عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 27-09-2019, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: صفة اليد والكف والأصابع والأنامل لله تعالى

صفة اليد والكف والأصابع والأنامل لله تعالى
محمد علي الغباشي



4) وعَنْ مُعَاذ بْنَ جَبَلٍ رضِيَ اللهُ عنه، قَالَ: احْتَبَسَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى قَرْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيعًا، فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، وَصَلَّى وَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: ((كَمَا أَنْتُمْ عَلَى مَصَافِّكُمْ كما أنتُم))، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: (( إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمْ الْغَدَاةَ، إِنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي، فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي يَا رَبِّ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي رَبِّ، فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ صَدْرِي، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ، قَالَ: وَمَا الْكَفَّارَاتُ؟ قُلْتُ: نَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَجُلُوسٌ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَرِيهَاتِ، قَالَ: وَمَا الدَّرَجَاتُ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، قَالَ: سَلْ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا وَتَعَلَّمُوهَا))[15].


ثانيًا: فوائد:

فائدة 1: لفظ اليد ورد متواترًا في القرآن، والسنة، وفي كلام الصحابة والتابعين:

قال ابن القيم رحمه الله: (وَرَدَ لفظ اليد في القرآن، والسنة، وكلام الصحابة والتابعين، في أكثر من مائة موضع ورودًا متنوِّعًا، متصرفًا فيه، مقرونًا بما يدل على أنها يدٌ حقيقية، من الإمساك، والطي، والقبض، والبسط، والمصافحة، والحثيات، والنضح باليد، والخلق باليدين، والمباشرة بهما، وكتب التوراة بيده، وغَرس جنة عدن بيده، وتخمير طينة آدم بيده، ووقوف العبد بين يديه، وكون المقسطين عن يمينه، وقيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة عن يمينه، وتخيير آدم بين ما في يديه، فقال: ((اخترتُ يمينَ ربي))، وأخذ الصدقة بيمينه يربِّيها لصاحبها، وكتابته بيده على نفسه أن رحمته تغلب غضبه، وأنه مَسَحَ ظهرَ آدم بيده، ثم قال له - ويداه مقبوضتان -: "اختر"، فقال: ((اخترتُ يمين ربي))، وكلتا يديه يمين مباركة، وأن يمينه ملأى، لا يغيضها نفقة، سَحَّاء الليل والنهار، وبيده الأخرى القسط، يرفع ويخفض، وأنه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، وأنه يطوي السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهنَّ بيده اليُمْنَى، ثم يطوي الأرض باليد الأخرى، وأنه خَطَّ الألواحَ التي كتبها لموسى بيده)[16].

قال أبو الحسَن الأشعَري رحمه الله: (وأجمعوا على أنه عزَّ وجلَّ يَسْمَعُ ويَرَى، وأن له تعالى يدين مبسوطتَيْن)[17].



فائدة2: معتقد أهل السنة والجماعة بأن للهيدين اثنتين:

قال الإمام الشافعي رحمه الله: (لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمَّته...، وأن له يدين بقوله: ï´؟بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِï´¾، وأن له يمينًا بقوله: ï´؟وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِï´¾)[18].



وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: (وأجمعوا على أنه عزَّ وجلَّ يسمع ويرى، وأنَّ له تعالى يدين مبسوطتين)[19].



وقال أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله: (وخلق آدم عليه السلام بيده، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف يداه، إذ لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف)[20].



وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إنَّ لله تعالى يدين مختصتين به، ذاتيتين له، كما يليق بجلاله)[21].



فائدة 3: وصف إحدىيدي الله جل وعلا بالشمالعلى قولَيْن لأهل العلم:

1) القائلون بأنَّ كلتا يدي الله يَمِين لا شمال ولا يسار فيهما، ومنهم: الإمام ابن خزيمة في (كتاب التوحيد)، والإمام أحمد، والبيهقي، والألباني.



واستدلوا بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعًا: ((إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يَمِين الرحمن عزَّ وجلَّ، وكلتا يديه يَمِين...))[22].



2) القائلون بإثبات صفة الشمال أو اليسار،ومنهم: الإمام عثمان بن سعيد الدارمي، وأبو يعلى الفراء، والشيخ محمد بن عبدالوهاب، وصديق حسن خان، ومحمد خليل الهرَّاس.



واستدلوا بحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه مرفوعًا: ((يطوي الله عزَّ وجلَّ السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول...))[23].



وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلتا يديه يمين"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يطوي الأرضين بشماله".



فأجاب رحمه الله: (كلها أحاديث صحيحة عند علماء السنة، وحديث ابن عمر مرفوع صحيح، وليس موقوفًا، وليس بينها اختلاف بحمد الله، فالله سبحانه توصف يداه باليمين والشمال من حيث الاسم؛ كما في حديث ابن عمر، وكلتاهما يمين مباركة من حيث الشرف والفضل؛ كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى)[24].



وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه اللهعن الجمع بين الحديثين، فقال رحمه الله: (قوله: "ثم يأخذهن بشماله"، كلمة (شمال) اختلف فيها الرواة، فمنهم مَن أثبتها، ومنهم من أسقطها، وقد حكموا على مَن أثبتها بالشذوذ؛ لأنه خالف ثقتين في روايتها عن ابن عمر، ومنهم مَن قال: إنه ثقة، ولكنه قالها من تصرفه، وأصل هذه التخطئة هو ما ثبت في "صحيح مسلم" أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين"، وهذا يقتضي أنه ليس هناك يد يمين ويد شمال، ولكن إذا كانت لفظة "شمال" محفوظة، فهي عندي لا تنافي "كلتا يديه يمين"؛ لأن المعنى أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق، ناقصة عن اليمنى، فقال: "كلتا يديه يمين"؛ أي: ليس فيها نقص، ويؤيد هذا قوله في حديث آدم: "اخترت يمين ربي، وكلتا يديه يمين مباركة"، فلمَّا كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال يعني النقص في هذه اليد دون الأخرى، قال: "كلتا يديه يمين"، ويؤيده أيضًا قوله: "المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن"، فإن المقصود بيان فضلهم ومَرتبتهم، وأنهم على يمين الرحمن سبحانه، وعلى كلٍّ فإن يديه سبحانه اثنتان بلا شك، وكل واحدة غير الأخرى، وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال، فليس المراد أنها أقل قوة من اليد اليمنى، بل كلتا يديه يمين، والواجب علينا أن نقول: إن ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نؤمن بها، ولا منافاة بينها وبين قوله: "كلتا يديه يمين" كما سبق، وإن لم تثبت، فلن نقول بها)[25].

فائدة4: أن اليد ليست بمعنى القدرة بل يد حقيقية:

قال ابن تيمية رحمه الله: (إن لفظ: اليدين بصيغة التثنية لم يستعمل في النعمة ولا في القدرة؛ لأن من لغة القوم استعمال الواحد في الجمع؛ كقوله: ï´؟إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍï´¾ [العصر: 2]، ولفظ الجمع في الواحد كقوله: ï´؟الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَï´¾ [آل عمران: 173]، ولفظ الجمع في الاثنين؛ كقوله: ï´؟فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَاï´¾ [التحريم: 4]، أما استعمال لفظ الواحد في الاثنين أو الاثنين في الواحد، فلا أصل له؛ لأن هذه الألفاظ عدد وهي نصوص في معناها لا يتجوز بها، ولا يجوز أن يقال: عندي رجل، ويعني رجلين، ولا عندي رجلان، ويعني به الجنس؛ لأن اسم الواحد يدل على الجنس، والجنس فيه شياع، وكذلك اسم الجمع فيه معنى الجنس والجنس يحصل بحصول الواحد، فقوله:ï´؟لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ï´¾ [ص: 75]، لا يجوز أن يراد به القدرة؛ لأن القدرة صفة واحدة، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد، ولا يجوز أن يراد به النعمة؛ لأن نِعَمَ الله لا تحصى، فلا يجوز أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية... ولست تجد في كلام العرب ولا العجم إن شاء الله تعالى أن فصيحًا يقول: فعلت هذا بيدي، أو فلان فعل هذا بيديه، إلا ويكون فعله بيديه حقيقة، ولا يجوز أن يكون لا يد له، أو أن يكون له يد، والفعل وقَع بغيرها، وبهذا الفرق المحقق تتبيَّن مواضع المجاز ومواضع الحقيقة، ويتبيَّن أن الآيات لا تقبل المجاز البتةَ من جهة نفس اللغة؛ ا .ه).



وقال ابن حجر رحمه الله: (لو كانت اليد بمعنى القدرة، لم يكن بين آدم وإبليس فرقٌ لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته، ولقال إبليس: وأي فضيلة له علي وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته بقدرتك، فلما قال: ï´؟خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍï´¾ [الأعراف: 12]، دلَّ على اختصاص آدم بأن الله خلقه بيديه، ولا جائز أن يراد باليدين النعمتان؛ لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق؛ لأن النعم مخلوقة)[26].



وقال الشيخابن عثيمين رحمه الله في تعليقه على لمعة الاعتقاد: الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير؛ لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين ... ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علمٍ، وهو حرام، مثال ذلك قوله تعالى: ï´؟بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُï´¾، فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقتين، فيجب إثبات ذلك له، فإذا قال قائل: المراد بهما القوة، قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به؛ لأنه قول على الله بلا علمٍ؛ ا.هـ.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.75 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]