عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-11-2019, 03:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,030
الدولة : Egypt
افتراضي رد: هدي التمتع والقران


ويؤكد ذلك أيضا أن اللخمي إنما ذكر الخلاف في التقليد لا في النحر ونصه " ولا يقلد هدي المتعة إلا بعد الإحرام بالحج وكذلك القارن واختلف إذا قلد وأشعر قبل إحرام بالحج فقال أشهب وعبد الملك في كتاب ابن حبيب: لا يجزئه وقال ابن القاسم: يجزئه، فلم يجزئ في القول الأول لأن المتعة إنما تجب إذا أحرم بالحج وإذا قلد وأشعره قبل ذلك كان تطوعا والتطوع لا يجزئ عن الواجب وأجزأ في القول الأخير قياسا على تقديم الكفارة قبل الحنث والزكاة إذا قرب الحول والذي تقتضيه السنة التوسعة في جميع ذلك اهـ منه بلفظه.
ولا يخفى على منصف وقف على كلام اللخمي هذا وعلى كلام عياض أن الصواب هو ما وجدته في الإكمال ما نقله عنه الأبي ونص الإكمال قوله: ((فأمرنا حين أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدي وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم لوجوب الهدي على المتمتع كما قال الله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ))[26].
لأن هؤلاء صاروا بإحلالهم في أشهر الحج وانتظارهم الحج متمتعين وقد تقدم الكلام عليها في أول الكتاب ويحتج به ويجيز الاشتراك في الهدي الواجب ومن يجيز تقليد هدي التمتع عند التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج وهي إحدى الروايتين عندنا والأخرى لا يجوز إلا بعد الإحرام؛ لأنه حينئذ صار متمتعا ووجب عليه الدم والقول الأول على أصل تقديم الكفارة قبل الحنث وتقديم الزكاة قبل الحول على من يقول بها وقد يفرق بين هذه الأصول إذ ظاهر الحديث يدل على ما قلناه اهـ محل الحاجة منه بلفظه.
ب - قال خليل: "ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزا قبله":
لقد ناقش الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - هذه الجملة عن خليل فقال: واعلم أن قول من قال من المالكية: إنه يجب بإحرام الحج وأنه يجزئ قبله كما هو ظاهر قول خليل في مختصره المالكي في ترجمته مبينا لما به الفتوى " ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله فقد اغتر به بعض من لا تحقيق عنده بالمذهب المالكي.
والتحقيق أن الوجوب عندهم برمي جمرة العقبة وبه جزم ابن رشد وابن العربي وصاحب الطراز وابن عرفة قال ابن عرفة: سمع بن القاسم " إن مات يعني المتمتع قبل رمي جمرة العقبة فلا دم عليه " ابن رشد؛ لأنه إنما يجب في الوقت الذي يتعين فيه نحره وهو بعد رمي جمرة العقبة فإن مات قبله لم يجب عليه وهو خلاف نقل النوادر عن محمد بن القاسم وعن سماع عيسى: من مات يوم النحر ولم يرم فقد لزمه دم، ثم قال ابن عرفة: فقول ابن الحاجب يجب بإحرام الحج يوهم وجوبه على من مات قبل وقوفه ولا أعلم في سقوطه خلافا، ولعبد الحق عن ابن الكاتب عن بعض أصحابنا من مات بعد وقوفه فعليه الدم انتهى من الحطاب " فأصح الأقوال الثلاثة وهو المشهور أنه لا يجب على من مات إلا إذا كان موته قبل رمي جمرة العقبة وفيه قول بلزومه إن مات يوم النحر قبل الرمي وأضعفها أنه يلزمه إن مات بعد الوقوف بعرفة أما لو مات قبل الوقوف بعرفة فلم يقل أحد بوجوب الدم عليه من عامة المالكية وقول من قال منهم: إنه يجب بإحرام الحج ولا يتفرع عليه من الأحكام شيء إلا جواز إشعاره وتقليده وعليه فلو أشعره أو قلده قبل إحرام الحج كان هدي تطوع فلا يجزئ عن هدي التمتع فلو قلده وأشعره بعد إحرام الحج أجزأه؛ لأنه قلده بعد وجوبه أي بعد انعقاد الوجوب في الجملة اهـ، وعن ابن القاسم أنه لو قلده وأشعره قبل إحرام الحج ثم أخر ذبحه إلى وقته أنه يجزئه عن هدي التمتع وعليه فالمراد بقول خليل: وأجزا قبله أي أجزأ الهدي الذي تقدم تقليده وإشعاره على إحرام الحج، هذا هو المعروف عند عامة علماء المالكية فمن ظن أن المجزئ هو نحره قبل إحرام الحج أو بعده قبل وقت النحر فقد غلط غلطا فاحشا.
قال الشيخ المواق في شرحه: قول خليل: وأجزأ فيه ما نصه: ابن عرفة يجزئ تقليده وإشعاره
بعد إحرام حجه ويجوز أيضا قبله على قول ابن القاسم انتهى.
وقال الشيخ الحطاب في شرحه: لقول خليل في مختصره ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله ما نصه: فإن قلت إذا كان هدي التمتع إنما ينحر بمنى إن وقف بعرفة أو بمكة بعد ذلك على ما سيأتي فما فائدة الوجوب هنا قلت يظهر في جواز تقليده وإشعاره بعد الإحرام للحج، وذلك أنه لو لم يجب الهدي حينئذ مع كونه يتعين بالتقليد لكان تقليده إذ ذاك قبل وجوبه فلا يجزئ إلا قلد بعد كمال الأركان.
وقال الشيخ الحطاب أيضا: والحاصل أن دم التمتع والقران يجوز تقليدها قبل وجوبها على قول ابن القاسم ورواية عن مالك، وهو الذي مشى عليه المصنف فإذا علم بعد ذلك فلم يبق للحكم بوجوب دم التمتع بإحرام الحج فائدة لا سيما على القول بأنه لا يجزئه ما قلده قبل الإحرام بالحج تظهر ثمرة الوجوب في ذلك ويكون المعنى أنه يجب بإحرام الحج وجوبا غير متحتم؛ لأنه معرض للسقوط بالموت والفوات فإذا رمى جمرة العقبة تحتم الوجوب فلا يسقط بالموت، كما نقول في كفارة الظهار أنها تجب بالعودة وجوبا غير متحتم بمعنى أنها تسقط بموت الزوجة وطلاقها فإن وطئ تحتم الوجوب ولزمت الكفارة ولو ماتت الزوجة وطلقها إلى أن قال: بل تقدم في كلام ابن عبد السلام في شرح المسألة الأولى: أن هدي التمتع إنما ينحر بمنى إن وقف به بعرفة أو بمكة بعد ذلك إلى آخره، وهو يدل على أنه لا يجزئ نحره قبل ذلك والله أعلم، ونصوص المذهب شاهدة بذلك.
قال القاضي عبد الوهاب في المعونة: ولا يجوز نحر هدي التمتع والقران قبل يوم النحر خلافا للشافعي لقوله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [سورة البقرة الآية 196]، وقد ثبت أن الحلق لا يجوز قبل يوم النحر فدل على أن الهدي لم يبلغ محله إلا يوم النحر وله نحو ذلك في شرح الرسالة، وقال في التلقين: الواجب بكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر وله مثله في مختصر عيون المجالس، ثم قال الحطاب- رحمه الله -: فلا يجوز الهدي عند مالك حتى يحل وهو قول أبي حنيفة وجوزه الشافعي من حيث يحرم بالحج واختلف قوله فيما بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج ودليلنا أن الهدي متعلق بالتحلل وهو مفهوم من قوله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [سورة البقرة الآية 196]، اهـ منه.
وكلام العلماء المالكية بنحو هذا كثير معروف، والحاصل أنه لا يجوز ذبح دم التمتع والقران عند مالك، وعامة أصحابه قبل يوم النحر، وفيه قول ضعيف بجوازه بعد الوقوف بعرفة وهو لا يعول عليه.
وإن قولهم: إنه يجب بإحرام الحج لا فائدة فيه إلا جواز إشعار الهدي وتقليده بعد إحرام الحج لا شيء آخر فيما نقل عن عياض وغيره من المالكية مما يدل على جواز نحره قبل يوم النحر، كله غلط إما من تصحيف الإشعار والتقليد وجعل النحر بدل ذلك غلطا، وإما من الغلط في فهم المراد عند علماء المالكية كما لا يخفى على من عنده علم بالمذهب المالكي فاعرف هذا التحقيق ولا تغتر بغيره.
قال الشافعي: وإذا ساق المتمتع الهدي أو القارن لمتعته أو قرانه فلو تركه حتى ينحره يوم النحر كان أحب إلي، وإن قدم فنحره في الحرم أجزأه، من قبل أن على الناس فرضين فرضا في الأبدان فلا يكون إلا بعد الوقت وفرضا في الأموال فيكون قبل الوقت إذا كان شيئا مما فيه الفرض وهكذا إن ساقه مفردا متطوعا به والاختيار إذا ساقه معتمرا أن ينحره بعدما يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل أن يحلق عند المروة وحيث نحره من فجاج مكة أجزأه والاختيار في الحج أن ينحره بعد أن يرمي جمرة العقبة وقبل أن يحلق.
وقال الشيرازي: ويجب دم التمتع بالإحرام بالحج، وفي وقت جوازه قولان:
أحدهما: لا يجوز قبل أن يحرم بالحج.
والثاني: يجوز بعد فسخ الإحرام من العمرة، وقال النووي: ووقت وجوبه عندنا الإحرام بالحج بلا خلاف ولا يتوقف بوقت كسائر دماء الجبران، لكن الأفضل ذبحه يوم النحر، وهل تجوز إراقته بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج؟ فيه قولان مشهوران، وحكاهما جماعة وجهين، والمشهور قولان وذكرهما المصنف - يريد الشيرازي - في كتابه المهذب بدليلهما وأصحهما الجواز فعلى هذا هل يجوز قبل التحلل من العمرة فيه طريقان:
أحدهما: لا يجوز قطعاً، وهو مقتضى كلام المصنف وكثيرين، ونقله صاحب البيان عن أصحابنا العراقيين، ونقل الماوردي اتفاق الأصحاب عليه.
والثاني: فيه وجهان أصحهما لا يجوز، والثاني يجوز بوجود بعض السبب حكاه أصحابنا الخراسانيون، وصاحب البيان فالحاصل في وقت جوازه ثلاثة أوجه: أحدها بعد الإحرام بالعمرة، وأصحها بعد فراغها، والثالث بعد الإحرام بالحج.
4 - قال ابن قدامة: أما وقت وجوبه فعن أحمد أنه يجب إذا أحرم بالحج، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وعنه أنه يجب إذا وقف بعرفة، وهو قول مالك واختيار القاضي، وقال أبو طالب: سمعت أحمد قال في الرجل يدخل مكة في شوال ومعه هدي، قال: ينحر بمكة، وإن قدم قبل العشر لم ينحره حتى ينحره بمنى، ومن جاء من قبل ذلك نحره عن عمرته، وأقام على إحرامه وكان قارنا انتهى، وقال أيضا: وقد ذكرنا رواية في جواز تقديم الهدي على إحرام الحج انتهى.
وذكر صاحب الفروع رواية عن الإمام أحمد أنه يجب بإحرام العمرة.
وقال صاحب الفروع أيضاً: أما وقت ذبحه فجزم جماعة منهم المستوعب والرعاية أنه لا يجوز نحره قبل وقت وجوبه، وقاله القاضي وأصحابه: لا يجوز قبل فجر يوم النحر (و هـ م)، فظاهره يجوز إذا وجب.
أدلة هذا القول:
نظراً إلى اختلاف القائلين بهذا القول في تحديد بدء وقت جواز ذبحه فإننا نذكر أدلة كل قول على حده مع المناقشة.
أما رواية أبي طالب عن الإمام أحمد أنه إن قدم به قبل عشر ذي الحجة جاز ذبحه، وإن قدم به بعد دخول العشر فإنه لا يذبحه إلا يوم النحر فهذه الرواية مبنية على مصلحة مرسلة، وذلك أنه جاء في رواية أبي طالب كما في المغني أنه قال: سمعت أحمد قال في الرجل يدخل مكة في شوال ومعه هدي قال: ينحره بمكة وإن قدم قبل العشر ينحره حتى لا يضيع أو يموت أو يسرق انتهى المقصود.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأمور ثلاثة:
أحدهما: أن العمل بالمصلحة المرسلة مشروط بعدم مخالفتها نصاً، وقد خالفت النص هنا وهو أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أخر ذبح الهدي إلى يوم النحر قصدا وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا عني مناسككم))[27].
الثاني: أنها منتقضة فإن التعليل بخوف الموت والضياع والسرقة وارد أيضاً على الهدي إذا قدم به بعد دخول العشر؛ لأن العشر يحتمل أن يموت فيها الهدي أو يضيع أو يسرق.
الثالث: أن التحديد بالعشر لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع.
وأما من قال بجواز ذبحه بعد الإحرام بالعمرة، وهو قول عند الشافعية ورواية عن الإمام أحمد وقول أبي الخطاب من الحنابلة ومن وافقهم من أهل العلم فاستدل له بالكتاب وهو قوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [سورة البقرة الآية 196].
وجه الدلالة: ما ذكره الشيرازي وغيره أن هدي التمتع والقران له سببان هما: العمرة والحج في تلك السنة فإن أحرم بالعمرة انعقد السبب الأول في الجملة فجاز الإتيان بالمسبب كوجوب قضاء الحائض أيام حيضها من رمضان؛ لأن انعقاد السبب الأول الذي هو وجود شهر رمضان كفى في وجوب الصوم، وإن لم تتوفر الأسباب الأخرى وإن لم تنتف الموانع، لأن قضاء الصوم فرع من وجوب سابقه في الجملة.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن هذا مجرد فهم للآية باجتهاد عارضه نص، ومن القواعد المقررة في باب الاجتهاد أنه لا يجوز الاجتهاد مع النص، والنص هو قوله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [سورة الحج الآية 28 - 29]، وقد سبق الاستدلال بهذه الآية ومناقشتها في القول الأول فلا نطيل الكلام بالإعادة.
ج - وأما من قال بجواز ذبحه بعد التحلل من العمرة، وقبل الإحرام بالحج، وهو قول الشافعية ومن وافقهم من أهل العلم، فقد استدلوا بالكتاب والسنة والمعنى.
أما الكتاب: فقوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [سورة البقرة الآية 196]. ووجه الاستدلال بها مع المناقشة، يقال فيه ما قيل عند الاستدلال بها للقول قبل هذا.
وأما السنة: فما رواه مسلم في صحيحه قال: وحدثني محمد بن حاتم حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ((فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية، وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث))[28].
وجه الدلالة: قال النووي: فيه دليل لجواز ذبح هدي التمتع بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بثلاثة أمور:
أحدها: أن يقال: لا منافاة بين هذا الحديث وبين ما سبق من أدلة السنة للقول الأول وما جاء في معناها فإن جميعها يدل على أن النبي- صلى الله عليه وسلم - أمر المفرد والقارن اللذين لم يسوقا الهدي بالتحلل، وأمر بالهدي، وأمر باشتراك السبعة في البدنة إلا أنه في هذا الحديث نسق أمرهم بالهدي وأمرهم بأن يشترك السبعة في البدنة على أمره إياهم بالفسخ بدون فاصل متبعاً ذلك قوله: ((وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم))، وليس في تلك الأحاديث هذه اللفظة ولا ذلك التنسيق فمن هنا نشا الخطأ في استدلال من استدل بهذا الحديث، حيث لم يفرق بين زمن الأمر بالشيء وبين زمن فعل المأمور به، فظن أن الإشارة في قوله (وذلك) إلى زمن الذبح، وإنما هي إشارة إلى زمن الأمر والمراد أن زمن الأمر بالفسخ وزمن الأمر بالهدي والاشتراك فيها زمن واحد والحديث صريح في أن ذلك حين إحلالهم من حجهم وذلك إنما وقع يوم النحر؛ لأنه لا إحلال من حج البتة قبل يوم النحر فيكون الحديث حجة عليهم لا لهم وهذا ما يسمى عند الأصوليين بالقلب.
الثاني: أنه على تقدير أن قوله: ((وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث)) مخالف لما سبق من الأدلة، فيقال: في أن هذه الزيادة شاذة ووجه شذوذها مخالفتها لما سبق من الأدلة الصحيحة الخالية من هذه الزيادة، ومدارها على محمد بن أبي بكر البرساني، وقد رواه عن جابر عدول عن طريق أبي الزبير المكي أئمة: مالك بن أنس، والليث بن سعد، وأبو خيثمة، ومطر الوراق، وسفيان بن عيينة، وجميع رواياتهم خالية من هذه الزيادة.
الثالث: أن هذا من الأمور التي تتوافر الهمم والدواعي على نقلها فلو وقع أمره - صلى الله عليه وسلم- للصحابة بأن يذبحوا الهدي بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج لسارعوا إلى الامتثال كما سارعوا إلى امتثال أوامره من لبس الثياب والتطيب ومجامعة النساء وغير ذلك، ولو وقع ذلك لنقل فلما لم ينقل دل على عدم وقوعه ولم يأمرهم بالتحلل من العمرة إلا أنهم ليس معهم هدي.
وأما المعنى: فقال الشيرازي: إنه حق مالي يجب بشيئين، فجاز تقديمه على أحدهما كالزكاة بعد ملك النصاب، ويمكن أن يناقش ذلك بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص، ولا اجتهاد مع النص، وقد مضى ذلك.
د- (وأما من قال من الشافعية ومن وافقهم بأنه يجوز بعد الإحرام بالحج، فقد استدلوا بالكتاب والسنة والمعنى.
أما الكتاب، فقوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [سورة البقرة الآية 196]، ووجه الدلالة ما ذكره الشيرازي وغيره من أن الله أوجب الهدي على المتمتع، وبمجرد الإحرام بالحج يسمى متمتعاً فوجب حينئذ؛ لأنه يطلق على المتمتع وقد وجد، ولأن ما جعل غاية تعلق الحكم بأوله كقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [سورة البقرة الآية 187]، فالصيام ينتهي بأول جزء من الليل فكذلك التمتع يحصل بأول جزء من الحج وهو الإحرام.
ويجاب عن الاستدلال بهذه الآية بما أجيب به عن الاستدلال بها لمن قال بجواز ذبحه إذا أحرم بالعمرة أو بعد تحلله منها وقد سبق، ويجاب أيضا بأن المتمتع لا يتحقق بإحرام الحج لاحتمال أن الحج قد يفوته بسبب عائق عن الوقوف بعرفة؛ لأنه لو فاته لا يسمى متمتعا.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.39 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.16%)]