عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-11-2019, 02:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,434
الدولة : Egypt
افتراضي كتاب الحج من إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

كتاب الحج من إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام[*]
ابن دقيق العيد

212- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ : ذَا الْحُلَيْفَةِ . وَلِأَهْلِ الشَّامِ : الْجُحْفَةَ . وَلِأَهْلِ نَجْدٍ : قَرْنَ الْمَنَازِلِ . وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ : يَلَمْلَمَ .

هُنَّ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ . وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ : فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ }

الشرح

" الْحَجُّ " بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا: الْقَصْدُ فِي اللُّغَةِ.

وَفِي الشَّرْعِ: قَصْدٌ مَخْصُوصٌ إلَى مَحِلٍّ مَخْصُوصٍ، عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

وَقَوْلُهُ " وَقَّتَ " قِيلَ: إنَّ التَّوْقِيتَ فِي الْأَصْلِ ذِكْرُ الْوَقْتِ.

وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْوَقْتِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي التَّحْدِيدِ لِلشَّيْءِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ تَحْدِيدٌ بِالْوَقْتِ، فَيَصِيرُ التَّحْدِيدُ مِنْ لَوَازِمِ التَّوْقِيتِ فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ التَّوْقِيتُ.

وَقَوْلُهُ هَهُنَا " وَقَّتَ " يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ: التَّحْدِيدُ.

أَيْ حَدُّ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِلْإِحْرَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ: تَعْلِيقُ الْإِحْرَامِ بِوَقْتِ الْوُصُولِ إلَى هَذِهِ الْأَمَاكِنِ بِشَرْطِ إرَادَةِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ.

وَمَعْنَى تَوْقِيتِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ لِلْإِحْرَامِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُجَاوَزَتُهَا لِمُرِيدِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ إلَّا مُحْرِمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظَةُ " وَقَّتَ " مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ.

فَقَدْ وَرَدَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ " يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ " وَهِيَ صِيغَةُ خَبَرٍ، يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ.

وَوَرَدَ أَيْضًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَفْظَةُ الْأَمْرِ، وَفِي ذِكْرِهِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَسَائِلُ.

الْأُولَى: أَنَّ تَوْقِيتَهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَرْبَابِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ وَأَمَّا إيجَابُ الدَّمِ لِمُجَاوَزَتِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: فَمِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ مُجَاوِزَهَا لَا يَصِحُّ حَجُّهُ، وَلَهُ إلْمَامٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ.

وَكَأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدَّمَةٍ أُخْرَى مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ أَوْ غَيْرِهِ.

الثَّانِيَةُ: " ذُو الْحُلَيْفَةِ " بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ اللَّامِ.

أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ وَهِيَ عَلَى عَشْرِ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٍ مِنْهَا.

وَ " الْجُحْفَةُ " بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ.

قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ اجْتَحَفَهَا فِي بَعْضِ الزَّمَانِ.

وَهِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، وَيُقَالُ لَهَا "مَهْيَعَةُ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، وَقِيلَ: بِكَسْرِ الْهَاءِ وَ " قَرْنُ الْمَنَازِلِ " بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَصَاحِبُ الصِّحَاحِ ذَكَرَ فَتْحَ الرَّاءِ، وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ، كَمَا غَلِطَ فِي أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ " مَنْسُوبٌ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى " قَرَنٍ " بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ، بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ، كَمَا بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ طَلَبِ عُمَرَ لَهُ. وَ " يَلَمْلَمُ " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا.

وَيُقَالُ فِيهِ " أَلَمْلَمُ " قِيلَ: هِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ " قَرْنٌ " عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ أَيْضًا.

الثَّالِثَةُ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " هُنَّ " لِهَذِهِ الْمَوَاقِيتِ.

" لَهُنَّ " أَيْ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ: الْمَدِينَةِ، وَالشَّامِ، وَنَجْدٍ وَالْيَمَنِ.

وَجُعِلَتْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لَهَا، وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا.

وَالْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ " هُنَّ لَهُمْ "؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَهْلُ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَلَى الْأَصْلِ.

الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ " وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ " يَقْتَضِي: أَنَّهُ إذَا مَرَّ بِهِنَّ مَنْ لَيْسَ بِمِيقَاتِهِ: أَحْرَمَ مِنْهُنَّ، وَلَمْ يُجَاوِزْهُنَّ غَيْرَ مُحْرِمٍ.

وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِأَهْلِ الشَّامِ، يَمُرُّ أَحَدُهُمْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ. فَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْهَا، وَلَا يَتَجَاوَزُهَا إلَى الْجُحْفَةِ الَّتِي هِيَ مِيقَاتُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ نَصُّوا عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى الْجُحْفَةِ.

قَالُوا: وَالْأَفْضَلُ إحْرَامُهُ مِنْهَا - أَيْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ - وَلَعَلَّهُ أَنْ يَحْمِلَ الْكَلَامَ عَلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَطْلَقَ الْحُكْمَ، وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مَذْهَبِ أَحَدٍ.

وَحَكَى أَنْ لَا خِلَافَ، وَهَذَا أَيْضًا مَحِلُّ نَظَرٍ.

فَإِنَّ قَوْلَهُ " وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ " عَامٌّ فِيمَنْ أَتَى، يَدْخُلُ تَحْتَهُ: مَنْ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي مَرَّ بِهَا، وَمَنْ لَيْسَ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْهَا.

وَقَوْلُهُ " وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةُ " عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ يَمُرُّ بِمِيقَاتٍ آخَرَ أَوَّلًا، فَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمُومِ الْأَوَّلِ: دَخَلَ تَحْتَهُ هَذَا الشَّامِيُّ الَّذِي مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا.

وَإِذَا عَمِلْنَا بِالْعُمُومِ الثَّانِي - وَهُوَ أَنَّ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ - دَخَلَ تَحْتَهُ هَذَا الْمَارُّ أَيْضًا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَيَكُونُ لَهُ التَّجَاوُزُ إلَيْهَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ.

فَكَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ " وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ " مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَيْسَ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ " وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةُ " مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَمْ يَمُرَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ.

الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ " مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " يَقْتَضِي تَخْصِيصَ هَذَا الْحُكْمِ بِالْمُرِيدِ لِأَحَدِهِمَا، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ إذَا مَرَّ بِأَحَدِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ، وَلَهُ تَجَاوُزُهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ.

السَّادِسَةُ: اُسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ " مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ " عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ مَكَّةَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، مِنْ حَيْثُ إنَّ مَفْهُومَهُ: أَنَّ مَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ، فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ مَنْ يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ لِغَيْرِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ.

وَهَذَا أَوَّلًا يَتَعَلَّقُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَهُ عُمُومٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَفْهُومَهُ: أَنَّ مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ: لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ حَيْثُ الْمَوَاقِيتِ، وَهُوَ عَامٌّ يَدْخُلُ تَحْتَهُ مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ وَلَا دُخُولَ مَكَّةَ، وَمَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَيُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ.

وَفِي عُمُومِ الْمَفْهُومِ نَظَرٌ فِي الْأُصُولِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُمُومٌ، فَإِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْرَامِ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَكَانَ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ لَفْظًا: قُدِّمَ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكَلَامِ: حُكْمُ الْإِحْرَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ الْأَمَاكِنِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ بَيَانَ حُكْمِ الدَّاخِلِ إلَى مَكَّةَ.

وَالْعُمُومُ إذَا لَمْ يُقْصَدْ: فَدَلَالَتُهُ لَيْسَتْ بِتِلْكَ الْقَوِيَّةِ إذَا ظَهَرَ مِنْ السِّيَاقِ الْمَقْصُودُ مِنْ اللَّفْظِ.

وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ، عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ الْعُمُومِ وَتَنَاوُلِهِ لِمَنْ يُرِيدُ مَكَّةَ لِغَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمَوَاقِيتِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ هَذَا الْوُجُوبِ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ لِدُخُولِ مَكَّةَ.

السَّابِعَةُ: اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَرَّ بِهَذِهِ الْمَوَاقِيتِ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، يَدْخُلُ تَحْتَهُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ، فَيَقْتَضِي اللَّفْظُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومِ. فَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْفَوْرِ لَلَزِمَهُ، أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ. وَفِيهِ مِنْ الْكَلَامِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا.

الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُ " وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ " يَقْتَضِي: أَنَّ مَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ إذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ لِلْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَسِيرُ إلَى الْمِيقَاتِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ.

التَّاسِعَةُ: يَقْتَضِي أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُحْرِمُونَ مِنْهَا، وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، فَإِنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِمَّنْ هُوَ فِي مَكَّةَ: يُحْرِمُ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ: وَيَقْتَضِي الْحَدِيثُ: أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ مَكَّةَ نَفْسِهَا. وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَرَى أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْحَرَمِ لَهُ جَائِزٌ. وَالْحَدِيثُ عَلَى خِلَافِهِ ظَاهِرًا. وَيَدْخُلُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ مَنْ بِمَكَّةَ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.


213 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ }.

الشَّرْحُ

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " يُهِلُّ " فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِهْلَالِ، خَبَرٌ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ.

وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عُمَرَ سَمَاعَهُ لِمِيقَاتِ الْيَمَنِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَلِذَلِكَ حَسَنٌ أَنْ يُقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.


214 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: { أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ }. وَلِلْبُخَارِيِّ { وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ. وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ }.

الشَّرْحُ

فِيهِ مَسَائِلُ.

الْأُولَى: أَنَّهُ وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ.

فَأُجِيبَ بِمَا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَلْبَسُ مَحْصُورٌ.

وَمَا يَلْبَسُ غَيْرُ مَحْصُورٍ.

إذْ الْإِبَاحَةُ هِيَ الْأَصْلُ.

وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي وَضْعُ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يَلْبَسُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ: مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَقْصُودُ كَيْفَ كَانَ.

وَلَوْ بِتَغْيِيرٍ أَوْ زِيَادَةٍ.

وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُطَابَقَةُ.

الثَّانِيَةُ: اتَّفَقُوا عَلَى الْمَنْعِ مِنْ لُبْسِ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ.

وَالْفُقَهَاءُ الْقِيَاسِيُّونَ عَدَّوْهُ إلَى مَا رَأَوْهُ فِي مَعْنَاهُ.

فَالْعَمَائِمُ وَالْبَرَانِسُ: تُعَدَّى إلَى كُلِّ مَا يُغَطِّي الرَّأْسَ، مَخِيطًا أَوْ غَيْرَهُ.

وَلَعَلَّ " الْعَمَائِمَ " تَنْبِيهٌ عَلَى مَا يُغَطِّيهَا مِنْ غَيْرِ الْمَخِيطِ، وَ " الْبَرَانِسَ " تَنْبِيهٌ عَلَى مَا يُغَطِّيهَا مِنْ الْمَخِيطِ.

فَإِنَّهُ قِيلَ: إنَّهَا قَلَانِسُ طِوَالٌ كَانَ يَلْبَسُهَا الزُّهَّادُ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ.

وَالتَّنْبِيهُ بِالْقُمُصِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُحِيطِ بِالْبَدَنِ، وَمَا يُسَاوِيهِ مِنْ الْمَنْسُوجِ.

وَالتَّنْبِيهُ بِالْخِفَافِ وَالْقُفَّازَيْنِ - وَهُوَ مَا كَانَتْ النِّسَاءُ تَلْبَسُهُ فِي أَيْدِيهِنَّ - وَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيُزَرُّ بِأَزْرَارٍ. فَنَبَّهَ بِهِمَا عَلَى كُلِّ مَا يُحِيطُ بِالْعُضْوِ الْخَاصِّ إحَاطَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ. وَمِنْهُ السَّرَاوِيلَاتُ، لِإِحَاطَتِهَا بِالْوَسَطِ إحَاطَةَ الْمُحِيطِ.

الثَّالِثَةُ: إذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ.

وَعِنْدَ الْحَنْبَلِيَّةِ لَا يَقْطَعُهُمَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالُوهُ.

فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْقَطْعِ هَهُنَا مَعَ إتْلَافِهِ الْمَالِيَّةَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالُوهُ.

الرَّابِعَةُ: اللُّبْسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: مَحْمُولٌ عَلَى اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ.

فَلَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ الْمُعْتَادَ فِي الْقَمِيصِ غَيْرُ الِارْتِدَاءِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَبَاءِ إذَا لُبِسَ مِنْ غَيْرِ إدْخَالِ الْيَدَيْنِ فِي الْكُمَّيْنِ.

وَمَنْ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ: جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَادِ فِيهِ أَحْيَانًا. وَاكْتَفَى فِي التَّحْرِيمِ فِيهِ بِذَلِكَ.

الْخَامِسَةُ: لَفْظُ " الْمُحْرِمِ " يَتَنَاوَلُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا.

وَ " الْإِحْرَامُ " الدُّخُولُ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، وَالتَّشَاغُلُ بِأَعْمَالِهِمَا.

وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَسْتَشْكِلُ مَعْرِفَةَ حَقِيقَةِ " الْإِحْرَامِ " جِدًّا.

وَيَبْحَثُ فِيهِ كَثِيرًا.

وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إنَّهُ النِّيَّةُ، اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الْحَجِّ الَّذِي الْإِحْرَامُ رُكْنُهُ وَشَرْطُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ. وَيَعْتَرِضُ عَلَى أَنَّهُ " التَّلْبِيَةُ " بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ.

وَالْإِحْرَامُ رُكْنٌ. هَذَا أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ.

وَكَانَ يُحْرِمُ عَلَى تَعْيِينِ فِعْلٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ النِّيَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ.

السَّادِسَةُ: الْمَنْعُ مِنْ " الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ " وَهُوَ نَبْتٌ يَكُونُ بِالْيَمَنِ يُصْبَغُ بِهِ: دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ.

وَعَدَّاهُ الْقَائِسُونَ إلَى مَا يُسَاوِيهِ فِي الْمَعْنَى مِنْ الْمُطَيِّبَاتِ.

وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ فَاخْتِلَافُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الطِّيبِ أَمْ لَا؟.

السَّابِعَةُ: نَهْيُ الْمَرْأَةِ عَنْ التَّنَقُّبِ وَالْقُفَّازَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ يَتَعَلَّقُ بِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا.

وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ، وَفِي تَحْرِيمِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مُخَالَفَةُ الْعَادَةِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَأْلُوفِ لِإِشْعَارِ النَّفْسِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْخُرُوجُ عَنْ الدُّنْيَا، وَالتَّذَكُّرُ لِلُبْسِ الْأَكْفَانِ عِنْدَ نَزْعِ الْمَخِيطِ.

وَالثَّانِي: تَنْبِيهُ النَّفْسِ عَلَى التَّلَبُّسِ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ بِالْخُرُوجِ عَنْ مُعْتَادِهَا وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى قَوَانِينِهَا وَأَرْكَانِهَا، وَشُرُوطِهَا وَآدَابِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


215 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: { سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ: لِلْمُحْرِمِ }.

الشَّرْحُ

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ.

إحْدَاهُمَا: قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الْقَطْعَ فِي الْخُفَّيْنِ عِنْدَ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ.

فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَطْعِ وَعَدَمِهِ وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ هَهُنَا عَلَى الْمُقَيَّدِ جَيِّدٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي قُيِّدَ فِيهِ الْقَطْعُ: قَدْ وَرَدَتْ فِيهِ صِيغَةُ الْأَمْرِ.

وَذَلِكَ زَائِدٌ عَلَى الصِّيغَةِ الْمُطْلَقَةِ.

فَإِنْ لَمْ نَعْمَلْ بِهَا، وَأَجَزْنَا مُطْلَقَ الْخُفَّيْنِ.

تَرَكْنَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْقَطْعِ. وَذَلِكَ غَيْرُ سَائِغٍ.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ فِي جَانِبِ الْإِبَاحَةِ.

فَإِنَّ إبَاحَةَ الْمُطْلَقِ حِينَئِذٍ تَقْتَضِي زِيَادَةً عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ إبَاحَةُ الْمُقَيَّدِ فَإِنْ أُخِذَ بِالزَّائِدِ كَانَ أَوْلَى. إذْ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ إبَاحَةِ الْمُقَيَّدِ وَإِبَاحَةِ مَا زَادَ عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي جَانِبِ النَّهْيِ: لَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِيهِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُطْلَقَ دَالٌّ عَلَى النَّهْيِ فِيمَا زَادَ عَلَى صُورَةِ الْمُقَيَّدِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فِيهِ.

وَهَذَا يَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ الْحَدِيثَانِ - مَثَلًا - مُخْتَلِفَيْنِ بِاخْتِلَافِ مَخْرَجِهِمَا.

أَمَّا إذَا كَانَ الْمَخْرَجُ لِلْحَدِيثِ وَاحِدًا، وَوَقَعَ اخْتِلَافٌ عَلَى مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ الرِّوَايَاتُ، فَهَهُنَا نَقُولُ: إنَّ الْآتِيَ بِالْقَيْدِ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ الْمُطْلَقُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ. فَكَأَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ إلَّا مُقَيَّدًا. فَيَتَقَيَّدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ: مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْ أَنَّ الْعَامَّ فِي الذَّوَاتِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ.

وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ مَا نَخْتَارُهُ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ الْعُمُومِ فِي الْأَحْوَالِ؛ تَبَعًا لِلْعُمُومِ فِي الذَّوَاتِ: فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ.

الثَّانِيَةُ: لُبْسُ السَّرَاوِيلِ إذَا لَمْ يَجِدْ إزَارًا، يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ.

وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوِيٌّ هَهُنَا.

إذْ لَمْ يُرِدْ بِقَطْعِهِ مَا وَرَدَ فِي الْخُفَّيْنِ.

وَغَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَا يُبِيحُ السَّرَاوِيلَ عَلَى هَيْئَتِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ.


216 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ }.

قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إلَيْكَ وَالْعَمَلُ ".

الشَّرْحُ

" التَّلْبِيَةُ " الْإِجَابَةُ.

وَقِيلَ فِي مَعْنَى " لَبَّيْكَ " إجَابَةٌ بَعْدَ إجَابَةٍ، وَلُزُومًا لِطَاعَتِكَ.

فَثَنَّى لِلتَّوْكِيدِ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي أَنَّهُ تَثْنِيَةٌ أَمْ لَا.

فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ لَا مُثَنَّى.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ مُثَنَّى.

وَقِيلَ: إنَّ " لَبَّيْكَ " مَأْخُوذٌ مِنْ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ وَلَبَّ: إذَا أَقَامَ بِهِ.

أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ.

وَقِيلَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ لُبَابِ الشَّيْءِ، وَهُوَ خَالِصُهُ، أَيْ إخْلَاصِي لَكَ.

وَقَوْلُهُ " إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك " يُرْوَى فِيهِ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا.

وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُعَلَّلَةٍ.

فَإِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَالْفَتْحُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ.

كَأَنَّهُ يَقُولُ: أُجِيبُكَ لِهَذَا السَّبَبِ. وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ.

وَقَوْلُهُ " وَالنِّعْمَةَ لَكَ " الْأَشْهَرُ فِيهِ: الْفَتْحُ.

وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُ " إنَّ " مَحْذُوفٌ وَ " سَعْدَيْكَ " كَلَبَّيْكَ قِيلَ: مَعْنَاهُ مُسَاعَدَةٌ لِطَاعَتِكَ بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ.

وَ " الرَّغْبَاءُ إلَيْكَ " بِسُكُونِ الْغَيْنِ، فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: ضَمُّ الرَّاءِ، وَالثَّانِي: فَتْحُهَا.

فَإِنْ ضَمَمْتَ قَصَرْتَ وَإِنْ فَتَحْتَ مَدَدْتَ. وَهَذَا كَالنَّعْمَاءِ وَالنُّعْمَى.

وَقَوْلُهُ " وَالْعَمَلُ " فِيهِ حَذْفٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ نُقَدِّرَهُ كَالْأَوَّلِ، أَيْ وَالْعَمَلُ إلَيْكَ، أَيْ إلَيْكَ الْقَصْدُ بِهِ وَالِانْتِهَاءُ بِهِ إلَيْكَ، لِتُجَازِيَ عَلَيْهِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدَّرَ: وَالْعَمَلُ لَكَ.

وَقَوْلُهُ " وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ " مِنْ بَابِ إصْلَاحِ الْمُخَاطَبَةِ.

كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ }.


217 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا وَمَعَهَا حُرْمَةٌ }. وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ " لَا تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ".

الشَّرْحُ

فِيهِ مَسَائِلُ.

الْأُولَى: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الْمَحْرَمَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الِاسْتِطَاعَةِ أَمْ لَا؟ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ، إلَّا بِوُجُودِ الْمَحْرَمِ.

وَاَلَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى ذَلِكَ: اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ.

فَإِنَّ سَفَرَهَا لِلْحَجِّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْفَارِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْحَدِيثِ.

فَيَمْتَنِعُ إلَّا مَعَ الْمَحْرَمِ.

وَاَلَّذِينَ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ تُسَافِرَ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونِينَ إلَى الْحَجِّ، رِجَالًا أَوْ نِسَاءً. وَفِي سَفَرِهَا مَعَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ: خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَعَلَّقُ بِالنَّصَّيْنِ إذَا تَعَارَضَا، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامًّا مِنْ وَجْهٍ، خَاصًّا مِنْ وَجْهٍ.

بَيَانُهُ: أَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا } يَدْخُلُ تَحْتَهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.

فَيَقْتَضِي ذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الِاسْتِطَاعَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا: أَنْ يَجِبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ - الْحَدِيثَ " خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ، عَامٌّ فِي الْأَسْفَارِ.

فَإِذَا قِيلَ بِهِ وَأُخْرِجَ عَنْهُ سَفَرُ الْحَجِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا } قَالَ الْمُخَالِفُ: نَعْمَلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } فَتَدْخُلُ الْمَرْأَةُ فِيهِ.

وَيَخْرُجُ سَفَرُ الْحَجِّ عَنْ النَّهْيِ. فَيَقُومُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّصَّيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ.

وَيَحْتَاجُ إلَى التَّرْجِيحِ مِنْ خَارِجٍ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ. أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى دَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ.

وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ }.

وَلَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي الْمَسَاجِدِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَى السَّفَرِ فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ بِحَدِيثِ النَّهْيِ.

الثَّانِيَةُ: لَفْظُ " الْمَرْأَةِ " عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ النِّسَاءِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: هَذَا عِنْدِي فِي الشَّابَّةِ.

وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ: فَتُسَافِرُ حَيْثُ شَاءَتْ فِي كُلِّ الْأَسْفَارِ، بِلَا زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ.

وَخَالَفَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَرْأَةَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ فِيهَا، وَمَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ، وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً.

وَقَدْ قَالُوا: لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةٌ.

وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَالِكِيُّ: تَخْصِيصٌ لِلْعُمُومِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْنَى.

وَقَدْ اخْتَارَ هَذَا الشَّافِعِيُّ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَافِرُ فِي الْأَمْنِ.

وَلَا تَحْتَاجُ إلَى أَحَدٍ، بَلْ تَسِيرُ وَحْدَهَا فِي جُمْلَةِ الْقَافِلَةِ، فَتَكُونُ آمِنَةً. وَهَذَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.

الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ " مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ " اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْعَدَدِ فِي الْأَحَادِيثِ. فَرُوِيَ " فَوْقَ ثَلَاثٍ" وَرُوِيَ " مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ " وَرُوِيَ " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ يَوْمَيْنِ " وَرُوِيَ " مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ " وَرُوِيَ " مَسِيرَةَ يَوْمٍ " وَرُوِيَ " يَوْمًا وَلَيْلَةً " وَرُوِيَ بَرِيدًا " وَهُوَ أَرْبَعُ فَرَاسِخَ.

وَقَدْ حَمَلُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى حَسْبِ اخْتِلَافِ السَّائِلِينَ، وَاخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ.

الرَّابِعَةُ " ذُو الْمَحْرَمِ " عَامٌّ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ، كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِ أَخِيهَا وَابْنِ أُخْتهَا وَخَالِهَا وَعَمِّهَا، وَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ، وَمَحْرَمِ الْمُصَاهَرَةِ، كَأَبِي زَوْجِهَا وَابْنِ زَوْجِهَا. وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ ابْنَ زَوْجِهَا.

فَقَالَ: يُكْرَهُ سَفَرُهَا مَعَهُ، لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ فِي النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يُنَزِّلُ زَوْجَةَ الْأَبِ فِي النَّفْرَةِ عَنْهَا مَنْزِلَةَ مَحَارِمِ النَّسَبِ.

وَالْمَرْأَةُ فِتْنَةٌ إلَّا فِيمَا جَبَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النُّفُوسَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفْرَةِ عَنْ مَحَارِمِ النَّسَبِ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ.

فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ - مَعَ مَحْرَمِيَّةِ ابْنِ الزَّوْجِ - فَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ بَعِيدٌ.

وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَهُوَ أَقْرَبُ تَشَوُّفًا إلَى الْمَعْنَى. وَقَدْ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَمَا يُقَوِّي هَهُنَا: أَنَّ قَوْلَهُ " لَا يَحِلُّ " اسْتَثْنَى مِنْهُ السَّفَرَ مَعَ الْمَحْرَمِ. فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَيَحِلُّ.

وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي قَوْلِنَا " يَحِلُّ " هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ أَمْ لَا يَتَنَاوَلُهُ؟ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ " يَحِلُّ " تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ الْمُتَسَاوِيَةَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ، فَالْأَمْرُ قَرِيبٌ مِمَّا قَالَهُ، إلَّا أَنَّهُ تَخْصِيصٌ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَنَاوَلُ، فَهُوَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مُنَافِيًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ.

وَ " الْمَحْرَمُ " الَّذِي يَجُوزُ مَعَهُ السَّفَرُ وَالْخَلْوَةُ: كُلُّ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ لِحُرْمَتِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، فَقَوْلُنَا " عَلَى التَّأْبِيدِ " احْتِرَازًا مِنْ أُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا، وَقَوْلُنَا " بِسَبَبٍ مُبَاحٍ " احْتِرَازًا مِنْ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَحْرَمًا بِهَذَا

التَّفْسِيرِ، فَإِنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ، وَقَوْلُنَا " لِحُرْمَتِهَا " احْتِرَازًا مِنْ الْمُلَاعَنَةِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لَيْسَ لِحُرْمَتِهَا، بَلْ تَغْلِيظًا، هَذَا ضَابِطُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ.

الْخَامِسَةُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ لِلزَّوْجِ. وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَلَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْحُكْمِ بِالْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ السَّفَرِ مَعَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَسْتَعْمِلُوا لَفْظَةَ " الْحُرْمَةِ " فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي غَيْرِ مَعْنَى الْمَحْرَمِيَّةِ اسْتِعْمَالًا لُغَوِيًّا فِيمَا يَقْتَضِي الِاحْتِرَامَ. فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوَاجُ لَفْظًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]