عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23-10-2019, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تيسير أحكام الحج والعمرة

تيسير أحكام الحج والعمرة
حامد بن عبد اللّه العلي



الحلق والتقصير:
بعد ذلك يجب عليك إن كان حجك حج تمتع أن تقصر من شعرك، وذلك بأن تقص من جميع الشعر لا من أطرافه كما يفعل الجهال، والحلق أفضل ولكن لأنك سوف تحلق رأسك عند التحلل من حجك، فالأفضل هنا أن تقصر فقط إلا إن كنت قدمت مبكراً في شهر شوال مثلاً فالحلق أفضل، لأن شعر رأسك سيتوفر إلى العاشر من ذي الحجة.
أما إن كنت قارناً أو مفرداً للحج، فلا تقصر ولا تحلق، لأنه يجب عليك أن تبقى على إحرامك حتى تتحلل من الحج في يوم النحر.
والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة.

قطع التلبية للمعتمر والحاج:
وإن كنت متمتعاً فإنك تقطع التلبية إذا شرعت في الطواف، وأما إن كنت قارناً أو مفرداً فإن التلبية لا تنقطع إلا برمي جمرة العقبة يوم النحر.

التوجه إلى منى يوم التروية:
إذا جاء يوم الثامن من ذي الحج، وهو يوم التروية، سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون الماء في ذلك اليوم، لحاجتهم إلى الماء في منى والمشاعر، إذا جاء هذا اليوم تحرم قبل الزوال بالحج من أي مكان من الحرم أنت نازل فيه.
وأما إن كنت قارناً أو مفرداً فإنك لم تزل على إحرامك، ثم تتوجه إلى منى فتصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، تقصر الصلاة الرباعيـة ــ إن كنت ممن يقصر الصلاة ــ والأفضل أن تصلي كل فرض لوقته بلا جمع، وتبيت بمنى ليلة عرفة، وهذا المبيت سنة ليس بواجب، وقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -.

من أين يحرم الحاج والمعتمر في مكة؟
والحاج يحرم بالحج من أي مكان من مكة، فقد أحرم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من منزلهم الذي نزلوه في مكة وهو الأبطح، [متفق عليه]، وأما المعتمر فيحرم من أدنى الحل، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة - رضي الله عنها - إلى أدنى الحل لتحرم بالعمرة [متفق عليه]، وسواء كان الحاج والمعتمر من أهل مكة أو جاء إليها من خارجها.

إلى عرفة:
ثم الأفضل أن تصلي الفجر في منى بعد البيات فيها، وتبقى حتى تطلع الشمس، ثم تسير من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس، ويسن لك أن تنزل بنمرة وهو موضع بجانب عرفة، حتى إذا زالت الشمس، تدخل إلى عرفة، وتسمع خطبة الإمام، وتصلي الظهر والعصر قصراً وجمع تقديم، وتبقى في عرفة إلى الغروب، يستحب لك في أثناء ذلك أن تكثر من الدعاء والتلبية وذكر الله - تعالى - .
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال - صلى الله عليه وسلم -: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) [رواه أحمد والترمذي].
والوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج قال - صلى الله عليه وسلم -: (الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جَمْعٍ فقد تم حجه) [رواه أبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم].

القدر الواجب من الوقوف بعرفة:
ويجب على كل حاج أن يقف بعرفة أي وقت من النهار أو الليل من أول طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، فمن فاته دخول عرفة في أثناء ذلك ولو للحظة فقد فاته الحج، ومن وقف بها ولو مروراً، فقد أدرك الحج، ولكن من دخلها من النهار يجب عليه أن يجمع مع ذلك جزءاً من الليل ولو لحظة، فيخرج عند غروب الشمس لا قبلها، فإن خرج من عرفة قبل الغروب يجب عليه أن يعود فيبقى إلى الغروب، فإن لم يفعل صح حجه ولكن عليه دم شاة يذبحها بمكة في حدود الحرم لفقرائه، وذلك لتركه الواجب، وإن لم يتيسر له الوقوف إلا ليلاً أجزأه ذلك ولا شيء عليه.
عن عروة بن مضرس قال: (أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبل طيء، أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تفثه) [رواه الخمسة].
ويجب أن يكون مسلماً عاقلاً محرماً ولو كان نائماً أو جاهلاً أنها عرفة.
وفي أي مكان وقفت من عرفة أجزأك، والوقوف عند جبل الرحمة ليس واجباً، كما يظنه الجهال، ويتزاحمون عليه، يظنون أن في ركوبه أجر، فيشقون على أنفسهم بغير طائل، بل في أي مكان وقفت من عرفة فقد أجزأ، قال - صلى الله عليه وسلم -: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) [رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنهما].

إلى مزدلفة:
فإذا غربت الشمس، ادفع إلى مزدلفة وعليك بالسكينة، فإذا وصلتها اجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول شيء فعله في مزدلفة جمع صلاتي المغرب والعشاء، ثم عليك أن تبيت بها وتصلي فيها الفجر، حتى لو تأخرت فلم تصل إليها إلا فجراً بسبب زحمة الطريق، فعليك أن تصلي فيها الفجر، ولاشيء عليك في هذه الحالة، لأنك معذور، فإذا صليت الفجر، استحب لك أن تذهب إلى المشعر الحرام ــ مرتفع صغير في مزدلفة ـ وأن تبقى ذاكراً لله - تعالى - حتى يسفر الوقت جداً، هكذا فعل - صلى الله عليه وسلم - كما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه، فإن لم يتيسر لك الذهاب إلى المشعر الحرام، فاذكر الله - تعالى - وادعه في مكانك الذي أنت فيه من مزدلفة، ويستحب أن تذكر الله حتى يسفر الصبح جداً، وتدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، عن عمر - رضي الله عنه -: (كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولون: أشرق ثبير فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفاض قبل طلوع الشمس) [رواه الجماعة إلا مسلماً].
ثم تخرج من مزدلفـة إلى منى.
ويجوز لك أن تدفع من مزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل إن كنت من الضعفاء، كالمرضى الصغار وكبار السن والنساء وأهل الأعذار، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كنت فيمن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى) [متفق عليه].
وعن عائشة قالت (كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة (بطيئة الحركة) فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تفيض من جمع بليل فأذن لها) [متفق عليه]

إلى منى لرمي جمرة العقبة:
ثم تدفع من مزدلفة إلى منى، متوجهاً إلى جمرة العقبة، فإن كان طريقك من وادي محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى استحب لك أن تسرع السير، غير أن هذا لا يتيسر الآن بسبب زحمة السيارات، فإذا وصلت إلى جمرة العقبة، فارمها بسبع حصيات، يجب عليك أن تسقط كل حصاة في الحوض رمياً ـ لا وضعاً باليد ـ، ولا يجب أن تصيب الشاخص، كما يظن ذلك الجهال، يرمون الشاخص حتى تضربه الحصاة، فترتد بعيداً عن الحوض، ومثل هذا لا يصح ولا يجزيء، لأن الشاخص إنما وضع لتستدل به على الحوض فقط، وليس ليكون هدفاً للرمـي.
ويجب أن تنتبه إلى أن حوض جمرة العقبة إنما هو من جهة واحدة فقط، فاحذر أن يكون رميك الحصى من الجهة الأخرى التي وضع لها حائط إسمنتي كبير، بل من الجهة التي فيها الحوض فقط، فترمي الحصى حتى تسقط في الحوض.
ويستحب أن تكبر مع كل رمية.
وجميع الحاج يوقف التلبية عندما يرمي جمرة العقبة.
عن الفضل بن عباس - رضي الله عنهما -: (كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة) [رواه الجماعة].
ولك أن تلتقط الحصى من أي مكان، حتى من منى، ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً في تحديد مكان دون غيره يستحب أن يلقط فيه الحصى.
وتكون الحصى بين الحمص والبندق، قال جابر - رضي الله عنه -: (مثل حصى الخذف) [رواه مسلم]، ولا يجزيء غير الحصى كالحديد وغيره.
وأفضل وقت الرمي بعد طلوع الشمس ضحى، ويجوز بعد الفجر، ولا يجوز قبله، إلا للضعفاء وأهل الأعذار الذين دفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل، ومن يقوم على أمرهم له حكمهم، فيجوز لهم أن يرموا عند وصولهم ولو قبل الفجر، لحديث عائشة قالت: أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت، [رواه أبو داود وغيره].
والأولى أن لا يرموا إلا بعد طلوع الشمس أيضاً فعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (قدمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات، فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) [رواه أبو داود والنسائي].

أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبر:
ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعاً أو قارناً، أما المفرد فلا هدي عليه، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق، ويجب أن يكون في حدود الحرم، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلاً أو أي مكان من الحل، ويجوز ليلاً أو نهاراً من أيام التشريق، وليس له أثر في تحلل الحاج. ومن لا يقدر على شراء الهدي، يصوم ثلاثة أيام في الحج، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق، ولا يجوز لأحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله.
ولا يجزئ في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر، والثني من المعز والبقر والإبل، وهو من المعز ما له سنة فأكثر، ومن البقر وهو ما له سنتان فأكثر، ومن الإبل وهو ما له خمس سنوات فأكثر، وتجزيء البقرة والبدنة عن سبعة.
ثم تحلق أو تقصر من شعرك والحلق أفضل، والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة، وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - للمحلقين قائلاً:" رحم الله المحلقين" ثلاثاً "وللمقصرين" مرة [متفق عليه].
والأفضل أن يبدأ المحلق من جانب الرأس الأيمن ثم الأيسر [رواه مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه -].
ثم تنطلق إلى البيت لتطوف طواف الإفاضة، وهو طواف الحج، ويسمى أيضاً طواف الزيارة، وليس في هذا الطواف اضطباع ولا رمل.
وبعد الطواف تسعى بين الصفا والمروة إن كنت متمتعاً، أو كنت قارناً أو مفرداً ولم تسع بعد طواف القدوم، فيجب عليك أن تسعى هنا، فالمتمتع يسعى سعين، سعي لعمرته وسعي لحجه، وأما القارن والمفرد فيسعيان سعياً واحداً، لحديث عائشة - رضي الله عنها -: (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فقد طافوا طوافاً واحداً) تعني الطواف بين الصفا والمروة وهو السعي، [متفق عليه].
ويجوز لأهل الأعذار أن يطوفوا بعدما يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل. ويجوز لك أن تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة إن شئت، ولكنك في هذه الحالة لا تكون قد تحللت الحل كله، بل يجب عليك أن تعتزل النساء حتى تطوف طواف الإفاضة.
ويجوز لك أن تقدم أو تأخر بين هذه الأنساك، إذ لا يجب فيه الترتيب كما ذكر آنفاً، بل الترتيب مستحب. فعن ابن عباس - رضي الله عنها - قال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج [متفق عليه].
وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فرمى أولاً جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ضحى، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف بالبيت وصلى الظهر بمكة، ثم رجع منى فصلى بها الظهر مرة أخرى أيضاً نافلة.
وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى) [متفق عليه]، وفي حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر [رواه مسلم]، وجمع بينهما الإمام النووي - رحمه الله - أنه صلى بمكة الظهر، ثم رجع فصلى الظهر إماماً لأصحابه في منى أيضاً.

التحلل الأكبر والأصغر:
وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، فقد حل لك كل شيء إلا النساء، ويسمى التحلل الأصغر.
فإن فعلت ما بقي مع السعي إن لم تكن قد سعيت من قبل، فقد حل لك كل شيء حتى النساء، ويسمى التحلل الثاني أو الأكبر.
ويتوجه القول بأن الحاج إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء، وهو أصح قولي الفقهاء، لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت [رواه أحمد وغيره]، وهو رواية في مذهب أحمد، واختيار الإمام ابن قدامة - رحمه الله -، وسمعت العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - يفتي بذلك.

إذا جامع المحرم:
ومن جامع قبل التحلل الأول فعليه أربعة أمور:
الأول: فساد النسك.
الثاني: المضي في فاسده، فيكمل حجه كأنه غير فاسد.
الثالث: وجوب القضاء ثاني عام.
الرابع: عليه أن يذبح بدنه ويوزع لحمها على فقراء الحرم.
عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج، فقالواينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل والهدي)، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه) [رواهما مالك في الموطأ].

ومن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني:
فهو مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من البر أو صاع مما سواه، وعليه إن يخرج إلى أقرب الحل، فيحرم منه لطواف الإفاضة، إلا إن كان قد طاف طواف الإفاضة ورمى ولكنه جامع قبل الحلق أو التقصير فلا حاجة ليجدد إحرامه.
ومن جامع قبل تمام العمرة فعليه شاة.

المبيت بمنى ليالي التشريق:
ثم تعود إلى منى لتبيت بها ثلاث ليالي، أو ليلتين إن تعجلت، والواجب أن تبيت معظم الليل ـ أكثر من نصفه ـ في منى، ليلة الحادي عشر من ذي الحجة، وليلة الثاني عشر من ذي الحجة، ذلك إن تعجلت في يومين، وليلة الثالث عشر من ذي الحجة إن تأخرت، وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام التشريق، وهي التي قال الله عنها واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى.
والدليل على وجوب المبيت بمنى حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: (استأذن العباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له) [متفق عليه] ويدل إذنه للعباس رضي الله عنه على أنه واجب على غير أهل الأعذار.

رمي الجمار أيام التشريق:
ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق، ووقت رميها في هذه الأيام، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، قال جابر - رضي الله عنه -: (ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس) [رواه مسلم].
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، حتى تقع الحصاة في الحوض، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء، وأطل فيه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أطال الدعاء في هذا الموضع، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلاً عن الزحام وأطل في الدعاء، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه، ولا تقف عندها للدعاء فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك.
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن أخللت بالترتيب، أعد الرمي.
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم، فترمي في اليوم الثاني أولاً رمي اليوم الأول حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث، إن لم تتعجل في يومين، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بنية اليوم الثاني، ثم الثالث هكذا.

التعجل والتأخر:
ويجوز لك أن تتعجل في يومين، فإذا رميت الجمار ثاني أيام التشريق، تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر مكة، والأفضل أن تتأخر، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر من ذي الحجة وهو آخر أيام التشريق، وترمي الجمرات بعد الزوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة، ثم تطوف طواف الوداع قبل أن تغادر.
ويشترط لمن عزم على التعجل في يومين أن يرمي الجمرات في اليوم الثاني قبل غروب الشمس ثم يخرج من منى، فإن بات بها، أو أدركه الليل وهو فيها، وجب عليه أن يأتي برمي اليوم الثالث بعد الزوال فيتأخر، ولا بأس إن حبس بسبب الزحام حتى أدركه الغروب وهو في منى بغير اختياره، فليرم وينفر إن شاء التعجل لأنه معذور.

طواف الوداع:
ولا يجب عليك طواف الوداع إلا إذا عزمت الخروج من مكة، فإن أردت البقاء فيها فإنك تؤخره إلى أن تعزم على مغادرتها.
ولا يجوز لك أن تنشغل بشيء بعد طواف الوداع، بل تبادر إلى مغادرة مكة، إلا أن تنتظر صحبة تلحق بك، أو تشتري حاجاتك في طريقك ونحو ذلك.
والحائض يسقط عنها طواف الوداع، فإذا أنهت رمي الجمار، فلها أن تسافر، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (أُمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) [متفق عليه].
ويجوز لمن أخر طواف الإفاضة أن يطوفه وينوي به طواف الإفاضة والوداع، طوافاً واحداً، ويغادر، حتى لو كان عليه سعي بعد الطواف، لان ذلك لا يخالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق فالسعي متعلق بالبيت أيضاً.

فوات الحج:
ومن أدركه من الحجاج طلوع فجر يوم النحر، ولم يقف بعرفة ولو للحظة، فقد فاته الحج، وانقلب إحرامه عمرة، فيطوف ويسعى ويتحلل، ويقضى من العام القادم، ويذبح هدياً في قضاءه، إلا إذا كان قد اشترط فلا هدي عليه ولا قضاء.

الإحصار:
ومن منع مانع عن إتمام حجه قبل أن يحرم بالنسك رجع ولاشيء عليه. وإن كان بعد إحرامه وقد اشترط قائلاً عند إحرامه (ومحلي حيث حبستني) حل من إحرامه ولبس ثيابه ولاشيء عليه.
وإن لم يكن قد اشترط، فإن حبس عن الحج كله ولا يستطيع أن يصل إلى البيت، ذبح هدياً في المكان الذي حصر فيه، أو بعث به إلى الحرم، ثم حلق أو قصر وصار حلالاً.
وهذا هو الإحصار، وأصح قولي العلماء أن الحاج يصير محصراً يجوز له تحلل المحصر سواء أحصر بعدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة.
فإن لم يجد هدياً في موضعه الذي أحصر فيه، أناب من يذبح عنه الهدي في الحرم ثم حل، فإن كان فقيراً لا يقدر على ذبح الهدي، صام عشرة أيام ثم حل في قول الجمهور، والصحيح لاشيء عليه، فيحلق أو يقصر وقد حل. ومن حبس عن عرفة فقط ذهب إلى البيت وتحلل بعمرة ولاشيء عليه، إن كان قبل الفوات، وإن كان تحلله بعمرة بعد الفوات فعليه القضاء.
وإن وقف بعرفة وحصر عن إتمام بقية الحج يذبح هدياً بنية التحلل ويحلق أو يقصر، ويكون بذلك قد حل من إحرامه كمن أحصر عن الحج كله.

صيد مكة:
ويحرم صيد مكة على الحاج وغيره، فكل ما يحرم صيده حال الإحرام يحرم صيده في حدود الحرم المكي، وكذلك الحرم المدني.
ولا يجوز قطع شجر الحرم وحشيشه اللذين لم يزرعهما الآدمي.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: (إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف) [متفق عليه]، ومعنى لا يعضد شوكه أي لا يقطع الشجر الذي فيه شوك، والمقصود لا يقطع كل الشجر حتى الذي فيه شوك، ومعنى لا يختلى خلاه أي لا يقطع الحشيش الرطب منه، دون اليابس فيجوز، وكذلك رعي الأنعام يجوز مطلقاً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يكمموا أفواه ما معهم من النعم في الحرم.
ومعنى لا تلتقط لقطته إلا لمعرف أن من وجد في الحرم لقطة وجب عليه أن يعرفها أبداً، وأما في غير الحرم فيعرفها سنة ثم يأخذها إن لم يأت صاحبها، فإن جاء يوماً من الدهر، دفعها إليه أو دفع ثمنها إن طلبها صاحبها.

زيارة المدينة المنورة:
ويستحب للحاج أن يغتنم فرصة وجوده بمكة فيكثر من الطواف في البيت، ويزداد من الصلاة في المسجد الحرام، فعن جابر - رضي الله عنه - قال - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه) [رواه أحمد وابن ماجة].
ويستحب له أن يصلي داخل الكعبة إن استطاع، أو في الحجر فإنه من الكعبة، وأن يحمل معه من ماء زمزم.

وزيارة المسجد النبوي سنة مستحبة، ولكن لا تعلق لها بمناسك الحج، وكل ما ورد من أن الحج لا يقبل بغير زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو أن ذلك جفاء له - صلى الله عليه وسلم -، مثل ما يروى: (من حج فلم يزرني فقد جفاني)، كل ذلك لا يصح و لا تقوم به حجة.

ولا يجوز أن ينوي المسافر إلى المدينة شد الرحال إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) [متفق عليه] من حديث أبي هريرة.

ولكن ينوي زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وله أن يزور القبر الشريف مصلياً ومسلماً على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومسلماً على صاحبيه رضي الله عنهما، وله أن يدعو الله - تعالى - عند الزيارة مع استقبال القبلة، ولا يستقبل الحجرة التي فيها القبر حال الدعاء، ولا يجوز لأحد أن يدعو عبداً من دون الله - تعالى -، لا ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً قال - تعالى -: وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا.
ولا يجوز سؤال الشفاعة إلا من الله - تعالى -، قال - تعالى -: قل لله الشفاعة جميعاً، فيقول الزائر: (اللهم ارزقني شفاعة نبيك - صلى الله عليه وسلم -) ونحو ذلك.
ولا يجوز التبرك بجدران الحجرة التي فيها القبر الشريف، ولا بشيء من قبور الصالحين وآثارهم، فذلك بدعة ضلالة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه الترمذي وأبو داود من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه -.
ويستحب لزائر المدينة المنورة، الصلاة في مسجد قباء، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة) [رواه احمد والترمذي وابن ماجة].
كما يستحب له زيارة البقيع وقبور شهداء أحد، ويدعو لهم، وأما سائر المواضع التي لم يرد في زيارتها سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل المساجد السبعة ومسجد القبلتين فتخصيصها بالزيارة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

وكل خير في اتباع من سلف **** وكل شر في ابتداع من خلف

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.07 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]