عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-12-2019, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,945
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة

أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة

[ قاعدة: غم هلال ذي الحجة ]



تأليف

الحافظ ابن رجب الحنبلي
736 هـ ـ 795 هـ


تحقيق ودراسة

د. عبدالله بن عبد العزيز الجبرين
الأستاذ المشارك بكلية المعلمين بالرّياض




الصّورة الثّانية:

أن يشهد برؤية هلال ذي الحجة[92] من يثبت الشهر به، لكن لم يقبله الحاكم إما لعذر ظاهر، أو لتقصير في أمره.

ففي هذه الصورة، هل يقال: يجب على الشهود العمل بمقتضى رؤيتهم، وعلى من يخبرونه ممن يثق بقولهم، أم لا؟ فقد يقال: إن هذه المسألة تخرج على الخلاف المشهور في مسألة المنفرد برؤية هلال شوال، هل يفطر عملا برؤيته أم لا يفطر إلا مع الناس؟ وفي ذلك[93] قولان مشهوران للعلماء:

أحدهما: لا يفطر. وهو قول عطاء[94]، والثوري[95]، والليث[96]، وأبي حنيفة[97]، وأحمد[98]، وإسحاق[99]. وروي مثله عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه[100].

والثاني: يفطر. وهو قول الحسن بن صالح[101] والشافعي[102]، وأبي ثور[103]، وطائفة من أصحابنا[104]. وروي عن مالك كلا[105] القولين[106].

قالت طائفة من أصحابنا[107]: هذه المسألة تبنى على هذا الأصل، وهو الصحيح من المذهب.

فعلى قول من يقول: لا يفطر المنفرد برؤية هلال شوال، بل يصوم ولا يفطر إلا مع الناس. فإنه يقول: يستحب صيام يوم عرفة للشاهد الذي لم تقبل شهادته بهلال ذي الحجة، لأن هذا هو[108] يوم عرفة في حق الناس، وهو منهم. ومن قال في الشاهد[109] بهلال شوال يفطر سرا[110]. قال ههنا: إنه يفطر ولا يصوم، لأنه يوم عيد في حقه. قال: وليس له التضحية قبل الناس في هذا اليوم، كما أنه لا ينفرد بالوقوف بعرفة دون الناس بهذه الرؤية، لأن الذين أمروا بالفطر في آخر رمضان إنما أمروا به سرا ولم يجيزوا له إظهاره. والانفراد بالذبح والوقوف فيه من مخالفة الجماعة ما في إظهار الفطر. وهذا ما ذكره الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى[111]، مع أنه قد روى عن سالم بن عبد الله بن عمر[112] وخرجه عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن عمر بن محمد قال: شهد نفر أنهم رأوا هلال ذي الحجة فذهب بهم سالم إلى والي الحاج[113] هو ابن هشام، فأبى أن يجيز شهادتهم، فوقف سالم بعرفة لوقت شهادتهم، فلما كان اليوم الثاني وقف مع[114] الناس[115].

لكن الذبح ليس هو مثل الوقوف، لأنه لا ضرورة في تقديمه لامتداد وقته بخلاف الوقوف.

وقد يقال: إن صيام هذا اليوم في حق الشاهد، أو من أخبره به ينبني على اختلاف المآخذ في الأمر[116] لمن انفرد برؤية هلال الفطر بالصيام مع الناس[117].

وفي ذلك مآخذ:

أحدهما: الخوف من التهمة بالفطر.

والثاني: خوف الاختلاف وتشتت الكلمة، وأن يجعل لكل إنسان مرتبة الحاكم، وقواعد الشرع تأبى ذلك. وهو الذي ذكره الشيخ مجد الدين ابن تيمية[118] وغيره.

والثالث[119]: أنه لم يكمل نصاب الشهادة برؤيته وحده. وهذا مأخذ الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي[120] من أصحابنا[121].

الرابع: ما ذكره الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله: أن الشهر: ما اشتهر وظهر، والهلال: ما استهل به وأعلن دون ما[122] كان في السماء من غير رؤية ولا اشتهار، فإن اسم الشهر والهلال لا يصدق بدون اشتهار رؤيته، وترتيب الفطر والنسك عليه، فما[123]لم يكن كذلك فليس بهلال ولا شهر[124].

فأما على المأخذ الأول فلا يظهر الأمر للشاهد هنا بالصوم، لأن الفطر يوم عرفة لا يخشى منه تهمة كما في رمضان.

وأما على المأخذ الثاني، وهو الاختلاف على الإمام، وتشتيت[125] الكلمة، فيتوجه الأمر بصيام هذا اليوم مع الناس، لأن فطره يؤدي إلى أن يفطر أكثر الناس يوم عرفة مع اعتيادهم لصيامه في سائر الأعوام. وهذا فيه تفريق للكلمة[126]، وافتيات على الإمام.

وأما على المأخذ الثالث، فيقال: إن كان هناك شاهدان فصاعدا. فقد كمل نصاب الشهادة فيعملان هما ومن يثق بقولهما بشهادتهما. وكذا قال الشيخ موفق الدين - رحمه الله تعالى- في الشاهدين بهلال الفطر إذا ردت شهادتهما أنهما يفطران هما ومن يثق بقولهما[127]. وخالفه في ذلك الشيخ مجد الدين، وقال: وقياس المذاهب خلاف ذلك[128]، بناء على المأخذ الأول والثاني.

وأما على المأخذ الرابع: فيتوجه ما ذكره الشيخ تقي الدين وهو ظاهر المروي عن عائشة[129] وغيرها من السلف[130].وعليه تدل الأحاديث السابقة: أن الأضحى يوم يضحي الناس، والفطر يوم يفطرون، وعرفة يوم يعرفون والمنقول عن الصحابة كابن عمر[131] وعن كثير من التابعين، كالشعبي[132]، والنخعي[133]، والحسن[134]، وابن سيرين[135] وغيرهم: يقتضي أن لا ينفرد عن الجماعة بصيام ولا فطر.

وأحمد يرى أنه لا ينفرد عن الجماعة بالفطر كمن رأى هلال شوال وحده[136].

وأما الانفراد عن الجماعة بالصيام فعنه فيه روايتان[137]، مثل[138] صيام يوم الغيم إذا لم يصمه الإمام والجماعة معه[139]، ومثل[140] من رأى هلال[141]رمضان وحده وردت شهادته، فإن في وجوب صيامه على الرائي عن أحمد روايتين[142]، والمنصوص عنه في رواية حنبل أنه لا يصوم[143]، وهو قول طائفة من السلف، كعطاء[144]، والحسن[145]، وابن سيرين[146]، ومذهب إسحاق[147].

وعلى هذا فقياس مذهبه أنه لا ينفرد عن الجماعة بالفطر في يوم عرفة إذا صامه الإمام والناس ورآه من لم يؤخذ بقوله، فإن في الأمر بفطره وتحريم صيامه[148] مفسدة المخالفة للإمام[149] وجماعة المسلمين، ومثل هذا لا يكاد يخفى بل ويظهر وينتشر، كما وقع في هذا العام، وربما يؤدي إلى أن يجعله كثير من الناس يوم النحر، فتنحر فيه الأضاحي،كما وقع في هذا العام [150]وهذا من أبلغ الافتيات على الإمام وجماعة المسلمين، وفيه تشتيت الكلمة، وتفريق الجماعة، ومشابهة أهل البدع[151]، كالرافضة ونحوهم، فإنهم ينفردون عن المسلمين بالصيام والفطر، وبالأعياد[152]، فلا ينبغي التشبه بهم في ذلك.

ويحقق[153] هذا: أن التقدم على الإمام بذبح النسك منهي عنه، كالتقدم عليه بالصيام، والتقدم عليه بالدفع من عرفة[154]، والتقدم عليه بصلاة الجمعة، ولذلك منع طائفة من أصحابنا كأبي بكر عبد العزيز[155] أهل الأعذار أن يصلوا الظهر يوم الجمعة حتى يصلي الإمام الجمعة[156].

ولذلك[157] تنازع العلماء: هل يجوز التقدم على الإمام بالذبح يوم النحر، أم لا يجوز[158] حتى يذبح الإمام نسكه؟

فيه[159] قولان مشهوران للعلماء[160]، ولا خلاف بينهم أن الأفضل أن يذبح الناس حتى يذبح الإمام[161].

وقال الحسن في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1 ] قال: لا تذبحوا قبل الإمام. خرجه ابن أبي حاتم[162].

فإن قيل: أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عند وجود الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها أن يصلوا الصلاة لوقتها وأن يجعلوا صلاتهم معهم نافلة[163]، مع أن في ذلك افتياتا على الأئمة واختلافا عليهم؛ ولهذا كان بنو أمية يشددون في ذلك ويستحلفون الناس عند مجيئهم للصلاة، أنهم ما صلوا قبل ذلك[164].ومع هذا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الوقت سرا وبالصلاة معهم نافلة لدفع شرهم وكف أذاهم، وهذا يدل على أنه لا يجوز لأحد ترك ما يعرفه من الحق، لموافقة الأئمة وعموم الناس، بل يجب عليه العمل بما يعرفه من الحق في نفسه، وإن كان فيه مخالفة للأئمة وعموم الناس المتبعين لهم، وحينئذ فلا يجوز أن يؤمر من رأى الهلال، أو من أخبره[165] برؤيته من يثق به أن يتبع الإمام والجماعة معه، ويترك ما[166] عرفه من الحق.

فالجواب: أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وذلك أن الصلاة لها وقت محدود في الشرع معلوم أوله وآخره علما ظاهرا، فمن غيره من الأئمة لم تجز[167] متابعته في ذلك، لأن فيه موافقة على تغيير الشريعة، وذلك لا يجوز.

فنظير هذا من مسألتنا أن يشهد[168] شهود عدول عند حاكم برؤية هلال ذي الحجة أو رمضان، فيقول: هم عندي عدول ولا أقبل شهادتهم. أو نحو ذلك مما يظهر فيه أنه[169] تعمد ترك الواجب بغير عذر. فهنا[170] لا يلتفت إليه ويعمل بمقتضى الحق[171]، وإن كان يظهر له التقية إذا خيف من شره. كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع أولئك الأمراء نافلة. وهذا بخلاف الأمور الاجتهادية التي تخفى ويسوغ في مثلها الاجتهاد، كقبول الشهود وردهم، فإن هذا مما تخفى أسبابه، وقد يكون الحاكم معذورا في نفس الأمر، ففي مثل هذا لا يجوز الافتيات على الأئمة ونوابهم ولا إظهار مخالفتهم، ولو كانوا مفرطين في نفس الأمر، فإن تفريطهم عليهم لا على من لم يفرط، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأئمة: ((يصلون لكم[172] فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم)) خرجه البخاري[173]. انتهى والله أعلم[174].

آخر ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى[175].


[1] جملة "رب يسر وأعن ووفق للخير يا كريم" غير موجودة في "ع" و "ق".
[2] في "ع": "الإمام الأوحد العلامة، والحبر الهمام الفهامة".
[3] في "ع": "الحافظ أبو الفرج زين الدين".
[4] في "ع ": "رحمة الله علينا وعليه،، آمين".
[5] لفظة: "ومن يضلل" مكررة في "ق".
[6] أي حال دون رؤيته غيم أو ضباب أو غيرهما، من غممت الشيء إذا غطيته. انظر: غريب الحديث لابن الجوزي 2 / 164، النهاية في غريب الحديث 3 / 388، المصباح المنير ص454.
[7] في "م" و"ق": "ناس".
[8] في "ع": "عدد"، ووضع عليها علامة نسخة، وفي هامشها: "عدة" ووضع علما علامة نسخة أخرى.
[9] في "ع": "في" ووضع عليه علامة نسخة، وفي هامشها: "عن" ووضع عليه علامة نسخة أخرى.
[10] في "ع": "اليوم التاسع".
[11] في "ع": "وبالله".
[12] في "ع": "محررة" وعليها علامة نسخة، وفي هامشها: "مجردة" ووضع عليها علامة نسخة أخرى وعلامة تصحيح.
[13] في "ع": "شهادتهم".
[14] في "ع": "قد اختلف فيها السلف"، وعليها علامة نسخة، وفي هامشها: "الناس" وعليها علامة نسخة أخرى.
[15] في هامش "ع ": "الحال" ووضع عليها علامة نسخة أخرى.
[16] هو الإمام الحافظ فقيه العراق إبراهيم بن يزيد النخعي، من صغار التابعين، توفي سنة 96 هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 4/520 - 529، البداية والنهاية 9/146.
[17] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه - كما قال المؤلف - في كتاب الصيام: ما قالوا في صوم يوم عرفة بغير عرفة 3/ 97: حدثنا إسحاق الأزرق عن أبي العلاء عن أبي هاشم عن إبراهيم، وإسناده حسن، إن شاء الله - رجاله ثقات رجال الصحيحين، عدا أبي العلاء، وهو أيوب بن أبي مسكين التميمي القصاب، فهو صدوق له أوهام كما في التقريب ص119.
[18] رواه ابن أبي شيبة - كما قال المؤلف - في الموضع السابق: حدثنا يزيد بن هارون قال: نا ابن عون عن إبراهيم. وإسناده صحيح، رجاله رجال الصحيحين.
ويوم الذبح هو يوم عيد الأضحى، ويسمى أيضا يوم النحر، لأنه تنحر وتذبح فيه الأضاحي، وقد ثبت نهيه - صلى الله عليه وسلم عن صيام يومي العيدين من حديث عدة من أصحابه صلى الله عليه وسلم، فقد رواه البخاري برقم 1990، ومسلم برقم 1137 من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ورواه البخاري برقم 1995، ومسلم برقم 827 من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، ورواه مسلم برقم 1140 من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ورواه مسلم أيضا برقم 1138 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وروى البخاري برقم 1994، ومسلم برقم 1139 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه جاء إليه رجل فقال: إني نذرت أن أصوم يوما، فوافق يوم أضحى أو فطر، فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذا اليوم.
[19] هو الإمام مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي، من كبار التابعين. توفي سنة 62 هـ وقيل سنة 63. انظر سير أعلام النبلاء 4؛ 63- 69، الأنساب 5/650، 651.
[20] وذلك أنهم لم يصوموا يوم عرفة حينما حصل شك في أنه يوم النحر، كما سيأتي ص 19- 21 عن مسروق وأبي عطية حينما دخلا على عائشة يوم عرفة وهما مفطران من أجل الشك في كونه يوم النحر.
[21] في "ع": "قد يقال إنه محمول والله أعلم ".
[22] في "ع": "في هذا الحال".
[23] في "ع": "أو".
[24] في "ع": " فإنما ". وفي هامشها: "وإنما" وعليها علامة نسخة أخرى وعلامة تصحيح.
[25] لفظة: "الشك": ليست في "م" والصحيح إثباتها، كما في مجموع فتاوى ابن تيمية 25 / 204.
[26] سيأتي ذكر أقوال أهل العلم في حكم صوم هذا اليوم ص 15 - 16 .
[27] جاء في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ج 25 ص 202-204 ما نصه: " وسئل شيخ الإسلام - رحمه الله - عن أهل مدينة رأى بعضهم هلال ذي الحجة، ولم يثبت عند حاكم المدينة، فهل لهم أن يصوموا اليوم الذي في الظاهر التاسع وإن كان في الباطن العاشر؟ فأجاب: نعم يصومون التاسع في الظاهر المعروف عند الجماعة، وإن كان في نفس الأمر يكون عاشرا، ولو قدر ثبوت تلك الرؤية، فإن في السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون " أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس"؛ رواه الترمذي. وعلى هذا العمل عند أئمة المسلمين كلهم.
فإن الناس لو وقفوا بعرفة في اليوم العاشر خطأ أجزأهم الوقوف بالاتفاق، وكان ذلك اليوم يوم عرفة في حقهم، ولو وقفوا الثامن خطأ ففي الإجزاء نزاع، والأظهر صحة الوقوف أيضا، وهو أحد القولين في مذهب مالك ومذهب أحمد وغيره.
قالت عائشة رضي الله عنها: "إنما عرفة اليوم الذي يعرفه الناس" وأصل ذلك أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بالهلال والشهر، فقال تعالى: يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج . والهلال: اسم لما يستهل به: أي يعلن به ويجهر به، فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالا.
وكذا الشهر مأخوذ من الشهرة، فإن لم يشهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل، وإنما يغلط كثير من الناس في هذه المسألة، لظنهم أنه إذا طلع في السماء كانت تلك الليلة أول الشهر، سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو لا، وليس كذلك، بل ظهوره للناس واستهلالهم به لا بد منه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون". أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى، فإذا لم تعلموه لم يترتب عليه حكم. وصوم اليوم الذي يشك فيه: هل هو تاسع ذي الحجة؟ أو عاشر ذي الحجة؟ جائز بلا نزاع بين العلماء، لأن الأصل عدم العاشر، كما أنهم لو شكوا ليلة الثلاثين من رمضان هل طلع الهلال أم لم يطلع؟ فإنهم يصومون ذلك اليوم المشكوك فيه باتفاق الأئمة، وإنما يوم الشك الذي رويت فيه الكراهة هو الشك في أول رمضان، لأن الأصل بقاء شعبان. ا. هـ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]