاستجابة والانصياع لأمر الله - تعالى - ولا يطيب الحج إلا بها، وتبدأ من حين عَقْد الإحرام، وفى سائر البقاع والمشاعر يلبي الحاج كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يدعها إلا حين رمى جمرة العقبة، ومن ثَمَّ شُرع فيه التكبير المعروف.

وينبغي أن يتسم الحاج في التلبية بما يلي:

- المواظبة عليها، وقد أوجبه بعضهم، وآخرون قال بركنيتها.
- يرفع صوته بها.
- يستغرق بها وقته، وطريقه، وأحواله.
- يستشعر بها تعظيم الله، بلا تكاسل ولا تثاقل؛ لأنها من أعظم الذكر آنذاك.
مُكَبِّرًا لِلَّهِ بِاسْتِيقَانِ وَهَاجِرًا مَسَاوِئَ اللِّسَانِ

هنا أيضًا أدبان، السابع والثامن؛ فالسابع: كثرة التكبير، واستشعار ذلك بالقلب؛ تمجيدًا أو تعظيمًا لله - تعالى.

والتكبير يبدأ من أول عشر ذي الحجة، وفعَلَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الإحرام، كما بيَّن ذلك الحافظ في "الفتح"، وأهمله كثير من الفقهاء، ويكبر في الطواف عند كل شوط، وعلى الصفا والمروة، وفي المشاعر ودفعه منها، وهو في أيام العشر مطلق ومقيد؛ المطلق يبدأ من أول العشر، والمقيد يبتدئ من صلاة الظهر يوم العيد، إلى آخر أيام التشريق.

ثم قال، وهو الأدب الثامن:

وَهَاجِرًا مَسَاوِئَ اللِّسَانِ
يوضح هذا أهمية حفظ اللسان، وشد زمامه، وحفظ انطلاقه بالذكر والتلاوة، فإن لم يكن، فالصمت زين وخير له.

ويجب كفُّه عن مساوئ اللسان وجرائره، المتمثلة في عظائم تُغيِّر صلاح المسلم، وتُذهب خيره؛ كالكذب والزور، والغِيبة والنميمة، واللغو والسباب والشتائم، ونحو ذلك مما لا تنقضي عجائبه، ولا تنتهي فجائعه، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم - لما علَّم معاذًا أبواب الخير: ((أوَلا أدلك على ملاك ذلك كله؟ كُفَّ عليك هذا)) وأشار إلى لسانه.

مُبْتَغِيَ الثَّوَابِ وَالنَّوَالِ وَتَارَكَ الفُسُوقِ وَالجِدَالِ

وهنا أدبان أيضًا:
الأول: أن يستشعر بحجته قصدَ الثواب، ولا يقصد المفاخرة والوجاهة، أو كثرة ثناء الناس على عدد الحجات، وتتابع الزيارات؛ بل يستحضر الثواب العظيم: ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، وما شاكله من الأخبار الباعثة على تحريك العزيمة، وشحذ النفس إلى البقاع المباركة.


يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]