الموضوع: غزوة حنين
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-09-2019, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: غزوة حنين

غزوة حنين (1)


د. أمين بن عبدالله الشقاوي

ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم:



وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، وثبت معه نفر قليل من المهاجرين والأنصار[46]، وأهل بيته، فيهم: أبو بكر، وعمر، وعلي بن أبي طالب والعباس، وابنه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسامة بن زيد، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: «إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ! هَلُموُا إِلَيَّ! أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ»، لكن لم يلتفت منهم أحد[47].



ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض ببغلته[48] قِبَل المشركين، وهو يقول: أَنَا النِّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ»[49]




والعباس رضي الله عنه آخذ بلجام بغلته صلى الله عليه وسلم، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركابها يكفانها عن الإسراع نحو العدو، وهو صلى الله عليه وسلم لا يألو يسرع نحو المشركين[50].



«وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة، إنه في مثل هذا اليوم في حومة الوغى[51]، وقد انكشف عنه جيشه، وهو مع ذلك على بغلته، وليست سريعة الجري، ولا تصلح لكر ولا لفر ولا لهرب، وهو مع هذا أيضًا يركضها إلى وجوههم، وينوه باسمه ليعرفه من يعرفه، صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين، وما هذا كله إلا ثقة بالله، وتوكلًا عليه، وعلمًا منه بأنه سينصره ويتم ما أرسله به، ويظهر دينه على سائر الأديان»[52].



ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته، فاستنصر ربه ودعاه قائلًا: «اللَّهُمَّ! نَزِّلْ نَصْرَكَ[53]، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ أَنْ لاَ تُعْبَدَ بَعْدَ اليَوْمِ»[54].



وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ[55]، وَبِكَ أُصَاوِلُ[56]، وَبِكَ أُقَاتِلُ»[57].



وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل، والصحابة الذين ثبتوا يقاتلون معه، ويتقون به لشجاعته وثباته صلى الله عليه وسلم كعادتهم في مثل هذه المواقف الصعبة.



قال البراء بن عازب رضي الله عنه: «كنا، والله إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به -يعني النبي صلى الله عليه وسلم»[58].



وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كنا إذا احمر البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى إلى القوم منه»[59][60].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





[1] قال الحافظ في الفتح (8/ 27) حنين: بالتصغير، وادٍ إلى جنب ذي المجاز قريب من الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلًا من جهة عرفات.



[2] أوطاس: وادٍ في ديار هوازن، وهناك عسكروا هم وثقيف، ثم التقوا بحنين، انظر: فتح الباري (8/ 3).



[3] هوازن: بفتح الهاء، وكسر الزاي قبيلة كبيرة من العرب فيها عدة بطون، سميت الغزوة بها؛ لأنهم هم الذين أتوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وجمعوا لحربه، انظر: شرح المواهب (3/ 497).



[4] معجم البلدان (1/ 224).



[5] انظر: فتح الباري (8/ 27)، سيرة ابن هشام (4/ 87)، الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 324).



[6] قال الحافظ في الفتح (8/ 43)، دُريد: بضم الدال، والصمة: بكسر الصاد وتشديد.



[7] التيمن: بتشديد الميم: أي الابتداء في أخذ رأيه. انظر: لسان العرب (15/ 457).



[8] أسلم مالك بن عوف رضي الله عنه بعد ذلك، وكان من المؤلفة قلوبهم، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شهد القادسية، وفتح دمشق، انظر: الإصابة (9/ 473-475).



[9] انظر: سيرة ابن هشام (4/ 87)، زاد المعاد (3/ 408).



[10] الرغاء: بضم الراء، صوت الإبل، لسان العرب (5/ 261).



[11] يُعار: بضم الراء، هو صوت المعز، النهاية في غريب الحديث (5/ 297).



[12] أخرج قصة قدوم هوازن بالصبيان والنساء والإبل والنعم: الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم برقم 1059، والإمام أحمد في مسنده برقم 12977، والطحاوي في شرح مشكل الآثار برقم 4786، والطيالسي في مسنده برقم 2192، وغيرهم.



[13] انظر: سيرة ابن هشام (4/ 89).



[14] أخرج استعارة رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح من صفوان بن أمية: الإمام أحمد في مسنده برقم 15302، وقال محققوه: حديث حسن.



[15] أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الصدقات، باب حسن القضاء برقم 2424، والإمام أحمد في مسنده برقم 16410، وقال محققوه: إسناده صحيح على قلب في اسم أحد رواته.



[16] أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح برقم 4298، 4299.



[17] أخرج استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عتَّاب بن أسيد على مكة: الطيالسي في مسنده برقم 1453، وأورده الحافظ في الإصابة (7/ 63) وحسن إسناده.



[18] قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم (12/ 158): الطلقاء: بضم الطاء وفتح اللام، وهم الذين أسلموا من أهل مكة يوم الفتح، سموا بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مَنَّ عليهم وأطلقهم، وكان في إسلامهم ضعف.



[19] سيأتي بعد قليل عن الحديث على شجرة ذات أنواط ما يدل على أن الإسلام لم يتمكن من قلوبهم.



[20] قيل إن القائل: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقيل العباس رضي الله عنه، وقيل سلمة بن وقش رضي الله عنه، وكلها روايات ضعيفة.



[21] أخرج الإمام أحمد في مسنده برقم 2682 من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربع مئة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة». يعني: لا يهزم جيش قوامه اثنا عشر ألفًا؛ بسبب قلة عددهم إذا صبروا وصدقوا، وقال محققوه: حسن لغيره، وقد اختلف في تصحيحه وتضعيفه وبعضهم يرى إرساله.



[22] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4/ 125): ويوم حنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئًا، فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أنزل الله نصره وتأييده على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين الذين معه؛ ليعلمهم أن النصر من عنده سبحانه وتعالى وحده بإمداده، وإن قل الجمع ï´؟ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ï´¾ [البقرة:249]. تفسير ابن كثير رحمه الله (7/ 166)، باختصار.



[23] رام الشيء: طلبه، انظر لسان العرب (5/ 377).



[24] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 18933، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.



[25] ذات أنواط: هو اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم، أي يعلقونه بها، ويعكفون حولها. انظر النهاية (5/ 128).



[26] السنة: الطريقة: أي ستتبعون طريقتهم. انظر النهاية (2/ 409).



[27] أخرج هذا الحديث أحمد في مسنده برقم 21897، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين.



[28] أطنب في السير: إذا أبعد، انظر لسان العرب (8/ 206).



[29] يقال: جاء القوم على بكرة أبيهم: إذا جاؤوا بأسرهم ولم يتخلف منهم أحد، انظر جامع الأصول لابن الأثير (8/ 383).



[30] الظعن: بضم الظاء: النساء، واحدتها: ظعينة، انظر النهاية (3/ 157).



[31] النَّعم: بفتح النون والعين: النعم في الأصل الإبل، وقد تقع على البقر والغنم، انظر جامع الأصول لابن الأثير (8/ 384).



[32] أخرج ذلك أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في فضل الحرس في سبيل الله تعالى برقم 2501، وقال الحافظ في الفتح (8/ 27): إسناده حسن.



[33] انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 325).



[34] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام برقم 1059.



[35] عماية الصبح: بقية ظلمة الليل، انظر النهاية (3/ 305).



[36] أحناء الوادي: منعطفه. انظر النهاية (1/ 455).



[37] فما راعهم: أي فما فاجأهم.



[38] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، وابن حبان في صحيحه، برقم 4774 بمعناه، وقال محققو المسند: إسناده حسن.



[39] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، وإسناده حسن.



[40] رشقه رشقًا: إذا رماه بالسهام. انظر النهاية (2/ 206).



[41] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1776.



[42] كان كلدة بن الحنبل رضي الله عنه في ذلك الوقت مشركًا، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه، روى الإمام أحمد في مسنده برقم 15425 بسند صحيح عن كلدة بن الحنبل رضي الله عنه قال: أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلباءٍ وجداية وضغابيس، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي، قال: فدخلت عليه، ولم أسلم ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع فقل: السلام عليكم، آدخل؟»، اللبأ: أول ما يحلب عند الولادة. انظر النهاية (4/ 192).

الجداية: بفتح الجيم وكسرها، ما بلغ ستة أشهر أو سبعة أشهر من أولاد الظباء ذكرًا كان أو أنثى بمنزلة الجدي من المعز. انظر النهاية (1/ 241).

الضغابيس: هي صغار القِثَّاء: واحدتها ضغبوس. انظر النهاية (3/ 82).



[43] فض الله فاك: أي كسر أسنانك وأسقطها. انظر النهاية (3/ 406).



[44] يربني: أي يكون علي أميرًا وسيدًا، انظر النهاية (2/ 166)، وهذه رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار، وفي رواية ابن حبان في صحيحه قال: لأن يليني.



[45] أخرج ذلك ابن حبان في صحيحه برقم 4754، وقال محققه: حسن، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 412).



[46] روى الترمذي في جامعه وقال: حديث حسن صحيح برقم 1689 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد رأيتنا يوم حنين، وإن الفئتين لموليتان، وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل، قال الحافظ في الفتح (8/ 29-30): هذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين، وروى أحمد في مسنده بسند ضعيف برقم 4336، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى الناس، وثبت معه ثمانون رجلًا من المهاجرين والأنصار، وهذا لا يخالف حديث ابن عمر، فإنه نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين، وأما ما ذكره النووي في شرح مسلم أنه ثبت معه اثنا عشر رجلًا فكأنه أخذه مما ذكر ابن إسحاق في السيرة (4/ 93): أنهم كانوا عشرة، ووقع في شعر العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط، ولعل هذا هو الثبت، ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع فعُد فيمن لم ينهزم. اهـ



[47] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، 22467، وقال محققوه: إسناده حسن.



[48] ومما يُنبه عليه هنا أن البغلة البيضاء التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين غير البغلة البيضاء التي أهداها له ملك أيلة؛ لأن ذلك كان في تبوك، وغزوة حنين كانت قبلها، ووقع في صحيح مسلم برقم 1775، أن البغلة التي كانت تحته صلى الله عليه وسلم في حنين أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، وهذا هو الصحيح.

ووقع عند ابن سعد في طبقاته (2/ 325): أن البغلة التي ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين هي (دلدل) وهي التي أهداها له المقوقس، وهذا فيه نظر، والصحيح ما في صحيح مسلم. فتح الباري (8/ 30).



[49] قال الحافظ في الفتح (8/ 31): وأما نسبته صلى الله عليه وسلم إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس؛ لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر بخلاف عبد الله فإنه مات شابًا، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، كما قال ضِمام بن ثعلبة: أيكم ابن عبد المطلب؟



[50] أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي باب قول الله تعالى: ï´؟ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ï´¾ برقم 4315، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين برقم 1775.



[51] حومة القتال: معظمه وأشد موضع فيه، انظر لسان العرب (3/ 407)، والوغى: الحرب نفسها، انظر لسان العرب (15/ 353).



[52] تفسير ابن كثير رحمه الله (7/ 170).



[53] صحيح مسلم برقم 1776.



[54] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 12220، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين.



[55] أحاول: هو من المفاعلة، وقيل المحاولة: طلب الشيء بحيلة، انظر النهاية (1/ 444).



[56] هذه رواية الإمام أحمد في مسنده، وفي رواية ابن حبان في صحيحه: (أصول).


أصاول: أي أسطو وأقهر، والصولة: الحملة والوثبة، انظر النهاية (3/ 57).



[57] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 18933، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن حبان في صحيحه، كتاب السير، باب الخروج وكيفية الجهاد برقم 4758.



[58] أخرج ذلك مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1776.



[59] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 1347، وقال محققوه: إسناده صحيح.



[60] أحداث هذه الغزوة مستفادة من كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون للشيخ موسى العازمي (4/ 106-121) باختصار مع الحذف والإضافة.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]