عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-11-2019, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...


وإرادة الحج والعمرة غير واجبة على من أدى فريضتهما، وهما لا يجبان في العُمرِ إلا مرة واحدة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سُئل هل يجب الحج كل عام؟ قال: ((الحج مرة فما زاد فهو تطوع)).
والعمرة كالحج لا تجب إلا مرة في العمر.
لكن الأولى لمن مر بالميقات أن لا يدع الإحرام بعمرة أو حج إن كان في أشهرهِ، وإن كان قد أدى الفريضة ليحصل له بذلك الأجر العظيم لقوله - صلى الله عليه وسلم – ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
أنواع الأنساك ثلاثة:
الأول: التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو أن يُحرم في أشهر الحج بالعمرة وحدها، ثم يفرغ منها بطواف وسعي وتقصير، ويحل من إحرامه، ثم يحرم بالحج في وقته من ذلك العام، بشرط ألا يرجع إلى أهله فإن رجع انقطع التمتع ثم عليه طواف وسعي آخر.
الثاني: القران، وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، أو يُحرم بالعمرة أولاً، ثم يُدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها فإذا وصل إلى مكة - حرسها الله - طاف طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة للعمرة والحج سعياً واحداً، ثم استمرَّ على إحرامه حتى يُحل منه يوم العيد.
ويجوز أن يؤخر السعي عن طواف القدوم إلى ما بعد طواف الحج، لا سيما إذا كان وصوله إلى مكة - حرسها الله – متأخراً، وخاف فوات الحج إذا اشتغل بالسعي.
الثالث: الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفرداً، فإذا وصل مكة - حرسها الله - طاف طواف القدوم إن أراد، وسعى للحج، واستمر على إحرامه حتى يحل منه يوم العيد، ويجوز أن يؤخر السعي إلى ما بعد طواف الحج كالقارن.
وبهذا تبين أن عمل المُفرد والقارن سواء، إلا أن القارن عليه الهديُ لحصول النُّسُكين له دون المفرد.
هذا وقد يُحرم الحاج بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ثم لا يتمكن من إتمامها قبل الوقوف بعرفة، ففي هذه الحال يدخل الحج على العمرة قبل الشروع في طوافها ويصير قارناً، ولذلك مثالان:
المثال الأول: امرأةٌ أحرمت بالعمرة متمتعة بها إلى الحج، فحاضت أو نَفِست قبل أن تطوف، ولم تَطهر قبل وقت الوقوف بعرفة، فإنها تُحرم بالحج وتصير قارنة، وتفعل ما يفعله الحاج، غير أنها لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر وتغتسل.
المثال الثاني: شخص أحرم بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، فلم يتمكن من الدخول إلى مكة - حرسها الله - قبل وقت الوقوف بعرفة، فإنه يُدخِلُ الحج على العمرة ويصير قارناً لتعذُّر إكمال العمرة منه.
أفضل الأنساك:
اختلف أهل العلم في أفضل الأنساك، فذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - وابن القيم، ومن المعاصرين الألباني - رحمهما الله - إلى وجوب التمتع، والصحيح خلافه، وذهب الحنابلة إلى أن التمتع أفضل، والحنفية أن القران أفضل، والمالكية والشافعية أن الإفراد أفضل.
وقد رجح شيخ الإسلام قولا لطيفا جمع فيه بين الأقوال المروية عن أهل العلم فقال: "فالتحقيق في ذلك أنه يتنوع باختلاف حال الحاج فإن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أخرى، أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج و يعتمر و يقيم بها حتى يحج، فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة، وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل له، و إن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل"(6).
وذهب سماحة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: للقول بأن الإفراد أفضل بأدلة وقد قال: "هذا فعل الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فقد حجوا بالناس مفردين، ومدة هؤلاء الخلفاء حول أربع وعشرين سنة، وهم يحجون بالناس مفردين، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره لما واظبوا عليه هذه المدة الطويلة"(7)، وقال بنحو قوله النووي(8) والقول بأن الإفراد أفضل قول قوي جدا.
فيما يجب به الهدي من الأنساك، وما صفة الهدي:
1. لا يجب الهدي على المتمتع والقارن إلا بشرط أن لا يكونا من حاضري المسجد الحرام، أي: لا يكونا من سكان مكة - حرسها الله - أو الحرم، فإن كانوا من سكان مكة - حرسها الله - أو الحرم فلا هدي عليهم لقوله - تعالى -: (ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
ويلزم الهدي أهل جدّة إذا أحرموا بتمتع أو قِران؛ لأنهم ليسوا من حاضري المسجد الحرام.
ومَن كان مِن سُكان مكة - حرسها الله - ثم سافر إلى غيرها لطلب علم أو غيره، ثم رجع إليها متمتعاً أو قارناً فلا هدي عليه؛ لأن العبرة بمحل إقامته ومسكنه وهو مكة - حرسها الله -.
أما إذا كان من أهل مكة - حرسها الله - ولكن انتقل للسكنى في غيرها، ثم رجع إليها متمتعاً أو قارناً فإنه يلزمه الهدي؛ لأنه حينئذ ليس من حاضري المسجد الحرام.
ومتى عَدِمَ المتمتع والقارن الهدي أو ثمنه بحيث لا يكونُ معه من المال إلا ما يحتاجه لنفقته ورجوعه فإنه يسقط عنه الهدي، قال الشيخ الشنقيطي: "اعلم أن العاجز عن الهدي ينتقل للصوم ولو كان غنياً في بلده، هذا هو الظاهر"، ويلزمه الصوم؛ لقوله - تعالى -: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
قال سماحة الشيخ محمد الأمين: "قد يترجح عند النظار عدم صوم أيام التشريق للمتمتع - الذي لم يجد الهدي - من وجهين: الأول: أن عدم صومها مرفوع رفعاً صريحاً، وصومها موقوف لفظاً ومرفوع حكماً على المشهور، والمرفوع صريحاً أولى بالتقديم من المرفوع حكماً. الآخر: أن الجواز والنهي إذا تعارضا قدم النهي".
ويجوز أن يصومها قبل ذلك، بعد الإحرام بالعمرة إذا كان يعرف من نفسه أنه لا يستطيع الهدي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة))، فمن صام الثلاثة في العمرة فقد صامها في الحج.
ويجوز أن يصوم هذه الثلاثة متوالية ومتفرقة، ولكن لا يؤخرها عن أيام التشريق فإن فعل قضاها، وأما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله إن شاء متوالية، وإن شاء متفرقة؛ لأن الله - سبحانه - أوجبها ولم يشرط أنها متتابعة.
قال سماحة الشيخ محمد الأمين: الأظهر عندي أن من بدأ في صوم الثلاثة ثم وجد الهدي أنه لا يلزمه الرجوع للهدي؛ لأنه دخل في الصوم بوجه جائز، وينبغي له أن ينتقل إلى الهدي.
نوع الهدي:
هو من الإبل أو البقر أو الغنم الضأن والمعز لقوله - تعالى -: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ).
وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.
وتجزئ الواحدة من الغنم في الهدي عن شخص واحد.
وتُجزئ الواحدة من الإبل أو البقر عن سبعة أشخاص لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: "أَمَرَنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أن نشتركَ في الإبل والبقر، كلُّ سبعةٍ منا في بَدَنة" (متفق عليه).
وأما ما يجبُ أن يتوافر فيه:
فيجب أن يتوافر فيه شيئان:
1 - بلوغ السن الواجب وهو خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المعز، وستة أشهر في الضأن، فما دون ذلك لا يُجزئ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تذبحوا إلا مُسنة، إلا أن يَعسر عليكم، فتذبحوا جذعةً من الضأن)) (رواه الجماعةُ إلا البخاري).
2 - السلامة من العيوب الأربعة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتقائها وهي:
- العوراء البيِّن عورها، والعمياء أشد فلا تُجزئ.
- المريضة البيِّن مرضها بجرب أو غيره.
- العرجاء البيِّن ضلعها، والزمنى التي لا تمشي، ومقطوعة إحدى القوائم أشدُّ.
- الهزيلة التي لا مُخَّ فيها.
لما روى مالك في الموطأ عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ماذا يُتقى من الضحايا، فأشار بيده وقال: أربعاً، وكان البراء يُشيُر بيده ويقولُ: يدي أقصر من يد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((العرجاء البيِّن ضلعها، والعوراء البيِّن عَورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعجفاء التي لا تُنقي)).
فأما العيوب التي دون ذلك كعيب الأذن والقرن فإنها تُكره، ولا تمنع الإجزاء على القولِ الراجح.
وأما ما ينبغي أن يتوافر في الهدي، فينبغي أن يتوافر فيه السمن والقوة وكبر الجسم وجمال المنظر، فكلما كان أطيب فهو أحب إلى الله - عز وجل -، و((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)).
وأما مكان ذبح الهدي: ففي منى، ويجوز في مكة - حرسها الله - وفي بقية الحرَم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل فجاج مكة منحرٌ وطريقٌ)) (رواه أبو داود).
وقال الشافعي - رحمه الله -: الحرَم كله منحر؛ حيث نحر منه أجزأه في الحج والعمرة.
وعلى هذا فإذا كان ذبحُ الهدي بمكة - حرسها الله - أَفيد وأنفع للفقراء فإنه يذبح في مكة - حرسها الله -، إما في يوم العيد، أو في الأيام الثلاثة بعده.
ومَنْ ذبح الهدي خارج حدود الحرم في عرفة أو غيرها من الحِلِّ لم يُجزِئه على المشهور.
وأما وقت الذبح: فهو يوم العيد إذا مضى قدر فعل الصلاة بعد ارتفاع الشمس قدرَ رُمحٍ إلى آخرِ أيام التشريق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه ضحى يوم العيد، ويُروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((كل أيام التشريق ذبح)).
فلا يجوز تقديم ذبح هدي التمتع والقران على يوم العيد ومن ذبح قبله فلا يجزئ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذبح قبل يوم العيد وقال: ((خُذوا عني مناسككم))، وكذلك لا يجوز تأخير الذبح عن أيام التشريق لخروج ذلك عن أيام النحر، ويجوز الذبح في هذه الأيام الأربعة ليلاً ونهاراً، ولكن النهار أفضل ويوم العيد أفضل وهكذا.
وأما كيفية توزيع الهدي: فقد قال الله - تعالى -: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته من كل بدنة بقطعة، فجُمعت في قدر فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها. (رواه مسلم). فالسنة أن يأكل من هديه ويُطعم منه غيره، ومال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - إلى وجوب الأكل منه، وصرح به الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -، ولا يجزئ أن يذبح الهدي، ويرمي به بدون أن يتصدق منه وينتفع به، ولا يحصل به الإطعام الذي أمر الله به، إلا أن يكونَ الفقراء حوله فيذبحه ثم يُسلمه لهم، فحينئذ يبرأ منه.
في محظورات الإحرام:
1. ما لا يجب فيها شيء:
• عقد النكاح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب)) (رواه مسلم).
فلا يجوز للمُحرم أن يتزوج امرأةً، ولا أن يعقدَ لها النكاحَ بولايةٍ ولا بوكالةٍ، ولا يخطبُ امرأةً حتى يُحِلَّ من إحرامه، ولا تُزوَّج المرأةُ وهي محرمةٌ، وعقدُ النكاح حالَ الإحرام فاسدٌ غير صحيح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمُرنا فهو رد)).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]