عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-12-2019, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أركان الحج وواجباته

أركان الحج وواجباته

د. عبدالحسيب سند عطية و د. عبدالمطلب عبدالرازق حمدان

ودليل الوجوب:
ما رُوي عن عروة بن مُضَرِّس الطائي: جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أتعبْتُ مطيتي؛ فما مررْتُ بشَرَف إلا علوتُهُ، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من وقف معنا هذا الوقوف، وصلى معنا هذه الصلاة، وقد كان قد وقف قبل ذلك بعرفة ساعةً بليل أو نهار، فقد تم حجه)).

وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الحج عرفة، من أدرك عرفة، فقد أدرك الحج))، فقد جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوقوف بعرفة كل الحج، ولو كان الوقوف بمزدلفة ركنًا، لم يكن الوقوف بعرفة كل الحج؛ بل بعضه.

ولأن ترك الوقوف بمزدلفة جائز لعذر [11]، ولو كان فرضًا، لما جاز تركه أصلاً كسائر الفرائض[12].

ووقته:
من طلوع الفجر يوم النحر وطلوع الشمس، فمن وقف بمزدلفة في هذا الوقت، فقد أدرك الوقوف، سواء بات بها أم لا، فإذا وصل إليها، يجمع بين المغرب والعشاء جمعَ تأخير بأذان واحد وإقامتين، وهو سُنَّة روعي فيها التخفيف [13].

لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قدَّم ضَعَفةَ أهله ليلة المزدلفة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ترموا جمرة العقبة حتى تكونوا مصبحين))، وفيه نهي عن الرمي قبل الصبح.

وأما وقت الرمي من اليوم الأول والثاني من أيام التشريق، وهو اليوم الثاني والثالث من أيام الرمي، فبعد الزوال؛ حتى لا يجوز الرمي فيهما قبل الزوال في المشهور عند الحنفية.

فإن أخر الرمي فيها إلى الليل فرمى قبل طلوع الفجر، جاز، ولا شيء عليه؛ لأن الليل وقت الرمي في أيام الرمي.

وأما عدد الجمار:
فيرمي جمرة العقبة من يوم النحر بسبع حصيات، فإن ترك رمي الجمرة فيه، ففيها دم؛ لأن سبع حصيات كل وظيفة اليوم الأول، فكان تركه بمنزلة ترك كل وظيفة اليوم الثاني والثالث، وذلك إحدى وعشرون حصاة، هذا عند أبي حنيفة، وعندهما: لا دم عليه؛ وذلك لأن الرمي مؤقَّت عنده، وعندهما: غير مؤقت.

فإذا ترك الكل حتى غربت الشمس من آخر أيام التشريق، وهو آخر أيام الرمي، يسقط عنه الرمي، وعليه دم واحد في قولهم جميعًا.

ويكون الرمي بحجر مثل الحِمَّصة، يبدأ بالصغرى، وهي التي تلي مسجد الخِيف، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة.

ويجوز للحاج أن يستنيب من يرمي عنه، سواء كان رجلاً أو امرأة، بشرط تحقق العجز عن الرمي عند الرجل.

ويُكبِّر الحاج عند رميه للجمرات؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو سبح أجزأه، ويقطع التلبية مع أول حصاة [14].

المبيت بمنى:
وقد أتيت به هنا مع أنه ليس من واجبات الحج عند الحنفية، لكنه من توابع الرمي.

وهو من واجبات الحج عند الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد، فمن تركه فعليه دم؛ لتركه للواجب.

لما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أدائه لطواف الإفاضة عاد إلى منى، وبقي فيها ليالي أيام التشريق وأيامها.

وعند الحنفية هو من سُنَن الحج؛ فمن ترك المبيت فلا شيء عليه؛ لمخالفته للسنة، واحتج الحنفية بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص لأهل السقاية والرعاة.

وذلك لأن الحاج إذا تحلل من إحرامه، لم يلزمه المبيت في مكان معين كالمبيت بمنى، فالقول بالواجب غير سديد [15].

4- الحلق أو التقصير:
ومقدار الواجب فيه: حلق جميع الرأس، فإن حلق ربعه أجزأه، ويكره.

والتقصير: هو قص جزء من جميع أطراف الشعر.

ودليله:
قوله تعالى: ï´؟ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ï´¾ [الفتح: 27]؛ أي: بعضكم محلِّقون، وبعضكم مقصِّرون؛ للإجماع بأنه لا يُجمع بين الحلق والتقصير، فدل على أن الحلق والتقصير واجب، لكن الحلق أفضل؛ لما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا للمحَلِّقين ثلاثًا، وللمقصرين مرة واحدة.

وكذلك روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حلق جميع رأسه، فرُوِي أنه رمى، ثم ذبح، ثم دعا بالحلاَّق فأشار إلى شقه الأيمن فحلقه، وفرَّق شعره بين الناس، ثم أشار إلى الأيسر فحلقه، وأعطاه لأم سليم - رضي الله عنها.

واختلف الفقهاء في حكمه:
فيرى الحنفية والمالكية والحنابلة أنه من الواجبات [16]، ويرى الشافعي: أنه ركن [17].

الأدلة على أنه من واجبات الحج:
قوله تعالى: ï´؟ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ï´¾ [البقرة: 196].

دلت الآية على أن الحلق محظور على المُحصَر حتى يصل بالهدي إلى محله، ففي حق غير المحصَر أولى، وهذا يؤكد أن الحلق والتقصير واجب وليس بركن.

وقوله تعالى: ï´؟ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ï´¾ [الحج: 29]، روي عن ابن عمر: أن التفَث: حلق الشعر ولبس الثياب، ومطلق الأمر في ذلك للوجوب.

ومن السنة: ما روي في الأحاديث السابقة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلق رأسه، وفرَّقه بين الناس، وفِعْلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دليل على أنه من واجبات الحج.

أما الشافعية، فيرون أنه ركن، احتج بما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن عمر - رضي الله عنه - خطب بعرفة، وعلَّمهم أمر الحج، فقال لهم: إذا جئتم من منى، فمن رمى الجمرة، فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساءَ والطِّيب حتى يطوف بالبيت، ومن الخبر يتبين أن الحلق ركن [18]، والأَوْلَى بالقبول هو قول الحنفية ومَن وافقهم.

وأما مكانه وزمانه، فزمانه أيام النحر، ومكانه الحرم؛ أي: مِنًى ومكة، وهذا من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا قول أبي حنيفة.

ويرى أبو يوسف: أنه لا يختص بالزمان ولا بالمكان، فإنه يمتد، ولا يتحلل الحاج إلا بعد الحلق أو التقصير [19].

5- طواف الصدر:
ويسمى طواف الوداع؛ لأن الحاج يودِّع المسجد الحرام قبل عودته إلى وطنه.

قال الكاساني:
وهو من الواجبات على أهل الآفاق، فليس على أهل مكة، ولا من كان منزله داخل المواقيت إلى مكة - طوافُ الصدر؛ لأن هذا الطواف إنما وجب توديعًا للبيت؛ ولهذا يسمى طواف الوداع، ويسمى طواف الصدر؛ لوجوده عند صدور الحجاج ورجوعهم إلى وطنهم.

وقال أبو يوسف:
أحَبُّ إليَّ أن يطوف المكي طواف الصدر؛ لأنه وضع لختم أفعال الحج.

وأما وقته، فقد روي عن أبي حنيفة أنه قال: ينبغي للإنسان إذا أراد السفر أن يطوف طواف الصدر حين يريد أن ينفر.

وأما مكانه، فحول البيت؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج هذا البيت، فليكن آخر عهده به الطواف)) [20].

6- الإحرام من الميقات:
وهو من واجبات الحج عند الحنفية، كما أشار إلى ذلك الكمال بن الهُمَام، وهو من أركان الحج عند الشافعية والمالكية والحنابلة [21].

والإحرام لغة:
هو مصدر "أحرم": إذا دخل في حرمة لا يجوز له هتكها.

وشرعًا:
هو نية الدخول في حرمة الحج، أو العمرة، أو هما معًا مع التلبية، أو ما يقوم مقامها من ذكر الله تعالى [22].

والسُّنة: أن يأتي بتلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، كذا روي عن ابن مسعود وابن عمر.

ويصير المسلم مُحرِمًا بالنية؛ لأن النية عمل القلب لا عمل اللسان، لكن يُستحب أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه، فيقول: اللهم إني أريد كذا، فيَسِّرْهُ لي وتقبَّلْه مني [23].


[1] نيل الأوطار جـ 5صـ 137.

[2] وهي وادي الشيطان كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بدائع الصنائع ج2 صـ 125، فتح القدير جـ2صـ469.

[3] المراجع السابقة.

[4] فقه العبادات؛ د. بدر المتولي عبدالباسط صـ216.

[5] بدائع الصنائع جـ2صـ139، نهاية المحتاج جـ2صـ414.

[6] بدائع الصنائع جـ2صـ132، فتح القديرجـ2صـ409.

[7] وعند الشافعية والمالكية وأحمد في إحدى الروايتين عنه أنه ركن من أركان الحج؛ بحيث لو تركه الحاج بطل حجه، ولا يجبَر بدم، ونقل عن ابن عباس: أنه سنة، فلو تركه الحاج بطل حجه، ولا يجبر بدم، المهذب جـ1 صـ230، الشرح الصغير جـ2صـ8، كشاف القناع جـ2صـ605.

[8] نيل الأوطار جـ5صـ138.

[9] بدائع الصنائع جـ2صـ133، فتح القدير جـ2 صـ461.

[10] وسميت بالمزدلفة: أي ذات زلفة بمعنى القربة، يتقرب بها إلى الله تعالى، مواهب الجليل جـ3صـ84.

[11] المهذب جـ1صـ231.

[12] فإن فات عن وقته لعذر، فلا شيء فيه، وإن كان فواته لغير عذر فعليه دم؛ لأنه ترك الواجب من غير عذر، وهو موجب للكفارة، بدائع الصنائع جـ2صـ136.

[13] بدائع الصنائع جـ2صـ36.

[14] بدائع الصنائع جـ2صـ136.

[15] المرجع السابق.

[16] بدائع الصنائع جـ2صـ140، حاشية الخرشي جـ2صـ 334، كشاف القناع جـ2صـ503.

[17] المهذب جـ1صـ231، المجموع جـ8صـ159.

[18] بدائع الصنائع جـ2صـ140، فتح القدير جـ2صـ488.

[19] فتح القدير جـ2صـ490.

[20] بدائع الصنائع جـ2صـ143.

[21] فقه العبادات؛ أ. د. نصر فريد واصل صـ393.

[22] فقه العبادات؛ د. بدر المتولي صـ217.

[23] بدائع الصنائع جـ2صـ161.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]