[ابوالوليد المسلم]

جنود مجندة

د. حيدر الغدير


أمضيتُ مع أحد الأصفياء وقتًا بديعًا، كان محضًا من الورد النقيِّ، الذكيِّ عقلًا، الصفيِّ قلبًا، العفيفِ لسانًا، سعدتُ به جدًّا جدًّا، شعرتُ أنه أنا، وأني هو، إن ذكرى هذا اللقاء لا تَزال تَغمرني بالسعادة.

لا تَسلْني فلم تزَل في كِياني

كالأصيل المطلولِ في نيسانِ

والنسيمُ الذي يهبُّ عطورًا

وشذا الأقحوان والرَّيحانِ

إن قلبي وقلبَه توءَمان

وكذاك العقلانِ إذ يقدانِ

واللسانان عِفَّةً وحياءً

مِن مَعين الإيمان يَستقيانِ

إنني اخترتُه فصحَّ اختياري

وهو مَن حبَّ صُحبتي واصطفاني

وكأنَّا لبعضنا غايتان

فيهما تلتقي كرامُ الأماني

وكأنَّا نشتار علًّا ونَهلًا

نُعْمياتٍ مِن كوثرٍ ربَّاني

كان لي فرحةً وكنتُ رضاه

إنما السعدُ والرضا جنَّتانِ

طال منا اللقاءُ والروحُ جَذْلى

وكأنَّ الساعاتِ بعضُ ثواني

لم يكنْ للوداعِ داعٍ فرُوحي

سكنتْه ورُوحُه في جَناني

ستظَل الأرواحُ جندَ اختلافٍ

وائتلافٍ، في بَغضةٍ وتداني

ها هما في حياتنا قَدَرانِ

شاء ربي أن يخلدا جاريانِ

قل لِمَن غاظَه صدوديَ عنه

إن رُوحي ورُوحَه ضِدَّانِ