لطائف من القرآن الكريم [2/3]
د. صالح بن أحمد الغزالي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما وبعد:
يقول الله سبحانه:"اهدنا الصراط المستقيم" ثم قال: "صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين".
أخي الكريم: سبق الحديث عن قوله سبحانه: "اهدنا الصراط المستقيم"، وفي هذه الحلقة نفصِّل القول عن قول الحق سبحانه: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين".
هذه الآية الكريمة تضمَّنت فوائد جليلة، هذه الآية الكريمة أشارت إلى معانٍ عظيمة، وإلى لطائف بديعة.
من فوائد الآية: إيجاب أن نلتزم بطريق السلف، بطريق الصحابة رضي الله عنهم، فيها فرض الاقتداء بمنهجهم وبطريقهم في فهم الدين وفي العمل به، وأن يكون المسلمون مقتدين بالسلف الصالح.
وجه الدلالة:[] أن الله تعالى أمرنا أن نطلب منه الهداية إلى الصراط المستقيم، إلى الهداية إلى الإسلام، الهداية إلى الكتاب والسنة.[]
ثم لم يقف الطلب عند هذا الحد، بل زادت وأوضحت وبينت "صراط الذين أنعمت عليهم".
كأنه يقول: الصراط المستقيم، والهدي المستقيم، والدين المستقيم هو طريق الذين أنعمت عليهم، والذين أنعم الله عليهم من هذه الأمة كثير، وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن الله زكّاهم، ولأن الله مدحهم.
من فوائد الآية:[] إثبات حجية الإجماع، لاسيما الصحابة؛ لأن إجماعهم من الطريق الذي أمر الله أن نسلكه، وأن ندعو الله أن يهدينا إليه، وهذا واضح لا إشكال فيه، وفيه إثبات حجية قول الصحابي إذا لم يُخالف أحداً من الصحابة، ولم يُخالف الدليل، وهذا في الدلالة أقل من الذي قبله.[]
ومن التفريع على هذه الفائدة: إثبات خلافة الصديق رضي الله عنه فإنه من الذين أنعم الله عليهم. قال تعالى:"مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين" وهو الصديق الأكبر في هذه الأمة.
قال سبحانه: "الصراط" وقال: "صراط الذين" جاء كلا اللفظين مُعرفاً، الأول بـ(أل) والثاني بالإضافة، قال العلماء: التعريف يدل على الإفراد وفي هذا تنبيه إلى أن الطريق الحق واحد وأنه لا يتعدد، وأما طرق الشر فهي كثيرة ومتشعبة كما قال الله سبحانه: "وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ". [الأنعام: 153].
وقال الله سبحانه: "أنعمت عليهم" الإنعام إيصال النعمة، والإنعام لا يُطلق على غير ابن آدم، ولا يُسمى إيصال النعمة إلى البهائم إنعام، لا نقول: أنعمتُ على الحمار، أو على الفرس، ولكن على بني آدم، قال تعالى: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه".
قال هنا: "أنعمت عليهم" بالضمير الصريح، وهذا في حق المهتدين، في بيان الفضل، وقال بعدها: "المغضوب عليهم" وقال: "الضالين" لماذا؟
هذا لأجل الأدب مع الله، من حُسن خطاب المولى سبحانه: في حال الخير يُنسب القدر إليه، وينسب الفعل إلى الله، وفي حال الشر وفي حال الضر ينسبه إلى المخلوق، هذه السنة لا ننفي أن الله لم يُقدره ولكن من حُسن الأدب.
ولهذا قال العلماء: من حُسن أدب الجن المؤمنين أنهم قالوا: "وأنا لا ندري أشر أُريد بمن في الأرض "هذا بدون نسبة، وقالوا: " أم أراد بهم ربهم رشداً " فنُسب الخير والرشد إلى الله، وهكذا هنا.
قال: "غير المغضوب عليهم" وقال: "ولا الضالين " مَن هم المغضوب عليهم؟ ومَن هم الضالون؟
المغضوب عليهم مَن استوجبوا غضب الرب سبحانه، والضال هو الذي خطئ الطريق الصحيح، وعلى رأس المغضوب عليهم اليهود، وعلى رأس الضالين النصارى. قال عدي بن حاتم رضي الله عنه: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: "غير المغضوب عليهم " قال: (هم اليهود)، و "لا الضالين" قال: (هم النصارى).
[]قال العلماء: لا يُقصد بهذا الحصر، لكن اليهود من المغضوب عليهم والنصارى من الضالين. والسبب أن اليهود عرفوا الحق فكتموه ولم يعملوا به؛ فاستحقوا غضب الله، والنصارى جهلوا الحق وضيعوه وعملوا بغير علم؛ فاستجوبوا الضلال والخروج عن الصراط.[/]
ولهذا علينا أن نتنبه، علينا ألا نتشبه بهم، علينا أن نعرف الحق وأن نعمل به، عرفنا هذا من الآية الكريمة.
إذاً من فوائد الآية: أنها أوجبت علينا أن نتعلم حتى لا نكون ضالين، وأوجبت علينا أن نتعبد حتى لا نكون مغضوباً عليهم، أوجبت علينا أن نعلَم وأن نعمل حتى نكون من الذين أنعم الله عليهم، وأن نكون على الصراط المستقيم.
قال الله تعالى: "ولا الضالين " ولم يقل: والضالين. يعني أضاف كلمة: (لا).
قال العلماء إضافة كلمة (لا) هنا لها فوائد:
منها: أنها تدل على التأكيد، أي تأكيد انحراف الضالين عن أصحاب الصراط المستقيم، الذين أنعم الله عليهم، لنعلم أن لفظ " الضالين " ليس معطوفاً على الذين أنعمت عليهم.
ومنها: أن نعلم أن الضالين فرقة مستقلة، ليست داخلة في فرقة المغضوب عليهم.
ومنها: لئلا يتوهم متوهم أن المقصد هو الجمع بين الغضب والضلال، لتعلم أن المغضوب عليهم منحرفون، وأن الضالين منحرفون، يعني يتحقق التحذير والانحراف منهم مجتمعين ومتفرقين.
الآية الكريمة تدلنا على أن الدين هو أعظم النعم. كيف؟
قال: " أنعمت عليهم " لفظ عام ثم حدد فقال " غير المغضوب عليهم ولا الضالين " يعني كأنه سلب عن المغضوب عليهم وعن الضالين كل نعمة، كأنه أخرجهم من كل نعمة. لماذا؟ لأن مَن فقد نعمة الدين كأنه لا نعمة عنده ألبته.
الآية الكريمة تدلنا على أن أصحاب الصراط المستقيم في غاية الانشراح في غاية الانبساط في غاية التلذذ. كيف؟
قال: "اهدنا الصراط المستقيم" ثم وصفهم وحددهم بقوله: "الذين أنعمت عليهم" قال: أنعمت عليهم بصفة العموم، وهذه تدخل فيها النعمة في الدنيا، وتدخل فيها معنى النعمة في اللغة، النعمة في كلام العرب: الحالة التي يستلذها الإنسان، ويهنأ بها.
وهذا المعنى يوافق قول الحق سبحانه: "ومَن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيينه حياة طيبة (أي في الدنيا) ولنجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (أي في الآخرة)".
في الآية الكريمة إثبات صفة الغضب لله سبحانه، إثبات هذه الصفة على ما يليق بجلاله سبحانه، فلا نقول: إن غضبه كغضب البشر، ولا نقول: إن الغضب لله لا يليق به. أو أن نقول: معناه الانتقام، هذا تغيير لمعنى كلام الله، ويرده كلام الله، قال تعالى: فلما آسفونا (أي أغضبونا) انتقمنا منهم"، انظر رعاكَ الله كيف فرَّق الله بين المعنيين. ورتب الثاني على الأول، وهذا التفريق يدلنا على الاختلاف في المعنى.
قال الله تعالى: "الضالين" ولم يقل: المُضلين؟
قالوا: أيهما أبلغ هنا: الضالين أو المضلين؟ يعني ما الأفضل والأعم والأقوى أن يستعيذ العبد من أن يكون من المضلين أو الضالين؟
الجواب: الضالين. لماذا؟ لأن كل مُضل فهو ضال، وليس كل ضال مُضل، وبهذا يتبين لنا مزية اللفظ القرآني.
[]في هذه الآية: هدم لغرور العبد، هدم لقول أهل الزيغ: أن الإنسان له القدرة التامة، هدم لمذهب نفاة القدر، قال القرطبي رحمه الله: قد كذبهم الله في هذه الآية إذ سألوه الهداية إلى الصراط المستقيم، فلو كان الأمر والاختيار بيدهم دون ربهم لما سألوه الهداية، ولا كرروا السؤال في كل صلاة.[]
وفي الآية لطيفة بديعة: دلت الآية على وجوب أن يكون أهل الحق طائفة واحدة، أن يكونوا على طريق واحد. كيف؟ الآية ذكرت أقسام الناس كلهم، جعلت المقبولين طائفة واحدة " الذين أنعمت عليهم " وجعل المردودين طائفتين "المغضوب عليهم" و"الضالين ".
الحلقة الثانية عشرة
حديثنا في هذه الحلقة عن أول آية من سورة البقرة.
[]افتتح الله هذه السورة العظيمة بقوله: " الم ". هذه الأحرف تُسمى حروفاً مُقطعة، يعني أننا نقرؤها قراءة مُقطعة من غير إعرابٍ لها، نُسكن آخرها على الدوام، ونحن أيضاً في القراءة ننطق بمسماها، فنقول: ألف لام ميم، ولا نقول ألم.[]
الحديث عن هذه الأحرف ينطبق على الأحرف المُقطعة في كتاب الله، في هذه السورة وفي غيرها.
هذا الحديث يتضمن ثلاثة مباحث:-
الأول: عن معناها وتفسيرها. الثاني: عن الحكمة منها. الثالث: عن الفوائد والاعتبار بها. نبدأ بالعنصر الأول:
ما هو معنى هذه الأحرف؟ وما هو تفسيرها؟
نقول: قد خاض في تفسيرها كثير من الناس، وجزموا فيها بأقوال مُتعددة، ونقول أيضاً: ينبغي لنا أن نجزم بأن التفسير لها لا يصح، وليس له مُستند مُعتبر.
فإن قلتَ: ولمَ؟
فالجواب: إن التفسير لكلام الله لا يسلم إلا إذا جاء عن أحد طريقين: إما عن طريق اللسان الذي نزل به القرآن، وإما عن طريق الرسول الذي نزل عليه القرآن. وما لم يعتمد على أحد هذين الطريقين فسبيله هو الهوى ومُجرد الظن.
إذا رجعنا إلى اللسان العربي لم نجد في قواعد هذه الأحرف بهذه الكيفية، ولا نجد في أساليب بلاغته تفسيراً لهذه الأحرف، لم يكن النطق بأسماء الحروف معهوداً عندهم للتخاطب، هذه الأحرف هي حروف المباني، وحروف المباني غير حروف المعاني، حروف المباني لا تدل على معنى إذا لم تقترن بغيرها، وحروف المباني لا تدل على معنى إذا لم يسبقها كلام.
إذاً تفسير هذه الأحرف من جهة اللغة ليس له مدخل.
أيضاً: من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يُنقل عنه نقلاً صحيحاً في تفسير حرف منها، قال العلماء: والعلم والعمل الذي يتقرب به العبد والذي يتعبد به إذا لم يكن عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم فهو رد على صاحبه.
لو كان بيان هذه الأحرف مقصوداً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم. إذاً الواجب من باب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلمأن نسكت عنها كما سكت، وأن لا نخوض في تفسيرها.
إذاً لا نقول شيئاً في تفسيرها، والذين جزموا بتفسير شيء منها لم يكن عندهم علم.
فلا يصح لنا أن نقول: هذه الأحرف أسماء لله. ولا نقول: إنها رموز على جُمَل ومعاني عقدية إيمانية، كقول القائل: " الم " يعني أنا الله العلم أو خلاف هذا من المعاني والتفاسير المظنونة بغير علم.
أسوأ من هذا، استغلال هذه الأحرف في إدخال عقائد فاسدة في التفسير، زعم بعض الضلال أن هذه الأحرف تدل على أسرار، وأنها تدل على وقائع وغيوب، وأنه يُستخرج بها حوادث مُستقبلية. فصاحب هذا القول – كما قيل – قد تقوّل ما ليس له، وقد طار في غير مطاره، وادعى علم ما لا يعلمه إلا الله.
هذه الطريقة الحسابية طريقة باطلة، يُسمونها (حساب الجُمّل) أو (حساب أبا جاد)، طريقة مأخوذة عن السحرة، سحرة بابل نقلها عنهم اليهود، ثم انتقلت إلى المسلمين. أخرج الإمام البيهقي وابن أبي شيبة بسند صحيح عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن قوماً يحسبون أبا جاد وينظرون في النجوم، ولا أرى لِمَن فعل ذلك من خلاق.
ننتقل إلى الحديث عن تلمس الحكمة في إيراد هذه الأحرف. هذا الحديث ليس من الخوض في التفسير لها أو تحديد معانيها.
ما الحكمة في إيرادها؟
أكثر العلماء قالوا: إيراد هذه الأحرف يتضمن معنى الإعجاز ومعنى التحدي. قالوا: تدلنا هذه الأحرف على أن القرآن كلام الله. تدل على أن البشر عاجزون عن الإتيان بمثله، هذه الأحرف رمز للتحدي والإعجاز.
فإن قلتَ كيف نفهم ذلك منها؟
قالوا: دلالة هذه الأحرف أن الكلام المتلو عليكم كلام منظوم مما تنظمون منه كلامكم، هذا القرآن مُركب من هذه الحروف التي هي مادة كلامكم، وهذا أبلغ في الإعجاز، وأقوى في التحدي.
وزاد البعض في بيان الدلالة فقال: كأنه بهذه الأحرف يُغريهم بمحاولة المُعارضة، وكأنه يستأنس لأنفسهم بالشروع في ذلك. يتهجى الأحرف أمامهم، ويُلقنهم كتلقين الصبيان.
قالوا: إن سياق الآيات بعدها يدلنا على مقصد الإعجاز. كيف؟
يأتي بعد ذكر الأحرف غالباً خبر القرآن، وذكر تنزله وبيان إعجازه وعظمته، وبيان أنه كلام الله سبحانه.. فكأن الأحرف هذه إجمالاً لمعنى ما يأتي بعدها أو تنبيه وتقديم له.
ننتقل إلى البحث الثالث في هذه الأحرف، هذا البحث هو من باب الاعتبار، من باب الاستفادة العامة، وليس تفسيراً، وليس ذكراً للمعاني، ولا الدلالات، يُفهم من جهة المُقتضى واللازم والاعتبار بالشيء.
إن تأملنا هذه الأحرف وجدنا فيها فوائد، وجدنا فيها عبراً تتعلق بحياتنا، وتتعلق بتلاوتنا للقرآن، وتتعلق بإيماننا وعقيدتنا في الله تعالى.
من الفوائد: أن يتبرأ العبد من نفسه، وأن يتعلق بربه ويُقر لنفسه.
يعني أن أول درس لنا في هذه الأحرف أن نعلم عظمة الخالق سبحانه، وأن قدرته سبحانه مُطلقة، وأن علمه سبحانه لا يحده شيء.
يعلم العبد أنه مخلوق، وأن قدرته ضعيفة ومحدودة، وقدرته أقل من أن يُفسر هذه الأحرف، أو يعلم معناها، قدرته أقل وأضعف أن يأتي بشيء من مثل هذا الكتاب الذي أُنزل بهذه الأحرف.
ننتقل إلى فائدة ثانية، هذه الفائدة تتعلق بقراءتنا للقرآن، وبالتحديد بطريقة تلاوة القرآن، يتبين من خلالها كيف نتلوا القرآن، يتبين لنا أن الطريقة الصحيحة لتلاوة القرآن هي طريق التلقين، طريق المُشافهة والتلقي المُباشر عن الأشياخ وأهل العلم، يعني لا يجوز لنا أن نعتمد في قراءة القرآن على مُجرد الكتابة، بل لابد أن يكون الاعتماد على التلقي والتلقين.
فإن قلتَ: كيف عرفنا هذا من هذه الأحرف؟
نقول: أولاً، هذه الأحرف إن نظرنا إلى مُجرد اسمها، وإلى مُجرد كتابتها فإننا لا نعرف أن ننطقها نطقاً صحيحاً، فنحن لا نُفرق بين "الم" في سورة البقرة، و "ألم" في سورة الفيل في الكتابة.
لكن الفرق يتبين لنا حين النطق بها، كيف عرفنا أن نُطق هذه (ألف لام ميم) وعرفنا نُطق تلك (ألم)؟لم نعرف ذلك إلا بالتلقين، فإذاً طريق التلاوة الصحيح لكلام الله هو طريق التلقين.
[]مسألة أخرى: ألف لام ميم، هذه لها خصيصة ليست لغيرها من كلمات القرآن.[]
كل كلمات القرآن تُبنى على الوصل، أما هذه الأحرف فإنها لا تكون موصلة أبداً، يعني لا نُحرك أواخرها، بل دائماً نسكت آخرها، فنقول: (ألف) بالسكون، (لام) بالسكون، و (ميم) بالسكون، على جميع الأحوال.
كيف عرفنا هذا؟ لم نعرفه عن طريق الكتابة، وإنما عرفنا عن طريق التلقين والمُشافهة والتلاوة المُباشرة عن الأشياخ.
ننتقل إلى فائدة ثالثة في هذه الأحرف، وهذه الفائدة عزيزة، نختم بها الكلام عن الأحرف المُقطعة.
هذه الأحرف نتعلم من قراءتها أن الله رحيم بنا، نعلم عظم عطاء الله لنا في قراءة كلامه.
إننا نقرأ هذه الأحرف ونحن لا نعلم معناها، ولا نُدرك تفسيرها، ومع هذا فإن الله تعالى يأجرنا على تلاوتها، نعم يأجرنا بكل حرف نتلوه منها حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أقول: ألف لام ميم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
ماذا يعني هذا؟
يعني أنا لو قرأنا القرآن للتعبد والتلاوة فنحن مأجورون، ولو قرأنا مع الفهم والتدبر فنحن مأجورون أكثر، فهذا جائز، وهذا جائز. لكن الأصل هو قراءة التدبر والفهم؛ لأن القرآن أُنزل لأجل الفهم، ولأن الغاية منه العمل.
[]قد يأتي للإنسان وقت لا يُمكن أن يتدبر كل ما يقرأ. فهل يؤجر؟ نعم ! يؤجر على مُجرد القراءة، وقد عرفنا هذا من هذه الأحرف، فهذا من فوائدها، وهذا من رحمة الله.[/or]
اللهم ارزقنا تلاوة كتابك على الوجه الذي يُرضيك عنا، وعلمنا منه ما لم نعلم، وذكرنا منه ما نسينا واجعله حجة لنا يا رب العالمين.
يتبع