(7) ثمرات التوحيد
جعل الله تعالى لكل عبادة شرعها لعباده آثاراً وثماراً، ولما كان التوحيد أعظم العبادات التي أوجبها الله على خلقه كانت ثماره من أعظم الثمار، وهذه جملة من آثار التوحيد وثماره:
(1) من أعظم ثمرات التوحيد انشراح الصدر فليس هناك أعظم من هذه الثمرة العظيمة قال تعالى في شأنها {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}[39]وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[40] فالهداية للتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر فكلما قوي التوحيد وكمل في القلب كان انشراح صدر صاحبه أكمل وأقوى.
(2) ومن ثمرات التوحيد أنه من أعظم الأسباب لتكفير الذنوب والسيئات دليل ذلك حديث أنس- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: قال تعالى : "يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" [41]فقوله - عز وجل - {لا تشرك بي شيئاً} أي موحداً.
(3) ومن ثمراته أنه يمنع صاحبه من الخلود في النار إذا كان في قلبه مثقال ذرة منه كما في حديث الشفاعة وقوله - صلى الله عليه وسلم- فيه "أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"[42]. أما إذا كان العبد قد كمل توحيده فإنه يمنعه من دخول النار بالكلية كما جاء في حديث عتبان بن مالك – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" [43].
(4) ومن ثمرات التوحيد أن الموحد من أسعد الناس بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- كما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم- :"... أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ونفسه" [44].
(5) ومن ثمراته أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم فقلب الموحد معلق بربه خالق السماوات والأرض الذي بيده ملكوت كل شيء .
(6) تحصيل ولاية الله وهي أعظم ما يتنافس فيه المتنافسون {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[45].
(7) الفوز برضا الله ودار كرامته.
(8) الدفاع عن المؤمنين الصادقين {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[46].
(9) الهداية إلى الصراط المستقيم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[47].
(10) ومن ثمرات الإيمان والتوحيد أنه يورث المحبة قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}[48] أي بسبب إيمانهم يحبهم الله ويجعل لهم المحبة في قلوب المؤمنين.
(11) ومن ثمراته رفعة أهله في الدنيا والآخرة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [49].
(12) ومن ثمراته حصول البشارة بكرامة الله والأمن التام من جميع الوجوه قال تعالى : {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[50]قال تعالى{لَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[51].
(13) ومن ثمراته الانتفاع بالمواعظ قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[52]
(14) الإيمان يقطع الشكوك ويقضي على الوساوس والخطرات التي تؤثر على العبد وصدق الله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}[53]. أي أن إيمانهم دفع الريب والشك وقاوم شبهات الشياطين والنفس الأمارة بالسوء فكل ذلك دواؤه الإيمان بإذن الله.
(8) أسباب نمو التوحيد في القلب
من الأسباب التي تنمي التوحيد في القلب :
(1) فعل الطاعات رغبة بما عند الله تعالى .
(2) ترك المعاصي خوفاً من عقاب الله تعالى .
(3) التفكر في ملكوت السماوات والأرض.
(4) معرفة أسماء الله تعالى وصفاته ومقتضياتها وآثارها وما تدل عليه من الجلال والكمال.
(5) التزود بالعلم النافع والعمل به.
(6) التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض.
(7) دوام ذكر الله تعالى على كل حال باللسان والقلب.
(8) إيثار ما يحبه الله عند تزاحم المحاب.
(9) مجالسة أهل الخير والصلاح والاستفادة من كلامهم.
(10) أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه مع سلامة القلب من الغل للمؤمنين.
(11) الرضا بتدبير الله وشكر نعمه والصبر عند النقم.
[1] أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن سليمان التميمي (ص7)
[2] مجموع فتاوى سماحة الشيخ رحمه الله (2/20)
[3] الفاتحة (1)
[4] الناس (1).
[5] النحل (36).
[6] انظرشرح قصيدة ابن القيم (2/260).
[7] سورة أل عمران (17/18)
[8] شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (1/43-44).
[9] أخرجهأحمدفي المسند (4/63) ، (5/371)
[10] مجموع الفتاوى (1/136).
[11] رواهالإمامأحمد (2/50-92)،وابن أبي شيبة في مصنفه (7/150) وصححه الألباني في الإرواء (5/109) وفي صحيح الجامع رقم (83)
[12] أخرجه البخاري (6/474- الفتح)،ومسلم (1/310- النووي)
[13] أخرجه البخاري (13/367-الفتح)،ومسلم (1/272- النووي)
[14] أخرجه البخاري (12/347-الفتح)،مسلم (1/3190- النووي)
[15]أخرجه البخاري (1/114- الفتح)
[16] الأنعام (151).
[17] الإبانةلابنبطة (1/299).
[18] المرجع السابق (1/314).
[19] شرح أصول اعتقاد أهل السنةوالجماعة (1/55).
[20]المرجع السابق (1/56).
[21]المرجع السابق (1/154).
[22] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان– باب من مات لايشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات مشركاً دخل النار برقم (93)
[23] انظر بيان فضائل التوحيد في القول السديد لشرح كتاب التوحيد- لابن سعد يرحمه الله– باب فضل التوحيدومايكفر من الذنوب.
[24] النور (40).
[25]طريق الهجرتين (57، 58)
[26] تفسير كلمةالتوحيد (ضمن مجموعة التوحيد) ص 252
[27]القواعد الحسان 192
[28] سورة الأعراف (59).
[29] النحل (36).
[30] رواهأبوداود (3/486) برقم (3616)
[31] شرح العقيدة الطحاوية (1/21-23)
[32] الأنبياء (25)
[33] تقدم تخريجه صـ 40.
[34] أخرجه البخاري (3/262) برقم (1339)،ومسلم (1/71-52) برقم (20).
[35] الزمر (65).
[36] الأنعام (88).
[37] تقدم تخريجه صـ 46.
[38]رواه أبو داود (3/486) برقم (3616)
[39] الزمر (21).
[40] الأنعام (125).
[41] رواه الترمذي (5/548) برقم (3540) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3/76).
[42] رواه البخاري (1/72) برقم (22)،ومسلم (1/172) برقم (174).
[43] رواهالبخاري (1/519) برقم (425)،ومسلم (1/455) برقم (456).
[44]رواه البخاري (1/193) برقم (99)
[45] يونس من الآية (62).
[46] الحج من الآية (38).
[47] التغابن من الآية (11).
[48] مريم (96).
[49] المجادلة من الآية (11).
[50] الصف من الآية (13).
[51] الأنعام (82).
[52] الذاريات (55).
[53] الحجرات (15).