قال ابن القيم: "مغايظة الكفار غاية محبوبة للرب، مطلوبة له، فموافقته فيها من كمال العبودية، وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمصلي إذا سها في صلاته سجدتين، وقال: ((إن كانت صلاته تامة كانتا ترغيمًا للشيطان))، وسماها المرغمتين، فمن تعبَّد الله بمراغمة عدوِّه، فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربِّه وموالاته ومعاداته لعدوِّه يكون نصيبه من هذه المراغمة"[34].
وقال ابن كثير: "من هذه الآية انتزع الإمام مالك - رحمه الله في رواية عنه - بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة، قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء على ذلك، والأحاديث في فضائل الصحابة، والنهي عن التعرُّض لهم بمساءة كثيرة، ويكفيهم ثناء الله عليهم، ورضاه عنهم"[35].
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾؛ أي: وعد الله الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا الأعمال الصالحة التي أمرهم بها الله من أصحاب النبي ومن اتَّبعهم على الإيمان والعمل الصالح مغفرة لذنوبهم، وثوابًا عظيمًا في الجنة[36]، كما قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 9]، وقال سبحانه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].
وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبُّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه))[37].
وقال ابن كثير: "كل من اقتفى أثر الصحابة، فهو في حكمهم، ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأُمَّة، رضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم، وقد فعل"[38].
قلت: ختم الله هذه الآية الكريمة بوعدٍ كريمٍ أنه يغفر ذنوب الصحابة رضي الله عنهم، فهنيئًا لهم هذا الوعد الصادق: مغفرة الذنوب، مع الأجر العظيم.
وقد أثنى الله على الذين جاءوا من بعد الصحابة إذا كانوا يسألون الله أن يغفر لهم ذنوبهم، ويسألونه أيضًا أن يغفر لأصحاب نبيه ذنوبهم، فلا معصوم من الذنوب إلا الأنبياء، ولا أحد يستغني عن رحمة الله ومغفرته؛ قال الله سبحانه: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 8- 10].
[1] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/ 140)، و((تفسير ابن كثير)) (7/ 360)، و((تفسير علوان)) (2/ 339).
[2] يُنظَر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 321)، و((الوسيط))؛ للواحدي (4/ 146)، و((تفسير ابن كثير)) (7/ 360)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795)، و((التحرير والتنوير)) (26/ 204).
[3] رواه البخاري (6011) ومسلم (2586)، واللفظ له.
[4] رواه البخاري (2446) واللفظ له، ومسلم (2585).
[5] ((الكشاف)) (4/ 347).
[6] ((التحرير والتنوير)) (26/ 205).
[7] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 321)، و((الوسيط))؛ للواحدي (4/ 146)، و((تفسير ابن عطية)) (5/ 141)، و((تفسير ابن كثير)) (7/ 361)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795).
قال ابن عاشور: "الخطاب في ﴿ تَرَاهُمْ ﴾ لغير معين؛ بل لكلِّ مَنْ تتأتَّى رؤيتُه إيَّاهم؛ أي: يراهم الرائي، وإيثار صيغة المضارع للدلالة على تكرُّر ذلك؛ أي: تراهم كلما شئت أن تراهم ركَّعًا سُجَّدًا، وهذا ثناء عليهم بشدَّة إقبالهم على أفضل الأعمال المزكية للنفس؛ وهي الصلوات، مفروضُها ونافلتُها"؛ ((التحرير والتنوير)) (26/ 205)، وينظر: ((التفسير الكبير))؛ للرازي (28/ 89).
[8] رواه أحمد (21308)، وصحَّحه الأرناؤوط.
[9] رواه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (2327)، قلت: رواته ثقات، إلا عميرة بن عبدالرحمن، لم أجد له ترجمةً، فالله أعلم.
[10] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 321)، و((تفسير القرطبي)) (16/ 293)، و((تفسير ابن كثير)) (7/ 361)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795).
[11] يُنظَر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 321، 326)، و((معاني القرآن))؛ للزجاج (5/ 29)، و((الوجيز))؛ للواحدي (ص: 1014)، و((تفسير ابن كثير)) (7/ 361)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795).
وقال الزمخشري: "المراد بها السِّمة التي تحدث في جبهة السُّجَّاد من كثرة السجود، وقوله تعالى: ﴿ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ يفسرها؛ أي: من التأثير الذي يؤثره السجود"؛ ((تفسير الزمخشري)) (4/ 347)، ويُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 326).
قال ابن عاشور: "ليس المراد أنهم يتكلفون حدوث ذلك في وجوههم؛ ولكنه يحصل من غير قصد بسبب تكرُّر مباشرة الجبهة للأرض، وبشرات الناس مختلفة في التأثُّر بذلك، فلا حرج على من حصل له ذلك إذا لم يتكلَّفه، ولم يقصد به رياء"؛ ((التحرير والتنوير)) (26/ 206).
[12] رواه مسلم (247).
[13] رواه البخاري (136) واللفظ له، ومسلم (246).
[14] رواه مسلم (223).
[15] رواه أبو داود (4776)، وحسَّنه الألباني.
[16] رواه ابن جرير في تفسيره (21/ 323).
[17] رواه ابن جرير في تفسيره (21/ 323).
[18] رواه ابن جرير في تفسيره (21/ 322).
[19] رواه ابن جرير في تفسيره (21/ 325).
[20] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 326)، و((الوسيط))؛ للواحدي (4/ 146)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795)، و((التحرير والتنوير)) (26/ 207).
وقد ذهب ابن حزم إلى أن هذين المثلين المذكورين في الآية مما أخفاه اليهود والنصارى من التوراة والإنجيل، وجزم بأنه لا يوجد هذان المثلان في التوراة والإنجيل اليوم بعد التحريف الذي وقع فيهما، ينظر: ((الفِصَل))؛ لابن حزم (1/ 160).
وقال ابن عاشور: "الذي وقفنا عليه في التوراة مما يصلح لتطبيق هذه الآية، هو البشارة الرمزية التي في الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية من قول موسى عليه السلام: جاء الرب من سينا، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم، فأحب الشعب جميع قِدِّيسيه، وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك، فإن جبل فاران هو حيال الحجاز، وقوله: فأحب الشعب جميع قدِّيسيه يشير إليه قوله: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]،.. وقوله: قدِّيسيه يفيد معنى: ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾ [الفتح: 29]، ومعنى: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29]"؛ ((التحرير والتنوير)) (26/ 207).
وذكر الدكتور منقذ السقار أن في التوراة المترجمة إلى العربية سنة 1841م ما نصه: "واستعلن من جبل فاران، ومعه ألوف الأطهار" ((هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم؟))؛ للسقار (ص: 84)، وسأنقل قريبًا كلام القنوجي في ذكره أن المثل الثاني موجود إلى اليوم في الإنجيل الذي بأيدي النصارى، والله أعلم.
[21] رواه ابن جرير في تفسيره (21/ 327).
[22] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 327)، و((غريب القرآن))؛ للسجستاني (ص: 289)، و((الوسيط))؛ للواحدي (4/ 146)، و((تفسير ابن عطية)) (5/ 142)، و((تفسير البقاعي)) (18/ 343)، و((تفسير الألوسي)) (13/ 278، 279)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795)، و((أضواء البيان))؛ للشنقيطي (7/ 398).
قال ابن جرير: "وإنما مثَّلَهم بالزرع المشْطِئ؛ لأنهم ابتدأوا في الدخول في الإسلام وهم عدد قليلون، ثم جعلوا يتزايدون، ويدخل فيه الجماعة بعدهم، ثم الجماعة بعد الجماعة، حتى كثر عددهم، كما يحدث في أصل الزرع الفرخ منه، ثم الفرخ بعده، حتى يكثر وينميَ"؛ ((تفسير ابن جرير)) (21/ 327).
قال الراغب: (شطء الزرع: فروخ الزرع، وهو ما خرج منه وتفرع في شاطئيه أي: في جانبيه) ((المفردات)) (ص: 455). ويُنظر: ((المحكم)) لابن سيده (8/ 85)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 313)، ((حاشية القونوي)) (18/ 99)، ((تاج العروس)) للزبيدي (1/ 281، 282).
قال القنوجي: "هذا المثل الذي أشار إليه القرآن موجود في إنجيل متى ولوقا، وترجمته بالعربية: انظروا إلى زارع خرج للزرع، وبينما هو يزرع سقط بعض البذر في الطريق، فجاءت الطيور ولقطته، وسقط بعضه على الصخر حيث لم يكن التراب كثيرًا، وفي ساعته نبت؛ لأنه لم يكن له في الأرض عمق، ولما طلعت الشمس احترق ويبس؛ لأنه لم يكن له أصل، وسقط بعضُه في الشوك، فنما الشوك وخنقه، وسقط بعضُه في الأرض الطيبة، وأثمرَ بعضُه مائة ضعف، وبعضُه ستين، وبعضُه ثلاثين، فمن كانت له أذن سامعة فليستمع؛ انتهى، وهذا هو معنى الآية الكريمة بعينه"؛ ((تفسير القنوجي)) (13/ 121، 122).
[23] رواه البخاري (62) واللفظ له، ومسلم (2811).
[24] رواه ابن ماجه (8)، وحسَّنه الألباني.
[25] رواه أبو جعفر الترمذي في تفسيره (ص: 120).
[26] يُنظَر: ((غريب القرآن))؛ لابن قتيبة (ص: 413، 414)، و((تفسير ابن جرير)) (21/ 331)، و((الوسيط))؛ للواحدي (4/ 146، 147)، و((تفسير ابن كثير)) (7/ 362)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795)، و((التحرير والتنوير)) (26/ 208، 209)، و((أضواء البيان))؛ للشنقيطي (7/ 398).
قال القرطبي: "هذا مَثَلٌ ضربه الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني: أنهم يكونون قليلًا، ثم يزدادون ويكثرون، فكان النبي صلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفًا، فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمرُه، كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفًا، فيقوى حالًا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه، فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان"؛ ((تفسير القرطبي)) (16/ 295).
وقال المظهري: "الله سبحانه أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم، وحده كالزرَّاع بذر في الأرض، فآمن به أبو بكر وعلي وبلال ورجال متعددون بعدهم، منهم عثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وحمزة، وجعفر، وغيرهم حتى كان عمر مُتمِّم أربعين رجلًا، كزرع أخرج شطأه، فكان الإسلام في بدوِّ الأمر غريبًا كاد الكفَّار يكونون عليه لإمحائه لبدا، لولا حماية الله تعالى، فآزره الله تعالى بمجاهدات الصحابة من المهاجرين والأنصار حين سقوا زرع الدين بدمائهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، لا سيَّما في خلافة أبي بكر وعمر، فاستوى الدين على سوقه، وظهر على الدين كله، واستغنى عن حماية غيرهم"؛ ((تفسير المظهري)) (9/ 36، 37).
[27] رواه ابن جرير في تفسيره (21/ 330).
[28] ((التحرير والتنوير)) (26/ 208).
[29] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 332)، و((تفسير القرطبي)) (16/ 295)، و((تفسير السعدي)) (ص: 795).
قال الزجاج: "﴿ الزُّرَّاعَ ﴾ محمد عليه السلام، والدُّعاة إلى الإسلام، وهم أصحابه"؛ ((معاني القرآن)) (5/ 29).
وقال ابن كثير: "الصحابة رضي الله عنهم خلصت نيَّاتهم، وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم"؛ ((تفسير ابن كثير)) (7/ 362).
وقال ابن عجيبة: "﴿ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ﴾ يتعجَّبون من قوته، وكثافته، وغلظه، وحسن نباته ومنظره، وهو مثل ضربه الله لأصحابه صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام، ثم كثروا واستحكموا، بترقِّي أمرهم يومًا بيوم، بحيث أعجب الناس أمرهم، فكان الإسلام يتقوى كما تقوى الطاقة من الزرع، بما يحتف بها مما يتولد منها"؛ ((تفسير ابن عجيبة)) (5/ 409).
وقال السعدي: "الصحابة رضي الله عنهم هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخِّر إسلامه قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه؛ كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ"؛ ((تفسير السعدي)) (ص: 795، 796).
[30] رواه البخاري (2652)، ومسلم (2533).
[31] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 332)، و((الوسيط))؛ للواحدي (4/ 147)، و((تفسير ابن عطية)) (5/ 143)، و((تفسير القرطبي)) (16/ 295).
قال السعدي: "﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معارك النزال، ومعامع القتال"؛ ((تفسير السعدي)) (ص: 795، 796).
[32] رواه أبو بكر الخلال في ((السنة)) (760)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (6/ 327).
قال القرطبي: "لقد أحسن مالك في مقالته، وأصاب في تأويله، فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته، فقد ردَّ على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين.. فالصحابة كلهم عدول، أولياء الله تعالى وأصفياؤه، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله، هذا مذهب أهل السنة، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة"؛ ((تفسير القرطبي)) (16/ 297، 299).
[33] ((الصارم المسلول على شاتم الرسول)) (ص: 579).
[34] ((مدارج السالكين)) (1/ 241).
[35] ((تفسير ابن كثير)) (7/ 362)؛ وينظر: ((حاشية الخفاجي على تفسير البيضاوي)) (8/ 69).
[36] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 333)، ((تفسير السمرقندي)) (3/ 321)، ((تفسير القرطبي)) (16/ 295)، ((تفسير ابن كثير)) (7/ 363)، ((تفسير السعدي)) (ص: 796).
قال النحاس: "يجوز أن تكون مِنْ ها هنا لبيان الجنس؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ﴾ [الحج: 30]، ويجوز أن تكون للتبعيض؛ أي: وعد الله الذين ثبتوا على الإيمان منهم مغفرة وأجرًا عظيمًا"؛ ((معاني القرآن)) (6/ 518)، ويُنظر: ((معاني القرآن))؛ للزجاج (5/ 29،30).
وقال القونوي: "مِنْ للبيان لا للتبعيض، فلا يكون حجة للطاعنين في الأصحاب بجعل مِنْ تبعيضية، ولا نذكر الصحابة إلا بخير، ونجلهم أجمعين"؛ ((حاشية القونوي)) (18/ 101).
وقال ابن عاشور: "يجوز إبقاؤه على ظاهر المعنى من التبعيض؛ لأنه وَعْدٌ لكل من يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحاضر والمستقبل، فيكون ذكر مِنْ تحذيرًا، وهو لا ينافي المغفرة لجميعهم؛ لأن جميعهم آمنوا وعملوا الصالحات، وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم خيرة المؤمنين"؛ ((التحرير والتنوير)) (26/ 211).
[37] رواه البخاري (3673)، واللفظ له، ومسلم (2541).
[38] ((تفسير ابن كثير)) (7/ 363).