عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-11-2019, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,968
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللباس المُحَرَّم على المُحْرِم

وجه الاستدلال بالحديث على تحريم اللباس المُحِيْط بالبدن كله أو بعضو منه :
أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نهى عن خمسة أنواع من اللباس تشمل جميع ما يَحْرُم – فإنه قد أوتي جوامع الكلَم، وذلك أن اللباس إما أن يصنع للبدن فقط وهو القميص، أو للرأس فقط وهو العِمـامة، أولهما وهو البُرْنُس، أو للفخذين والساق وهو السراويل، أو للرجلين وهو الخف ونحوه.
والوصف المشترك بين هذه الألبسة الإحاطة بالبدن كله أو بعضو منه, فألحق أهل العلم بهذه الألبسة المذكورة في الحديث ما كان في معناها فألحقوا بالقميص كل لباس مصنوع للبدن كله كالجُبَّة والفََرُّوُج، وألحقوا بالعِمـامة كل لباس مصنوع للرأس وحده، وألحقوا بالبُرْنُس كل لباس مصنوع للبدن مع الرأس، وألحقوا بالسراويل كل لباس مصنوع للفخذين والساق[54].
الدليل الثاني : أن لبس المخيط على الوجه المعتاد من باب الترفه، والمُحْرِم ممنوع من الترفه[55].
واستدل القاضي من الحنابلة على تحريم اللباس المُحِيْط إذا لبسه بخلاف ما جرت به العادة كجورب لبسه في كفه بأن عموم الأخبار يقتضي التحريم[56].
واستدلوا على إباحة المخيط وغيره إذا كان لا يحيط بالبدن أو بعضو منه بثلاثة أدلة :
الدليل الأول: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما ذكر أنواع اللباس المُحَرَّم على المُحْرِم لم يذكر إلا اللباس المُحِيْط بالبدن أو بعضو منه فدل على إباحة ما سواه[57].
الدليل الثاني : أن اللباس إذا كان غير مُحِيْط بالبدن لا يحصل به الترفه, فإذا لبس المئزر المرقوع لم يحصل ترفه بما فيه من الخياطة، إذ لا منفعة فيه إلا ستر العورة أو دفع المضرة عن الجسد والمُحْرِم مأمور بهذا، وإذا ألقى القميص على كتفيه احتاج إلى تكلف وتعاهد لبقاءه على كتفيه فلا يحصل بذلك ترفه، والاتشاح بالقميص والاتزار بالسراويل في معنى الارتداء والاتزار في أنه يحتاج في حفظه إلى تكلف كما يحتاج إلى التكلف في حفظ الرداء والإزار، فإذا لم يحصل الترفه باللباس لم يكن محرماً فإن العلة في التحريم هي الترفه[58].
الدليل الثالث : أن الالتحاف بالقميص, ونحو ذلك لا يسمى لبساً, فلا يكون محرماً على المُحُرِم[59], فإنه إذا اتشح بالقميص فقد اتخذه رداء، وإذا اتزر بالسراويل فقد اتخذه إزارا[60].
ويستدل على أن الإباحة هي الأصل في لباس المُحْرِم ، بأن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما سأله السائل عن ما يلبسه المُحْرِم أجاب بذكر ما لا يلبسه, فدل ذلك على أن التحريم منحصر فيه.
المطلب الثاني
ما اختص به الرأس في ضابط التحريم
أجمع أهل العلم على أنه يَحْرُم على المُحْرِم تغطية رأسه كله أو بعضه، فيَحْرُم عليه لبس عمامة وقَلَنْسوة[61] ونحو ذلك[62].
نص على ذلك الحنفية[63], والمالكية[64]، والشافعية[65], والحنابلة[66] ، وغيرهم[67].
فيَحْرُم ستر الرأس بكل ما يقصد به الستر سواء كان معتاداً أو غير معتاد[68]، ولا فرق بين ستر الرأس كله أو بعضه، فَيَحْرُم عليه أن يعصب حول رأسه عصابه، أو يشد حول رأسه سيراً [69]، وأباح بعض الشافعية له أن يشد خيطاً؛ لأنه ليس ساتراً عندهم[70].

وقد اختص الرأس عن عموم البدن بأنه يَحْرُم تغطيته بكل ما يعد ساتراً؛ سواء كان مُحِيْطاً بالرأس كالعِمـامة, أو غير مُحِيْط كخرقة يلقيها على رأسه، أما باقي البدن فإنه يَحْرُم تغطيته باللباس المُحِيْط فحسب, كقميص أوسراويل يلبسه، أما تغطيته بالساتر غير المُحِيْط فلا يَحْرُم، فيجوز أن يتغطى بلحاف، أو يضع على بدنه قميصاً أو يتزر بسراويل ونحو ذلك[71].
ومراعاة لهذا الفارق فإن أهل العلم أفردوا الرأس عن سائر البدن عند البحث في أحكام اللباس المُحَرَّم على المُحْرِم.
واختلفوا في الاذنيين هل تدخل في الرأس أم لا، فمنهم من ذهب إلى أنها تدخل في الرأس فيَحْرُم سترها بالمُحِيْط وغيره[72]. ومنهم من ذهب إلى أنها لا تدخل في الرأس فلا يَحْرُم سترها[73].
والأدلة على هذه الضوابط ما يلي :
الدليل الأول : حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وفيه { نهى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- المُحْرِم عن لبس العمائم والبرانس}[74].
الدليل الثاني :عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما قال- {بينما رجل واقف مع النبي –صلى الله عليه وسلم- بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته[75] فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين- أو قال ثوبيه-ولا تحنطوه,ولا تُخَمِّرُوا رأسه,فإن الله يبعثه يوم القيام يلبي[76]}.
وجه الاستدلال بالحديث أن :
أن قول النبي –صلى الله عليه وسلم- " فإنه يبعث ملبياً " يدل على أن العلة في منع تغطية الرأس هو الإحرام[77].
وقد اعترض على هذا الاستدلال باعتراضين :
الاعتراض الأول: أن الإحرام يبطل بالموت، وأما بقاؤه في حق هذا الرجل فهو مخصوص به لإخبار النبي –صلى الله عليه وسلم- بذلك[78].
الاعتراض الثاني : أن بقاء الإحرام بعد الموت أمر غيبي وقد عرفنا بقاءه في حق الرجل الوارد ذكره في الحديث بإخبار النبي –صلى الله عليه وسلم- ، ولا طريق لنا بعد ذلك إلى معرفة من يبعث ملبياً ممن يموت اليوم من المُحْرِمين[79].
ويمكن أن يجاب عن الاعتراضين بأن الحديث فيه أن علة التحريم هي الإحرام، وليس فيه ما يدل على الخصوصية فيبقى الحكم على عمومه.
الدليل الثالث : عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال " إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها "[80].
وروي موقوفاً على ابن عمر- رضي الله عنهما -.
الدليل الرابع : أن المُحْرِم مأمور بالشعث، وهذا يقتضي منع المُحْرِم من لبس العمائم وما في معناها[81] .
واستدلوا على التفريق بين الرأس وسائر البدن في ضابط اللباس المُحَرَّم؛ بأن الأصل أن الإحرام يقتضي التجرد من كل ما يستر الجسد فجرى الحكم في الرأس والوجه على هذا الأصل، ولم يجر في سائر البدن؛ لأنه عورة في الجملة فلو حرم ستره بكل ساتر للزم الوقوع في المعصية, وربما يوصل ذلك إلى الفساد فلذا جاز ستره بغير المَخِيط المُحِيْط[82].
ويرد على هذا الاستدلال اعتراض بانه يصدق على مكان العورة من الجسد, ولا يصدق على سواه.
واستدلوا على عدم التفريق بين القليل والكثير في تحريم تغطية الرأس بدليلين :
الدليل الأول : عموم الأدلة الواردة في النهي عن تغطية المُحْرِم رأسه؛ لأن المنهي عنه يَحْرُم فعل بعضه كما يَحْرُم فعله كله؛ لذلك لما قال الله تعالى { ولا تحلقوا رؤوسكم } حرم حلق بعضه[83].
الدليل الثاني : عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما - قال : " لا يعصب المُحْرِم رأسه بسير, ولا بخرقه "[84].
واستدل الشافعية على إباحة شد الخيط دون العصابة، بأن الخيط لا يعد ساتراً بخلاف العصابة فإنها ساتر[85].
المطلب الثالث
حكم تغطية المُحْرِم وَجْهَه
وللموضوع تتمة
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]