المصلحة المرسلة: دراسة في نشأة المصطلح وتطور المفهوم
د. نعمان جغيم (*)
المطلب الرابع: تحليل موقف الغزالي من الاحتجاج بالمصلحة المرسلة
تبين في المطلب السابق الاختلاف الحاصل في تحديد موقف الغزالي من الاحتجاج بالمصلحة المرسلة . وبعد النظر المتفحص في ما كتبه تبئن أن ذلك الاختلاف يعود إلى اختلاف الأمثلة التي صور المصلحة المرسلة من خلالها . فحين صورها بأمثلة تتعلق بسفك دماء مسلمة دون خرم، تشدد في شروط العمل بها" فاشترط فيها أن تكون ضرورية كلية قطعية . وعندما تعلق الأمر بمسائل أخف من تلك، مثل أخذ الأموال لمصلحة الجماعة المسلمة، خفف في الشروط . ولما تكلم عن مطلق المصلحة بوصفها أمرا يعود إلى تحقيق مقاصد الشريعة، أطلق القول بجواز الأخذ بها.
وفي ما يأتي تحليل مفصل للطريقة التي تناول بها الغزالي المصلحة المرسلة، والأمثلة التي مثل بها، والأحكام المختلفة في سياقها الذي وردت فيه، والنتائج المستخلصة من ذلك.
قسم الغزالي في المستصفى المصلحة من حيث شهادة الشرع لها إلى ثلاثة أقسام:
أولها: مصلحة شهد الشرع لاعتبارها: وهي حجة ويرجع حاصلها إلى القياس.
وثانيها: مصلحة شهد الشرع لبطلانها : وهي ما يدعى مصلحة وهو مصادم للنص الشرعي، وهي ملغاة.
وثالثها: مصلحة لم يشهد لها نص معين بالبطلان ولا بالاعتبار، وقال عنها : هي في محل النظر ([56]).
وقد اكتفى الغزالي في هذا الموضع بذكر أن المصلحة المرسلة هي التي لم يشهد لها نص معين بالبطلان ولا بالاعتبار، دون حديث عن ملاءمتها لتصرفات الشارع أو عدم ملاءمتها . أما في تقسيمه للمناسب ([57]) فقد ذكر أن المناسب المرسل (المصلحة المرسلة) هو : مناسب ملائم لا يشهد له أصل فعين، وهو الاستدلال المرسل. ([58]) ومن التقسيمين يتبين أن المصلحة المرسلة تتميز بخاصتين:
إحداهما: الملاءمة لتصرفات الشرع، بمعنى أنه ثبت اعتبار جنس تلك المصلحة في الأحكام الشرعية.
والثانية: عدم وجود نص خاص يشهد لتلك المصلحة، بمعنى أنه لا يوجد حكم منصوص أو فجمع عليه تقاس عليه تلك المصلحة " ولذلك سميت مرسلة.
وإذا نظرنا في التعريف النظري الذي عرف به الغزالي المصلحة المرسلة (المناسب المرسل) نجده واضحا لا اضطراب فيه، ولكنه لما أخذ في مناقشتها من خلال الأمثلة أورد أمثلة تتردد بين مصالح يقتضي تحقيقها مخالفة نص وارتكاب محظور شرعي، ومصالح لا يقتضي تحقيقها ذلك . والظاهر : أن ذلك التردد في التصوير العملي للمصلحة المرسلة هو الذي سبب تردده في حكم الاحتجاج بها. ولتوضيح هذا الأمر سأعرض سياق الأمثلة التي مثل بها الغزالي للمصلحة المرسلة في كتابيه شفاء الغليل والمستصفى.
بدأ الغزالي حديثه عن المصلحة المرسلة في كتاب شفاء الغليل، بعد تعريفها، بإطلاق الحكم بأن الواقع منها في مرتبة التحسينات والتزيينات لا يجوز الاستمساك به ما لم تعتضد بأصل فعين ورد من الشرع الحكم فيه على وفق المناسبة، وحتى إذا اتفق ورود أصل معين، فنحن منه على علالة، أما إذا لم يرد من الشرع حكم على وفقه، فاتباعه وضع للشرع بالرأي. ([59]) والملفت للنظر: أن الغزالي مثل لهذا بمثال افتراضي، هو لو افترضنا أنه لم يرد في الشرع تحريم بيع بعض الأعيان النجسة، ثم اجتهد مجتهد قائلا : إن الحكم بنجاسة الشيء دليل على أمر الشرع باجتنابه، وحكم باستقذاره، وتجنب مخالطته، والقول بحواز بيعه يخالف ذلك، ويستخلص من ذلك حكما بحرمة بيع جميع ما حكم الشرع بنجاسته . ويرى الغزالي أن مثل هذا الحكم يكون مرفوضا، ويعتمد في رفضه على أمرين:
أحدهما: أن الحكم بتحريم بيع النجاسات من باب التحسينات، ولا يتعلق بالمنع من بيعه ضرورة ولا حاجة ([60]).
والأمر الثاني: أن هذا الوصف الذي غفل به هذا الحكم خيالي، لا يصمد أمام السبر" لان معنى النجاسة هو عدم صحة الصلاة مع ذلك الشيء، ولا مناسبة بين بطلان الصلاة مع استصحابه وبين المنع من بيعه، وبهذا تنقطع المناسبة. ([61])
والملاحظ هنا: أن الغزالي لم يذكر مثالا واقعيا للمصلحة المرسلة الواقعة في رتبة التحسينات، ويبئن كيف ترفض بسبب كونها من التحسينيات، بل لجأ إلى مثال افتراضي . ولا يخفى أن عدم إعطاء مثال حقيقي علامة على ضعف ما ذهب إليه.
كما يلاحظ على المثال الذي ذكره أنه حكم بتحريم شيء دون دليل واضح . أما لو كانت المصلحة من باب المصالح الملائمة لتصرفات الشرع التي لا يقتضي تحقيقها حكما بالتحريم أو انتهاكا لمحظور شرعي، فلا شك أن حكمها سيكون مختلفا، حتى لو كانت من التحسينات.
وإذا نظرنا في السياق الذي ورد فيه تنصيص الغزالي على رفض العمل بالمصلحة المرسلة في رتبة التحسينات، نجد أنه ذكر ذلك بعد أن قشم الأوصاف المناسبة التي يستنبطها الفقيه معتقدا أنها علة الحكم، إلى قسمين:
أحدهما: مناسب حقيقي عقلي : وهو الذي لا يزال يزداد على البحث والسبر وضوحا، ويرتقي بمزيد التأمل إلى شكل العقليات.
والثاني: المناسب الخيالي الإقناعي : وهو المناسب الذي يخيل في الابتداء مناسبته، وإذا سلط عليه البحث وسدد إليه النظر ينحل حاصله، وينكشف عن غير طائل. ([62]) وبعد ذلك ربط بين هذا التقسيم للمناسب وبين مراتب المقاصد، حيث يرى أن مراتب المناسبات تختلف في الظهور باختلاف تلك المراتب . فأعلاها ما يقع في مراتب الضرورات؛ فكل مناسبة يرجع حاصلها إلى رعاية مقصود ضروري يشير العقل إلى حفظها، ولا يستغني العقلاء عنها، ويكون ذلك المناسب واقعا في الرتبة القصوى في الظهور . أما المناسبات الراجعة إلى الحاجات ومكملاتها فجعلها في المرتبة الثانية . وجعل المناسبات الراجعة إلى التحسينات في المرتبة الثالثة. ([63])
وبسبب ذلك التدرج في الوضوح جعل المناسب الذي تعلل به الأحكام الواقعة في مرتبة الضرورات والحاجات من باب المناسب الحقيقي العقلي، أما المناسب الذي تعلل به الأحكام الواقعة في رتبة التحسينات فالغالب عليه : كونه من باب المناسب الخيالي الإقناعي. ([64])
وعند النظر في ما أورده الغزالي هنا يتبين أن المسألة قائمة على ما يستنبطه الفقيه من علل للأحكام " فقد تكون العلة التي يستنبطها الفقيه من باب "المناسب الحقيقي العقلي "، وقد تكون من باب " المناسب الخيالي الإقناعي " . ولا يخفى أن هذا الاستنباط اجتهادي يخضع للخطأ وللخلاف في التقدير، فما يراه أحدهم حقيقيا قد يراه غيره خياليا. وزيادة على ذلك، فإننا إذا ألحقنا المصالح غير المنصوص على جزئياتها (المصالح المرسلة ) بأجناسها الواردة في العمومات الشرعية دون خوض في التعليل والقياس، فإن هذا الذي ذكره الغزالي في تعليل رفض الأخذ بالمصلحة المرسلة في التحسينات لا يبقى له مبرر.
أما في كتاب المستصفى فقد افتتح حديثه عن الاستصلاح بذكر اختلاف العلماء في جواز اتباع المصلحة المرسلة، ثم تحدث عن تقسيم المصلحة باعتبار شهادة الشرع لها، ([65]) وعن تقسيمها باعتبار قوتها في ذاتها إلى : ضرورات، وحاجات، وتحسينات، وأمثلة كل مرتبة وتعليلاتها، وما يتممها. ([66]) ولم يتحدث الغزالي في هذا الموضع عن المناسب الحقيقي، والمناسب الخيالي الإقناعي، كما أنه لم يربط بين هذا التقسيم وتقسيم المصلحة باعتبار قوتها في ذاتها، كما فعل في شفاء الغليل . ولكنه - مثل ما فعل هناك - ذكر بعد الفراغ من بيان تلك الرتب الثلاث وبعض أمثلتها، المجال الذي يعمل فيه بالمناسب المرسل، حيث ضيق فيه ليحصره في الضرورات فقط، فقال : " فإذا عرفت هذه الأقسام، فنقول : الواقع في الرتبتين الأخيرتين لا يجوز الحكم بمجرده إن لم يعتضد بشهادة أصل ...
أما الواقع في رتبة الضرورات فلا بعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد دان لم يشهد له أصل معين، ومثاله : أن الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين ..."([67]) ثم بدأ يناقش مسألة تترس الكفار ببعض أسرى المسلمين . وفي هذا الموضع خلص الغزالي إلى اشتراط الشروط الثلاثة في الأخذ بالمصلحة المرسلة، وهي : كونها ضرورية قطيعة كلية. ([68]) ولتوكيد تلك الشروط ذكر ما يفرق بين هذه المسألة وبين ما يشبهها (وهو ما إذا اختل شرط من هذه الشروط)، فذكر أن تترس الكفار بمسلم في قلعة ليس من هذا الباب، فلا يحل رمي الترس لعدم الضرورة . كما أنه ليس في معناها - أيضا – مثال الجماعة في سفينة لو طرحوا واحدا منهم لنجوا وإلا غرقوا بجملتهم ؛ لأنها ليست كلية . وكذلك مثال جماعة في مخمصة لو كلوا واحدا منهم بالقرعة لنجوا، لأنها ليست كلية. ([69]) ثم ذكر أن قطع اليد المتآكلة حفاظا على حياة صاحبها ليس من باب المصلحة المرسلة، بل هو مما شهد الشرع للترخيص فيه، وكذلك قطع المضطر قطعة من فخذه ليأكلها. إلا أنه إذا كان القطع في هاتين الحالتين سببا ظاهرا في الهلاك فإنه يمنع منه، لان المصلحة لا تكون قطعية. ([70])
والملاحظ : أن الغزالي عاد مرات عديدة في مواضع مختلفة لمناقشة مسألة التترس، وفي كل مرة يضيف شيئا، فقد عاد بعد مناقشة مسألة قتل الساعي في الأرض بالفساد، إلى مسألة التترس ليخفف من شرط القطع، ويضيف إليه الظن القريب من القطع، حيث يقول : " والظن القريب من القطع إذا صار كلئا وعظم الخطر فيه، فتحتقر الأشخاص الجزئية بالإضافة إليه." ([71])
ثم عاد مرة ثانية لمناقشة الاعتراضات الواردة على مثال التترس؛ ليخلص بالمسألة إلى أنها من باب ترجيح الكلي على الجزئي، وأن ترجيح الكلي على الجزئي مقطوع به في الشرع، ولا يحتاج إلى شهادة أصل. ([72])
وعاد مرة ثالثة إليها لينص على أن منشأ الخلاف فيها راجع إلى الترجيح بين المصلحتين.
وعاد مرة رابعة لمناقشة بعض الاعتراضات المفترضة على قوله بجواز رمي الترس، ليقرر أن دفع الكفار مقصود، والكف عن قتل المسلم البريء (الترس) مقصود، وعلق على ذلك بقوله:
"وقد اضطررنا إلى مخالفة أحد المقصودين، ولا بد من الترجيح، والجزئي محتقر بالنسبة إلى الكلي." ثم راح يبين أن هذه القاعدة في الترجيح لم تعرف بنص واحد معين، بل بتفاريق أحكام واقتران دلالات لم يبق معها شك في أن حفظ دولة الإسلام ورقاب المسلمين أهم من حفظ أشخاص معينين. ([73]) أما عدم ترجيح الأكثر على الأقل فيرى أنه ثبت بالإجماع " لان الأمة مجمعة على أنه لو كره شخصان على قتل شخص لا يحل لهما قتله، وأنه لا يحل لمسلمين اكل مسلم في مخمصة، فمنع الإجماع من ترجيح الكثرة، ولذلك منع من إلقاء شخص في مثال السفينة. ([74])
وإذا قارنا بين الأمثلة التي ناقش من خلالها موضوع المصلحة المرسلة في شفاء الغليل وفي المستصفى، نجد أنه لم يذكر مثال التترس في شفاء الغليل، وهذا يفشر لنا عدم ذكره هناك الشروط الثلاثة (ضرورية، كلية، قطعية ) التي اشترطها في المستصفى في المصلحة المرسلة.
وفيما يأتي نذكر الأمثلة التي ناقش من خلالها موضوع المصلحة المرسلة، ونبدأ بالأمثلة المشتركة بين الكتابين.
المثال الأول: زيادة عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين، وقد ركز فيه في شفاء الغليل على أن الصحابة لم يكتفوا بالمصلحة، بل استأنسوا بشهادة أصل، هو حد القذف، وبينوا المناسبة بين السكر والقذف، ليخلص إلى القول : "فطلبهم هذه المناسبة هي الدلالة الظاهرة على أنهم لم يروا الاختراع للمصالح، بل تشوفوا إلى التصرف في موارد الشرع بضروب من التقريب والمناسبة." ([75]) أما في المستصفى فكان تركيزه على كون العقوبة لم تكن محددة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك من باب التعزيرات، وهي متروكة لرأي الإمام، وأنهم مع ذلك بحثوا عن أصل يقيسون عليه تلك الزيادة وهو حد القذف. ([76])
المثال الثاني: قتل الزنديق المستتر إذا تاب . وذكر في شفاء الغليل أن المسألة في محل الاجتهاد، وأنه لا يقطع ببطلان أحد المذهبين . وفي ختام مناقشة المسألة مال إلى إخراجها من المصلحة المرسلة بقوله : "وعلى الأحوال لا تصلح المسألة للتمثيل لما نحن فيه بحال." ([77]) أما في كتاب المستصفى فقد رجح القول بقتله، وعد ذلك من باب استعمال مصلحة في تخصيص عموم، وزعم أن هذا لا ينكره أحد .([78])
المثال الثالث: قتل المبتدع الداعي إلى البدع والضلالات التي لا توصل إلى الكفر . وجزم في شفاء الغليل بعدم جواز قتله، بل يخضع للتعزير. وبهذه المناسبة ذكر أن العقوبات التعزيرية خاضعة للمصلحة، ولكنها لا تدخل في باب المصلحة المرسلة، لان حق الإمام فيها ثابت بالنص والإجماع. ([79]) أما في المستصفى فتناول مسألة قريبة منها، وهي مسألة قتل الساعي في الأرض بالفساد، وذهب إلى أنه إذا لم يرتكب جريمة موجبة لسفك الدم، فلا يسفك دمه. وعلل ذلك بأن هذه المصلحة ليست ضرورية، إذ يمكن كف شره بالحبس . ([80]) ولكنه عاد في موضع أخر إلى هذا المثال ليتراجع عن القطع بعدم جواز قتله، ويقول : "لا يبعد أن يؤدي اجتهاد مجتهد إلى قتله إذا كان كذلك، بل هو أولى من الترس، فإنه لم يذنب ذنبا، وهذا قد ظهرت منه جرائم توجب العقوبة." ([81])
المثال الرابع: الضرب بالتهمة للاستنطاق بالسرقة، ورجح عدم جواز ذلك، مبينا أن هذا الترجيح ليس من باب عدم الأخذ بالمصالح، بل من باب أن هذه المصلحة عارضتها مصلحة أقوى منها، هي مصلحة المتهم الذي قد يكون بريئا. ([82]) وعضد ذلك بالقاعدة التي ذكرها في المنخول، وهي أن الجرائم التي ظهرت في عصر الصحابة ولم يجعلوا لها عقوبة، يدل فعلهم ذلك على أنهم قد فهموا من مورد الشرع عدم مشروعية ذلك، فلا يجوز الإقدام عليه. ([83])
المثال الخامس: توظيف الخراج على الأموال في حال خلت خزينة الدولة من المال اللازم للإنفاق على الجند، ورجح جواز ذلك، بل ذهب إلى أن المصلحة في هذا قطعية لا تحتاج إلى شواهد لإثباتها، ومع ذلك فإن مثل هذه المصالح القطعية لا تعدم شواهد، وراح يعدد شواهد ذلك. ([84]) ولم يختلف حكمه فيها في المستصفى، ولكنه ركز على كون المسألة من باب الترجيح بين المفاسد، قائلا : " لانا نعلم أنه إذا تعارض شران أو ضرران قدم الشرع دفع أشد الضررين وأعظم الشرين." ([85]) وهو في هذه يسير على ما سار عليه شيخه الجويني في مناقشته لها. ([86])
المثال السادس: مثال قوم في سفينة توشك على الغرق، لو رموا بعضهم في البحر ربما نجوا، ومثال قوم اضطروا في مخمصة فأرادوا قتل أحدهم لأكل لحمه . وحكم بعدم جواز ذلك؛ لتعارض المصلحتين، ولم يعهد من الشارع ترجيح مصلحة الكثرة على القفة .([87]) وركز في المستصفى على أن الإجماع انعقد على عدم ترجيح الكثرة على القلة ([88]).
المثال السابع: مسألة المرأة التي انقطع خبر زوجها مدة طويلة، هل يفسخ نكاحها؟
وذكر فيها قضاء عمر بالفسخ بعد أربع سنين، وأن رأي الشافعي في المذهب القديم موافق لقضاء عمر، أما رأيه الجديد : فمنع فيه فسخ نكاحها . والملاحظ هنا أنه لم ينكر اتباع الشافعي المصلحة المرسلة في هذه المسألة، فقال: " وليس هذا من الشافعي امتناعا عن اتباع المصالح، وإنما هو رأي رآه في عين هذه المصلحة من حيث إن في تسليطها على التزويج خطرا عظيما ..." ([89]) ولم يختلف قوله عن هذا في المستصفى. ([90])
المثال الثامن: مسألة الوليين يزوجان المرأة من رجلين، ويعلم أن أحدهما زوجها قبل الآخر، ولكن يتعذر معرفة من زوجها الأول . ثم ذكر أن الشافعي تردد في هذه المسألة، وأن تردده دليل ميله إلى المصلحة المرسلة ورعايتها. ([91]) أما في المستصفى فقد حاول إخراج المسألة من باب الحكم بالمصلحة، وزعم أنه تشهد لما ذهب إليه الشافعي أصول معينة، ولكنه لم يذكر تلك الأصول. ([92])
المثال التاسع: مسألة المرأة الشابة تطفق وهي ممن يحيض، ولكن تتأخر عنها الحيضة سنوات، فهل تبقى في انتظار الحيض إلى أن تصل سن اليأس، أم تعتد بالأشهر؟ ورجح انتظارها إلى سن اليأس، وعدم اتباع مصلحتها في الزواج، وعلل ذلك بأن العدة ليس المقصود منها براءة الرحم فقط، بل فيها نوع تعبد. ([93]) وزاد في المستصفى أنها تدخل في عموم نص عدة الحوائض، ولا نخصص النص بتلك المصلحة النادرة. ([94])
أما الأمثلة التي ورد ذكرها في شفاء الغليل فقط، فهي:
المثال الأول: لو رأى الحاكم جمعا من الأغنياء يبذرون أموالهم، ويصرفونها في وجوه الترف والفساد، ورأى أنه من المصلحة معاقبتهم بأخذ شيء من أموالهم وضمها إلى بيت المال لصرفها في وجوه المصالح، فهل له ذلك ؟ وأجاب عن ذلك بعدم الجواز، لان الشرع لم يشرع المصادرة في الأموال عقوبة على جناية، مع كثرة الجنايات والعقوبات، وهذا إبداع أمر غريب لا عهد به، وليست المصلحة فيه متعينة. ([95])
المثال الثاني: إطباق الحرام على الأرض وعسر الاكتساب من الحلال، وهل يجوز في تلك الحال التوسع في الأكل من الحرام فوق الضرورة للوصول إلى مرتبة الحاجة؟ وأجاز ذلك في المأكل والملبس والمسكن، كما فعل شيخه الجويني. ([96])
المثال الثالث: مسألة قتل الجماعة بالواحد، فذكر أنه ليس فيها نص ولا إجماع، ولكن فيها قضاء عمر رضي الله عنه . ولان الإمام الشافعي ذهب إلى جواز قتل الجماعة بالواحد، فإن الغزالي نص في هذا الموضع على اتفاق الشافعي ومالك في الأخذ بالمصلحة المرسلة دان لم يعضدها شاهد خاص، حيث علق على ذلك بقوله : "فدل أن كل واحد من الشافعي ومالك سلك مسلك المصلحة، وهو الذي رآه عمر رضي الله عنه. وذلك يدل على اتفاق مسالك العلماء القائسين في اتباع المصالح المرسلة، وإن لم يعتضد بشهادة أصل معين مهما كان من جنس مصالح الشرع." ([97]) ثم راح يبين وجه القول بقتل الجماعة بالواحد، مؤكدا أن ذلك ليس من باب القياس، وإنما هو من باب المصلحة، وعضد ذلك بقوله : " وقد دعت إليه الحاجة والمصلحة، وأشار إليه سر المشاركة، فلم يكن ذلك مبتدعا." ([98])
المثال الرابع: مسألة تعاون رجلين على السرقة بأن ثقب أحدهما الحرز وأخرج الأخر المال، فهل يقطع الذي ثقب الحرز رعاية للمصلحة وحسما لباب التعاون على السرقة؟ وكان جوابه بالمنع، وعلل ذلك بقوله : "لم يبن لنا أن القطع مشروع لعصمة المال، كما بان كون القصاص مشروعا لعصمة النفس ." ([99]) ورجح أن عقوبة القطع وجبت حقا لله تعالى.
بعد عرض الأمثلة التي ناقش الغزالي من خلالها موضوع المصلحة المرسلة، نأتي إلى النظر في سياق الأحكام المترددة التي أطلقها بخصوص العمل بها.
بداية نلاحظ أن الأمثلة التي ضربها الغزالي في شفاء الغليل والمستصفى تتعلق في مجملها بسفك الدماء، والعقوبة بقطع الأعضاء، والضرب (التعذيب)، وأخذ الأموال، وهي أمور كلها الأصل فيها التحريم " لما ورد في ذلك من نصوص شرعية . ولا يخرج عن هذا الإطار سوى أربعة أمثلة، هي : مثال إطباق الحرام، وهذا أيضا فيه مخالفة نص شرعي، حيث إن الكسب الحرام منهي عنه . ومثال فسخ نكاح المرأة التي انقطع خبر زوجها . ومثال الوليين يزوجان المرأة من زوجين، ولا يعلم من زوجها الأول . ومثال المرأة المعتدة يتأخر عنها الحيض مدة طويلة وهي ليست من الآيسات.
وإذا تتبعنا سياق مناقشاته لتلك الأمثلة نجد أنه في الموضع الذي اشترط للعمل بالمصلحة المرسلة أن تكون ضرورية كلية قطعية يمثل لها بمثال التترس، ومثال السفينة، ومثال الجماعة في مخمصة ويريدون قتل بعض منهم لأكل لحمهم . وواضح من هذه الأمثلة أنها كلها تدور حول مصلحة يقتضي تحقيقها انتهاك محرمات شرعية قطعية تتعلق بقتل نفوس مسلمة دون جناية . وكذلك عند حصره جواز العمل بالمصلحة المرسلة في ما يتعلق منها بمرتبة الضرورات نجده يمثل لذلك بمثال التترس . ولا شك أن مثل هذه الحالة تبرر حصرها في الضرورات وأن يضيف إليها القطع والكلية.
ولكنه لما وصل إلى المال، الذي خرمته أقل من خرمة قتل النفس، في مثال توظيف الخراج على الأغنياء إذا خلت خزائن الدولة واحتيج إلى المال لإعالة الجند القائمين على حراسة الدولة، نجده لم يتشدد في الشروط المطلوبة للأخذ بتلك المصلحة، ولم يشترط في ذلك أن تكون المصلحة ضرورية قطعية كلية. ([100]) وجعل ذلك من باب الترجيح بين المفاسد، حيث يقول : " وما يؤديه كل واحد منهم قليل بالإضافة إلى ما يخاطر به من نفسه وماله لو خلت خطة الإسلام عن ذي شوكة يحفظ نظام الأمور ويقطع مادة الشرور ." ([101]) أما الموضع الذي قال فيه : "وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصودا بالكتاب والسنة والإجماع، فليس خارجا عن هذه الأصول، لكنه لا يسمى قياسا، بل مصلحة مرسلة، إذ القياس أصل معين، وكون هذه المعاني مقصودة عرفت لا بدليل واحد، بل بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الأمارات تسمى لذلك مصلحة مرسلة، فإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع فلا وجه للخلاف في اتباعها، بل يجب القطع بكونها حجة، وحيث ذكرنا خلافا فذلك عند تعارض مصلحتين ومقصودين." ([102]) فقد كان عند بيان سبب جعل الاستصلاح ضمن الأصول الموهومة، وهو عدم استقلال المصلحة عن نصوص الكتاب والسنة والإجماع، وأن الاحتجاج بهذه الأصول الثلاثة يتضمن الأخذ بالمصلحة، كما أن المصلحة الراجعة إلى هذه الأصول معمول بها. والملفت للنظر أن الغزالي ذكر هذا عندما أوشك على الفراغ من مناقشة موضوع الاستصلاح، وبعد ذكر جميع الأمثلة التي ناقش من خلالها الموضوع.
وبهذا يتبين أن تردد الغزالي في شروط العمل بالمصلحة المرسلة سببه الأمثلة التي صورها بها. فعندما صورها بمصالح يقتضي تحقيقها ارتكاب محرفات شرعية قطعية، مثل قتل النفس المسلمة دون جناية، وضع شروطا مشددة للأخذ بتلك المصلحة . ولما وصل إلى أخذ الأموال بغير طيب نفس بغرض الإنفاق على حماية الدولة والمصالح العامة، خفف في تلك الشروط . ولما تكلم عن التعارض بين مصلحة الأكثر ومصلحة الأقل فيما يتعلق بقتل النفس أو انتهاك العرض، رفض ترجيح مصلحة الأكثر على الأقل، وذهب إلى أن الإجماع منعقد على ذلك . ولما تكلم عن المصلحة المرسلة بإطلاق بوصفها أمرا يعود إلى تحقيق مقاصد الشريعة، وهي مما شرعت بأجناسها، أطلق القول بجواز الأخذ بها، ما دامت لا تعارض نصا شرعيا، ولا تعارض ما هو أقوى منها من المصالح، بل ذهب إلى أن العلماء متفقون على القول بتلك المصالح المرسلة. ولما ناقش مثالا أخذ فيه الإمام الشافعي (إمام مذهبه ) بالمصلحة المرسلة (وهي قتل الجماعة بالواحد) سوى بين مالك والشافعي في جواز الأخذ بالمصلحة المرسلة وإن لم يعضدها شاهد خاص.
المطلب الخامس: تقييم عرض الغزالي لموضوع المصلحة المرسلة
لقد كان عرض الغزالي لموضوع الاستدلال المرسل في كتاب المنخول واضحا ومتناسقا، حيث لم يتردد في الأخذ به، إلا إذا كانت المصلحة مما علم يقينا حصولها في زمن الصحابة ومع ذلك لم يقضوا بها . وسبب عدم التردد هناك أن أصل المنخول تلخيص لكتاب البرهان للجويني، والجويني لم يتردد في الأخذ بالاستدلال.
أما عرضه لموضوع المناسب المرسل / المصلحة المرسلة في كتابيه : شفاء الغليل والمستصفى فقد اتسم بالتردد، سواء فيما يتعلق بتحديد الموقف من المصلحة المرسلة أو بالأمثلة التي ضربها لمناقشة الموضوع وتحديد الموقف منه.
وأول ما يلحظ على منهج الغزالي في تناول موضوع المصلحة المرسلة أن المعيار الذي اعتمده في تقسيمها، من حيث شهادة الشرع لها، يقوم أساسا على القياس . ومع أنه عند تقسيمه المناسب نظر إلى الاعتبارين : الشاهد العام، وهو الملاءمة (اعتبار جنس المصلحة ) والشاهد الخاص (الشاهد القياسي )، إلا أنه مال إلى تغليب الشاهد الخاص في الحكم على المناسب، حيث جعل المناسب الذي ليس له شاهد قياسي محل نظر واجتهاد، دان كان قد شهد له الشاهد العام بكونه ملائما. ([103])
وقد حاول الرازي في ختام حديثه عن المصلحة المرسلة إبعادها عن الإطار الضيق المتمثل في الاعتبار بالشاهد الخاص وربطها -بدلا من ذلك- بالشاهد العام المتمثل في اعتبار أجناس المصالح. ([104]) وهو في الواقع رجوع إلى فعل الغزالي نفسه في المنخول عندما ذهب إلى تغليب الشاهد العام، حيث قال : "فقد تبين أن كل مصلحة مرسلة فلا بد أن تشهد أصول الشريعة لردها، أو قبولها." ([105]) إلا أن تلك المحاولة التي قام بها الرازي لم تلق صدى إيجابيا عند الآمدي، حيث اعترض على معيار الشاهد العام الذي تعتبر فيه أجناس المصالح، وأصر على تغليب الشاهد الخاص (وهو ما سماه الجنس القريب ). ([106]) ثم جاء ابن الحاجب ليرسخ توخه الآمدي. ([107])
ونحن إذا تأملنا في التقسيم القائم على الشاهد الخاص وجدناه قليل الجدوى في استنباط الأحكام واعتبار المصالح، وأولى منه وأنفع في الاستنباط أن تقسم المصلحة من حيث شهادة الشرع لها إلى قسمين : أحدهما : مصلحة شهد الشرع لنوعها (وهو ما يسميه الامدي وابن الحاجب الجنس القريب ) بالاعتبار، وهي التي يقوم عليها القياس عند القائلين به . ومصلحة شهد الشرع لجنسها بالاعتبار، وهي مصالح تشملها النصوص الشرعية التي تتحدث عن فعل الخير، والبر، والإنفاق في سبيل الله، والمعروف، والإحسان، والطيبات، وغيرها من أجناس المصالح التي جاءت بها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا تخرج مصلحة عنها.
أما المصلحة التي شهد الشرع لبطلانها، فعلى نوعين أيضا : أحدهما : مصلحة شهد الشرع لعينها بالإلغاء، وهي التي يقوم عليها القياس بالمنع . ومصلحة شهد الشرع لجنسها بالبطلان، وهي التي تدخل ضمن نصوص الشرع التي تنهى عن الإثم، والعدوان، والفحشاء، والمنكر، والشر، والضرر، والظلم، وغيرها من أجناس المفاسد التي جاءت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية بالنهي عنها.
أما ما يتجاذبه الطرفان بأن كان مترددا بين المصلحة والمفسدة، فهو من باب التعارض بين المصالح، تحكم فيه قواعد الترجيح التي ذكرتها نصوص الشريعة أو استنبطها العلماء منها.
والملحوظة الثانية على ما كتبه الغزالي: أن الأمثلة التي ذكرها وناقش من خلالها مسألة المصلحة المرسلة يدخل غالبها في باب الترجيح بين المصالح أو المفاسد . ولو أن الغزالي ناقش من البداية مسائل : تترس الكفار بأسرى المسلمين، وإلقاء بعض ركاب السفينة في البحر بغرض نجاة الباقين، وقتل بعض المسلمين لأكل لحمهم في مخمصة، وفرض خراج على الأغنياء في حال عجز خزينة الدولة، وفسخ نكاح الغائب عنها زوجها، وغيرها مما هو في بابها من المسائل التي ذكرها، على أساس الترجيح بين المصالح أو المفاسد، لكان الأمر أوضح، وأكثر اختصارا في المناقشة، ولما وقع في حديثه عن المصلحة المرسلة ذلك الاستطراد والتردد . ودليل كون هذه الأمثلة من باب الترجيح بين المصالح أو المفاسد أن الغزالي، بعد أن انطلق في مناقشتها من منطلق المصلحة المرسلة التي لم يشهد لها شاهد خاص، انتهى إلى الحكم فيها من خلال الترجيح بين المصالح أو المفاسد، وليس من باب وجود الشاهد الخاص (الشاهد القياسي ) أو انعدامه . فنجده مثلا في مسألة التترس ينتهي إلى القول : " وقول القائل : هذا سفك دم محرم معصوم، يعارضه أن في الكف عنه إهلاك دماء معصومة لا حصر لها . ونحن نعلم أن الشرع يؤثر حفظ الكلي على الجزئي، فإن حفظ أهل الإسلام عن اصطلام الكفار أهم في مقصود الشرع من حفظ دم مسلم واحد. فهذا مقطوع به من مقصود الشرع، والمقطوع به لا يحتاج إلى شهادة أصل." ([108]) كما نجده يشير إلى هذا الأمر في مناقشته مسألة فرض ضريبة على الأغنياء إذا خلت خزائن الدولة من المال، حيث يقول : " لانا نعلم أنه إذا تعارض شران أو ضرران، قصد الشرع دفع أشذ الضررين وأعظم الشرين ... وهذا أيضا يؤيد مسلك الترجيح في مسألة الترس." ([109]) ويقول بعد اعتراضه على ضرب المتهم باسم المصلحة : "هذه المصلحة غير معمول بها عندنا، وليس لانا لا نرى اتباع المصالح، ولكن لأنها لم تسلم عن المعارضة بمصلحة تقابلها. فإن الأموال والنفوس معصومة، وعصمتها تقتضي الصون عن الضياع، وإن من عصمة النفوس: أن لا يعاقب إلا جان" ([110])
وقد اعتذر البوطي لإدخال الغزالي مسألة التترس وغيرها من مسائل التعارض والترجيح، في المصالح المرسلة بأنه أدخلها إما تجوزا، أو على طريقة الترديد بين احتمالين للمعنى المقصود بالشيء وإعطاء كل احتمال حكمه، وكأنه فرض أن يعتبره بعضمهم من صور المصالح المرسلة فعرض له على سبيل استقصاء البحث . واستدل على ذلك بأنه لم يذكر مثال التترس ضمن أمثلة المصالح المرسلة في كتابه شفاء الغليل. ([111]) ولكن يعكر على هذا الاعتذار أن المستصفى كتبه الغزالي بعد شفاء الغليل وجاءت مسائله كثر تحريرا، وكذلك تصريح الغزالي بأنه يمثل للمصلحة المرسلة، وهو الذي فهمه من جاء بعد الغزالي ممن لخصوا كتابه وضمنوه في كتبهم مثل الرازي، والآمدي، وابن قدامة، وغيرهم، ولم يترددوا في ذلك.
الملحوظة الثالثة: تتعلق بحصر قبول المناسب المرسل في الضرورات، أو في الضرورات والحاجات، واعتبار العمل بالمصلحة المرسلة في رتبتي التحسينات والحاجيات من باب وضع الشرع بالرأي . وقد عقب عليه القرافي بقوله : "إن كان إثباتا بالهوى فينبغي أن تمنع ذلك في الضرورة بطريق الأولى؛ فلأن الضروريات أهم الديانات، إذا منعنا الهوى فيما خف أمره، أولى أن نمنعه فيما عظم أمره . ([112]) وهذا حق؛ فوضع الشرع بالرأي والهوى ممنوع في الضروريات والحاجيات والتحسينات. وتحصيل المصالح الشرعية مشروع في الضرورات والحاجات والتحسينات جميعها دون تفريق . ولا ترد مصلحة إلا إذا ثبت إلغاؤها شرعا أو كانت فعارضة بما هو أقوى منها . لا فرق في ذلك بين المراتب الثلاث . وقد قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف : 32) . هذا فضلا عن أن حدود الضروري والحاجي كثيرا ما تخضع للتقدير، فتكون محل اختلاف بين أهل العلم.
يتبع