تفسير: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله)
♦ الآية: ï´؟ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ï´¾.
♦ السورة ورقم الآية: المائدة (48).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ï´؟ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه ï´¾ أَيْ: شاهدًا وأمينًا وحفيظًا ورقيبًا على الكتب التي قبله فما أخبر أهل الكتاب بأمرٍ فإنْ كان في القرآن فصقوا وإلأَّ فكذِّبوا ï´؟ فاحكم بينهم ï´¾ بين اليهود ï´؟ بما أنزل الله ï´¾ بالقرآن والرَّجم ï´؟ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ï´¾ يقول: لا تتَّبعهم عمَّا عندك من الحق قتتركه وتتَّبعهم ï´؟ لكلٍّ جعلنا منكم ï´¾ من أُمَّة موسى وعيسى ومحمَّد صلَّى الله عليهم أجمعين ï´؟ شرعة ومنهاجًا ï´¾ سبيلًا وسنَّة فللتَّوراة شريعة وللإِنجيل شريعة وللقرآن شريعة ï´؟ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ï´¾ على أمرٍ واحدٍ ملَّة الإِسلام ï´؟ ولكن ليبلوكم ï´¾ ليختبركم ï´؟ فِي مَا آتَاكُمْ ï´¾ أعطاكم من الكتاب والسُّنن ï´؟ فاستبقوا الخيرات ï´¾ سارعوا إلى الأعمال الصَّالحة (الزَّاكية) ï´؟ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ï´¾ أنتم وأهل الكتاب ï´؟ فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ï´¾ من الدِّين والفرائض والسُّنن يعني: إنَّ الأمر سيؤول إلى ما يزول معه الشُّكوك بما يحصل من اليقين.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ï´؟ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ ï´¾، يَا مُحَمَّدُ الْكِتابَ، الْقُرْآنَ، ï´؟ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ ï´¾، أَيْ: مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ قَبْلُ، ï´؟ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ï´¾، رَوَى الوالي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَيْ شَاهِدًا عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَالْكِسَائِيِّ، قَالَ حَسَّانُ: إِنَّ الْكِتَابَ مُهْيَمِنٌ لِنَبِيِّنَا، وَالْحَقُ يَعْرِفُهُ ذَوُو الْأَلْبَابِ، يُرِيدُ شَاهِدًا وَمُصَدِّقًا، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: دَالًّا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: مُؤْتَمِنًا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: أَمِينًا، وَقِيلَ: أَصْلُهُ مُؤَيْمِنٌ مُفَيْعِلٌ مِنْ أَمِينٍ، كَمَا قَالُوا: مُبَيْطِرٌ مِنَ الْبَيْطَارِ، فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً كَمَا قَالُوا: أَرَقْتُ الْمَاءَ وَهَرَقْتُهُ، وَإِيهَاتَ وَهَيْهَاتَ، وَنَحْوَهَا. وَمَعْنَى أَمَانَةَ الْقُرْآنِ مَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ، فَمَا أَخْبَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ عَنْ كِتَابِهِمْ فَإِنْ كان في القرآن صدّقوا وَإِلَّا فَكَذِّبُوا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالضَّحَّاكُ: قَاضِيًا، وَقَالَ الْخَلِيلُ: رَقِيبًا وَحَافِظًا، وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ، وَمَعْنَى الْكُلِّ: أَنَّ كُلَّ كِتَابٍ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ الْقُرْآنُ فَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ تعالى وإلا فَلَا، ï´؟ فَاحْكُمْ ï´¾، يَا مُحَمَّدُ، ï´؟ بَيْنَهُمْ ï´¾، بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا تَرَافَعُوا إليك، ï´؟ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ تعالى ï´¾ في القرآن، ï´؟ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ï´¾، أَيْ: لَا تُعْرِضْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ، ï´؟ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجًا ï´¾، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: أَيْ سَبِيلًا وَسُنَّةً، فَالشِّرْعَةُ وَالْمِنْهَاجُ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، وَكُلُّ مَا شَرَعَتْ فِيهِ فَهُوَ شَرِيعَةٌ وَشِرْعَةٌ، وَمِنْهُ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ لِشُرُوعِ أهلها فيه، وَأَرَادَ بِهَذَا أَنَّ الشَّرَائِعَ مُخْتَلِفَةٌ، وَلِكُلِّ أَهْلِ مِلَّةٍ شَرِيعَةٌ، قَالَ قَتَادَةُ: الْخِطَابُ لِلْأُمَمِ الثَّلَاثِ أُمَّةِ مُوسَى وَأُمَّةِ عِيسَى وَأُمِّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أجمعين، فالتوراة شريعة والإنجيل شريعة والقرآن شَرِيعَةٌ، وَالدِّينُ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّوْحِيدُ.ï´؟ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ï´¾، أَيْ: عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ، لِيَخْتَبِرَكُمْ، فِي مَا آتاكُمْ، مِنَ الْكُتُبِ وَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الشَّرَائِعِ، فَيَتَبَيَّنُ الْمُطِيعُ مِنَ المعاصي وَالْمُوَافِقُ مِنَ الْمُخَالِفِ، فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ، فَبَادِرُوا إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، ï´؟ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ï´¾.
تفسير القرآن الكريم