عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-12-2019, 03:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,835
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشروعية الأضحية

مشروعية الأضحية




فرج بن عبدالعال


الثاني: عن أبي سريحة قال: (حملني أهلي على الجفاء بعد ما علمت من السنة، كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين، والآن يبخلنا جيراننا)[39].

[ثم إن النبي- صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر][40] وهناك حديث عن عائشة يرويه ابن الزبير عنها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتى به ليضحى به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية[41] ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وال محمد، ومن أمة محمد[42]، ثم ضحى به.

وقد رُوي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما مخافة أن يرى ذلك واجبًا][43].

وكذلك كان أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه يقول: [إني لأدع الأضحى، واني لموسر مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي] وإسناده صحيح أيضا.

وعن عطاء بن يسار قال: [سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كان الرجل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصار كما ترى[44].

وقد ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعن عبدالرحمن بن جابر ابن عبدالله قال: حدثني أبي أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أتى بكبشين أملحين عظيمين أقرنين موجوئين فأضجع أحدهما وقال: بسم الله، والله أكبر اللهم عن محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، [وفي رواية قال]: ثم يؤتي بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول: هذا عن محمد وآل محمد فيطعمهما جميعا المساكين، ويأكل هو وأهله منهما فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحى قد كفاه الله المؤنة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والغرم][45].

فائدة[46]: يحق لنا بعد ذكرنا لأضحيته - صلى الله عليه وسلم - أن نذكر فائدة عزيزة وهي أن ما جاء في هذه الأحاديث من تضحيته - صلى الله عليه وسلم - عمّن لم يضح من أمته، هو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - كما ذكره الحافظ في الفتح[47] عن أهل العلم، وعليه فلا يجوز لأحد أن يقتدي به - صلى الله عليه وسلم - في التضحية عن الأمة، وبالأحرى أن لا يجوز له القياس عليها غيرها من العبادات كالصلاة والصيام والقراءة ونحوها من الطاعات لعدم ورود ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - فلا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد، ولا يقرأ أحد عن أحمد، وأصل ذلك كله قوله تعالى: ï´؟ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ï´¾[48]. نعم هناك أمور استثنيت من هذا الأصل بنصوص وردت ولا مجال الآن لذكرها، فلتطلب في المطولات.

قال القرطبي[49]: إن الضحية ليست بواجبة، ولكنها سنة ومعروف، وقال عكرمة: كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشترى له لحما ويقول: من لقيت فقل: هذه أضحية ابن عباس. قال أبو عمر: ومحمل هذا وما روى عن أبي بكر وعمر إنهما لا يضحيان عند أهل العلم لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم، لأنهم الواسطة بين النبي وبين أمته فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم.

واختلفوا أيما أفضل الأضحية أو الصدقة بثمنها، فقال مالك وأصحابه، الضحية أفضل إلا بمنى؛ لأنه ليس موضع الأضحية، وقال أبو عمر وأحمد بن حنبل: الضحية أفضل من الصدقة، لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد، ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل[50].

وقد ترجم البخاري[51] بالسنة إشارة إلى مخالفة من قال بوجوبها، قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين، وهي عند الشافعية والجمهورية سنة مؤكدة على الكفاية.

وقال أحمد: يكره تركها مع القدرة وعنه واجبة، وعن محمد بن الحسن هي سنة غير مرخص في تركها، قال الطحاوي: وبه نأخذ وليس في الآثار ما يدل على وجوبها.

وقد استدل من قال بالوجوب بوقوع الأمر فيها بالإعادة، وأجيب بأن المقصود بيان شرط الأضحية المشروعة، فهو كما قال لمن صلى راتبة الضحى مثلا قبل طلوع الشمس: إذا طلعت الشمس فأعد صلاتك.

قال القرطبي في [المفهم] فيمن ذبح قبل الصلاة: لا حجة للقائلين لهذا القول، وإنما المقصود بيان كيفية مشروعية الأضحية لمن أراد أن يفعلها أو من أوقعها على غير الوجه المشروع خطأ أو جهلا، فبين له وجه تدارك ما فرط منه، وهذا معنى قوله: [لا تجزى عن أحد بعدك] أي لا يحصل له مقصود القربة، ولا الثواب، كما يقال في صلاة النفل: لا تجزى إلا بطهارة وستر عورة، قال: وقد استدل بعضهم للوجوب بأن الأضحية من شريعة إبراهيم الخليل، وقد أمرنا باتباعه، ولا حجة فيه لأن نقول بموجبه، ويلزمهم الدليل على أنها كانت في شريعة إبراهيم واجبة ولا سبيل إلى علم ذلك، ولا دلالة في قصة الذبيح للخصوصية التي فيها والله أعلم[52].

واستدل من قال بعدم الوجوب بحديث ابن عباس [كتب على النحر ولم يكتب عليكم] وهو حديث ضعيف، أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني والدارقطني وصححه الحاكم فذهل، وقد استوعب ابن حجر طرقه ورجاله في الخصائص من تخريج أحاديث الرافعي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والأظهر وجوبها لأنها من أظهر شعائر الإسلام وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته، وقد جاءت الأحاديث بالأمر بها ونفاة الوجوب ليس معهم نص ا هـ.

ثم قال: وذبح الأضحية أفضل من التصديق بثمنها؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - ضحى ولم يتصدق بثمن الأضحية حتى في عام المجاعة التي أصابت المسلمين.


[1] المجموع شرح المهذب 8/382.

[2] فتح الباري 10/5.

[3] الكوثر: 2.

[4] الصافات: 107.

[5] الحج: 36.

[6] المحرر الوجيز: 15/584، 585.

[7] الصافات: 107.

[8] القرطبي: 10/7564.

[9] المائدة: 93.

[10] المائدة: 87.

[11] الأعراف: 32.

[12] الحج: 36.

[13] تيسير الكريم الرحمن (ص: 865).

[14] أخرجه الترمذي وحسنه ابن ماجه وضعفه ابن حبان، وقال البخاري: إنه مرسل، ووصله ابن خزيمة، وضعفه الشيخ الألباني في المشكاة 1470، التعليق الرغيب 2/101.

[15] إسالته أي ذبح الأضحية.

[16] كناية عن سرعة قبولها.

[17] أخرجه ابن ماجه، وصححه البيهقي من حديث زيد بن أرقم ولفظه بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف قال: بكل شعرة من الصوف حسنة، وفي رواية البيهقي ( بكل قطرة حسنة)، قال البخاري: لا يصح.

[18] أخرجه ابن ماجه، وصححه البيهقي من حديث زيد بن أرقم ولفظه بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف قال: بكل شعرة من الصوف حسنة، وفي رواية البيهقي ( بكل قطرة حسنة)، قال البخاري: لا يصح.

[19] فيض القدير 2/440 وانظر الجزاء من جنس العمل لشيخنا العفاني حفظه الله 2/149.

[20] الصافات: 107.

[21] رواه الطبري في التفسير (ج 4 صفحة 211 رقم 3911) وابن حبان 959، وأحمد 2/229، 387. والطحاوي في شرح المعاني 1/428، ولفظ أحمد في أحد روايتيه: (طعم وذكر الله، قال مرة: أيام أكل وشرب). وقد رواه ابن ماجه 1719 من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة بلفظ: (أيام منى أيام أكل وشرب)، قال الشيخ الألباني في الصحيحة 1282: الحديث متواتر.

[22] البقرة: 197.

[23] المقدمات الممهدات: 1/434.

[24] مجموع الفتاوى: 26/304.

[25] المقدمات الممهدات: 1/434.

[26] كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار للإمام تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني الحصني الدمشقي الشافعي: 2/447.

[27] رواه مسلم برقم 1977، صحيح أبي داود 2488.

[28] زاد المحتاج بشرح المنهاج 4/397.

[29] المجموع شرح المهذب 8/382.

[30] المجموع 8/382.

[31] صحيح أخرجه البخاري 2/382، 383 فتح، وكذا أبو داود 2438، والترمذي وصححه 1/145، والدارمي2/25، وابن ماجه 1727، وأحمد 1/346، والبيهقي 4/284 من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس واللفظ لأبي داود.

[32] سعة أي في المال والحال. قيل هي أن يكون صاحب نصاب الزكاة. (فلا يقربن مصلانا) ليس المراد أن صحة الصلاة تتوقف على الأضحية، بل هي عقوبة له بالطرد عن مجالس الأخيار وهذا يفيد الوجوب. انظر تعليق الشيخ الألباني على سنن ابن ماجه 2/199.

[33] حسن رواه ابن ماجه برقم 3123، انظر تخريج مشكلة الفقر 102، التعليق الرغيب 2/103، وصحيح سنن ابن ماجه 2/199 للشيخ الألباني حفظه الله.

[34] قوله: (إن على أهل كل بيت) مقتضاه أن الأضحية الواحدة تكفي عن تمام أهل البيت، ويوافقه ما رواه الترمذي عن أبي أيوب: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته. فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى. وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق.

[35] حسن، انظر صحيح أبي داود 2487.

[36] رواه البخاري برقم 5473، وانظر الفتح 9/511.

[37] رواه أبو داود والنسائي والحاكم من رواية داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو، كذا في رواية الحاكم (سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن الفرع قال: (الفرع حق، وأن تتركه حتى يكون بنت مخاض أو ابن لبون فتحمل عليه في سبيل الله أو تعطيه أرملة خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره وتوله ناقتك).

[38] انظر الفتح 9/511.

[39] حديث صحيح رواه ابن ماجه في سننه، ومعنى يبخلنا أي ينسبوننا إلى البخل والشح إن اكتفينا بالواحدة وبالاثنتين.

[40] صحيح أخرجه البخاري 4/25، 451، ومسلم 6/77، وكذا أبو داود 2794، والنسائي (2/204، 205، 208) والدارمي 2/75، وابن ماجه 3120، 3155، وأحمد 3/99، 115، 274.

[41] أي السكين وهي آلة للذبح.

[42] رواه مسلم 1967، أبو داود 3/2792، والطحاوي والبيهقي.

[43] أخرجه البيهقي 9/295 من طريق جماعة عن حذيفة بن أسيد صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

[44] أخرجه الترمذي 1/284، ابن ماجه 3147 وهو صحيح.

[45] أخرجه الطحاوي وأبو يعلى في مسنده (105/2) والبيهقي 9/268، وإسناده حسن، والرواية الثانية روها أحمد 6/391، 392، والطحاوي، انظر الإرواء للشيخ الألباني حفظه الله 4/351.

[46] انظر الإرواء 4/354 للشيخ الألباني حفظه الله.

[47] انظر الفتح 9/514.

[48] النجم: 39.

[49] القرطبي في التفسير 8/5748.

[50] القرطبي في التفسير 8/5746.

[51] فتح الباري 10/5 وما بعدها.

[52] انظر فتح الباري 10/19.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]