وجه الدلالة من الآية:
إن الآية عامة تشمل من مكث في مكة بعد أدائه العمرة، أو من سافر إلى غير بلده ثم رجع إلى مكة لأجل أداء الحج، فهي لم تفرق بين الماكث والمسافر الذي رجع فحكمهما واحد، فدل على أنه ما دام متمتعاً جاز له مجاوزة الميقات من غير إحرام.
ثانياً: من الآثار:
عن يزيد الفقير أن قوماً من أهل الكوفة تمتعوا، ثم خرجوا إلى المدينة، فأقبلوا منها بحج، فسألوا ابن عباس رضي الله عنه فقال: «إنهم متمتعون»(181).
وجه الدلالة من الأثر:
دل الأثر على إن المسافر إلى غير بلده باقٍ على تمتعه، فهؤلاء سافروا إلى المدينة وهي مسافة قصر عن مكة، فدل ذلك على أنه يجوز لهم تجاوز ميقات ذي الحليفة من غير إحرام، لأن التمتع لم ينقطع بحقهم.
يمكن أن يناقش من جهتين:
الأولى: إنه روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يعارض قول ابن عباس رضي الله عنه حيث قال: «إذا اعتمر في أشهر الحج، ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع»(182).
الثانية: إن الأثر دل على إن التمتع باقٍ وإن دم التمتع يجب بحقه، وهذا وإن قيل به، إلا إن هذه المسألة لا علاقة لها بمسألة مجاوزة الميقات من غير إحرام، فهذه مسألة وتلك مسألة أخرى.
من المعقول:
أنه بخروجه ينوي العودة إلى مكة صار حكمه حكم أهلها، وإن الإحرام بالحج يكون في اليوم الثامن بمكة، فإذا أوجبنا عليه الإحرام بمجرد مروره بالميقات فقد ألزمناه بالإحرام قبل زمانه، وقبل مكانه، فعلى هذا يشرع له المرور متجاوزاً الميقات، وله الإحرام في اليوم الثامن في مكة(183).
يمكن أن يناقش:
بأن من نوى الحج ومرَّ بالميقات وجب عليه الإحرام من الميقات الذي مرّ به، وإن كان هذا قبل اليوم الثامن، فإن شاء بقي على إحرامه حتى يحل يوم النحر، وإن شاء أتى بعمرة، ويحل منها، فإذا جاء اليوم الثامن أحرم بالحج، ولا يوجد نص يمنع المتمتع من أن يحرم قبل اليوم الثامن، وإن الإحرام للمتمتع في اليوم الثامن مستحب.
الترجيح وسببه:
بعد عرض القولين وأدلتهما الذي يظهر رجحانه هو القول الأول للقائلين بوجوب الإحرام من الميقات للسبب التالي: وهو استدلالهم بعموم السنة الموجبة للإحرام من الميقات، ولم يخص فيبقى الدليل على عمومه على إن أدلة القول الثاني ليس فيها دليل صريح يمكن أن يستند عليه. والله أعلم.
الفصل الثالث: أثر دخول مكة بغير إحرام وفيه ثلاثة مباحث
المبحث الأول: أثر دخول مكة من غير إحرام لمريد النسك، وفيه أربع مسائل
المسألة الأولى: أنه من تجاوز الميقات بلا إحرام وهو مريد النسك، فإنه يجب عليه العود إلى الميقات، والإحرام منه، فإن أحرم بعد عوده من ميقاته الذي تجاوزه، فقد اتفق الأئمة الأربعة: الحنفية(184)، والمالكية(185)، والشافعية(186)، والحنابلة(187) إنه لا يلزمه شيء.
وقد نقل ابن قدامة، وغيره(188) الإجماع على هذا.
لكن هذه المسألة قيدت بقيدين عند بعض الفقهاء:
الأول: أن يكون العائد إلى الميقات ما لم يشارف مكة، وهذا عند بعض فقهاء المالكية، وجمهورهم لا يرون هذا القيد(189).
الثاني: أن يعود قبل أن يقطع مسافة قصر من ميقاته، وهذا عند بعض فقهاء الشافعية، وجمهورهم على خلافه(190).
وحجة ما ذهبوا إليه:
أن من تجاوزوا الميقات ثم عادوا إليه قد أتوا بالواجب، وتلك المجاوزة ليست نسكاً، فإذا لم يتركوا نسكاً ولم يفعلوا نسكاً في غير وقته، ولم يفعلوا في الإحرام محظوراً، فلا وجه لا يجاب الدم(191).
المسألة الثانية: إن من تجاوز الميقات بدون إحرام، ولم يرجع إليه لعذر؛ كالانقطاع عن الرفقة، أو ضيق الوقت، أو مرض شاق، ونحو ذلك، أو من غير عذر، فأحرم من موضعه لزمه دم.
وهذا باتفاق المذاهب الأربعة؛ الحنفية(192)، والمالكية(193)، والشافعية(194)، والحنابلة(195).
وحجة هذا:
ما روى عن ابن عباس رضي الله عنه: «من ترك نسكاً فعليه دم»(196).
المسألة الثالثة: من تجاوز الميقات ثم أحرم دونه، ثم عاد إلى الميقات محرماً، فإن عاد بعد التلبس بالنسك ولو بطواف القدوم، فإنه يلزمه الدم، ولا ينفعه العود باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (197)، والمالكية (198)، والشافعية (199)، والحنابلة (200).
وحجة ذلك:
إن المحرم بالحج أو العمرة قد تلبس بإحرام ناقص، وقد دخل في العبادة، فيلزمه الدم لمجاوزته الميقات من غير إحرام(201).
أما إن عاد قبل التلبس بالنسك، فقد اختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن عليه دم، ولا يسقط بالعود إلى الميقات، وهو قول المالكية(202)، والحنابلة(203)، وزفر من الحنفية(204)، وهو قول عند الشافعية(205).
القول الثاني: أن ذلك مجزئ كما لو أحرم من الميقات ابتداء، وهو قول الشافعية(206)، والصاحبين: أبي يوسف، ومحمد من الحنفية(207)، وهو رواية عن الإمام أحمد(208).
القول الثالث: إن عاد ملبياً، سقط الدم، وإلا فلا، وهو قول أبي حنفية(209).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدلوا بالآثار والمعقول:
من الآثار:
ما روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «من ترك نسكاً فعليه دم»(210).
وجه الدلالة من الأثر:
إن من ترك الإحرام من الميقات فقد ترك نسكاً، لأن المقصود هو الإحرام من الميقات المعين، فلما لم يحرم منه مع عوده إليه فقد ترك نسكاً واجب عليه فعله، فعليه دم.
نوقش:
بأن المتجاوز للميقات إذا أحرم دونه، ثم عاد إليه فكأنه لم يتجاوزه، وذلك بسبب إنه قطع المسافة من الميقات إلى مكة محرماً كغيره من المحرمين من الميقات.
من المعقول:
إنه ترك الإحرام من ميقاته، فلزمه الدم، لأن الدم وجب لتركه الإحرام من الميقات، فلا يبرئه منه إلا إراقته كسائر الواجبات(211).
يمكن أن يناقش:
إن الرجوع إلى الميقات يأخذ حكم من ابتدأ من الميقات، لأنهما سواء في قطع المسافة التي بين الميقات ومكة محرمين.
أدلة القول الثاني:
استدلوا من المعقول:
إنه أصبح في الميقات محرماً، فلم يجب عليه الدم، كما لو أحرم منه، وذلك لقطعه المسافة محرماً وأداء النسك بعده(212).
يمكن أن يناقش:
أنه في هذه الحال لا يصدق عليه إنه أحرم من الميقات حيث تجاوز الميقات من غير إحرام، ثم أحرم بعد ذلك فالعود إلى الميقات لا يزيل عنه ما ارتكبه من محظور، حيث إن المقصود هو الإحرام من الميقات، وهذا ما لا يتم فوجب الدم عليه.
أدلة القول الثالث:
استدلوا بالآثار والمعقول:
من الآثار:
ما روى عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه قال للرجل الذي ترك الإحرام من الميقات: أرجع ولبّ، وإلا فلا حج لك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ولا يجاوز الميقات إلا محرماً»(213).
نوقش:
بأن الحديث في سنده خصيف وهو ضعيف كما سبق ذكره(214).
من المعقول:
إن الفائت بالمجاوزة هو التلبية، فلا يقع تدارك الفائت إلا بالتلبية(215).
يمكن أن يناقش:
بأن المقصود هو الإحرام من الميقات والدخول في النسك، والتلبية تابعة، فلما لم يحصل الإحرام من الميقات وهو الأصل سقط التابع له من باب أولى.
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها، الذي يظهر رجحانه القول الأول القائلين بأن المتجاوز الذي أحرم بعد تجاوزه، وقبل التلبس بالنسك، ثم عاد إلى الميقات إن العود لا ينفعه وعليه دم، وسبب ذلك:
أن سياق حديث المواقيت يدل على أن مريد النسك لا يجوز له التجاوز إلا محرماً، وهذا نص في المسألة بينما أدلة القول الثاني، والثالث لا ترتقي إلى مناهضة المفهوم من حديث المواقيت، والله أعلم.
المسألة الرابعة: إذا تجاوز الميقات ثم عاد إلى آخر: فقد اختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إنه يجب أن يكون الإحرام من الميقات الذي تركه، فإذا أحرم من الميقات الآخر فإن عليه دم لتجاوزه ميقاته الأصلي.
وهو قول جمهور الفقهاء: من المالكية(216)، والشافعية(217)، والحنابلة(218).
إلا إن المالكية استثنوا: أن يمرّ بالميقات من له ميقات آخر، ولم يمرّ به فله أن يحرم فيه، كالشامي، أو المصري يمرّ بذي الحليفة، فله تجاوزها إلى الجحفة، وإن كان الأفضل له أن يحرم من ذي الحليفة ميقات النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: الجواز وإنه يجوز له أن يتجاوز ميقاته إلى ميقات آخر.
وهو المذهب عند الحنفية(219)، وهو قول عند الشافعية(220).
القول الثالث: ينظر إذا كان في البعد؛ كميقاته أو أكثر جاز، وإن لم يكن لم يجز، قاله أبو يوسف من الحنفية(221)، وجمع من فقهاء الشافعية؛ كالماوردي(222)، وغيره(223).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الاستدلال بحديث ابن عباس رضي الله عنه في المواقيت حيث قال: «وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن»(224).
وجه الدلالة من الحديث:
إنه لما وقت الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت تبين إنها مقيدة لمريد النسك، بأن يكون الإحرام منها، ولا يؤخر الإحرام عنها وزاد التأكيد بقوله صلى الله عليه وسلم «فهن لهن».
يمكن أن يناقش:
بأن يقال: إن مريد النسك تجاوز ميقاته إلى ميقات آخر، وكلها داخلة في عموم الحديث.
دليل المالكية في استثناء الشامي، والمصري في جواز الإحرام من الجحفة:
أن الجحفة هي الميقات الأصلي للشامي، والمصري، وهو لم يمرّ بها ولم يتجاوزها وفي سفره لأدائه الحج أو العمرة له أن يتجاوز ميقات ذي الحليفة، لأنه سيمر بميقاته الذي حدده له الشارع(225).
يمكن أن يناقش:
إن هذا مخالف للحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «هن لهن ولمن أي عليهن من غير أهلهن لم يريد الحج أو العمرة»(226)، والمار على المدينة وإن كان سيمر بالميقات المحدد له من قبل الشارع، إلا أنه في حكم الحديث أصبح في حكم أهل المدينة، فلا يُشرع له تجاوز ميقات أهل المدينة ذي الحليفة إلا محرماً.
أدلة القول الثاني:
يمكن أن يستدل لهم بحديث ابن عباس رضي الله عنه في المواقيت من قوله صلى الله عليه وسلم: «ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لما كان يريد الحج، أو العمرة»(227).
وجه الدلالة من الحديث:
إنه من تجاوز ميقاته إلى ميقات آخر جاز له الإحرام من الميقات الآخر، لأنه أتى عليه فأصبح من أهله بدخوله في عموم الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم: «ولمن أتى عليهن من غير أهلهن».
نوقش:
بأن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «ولمن أتى عليهن من غير أهلهن» من لم يذكر من أهل تلك المواقيت التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم ومرَّ عليها في طريقه فإنه يصبح من أهلها، فيأخذ حكمهم وهو عدم مجاوزة الميقات إلا محرماً لمن يريد النسك.
أدلة القول الثالث:
أنه لما تعين عليه الميقات الذي مرَّ به، أصبح مأموراً بقطع المسافة محرماً، فإذا أحرم مثل مسافته أو أبعد فيكون قطع المسافة محرماً مثلما لو أحرم من ميقاته وقاسوه على المفسد لنسكه لما أوجبوا عليه القضاء من الميقات الذي أحرم منه في الأداء قالوا: أنه يجوز له تركه والإحرام من مثل مسافته من موضع آخر(228).
يمكن أن يناقش:
بأن المقصود هو الإحرام من الميقات الذي حدده له الشارع، ومن ثم قطع المسافة محرماً هو الأثر الحاصل من الإحرام من الميقات، وعلى هذا فالقياس على النسك الفاسد في حال القضاء لا يتأتى، لأن الأصل الذي بني عليه القياس لم يثبت، لأنه مختلف فيه.
الترجيح وسببه:
بعد عرض الأقوال وأدلتها:
الذي يظهر رجحانه القول الأول للقائلين: بأن مريد النسك عليه أن يرجع ويحرم من الميقات الذي تركه، فلو أحرم من ميقات آخر فإن عليه دم، وسبب ذلك: صراحة حديث ابن عباس رضي الله عنه بأن مريد النسك إن عليه أن يحرم من ميقاته الذي مرَّ عليه، ولا يجوز له أن يتجاوزه إلا محرماً، والله أعلم.
أحكام تتعلق بالمسألة:
بعد الانتهاء من عرض المسائل المتعلقة بهذا المبحث توجد بعض الأحكام التي لها أثر وهي مرتبطة بها وهي ما يلي:
1- إن المتجاوز للميقات وهو يريد الحج أو العمرة؛ ينبغي أن يعود إليه ويحرم منه ولا فرق بين العامد، والناسي، والعالم بالحكم والجاهل.
2- إذا لم يتمكن من الرجوع إلى الميقات للإحرام منه لعذر؛ كالانقطاع عن الرفقة، أو ضيق الوقت، أو مرض، ونحو ذلك فأحرم من موضعه، فإن عليه دماً، ولم يأثم بترك الرجوع، وإن أثم بالمجاوزة.
3- إذا أحرم المتجاوز من موضعه ولم يرجع إلى الميقات ولم يكن عذر، فعليه دم مع إثم ترك الرجوع، والمجاوزة.
4- الجاهل والناسي إذا تجاوزا الميقات، ولم يحرما منه وأحرما من موضعهما عليهما دم، وعليهما إثم ترك الرجوع وينتفي عنهما إثم المجاوزة.
5- العامد الذي تجاوز الميقات، ثم رجع إليه للإحرام منه لا يأثم بترك الرجوع، وهل يأثم بالمجاوزة؟
الذي يظهر من عبارات الفقهاء: إن إثم المجاوزة ينتفي عنه برجوعه للميقات والإحرام منه(229).
وهذه مسألة يكثر وقوعها في الزمن الحاضر، وذلك بالسؤال عنها، حيث يحتاج بعض الناس تجاوز الميقات للحاجة مثل تعطل السيارة في الميقات، وتحتاج إلى قطع الغيار، فيدخل صاحبها مكة وهو مريد للحج أو العمرة غير محرم، أو يكون الدخول إلى مكة لغرض صحيح مثل أن يأتي مريد العمرة في آخر أيام شعبان وهو يرغب أن تكون العمرة في شهر رمضان، فيدخل مكة من غير إحرام لإنزال متاعه، ثم الرجوع إلى الميقات، ثم الإحرام منه عند دخول شهر رمضان ليتجنب تكرار العمرة في سفرة واحدة، وتحصيل فضيلة العمرة برمضان، فالذي يظهر جواز تجاوز الميقات على نية الرجوع إليه للإحرام منه إذا كان لحاجة، أو غرض صحيح، وهذا هو الذي يظهر من سياق فتاوى اللجنة الدائمة -بدار الإفتاء-(230)، وفتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين(231).
المبحث الثاني: أثر دخول مكة بغير إحرام لغير مريد النسك
هذا المبحث يتعلق بالداخلين إلى مكة لحاجة لا تتكرر، وعلى قول الجمهور الذين يرون وجوب الإحرام على من دخل إلى مكة لحاجة لا تتكرر، أما على قول القائلين باستحباب الإحرام، فإن الدخول عندهم بغير إحرام لا أثر له، وهذه المسألة اختلف الفقهاء فيها على قولين:
القول الأول: إنه لا يلزمه القضاء، ويكون بفعله عاصياً وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية(232)، والشافعية(233)، والحنابلة(234).
القول الثاني: إنه يلزمه القضاء، وهو قول الحنفية. وقالوا: إذا تجاوز الميقات غير محرم، لزمه إحرام، فإن أدى به حجة الإسلام في سنته سقط عنه، وأن أخره في السنة الثانية، لم تجزه حجة الإسلام، ولزمه حجة، أو عمرة(235)، وهو رواية عن الإمام أحمد قال بها بعض فقهاء الحنابلة(236).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدلوا بالمعقول:
الدليل الأول: إن الإحرام وجب لحرمة الدخول والبقعة، فإذا لم يأت به فات، ولا يشرع قضاؤه؛ كتحية المسجد إذا جلس فيه، ولم يصلها فإنه لا يشرع له قضاؤها(237).
نوقش:
بأن تحية المسجد لم تقض لكونها سنة غير واجبة، أما الإحرام فواجب، فينبغي قضاؤه(238).
رد الاعتراض:
أن التحية لم يترك قضاؤها لكونها سنة، فإن السنة الراتبة إذا فاتت يستحب قضاؤها، وإن لم تقض لتعلقها بحرمة المكان صيانة له من الانتهاك، وقد حصل فلو صلاها لم يرتفع ما حصل من الانتهاك، وكذا الإحرام لدخول الحرم(239).
الدليل الثاني: بأن من لا يستقر عليه القضاء بدخول الحرم محلاً إذا كان ممن يتكرر عليه دخوله، كذلك إذا كان من غيرهم، ودليله إذا حج من سنته(240).
نوقش:
أنه إذا حج من سنته فقد فعل ما اقتضاه الأمر، وإذا أخر الحج لم يفعل ما يقتضيه الأمر، وفرق بين الأمرين في إيجاب القضاء، بدلالة أن من أحرم بحجة الإسلام فأداها سقط مقتضى الأمر، ولو أفسدها بعدم فعله مقتضى الأمر استقر عليه القضاء(241).
الدليل الثالث: لوجب القضاء بترك الإحرام، لأدى إلى إيجاب الإحرام إلى غير نهاية، لأنه كلما حضر الميقات لزمه إحرام به، فوقع ما يفعله عن الحال دون الماضي، وهذا كمن لو نذر أن يصوم أبداً، ثم أفطر لم يلزمه القضاء، لأن كل يوم مشغول بما وجب فيه من القضاء(242).
نوقش:
بأن له سبيلاً إلى القضاء، وذلك بأنه يأتي بإحرام من مكة فيسقط عن نفسه موجب ما لزمه، أما القياس على صوم الدهر، فقياس مع الفارق، لأن المتجاوز للميقات بغير إحرام له وقت يقضي فيه، أما هذا فلا وقت له يقضى فيه، فلزمته الكفارة(243).
الدليل الرابع: بأن هذا أمر مؤقت فسقط بفوات الوقت، والقضاء يجب بأمر آخر، فموجبه يحتاج إلى دليل(244).
نوقش:
أن الإيجاب تعلق بسبب من جهته فأصبح كالنذر المؤقت الذي لا يسقط بفوات الوقت على أن القضاء يجب بالأمر السابق، وهو عدم مجاوزة من أراد دخول الحرم الميقات إلا بالإحرام منه(245).
أدلة القول الثاني:
استدلوا بالمعقول:
الدليل الأول: أنه إذا أراد دخولها لزمه أن يحرم، فإذا لم يفعل فقد ترك إحراماً لزمه، فعليه أن يأتي به، كما لو قال: (لله عليَّ إحرام)، وقد تركه فإنه يلزمه الإتيان به(246).
نوقش:
بأن الناذر قد أوجب الإحرام على نفسه بخلاف من مرَّ بالميقات وأراد دخول مكة وهو لا يريد نسكاً فالحج غير واجب عليه في الأصل، مع أن الوجوب وهو المرور بالميقات لا يسقط بحجة الإسلام، فهذا له حكم وذاك له حكم(247).
الاعتراض:
وهو أنه إذا سقط الوجوب بفعل واجب آخر -لا يدل على سقوط الوجوب مطلقاً كما أن الطهارة واجبة لصلاة الفرض، كما لو توضأ لصلاة الجنازة- سقط بذلك ما وجب عليه، ولم يدل على أن الطهارة لم تكن وجبت(248).
الدليل الثاني: أنه إحرام واجب فجاز أن يلزمه فعله بعد مضي وقته؛ كإحرام حجة الإسلام(249).
يمكن أن يناقش:
بأن إحرام حجة الإسلام لا زالت باقية في ذمته وهو أن الحج فرض عليه، ويجب أداؤه فإذا فات، فإنه يلزمه القضاء.
الدليل الثالث: أن كل من وجب عليه إحرام لم يسقط عنه مع بقاء الحياة والإسلام، إلا بفعله أصله من وجد الزاد، والراحلة، أو نذر(250).
يمكن أن يناقش:
بأن من وجد الزاد، والراحلة، فقد دخل في حد الاستطاعة فيجب عليه أداء فرضه، وكذلك من نذر فقد أوجب على نفسه الإحرام، بخلاف من مرَّ بالميقات وأراد دخول مكة بغير إحرام، فهذا لا يجب عليه القضاء، وإن كان عاصياً بدخوله، لأن ذمته قد برئت بأدائه نسكه المفروض عليه الذي أداه سابقاً.
الترجيح وسببه:
بعد عرض القولين وأدلتهما يظهر رجحان القول الأول للقائلين: بأنه لا يلزمه القضاء، ويكون بفعله عاصياً، وسبب الترجيح:
إن المتجاوز للميقات بلا إحرام قد دخل مكة من غير إرادة النسك ولم يوجد منه سبب يوجب عليه القضاء، لأن الأصل أنه أدى الفرض فبرئت ذمته من ذلك، ويؤيد هذا ما سبق ذكره في أدلة غير الموجبين فيمن دخل مكة لحاجة لا تتكرر، والله أعلم.
المبحث الثالث: أثر دخول الصبي، أو العبد، أو الذمي إلى مكة بغير إحرام
إذا دخل الصبي، أو العبد، أو الذمي إلى مكة ثم بلغ الصبي، وعتق العبد وأسلم الذمي، فأحرموا من مكانهم، فهل لمرورهم على الميقات، وتجاوزه بغير إحرام أثر في إحرامهم، إلا إن في مسألة الصبي، والعبد خلاف إذا لم يأذن ولي الصبي، وسيد العبد لهما بالإحرام من الميقات، فإذا أذنا لهما ولم يحرما منه فإنه يجب عليهما الدم قولاً واحداً(251)، وقد قسمت هذا المبحث إلى ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: إذا تجاوز الصبي الميقات بلا إحرام، ثم بلغ وأحرم، فهل يلزمه دم لترك الميقات بغير إحرام؛ اختلف الفقهاء على قولين:
القول الأول: أنه لا دم عليه لتجاوزه الميقات، ودخوله مكة بغير إحرام، وهو قول الحنفية(252)، والمالكية(253).
وهو الصحيح عند الشافعية(254)، وهو قول الحنابلة(255).
القول الثاني: أنه عليه دم لتجاوزه الميقات، وهو قول عند الشافعية(256).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدلوا بالمعقول:
الدليل الأول: أن سبب وجوب العبادة وجد فيه قبل البلوغ، فلم يلزمه بترك الفعل شيء، ولأن الحج وجب عليه بمكة، فصار من أهلها(257).
يمكن أن يناقش:
أنه ما كان قبل البلوغ معذور فيه، أما بعد ذلك فإنه يمكن أن يتداركه، وذلك بالعود إلى الميقات، والإحرام منه، فإذا لم يعد فإنه يلزمه دم.
أدلة القول الثاني:
استدلوا بالمعقول:
أن الإحرام من الميقات كان نافلة، وإنما وقع الإحرام عن فرضه من حين كمل، فكأنَّ الإحرام من الميقات لم يكن(258).
يمكن أن يناقش:
بأن الوجوب لم يستقر في ذمته إلا بعد البلوغ، ولأنه حال المخاطبة بالتكليف أصبح من أهل تلك البقعة، فجاز له الإحرام منها كأهلها.
الترجيح وسببه:
بعد عرض القولين وأدلتهما يظهر رجحان القول الأول للقائلين: بأن الصبي إذا أحرم من موضعه، فإنه لا يلزمه شيء إذا بلغ في مكة وأحرم منها، وسبب ذلك:
إن الصبي بتجاوزه الميقات من غير إحرام معذور فيه، لأنه غير مكلف، إذ أن خطاب التكليف قد تناوله في موضع يجوز الإحرام منه وهو مكة، فأصبح في حكم ذلك الموضع، كالمكلف الحر الذي تجاوز الميقات وهو يريد الدخول إلى مكة أو الحرم لغير نسك، فعزم على الحج، أو العمرة من موضعه، فإنه يجوز له الإحرام من مكانه، ولا يشترط الرجوع إلى الميقات، والله أعلم.
المسألة الثانية: إذا عتق العبد بعد تجاوزه الميقات وأحرم من موضعه فهل يلزمه دم لترك الميقات بغير إحرام، اختلف الفقهاء على قولين:
القول الأول: أنه لا دم عليه لتجاوزه الميقات، وهو قول المالكية(259)، والشافعية(260)، والحنابلة(261).
القول الثاني: أنه يلزمه دم لترك الميقات، وهو قول الحنفية(262)، وهو قول عند الشافعية(263).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدلوا بالمعقول:
إنه لما كان العبد لا يملك منافع نفسه وللسيد منعه، جاز له أن يتجاوز الميقات من غير إحرام، فلما حصل له العتق وهو في مكة ووجب عليه الحج؛ صار كأهلها في الحكم وهو الإحرام من مكة(264).
يمكن أن يناقش:
بأن تجاوزه للميقات بدون إحرام معذور فيه، فلما عتق وأراد الإحرام بالحج، فإنه يلزمه العود إلى الميقات للإحرام منه، لأنه أصبح مكلفاً، أو يلزمه الدم بعدم عوده؛ كالداخل للحرم متجاوزاً للميقات وأحرم منه بأنه يلزمه الدم.
أدلة القول الثاني:
استدلوا بالمعقول:
الدليل الأول: أنه جاوز الميقات غير محرم، وهو على صفة يصح إحرامه، فوجب أن يلزمه دم، كالحر الذي يريد النسك(265).
يمكن أن يناقش:
إن تجاوزه للميقات غير محرم لعدم إذن سيده، وإن العتق لم يحصل إلا بعد تجاوزه، فإنه لا يلزمه الدم، لأنه أخذ حكم أهل مكة في الإحرام منها.
الدليل الثاني: أنه مكلف أحرم دون ميقاته، فلزمه لترك الميقات دم(266).
يمكن أن يناقش:
بأن العبد في وقت رقه غير مكلف، لأن منافعه مملوكة لسيده فلا يستطيع أن ينصرف إلا بإذنه، والموجب للحج هو الاستطاعة وهي غير موجودة أثناء مروره بالميقات.
الترجيح وسببه:
بعد عرض القولين وأدلتهما:
يظهر رجحان القول الأول للقائلين: بأن العبد إذا أحرم من موضعه، فإنه لا يلزمه شيء وسبب ذلك: إن العبد في تجاوزه للميقات بغير إحرام معذور فيه، لعدم إذن سيده، فإذا عتق بعد التجاوز جاز له الإحرام من موضعه، لأن خطاب التكليف مع وجود الاستطاعة تناوله في موضعه الذي أحرم منه فأخذ حكم أهل ذلك الموضع، والله أعلم.
المسألة الثالثة: إذا تجاوز الذمي الميقات، ثم أسلم وأحرم فهل يلزمه دم لترك الميقات بغير إحرام، اختلف الفقهاء على قولين:
القول الأول: لا يلزمه دم لترك الميقات.
وهو قول: الحنفية(267)، والمالكية(268)، وهو المذهب عند الحنابلة(269).
قال المرداوي: (إنه لا يجب عليه الدم، على الصحيح من المذهب، نص عليه، واختارها جماعة)(270)، وقال به المزني من الشافعية(271).
القول الثاني: إنه يلزمه دم لترك الميقات.
وهو قول الشافعية؛ حيث قالوا: ولو مرّ كافر بالميقات مريداً للنسك، وأحرم وجب عليه دم، وإن أخر الإحرام عن سنته فلا شيء عليه(272). وهو رواية عن الإمام أحمد(273).
أدلة القول الأول:
أن ما جعل سبب في وجوب العبادات، فإنه في حال الكفر لم يخاطب به بعد الإسلام، كمضي وقت الصلاة، ودخول الحول على المال، وقد دل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «الإسلام يجب ما قبله»(274) (275).
نوقش:
بأن الدم يتجدد وجوبه بعد الإسلام فلا يسقطه الإسلام، لأنه إنما يجب إذا أحرم من سنته من غير الميقات، وهذا السبب حدث بعد إسلامه فلم يكن في الخبر حجة(276).
الدليل الثاني: أنه أسلم بعد مجاوزة الميقات، فصار كما لو دخل مكة ولم يحج في تلك السنة(277).
يمكن أن يناقش:
إن تجاوزه للميقات من غير إحرام معذور فيه، أما إحرامه من مكة فيأخذ حكمه حكم الآفاقي الذي تجاوز الميقات من غير إحرام، وهو إما أن يعود إلى الميقات فيحرم منه، أو أنه إذا أحرم من موضعه ولم يرجع فإن الدم يجب عليه.
أدلة القول الثاني:
أنه جاوز الميقات مريداً للنسك، وأحرم دونه من سنته، ومضى فيه قبل رجوعه إلى الميقات، فلزمه الدم، قياساً على المسلم(278).
نوقش:
إن إرادة النسك مع الكفر لا يتعلق بها حكم، أما المعنى في المسلم، فإنه ممن يجب عليه الإحرام بإيجاب الحج على نفسه، وذلك عند إرادة الدخول في النسك، فجاز أن يلزمه بمجاوزة الميقات دم، أما الذمي فهو ممن لا يلزمه بإيجاب الحج عند الميقات، فلم يلزمه دم بمجاوزة الميقات(279).
الترجيح وسببه:
بعد عرض القولين وأدلتهما:
يظهر رجحان القول الأول للقائلين: بأنه لا يلزم الذمي دم في مجاوزة الميقات إذا أحرم في موضعه، وسبب ذلك:
إن تجاوزه للميقات معذور فيه بسبب إنه غير مخاطب بالعبادة، وإنما حصلت المخاطبة بعد تجاوزه الميقات بغير إحرام، فيأخذ حكمه حكم الموضع الذي أحرم منه، والله أعلم.
الخاتمة
بعد الانتهاء من هذا البحث توصلت إلى أهم النتائج والتوصيات التالية:
أولاً: النتائج:
1- إن مريد الحج أو العمرة لا يجوز له أن يتجاوز الميقات من غير إحرام، وإن تجاوزه فيجب عليه أن يعود إليه.
2- أصحاب الحاجات غير المتكررة إذا أرادوا الدخول إلى مكة، وهم غير مريدين للحج أو العمرة، فهم بالخيار إن شاءوا أحرموا، وإن شاءوا لم يحرموا، وإن كان الإحرام لهم أحوط، وخصوصاً من أمضى أكثر من سنة لم يحج أو يعتمر.
3- أصحاب الحاجات المتكررة يشرع لهم الدخول إلى مكة من غير إحرام، لأن الإحرام لكل دخول فيه مشقة وحرج، والمشقة والحرج رفعتا عن الأمة.
4- المتمتع إذا سافر بعد انتهائه من العمرة إلى المدينة مثلاً -وهذا يكثر في الوقت الحاضر- ثم رجع إلى مكة لأداء الحج، فإنه يجب عليه الإحرام من الميقات، ولو كان باقياً على تمتعه، وهذا باتفاق الفقهاء.
5- إن من كان من أهل مكة ثم خرج منها مسافراً وعند عودته إليها وقد أراد العمرة، فإنه يجب عليه الإحرام من الميقات الذي سيمر به، وهذا باتفاق الفقهاء، وكذلك إذا أراد الحج على القول الصحيح من أقوال الفقهاء.
6- إن مريد الحج، أو العمرة إذا تجاوز الميقات من غير إحرام، ثم عاد إليه وأحرم منه فلا شيء عليه، وهذا باتفاق الفقهاء.
7- مريد الحج، أو العمرة إذا تجاوز الميقات ولم يعد إليه وأحرم من مكانه، فإن عليه دماً مع الإثم، هذا إذا كان بغير عذر، أما إذا كان لعذر فإن عليه دماً، وينتفي عنه الإثم.
8- إذا تجاوز مريد الحج أو العمرة الميقات، ثم أحرم من موضعه، ثم عاد إلى الميقات، فإن عليه دماً على القول الراجح من أقوال الفقهاء.
9- إذا تجاوز مريد الحج أو العمرة ميقاته من غير إحرام، ثم ذهب إلى ميقات آخر غير ميقاته، فعلى القول الراجح من أقوال الفقهاء إن عليه دماً.
10- الداخل إلى مكة لحاجة لا تتكرر من غير إحرام، فإنه يعد عاصياً، ولا دم عليه على قول جمهور الفقهاء الموجبين عليه الإحرام.
11- إذا تجاوز الصبي، أو العبد، أو الذمي الميقات ولم يأذن ولي الصبي، ولا سيد العبد لهما بالإحرام من الميقات، ثم بلغ الصبي، أو عتق العبد، أو أسلم الذمي فإنه يشرع لهم الإحرام من موضعهم، ولا شيء عليهم في أرجح قولي العلماء، والله أعلم.
ثانياً: التوصيات:
1- إن مسألة الدخول إلى مكة كثرت في الوقت الحاضر، وقد تنوعت رغبات الداخلين إليها، فيحتاج الأمر من المشايخ وطلاب العلم الذين يقومون بإلقاء المحاضرات، وعقد الندوات في موسم الحج أو العمرة التنبيه على هذه المسألة والتفصيل فيها؛ حتى يكون الداخل على علم بها، لئلا يقع في المحظور.
2- على خطباء الجمعة أن يولوا هذه المسألة الأهمية بالإشارة إليها وبيان الأحكام؛ وبخاصة في مواسم الحج أو العمرة؛ حتى يكون المسلم المسافر الداخل إلى مكة على علم بها.
3- إن مسألة الدخول إلى مكة لحاجة لا تتكرر مع كثرة وقوعها في الوقت الحاضر يحتاج إلى من ينظر فيها في المجامع الفقهية، أو في المجامع العلمية، حيث إن الناظر في المسألة يصعب عليه الترجيح بين الأقوال، وذلك إذا نظر إلى قول أكثر الفقهاء وأئمتهم -وربما يكون قد وقع شبه اتفاق عليها بين الأئمة الأربعة- وعلى إيجاب الإحرام، وإذا نظر إلى الفتوى المعاصرة وجد إن الأمر على الاستحباب، وليس على الوجوب ولكل قول أدلته، وأكثر أدلة القولين لا تسلم من المعارضة؛ فتحتاج المسألة إلى دراسة جماعية من المجامع العلمية بدلاً من الاجتهادات الفردية.
4- اقترح على إدارة الشؤون العلمية المتعلقة بشعيرة الحج كمراكز الحج التابع لجامعة أم القرى، أو غيرها من الجهات العلمية، أو الباحثين أن تكون هناك دراسة عن أثر التقدم العمراني على بعض مسائل الحج؛ كالفرق بين مكة والحرم حيث اختلف الحال عما كان عليه في العصور الماضية، ومن المقصود بحاضري المسجد الحرام، وماذا عن قصر الصلاة، والجمع في المشاعر، لأن المشاعر أصبحت داخلة في النطاق العمراني في الوقت الحاضر، وغيرها من المسائل، حتى تخرج تلك الدراسات بنتائج وتوصيات علمية يستفاد منها في الوقت المعاصر بإذن الله، والله أعلم.