الطواف أنواعه وأحكامه (1)
أ.د. سليمان العيسى
فرع فيما إذا طهرت الحائض أو النفساء بعد أن نفرت وقبل مفارقة بنيان مكة.
جمهور العلماء رحمهم الله على أن الحائض إذا طهرت قبل مفارقتها البنيان من مكة أن عليها أن ترجع، ولا يلزمها الرجوع فيما إذا تجاوزت مكة بمسافة قصر.
واختلفوا فيما إذا تجاوزتها بأقل من مسافة قصر على قولين:
أحدهما: يلزمها الرجوع.
والثاني: لا يلزمها.
قال النووي في المجموع: ولو طهرت الحائض أو النفساء فإن كان قبل مفارقة بناء مكة لزمها طواف الوداع لزوال عذرها، وإن كان بعد مسافة قصر لم يلزمها العود بلا خلاف، وإن كان بعد مفارقة مكة وقبل مسافة القصر، فقد نص الشافعي أنه لا يلزمها، ونص أن المقصر بترك الطواف يلزمه العود، وللأصحاب طريقاً (المذهب) الفرق كما نص عليه وبه قطع المصنف والجمهور لأنه مقصر بخلاف الحائض (والطريق الثاني) حكاه الخراسانيون فيهما قولان (أحدهما) يلزمها (والثاني) لا يلزمهما (فإن قلنا) لا يجب العود فهل الاعتبار في المسافة بنفس مكة أم بالحرم فيه طريقان (المذهب) وبه قطع المصنف والجمهور بنفس مكة (والثاني) حكاه جماعة من الخراسانيين: فيه وجهان (أصحهما) هذا (والثاني) الحرم(91).
وقال ابن قدامة في المغني (فصل) وإذا نفرت الحائض بغير وداع فطهرت قبل مفارقة البنيان رجعت فاغتسلت لأنها في حكم الإقامة بدليل أنها لا تستبيح الرخص فإن لم يمكنها الإقامة فمضت أو مضت لغير عذر فعليها دم، وإن فارقت البنيان لم يجب الرجوع لأنها قد خرجت عن حكم الحاضر، فإن قيل: فلم لا يجب الرجوع إذا كانت قريبة كالخارج من غير عذر، قلنا: هناك ترك واجباً فلم يسقط بخروجه حتى يصير إلى مسافة القصر لأنه يكون إنشاء سفر طويل غير الأول وههنا لم يكن واجباً ولا يثبت وجوبه ابتداء إلا في حق من كان مقيماً(92).
قلت وما ذكره ابن قدامة من عدم وجوب رجوع الحائض بعد مفارقة بنيان مكة قوي متجه وكذا النفساء، والله أعلم.
فرع في طواف الوداع للحج على أهل مكة أو من أراد الإقامة فيها.
جماهير أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على عدم وجوب طواف الوداع للحج على حاضري المسجد الحرام أو من أراد الإقامة فيه من غيرهم وقد نص فقهاء المذاهب على ذلك.
قال الكاساني: أما شرائط الوجوب فمنها أن يكون من أهل الآفاق فليس على أهل مكة ولا من كان منزله داخل المواقيت إلى مكة طواف الصدر إذا حجوا لأن هذا الطواف إنما وجب توديعاً للبيت، ولهذا يسمى طواف الوداع ويسمى طواف الصدر لوجوده عند صدور الحجاج ورجوعهم إلى وطنهم، وهذا لا يوجد في أهل مكة لأنهم في وطنهم، وأهل داخل المواقيت في حكم أهل مكة فلا يجب عليهم كما يجب كما لا يجب على أهل مكة، وقال أبو يوسف أحب إليّ أن يطوف المكي طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج، وهذا المعنى يوجد في أهل مكة، ولو نوى الآفاقي الإقامة بمكة أبداً بأن توطن بها واتخذها داراً فهذا لا يخلو من أحد وجهين: إما أن ينوي الإقامة بها قبل أن يحل النفر الأول، وإما أن ينوي بعد ما حل النفر الأول، فإن نوى الإقامة قبل أن يحل النفر الأول سقط عنه طواف الصدر أي لا يجب عليه بالإجماع، وإن نوى بعد ما حل النفر الأول لا يسقط وعليه طواف الصدر في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف يسقط عنه إلا إذا شرع فيه، ثم ذكر وجه قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف(93).
وجاء في الكافي في فقه أهل المدينة: ولا ينصرف أحد إلى بلده حتى يودع البيت بالطواف سبعاً فإن ذلك سنة ونسك لا يسقط إلا عن الحائض وحدها وهو عند مالك مستحب لا يرى فيها دماً(94).
وقال الشيرازي في المهذّب (فصل) إذا فرغ من الحج فأراد المقام لم يكلف طواف الوداع، فإذا أراد الخروج طاف للوداع وصلى ركعتي الطواف للوداع(95).
وقالا لنووي في المجموع شرح المذهب: قال أصحابنا من فرغ من مناسكه وأراد المقام بمكة ليس عليه طواف الوداع، وهذا لا خلاف فيه سواء كان من أهلها أو غريباً، وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره طاف للوداع(96).
وقال ابن قدامة على قول الخرقي (فإذا أتى مكة لم يخرج حتى يودع البيت) قال: وجملة ذلك: أن من أتى مكة لا يخلو إما أن يريد الإقامة بها أو الخروج منها فإن أقام بها فلا وداع عليه لأن الوداع من المفارق لا من الملازم سواء نوى الإقامة بها قبل النفر أو بعده) إلى أن قال: ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي لا وداع عليه ومن كان منزله خارج الحرم قريباً منه فظاهر كلام الخرقي أن لا يخرج حتى يودع البيت وهذا قول أبي ثور وقياس قول مالك ذكره ابن القاسم(97).
فرع: هل طواف الوداع من جملة المناسك أو عبادة مستقلة:
للعلماء في ذلك مذهبان: أحدهما أنه من المناسك، والثاني أنه عبادة مستقلة.
قال النووي في المجموع (السادسة) هل طواف الوداع من جملة المناسك أم عبادة مستقلة فيه خلاف (قال) إمام الحرمين والغزالي هو من المناسك وليس على الحاج والمعتمر طواف وداع إذا خرج من مكة لخروجه (وقال) البغوي والمتولي وغيرهما ليس طواف الوداع من المناسك بل هو عبادة مستقلة يؤمر بها كل من أراد مفارقة مكة إلى مسافة قصر سواء كان مكياً أو أفقياً، وهذا الثاني أصح عند الرافعي وغيره من المحققين تعظيماً للحرم وتشبيهاً لاقتضاء خروجه الوداع باقتضاء دخوله الإحرام.
قال الرافعي: ولأن الأصحاب اتفقوا على أن المكي إذا حج ونوى أن يقيم بوطنه لا يؤمر بطواف الوداع، وكذلك الأفقي إذا حج وأراد الإقامة بمكة لا وداع عليه، ولو كان من جملة المناسك لعم الحجيج هذا كلام الرافعي، ومما يستدل به من السنة لكونه ليس من المناسك ما ثبت في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً"(98).
وجه الدلالة: أن طواف الوداع يكون عند الرجوع وسماه قبل قاضياً للمناسك وحقيقته أن يكون قضاها كلها(99).
قلت: وهذا الخلاف في مذهب الشافعية.
أما الحنفية فظاهر كلامهم أنه نسك حيث قال الكاساني وهو يتكلم عن طواف الوداع (والطواف آخر مناسكه)(100).
وأما المالكية فقد اختلفوا فيه كالمذهبين، وسبب اختلافهم راجع إلى اختلافهم في معنى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيما رواه مالك عنه أنه قال: لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت(101).
قال الباجي بعد سياقه لهذا الأثر (فصل) وقوله فإن آخر النسك الطواف بالبيت يحتمل أن يريد به أن طواف الوداع آخر النسك الذي تلبس به الحاج أو المعتمر ويحتمل أن يريد به أن الطواف آخر نسك يُعمل لأنه بعد انقضاء كل نسك وعند فراق البيت وإلى التأويل الأول تتوجه أقوال: أشهب، وأما أقوال ابن القاسم فمبنية على التأويل الثاني، وقد قال أشهب فيمن أفاض ثم عاد إلى منى للرمي ثم صدر فليودع بالطواف فإذا طاف هذا الطواف الذي هو آخر النسك، ثم أقام أياماً ثم أراد الخروج فليس عليه أن يودع إن شاء فعل وإن شاء ترك فجعل الطواف من جملة حجه على معنى أنه ودع للنسك وليس لمفارقة البيت.
وقد قال ابن القاسم فيمن اعتمر إن خرج عن مكانه فليس عليه طواف وداع وإن أقام فعليه طواف الوداع فجعل طواف الوداع نسكاً كاملاً لمفارقة البيت وما قاله مالك وابن القاسم أظهر بدليل أنه يسقطه عن المكي المقيم(102).
أما الحنابلة فقد قال ابن قدامة: الوداع واجب على كل خارج من مكة فإن أقام بها فلا وداع عليه لأن الوداع من المفارق لا من الملازم سواء نوى الإقامة قبل النفر أو بعده(103).
وقال البهوتي: وهو – أي طواف الوداع – على كل خارج من مكة قال القاضي والأصحاب: إنما يُستحق عليه عند العزم على الخروج واحتج به الشيخ تقي الدين على أنه ليس من الحج(104).
الترجيح:
قلت والذي يظهر لي أن طواف الوداع ليس من جملة مناسك الحج وإنما هو عبادة مستقلة لأنه بالاتفاق لا يجب على من حج وهو من أهل مكة كما لا يجب أيضاً على الأفقي إذا حج وأراد الإقامة بمكة ولو كان من جملة المناسك لوجب على كل من حج، ولما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً"(105)، وقد تقدم أن وجه الدلالة منه: أن طواف الوداع يكون عند الصدور وقد سماه قبله قاضياً للمناسك وحقيقته أن يكون قضاها كلها.
وقت طواف الوداع:
وقت طواف الوداع بعد أن يفرغ من جميع مناسك الحج ومن جميع أعماله عند إرادته السفر من مكة ليكون آخر عهده بالبيت على ما جرت به العادة في توديع المسافر إخوته وأهله لما جاء في الصحيحين(106) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت(107) إلا أنه خفف عن المرأة الحائض، ولما رواه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت(108).
فعلى الصادر من مكة أن يؤخره حتى يكون بعد جميع أموره، ولا يلزمه إعادة الطواف لو بقي بعد الوداع لانتظار رفقة أو تحميل رَحْلِه، وكذا لو اشترى حاجة في طريقه، وأنام يسيراً، أو بقي مدة لم تطل عرفاً، وهذا هو قول جماهير أهل العلم(109).
فرع في حكم ما إذا بقي مدة بعد طواف الوداع أو اشتغل بتجارة ونحو ذلك هل يعيد الطواف:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: للحنفية: ومفاده: أنه لو طاف للوداع ثم أطال الإقامة بمكة ولم ينو الإقامة بها ولم يتخذها داراً جاز طوافه وإن أقام سنة بعد الطواف إلا أنّ الأفضل أن يكون طوافه عند الصدر، وقد نص الكاساني في بدائع الصنائع على ذلك(110).
القول الثاني: وإليه ذهب المالكية ومفاده: أن طواف الوداع يكون متصلاً بفراق من يودع وليس شراؤه أو بيعه جهازاً أو طعاماً ساعة من نهار فاصلاً بين وداعه وسفره، وإنما يفصل بينهما مقام بوم وليلة بمكة، وقد نص على ذلك الباجي في شرح موطأ مالك وأفاد بأن ما ذكره هو على ما في مدونة مالك(111).
القول الثالث: للشافعي والحنابلة ومفاده: أنه إذا وادع واشتغل في تجارة من بيع وشراء لغير ما يحتاج إليه أو أقام مدة طويلة عرفاً، فعليه أن يعيد الوداع، وقد أشار إلى ذلك من فقهاء الشافعية الشيرازي في المهذب(112) ونص عليه النووي في المجموع(113)، ونص عليه من فقهاء الحنابلة ابن قدامة في المغني(114)، وابن مفلح في الفروع(115)، والمرداوي في الإنصاف(116)، والبهوتي في كشاف القناع(117) وغيرهم.
الترجيح:
قلت والذي يترجح لي والعلم عند الله تعالى أن طواف الوداع إنما يكون بعد نهاية أعمال المرء عندما يريد الخروج إلى أهله ليكون آخر عهده بالبيت كعادة المسافر في توديع أهله وأقاربه وأصحابه، ولا تجوز الإقامة بعده مدة طويلة عرفاً كما لا يجوز أن يؤخر عنه بعض أعمال الحج كالرمي مثلاً، لأن هذا لا يصدق عليه أن يكون آخر عهده بالبيت بل بالرمي، فإن فعل أعاده.
وأرى أنّ له أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئاً للتجارة ما دامت المدة قصيرة، كما أرى أن النوم اليسير للراحة لا يضر وكذا انتظار الرفقة ونحو ذلك، أما أن يقيم مدة طويلة ولو لم ينم الإقامة كقول الحنفية، أو يقيم يوماً وليلة كقول المالكية فأرى في مثل هذا أن يعيد الطواف، لأن هذه مدة طويلة لا يصدق على من بقي فيها أنّ آخر عهده بالبيت، والله أعلم.
حكم إجزاء طواف الإفاضة عن طواف الوداع:
جمهور العلماء رحمهم الله على أنه إذا أخر طواف الإفاضة فطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع.
قال الباجي في المنتقى شرح موطأ مالك (فرع) ويجزئ عن طواف الوداع الطواف الواجب إذا خرج بأثره فإن أقام بعده فعليه طواف الوداع لأن طوافاً لفرضه قرب من طواف البيت فليس عليه تجديد طواف(118).
وجاء في الشرح الكبير لأبي الفرج عبد الرحمن المقدسي (مسألة) [فإن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع].
هذا ظاهر المذهب لأنه أمر أن يكون ـآخر عهده بالبيت، وقد فعل، ولأن ما شرع لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه كتحية المسجد بركعتين تجزئ عنهما المكتوبة، وركعتا الطواف والإحرام يجزئ عنهما المكتوبة.
وعنه لا يجزئ عن طواف الوداع لأنهما عبادتان واجبتان فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى كالصلاتين الواجبتين(119).
قلت والقول بالإجزاء قوي لما ذكروه من التوجيه، والله أعلم.
فرع: إذا نوى بطوافه الوداع فهل يجزئ عن الإفاضة على قولين للعلماء، فذهب الشافعية إلى أنه يجزئه بينما ذهب الحنابلة إلى عدم الإجزاء.
قال النووي (فرع) قد ذكرنا أنه إذا كان عليه طواف فرض فنوى بطوافه غيره انصرف إلى الفرض نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب هذا مذهبنا، وقال أحمد لا يقع عن فرضه إلا بتعيين النية قياساً على الصلاة وقياس أصحابنا على الإحرام بالحج وعلى الوقوف وغيره.
وقال في موضع آخر: قال أصحابنا ولو طاف للوداع ولم يكن طاف الإفاضة وقع عن طواف الإفاضة وأجزأه(120).
وقال ابن قدامة في المغني على قول الخرقي (مسألة) قال (وإن طاف للوداع لم يجزئه لطواف الزيارة).
قال ابن قدامة: وإنما لم يجزئه عن طواف الزيارة لأن تعيين النية شرط فيه على ما ذكرنا فمن طاف للوداع فلم يعين النية له فكذلك لم يصح(121).
قلت والقول بعدم الإجزاء قوي متجه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(122).
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد المقدسي: فأما إن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة لقوله عليه السلام: "وإنما لكل امرئ ما نوى"(123) وحكمه حكم من ترك طواف الزيارة.
----------------------
* هذا البحث مأخوذ من كتاب (نهاية المطاف في تحقيق أحكام الطواف) بتصرف
(1) الصحاح للجوهري 4/1396 وما بعدها مادة (طوف).
(2) القاموس المحيط 3/175.
(3) انظر المبسوط 4/10، وبداية المجتهد 1/248 والمطلع على أبواب المقنع ص 188.
(4) الحِجْر بكسر الحاء: هو حجر إسماعيل وهو ما بين الركنين الشاميين من جهة الشمال والمحوط بجدار قصر بينه وبين كل من الركنين فتحة، وهو قدر ستة أذرع فيشترط أن يكون الطواف من ورائه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف من ورائه.
كما في صحيح البخاري 2/123، هذا وسيأتي إن شاء الله تعالى لهذا زيادة إيضاح عند ذكر شروط صحة الطواف.
(5) جاء في مفيد الأنام لابن جاسر 1/283 في حكمة جعل البيت عن يساره: ليقرب جانبه الأيسر الذي هو مقر القلب إلى البيت، وقال شيخ الإسلام رحمه الله: لكون الحركة الدورية تعتمد فيها اليمنى على اليسرى، فلما كان الإكرام في ذلك للخارج جعل لليمنى. انتهى: قلت يكفينا في ذلك سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لما طاف جعل البيت عن يساره فوجب علينا اتباعه سواء عرفنا الحكمة في ذلك أم لا. لكن هذا لا يعني التماس الحكمة. وسيأتي زيادة بيان في حكمة الطواف.
(6) المجموع شرح المهذب للنووي 8/13، وانظر المبسوط 4/10، وبدائع الصنائع 2/128، وأيضاً بداية المجتهد 1/248، وانظر: كشاف القناع 2/478.
(7) قولها (أحرورية أنت) قال النووي: هو بفتح الحاء المهملة وضم الراء الأولى وهي نسبة إلى حرورة، وهي قرية بقرب الكوفة، قال السمعاني: هو موضع على ميلين من الكوفة كان أول اجتماع الخوارج به، قال الهروي: تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا إليها، فمعنى قول عائشة رضي الله عنها أن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض وهو خلاف إجماع المسلمين، وهذا الاستفهام الذي استفهمته عائشة هو استفهام إنكار، أي هذه طريقة الحرورية، وبئست الطريق. النووي على شرح مسلم 4/27.
(8) صحيح مسلم بشرح النووي 4/28.
(9) صحيح مسلم بشرح النووي 3/16، وما بعدها.
(10) الحديث رواه أبو داود وسكت عنه مما يدل على أنه صالح عنده، وقد قال النووي في المجموع شرح المذهب 8/56 بعد سياقه للحديث المذكور ما نصه: هذا الإسناد كله صحيح إلا عبيد الله فضعفه أكثرهم ضعفاً يسيراً، ولم يضعف أبو داود هذا الحديث فهو حسن عنده، كما سبق وروى الترمذي هذا الحديث من رواية عبيد الله هذا. وقال: هو حديث حسن وفي بعض النسخ حسن صحيح فلعله اعتضد برواية أخرى بحديث اتصف بذلك. انتهى. قلت وما ذكره النووي عن بعض أهل العلم في تضعيف عبيد الله بن أبي زياد صحيح لكن قد وثقه جماعة أخرى من أهل العلم، فقد جاء في تهذيب التهذيب لابن حجر 7/4 ما معناه: عبيد الله بن أبي زياد القداع أبو الحصين المكي، روي عن أبي الطفيل والقاسم بن محمد وشهر بن حوشب ومجاهد... إلى أن قال: قال علي بن المديني عن يحيى القطان: كان وسطاً لم يكن بذاك، ثم قال: ليس هو مثل عثمان بن الأسود ولا سيف بن سليمان، ومحمد بن عمر أحب إليّ منه، وقال: عبد الله بن أحمد عن أبيه: صالح، قلت تراه مثل عثمان بن الأسود قال: لا، عثمان أعلى، وقالأحمد مرة ليس به بأس، وقال الدوري ومعاوية بن صالح عن ابن معين ضعيف، إلى أن قال وقال أبو حاتم ليس بالقوي ولا المتين هو صالح الحديث يكتب حديثه، هذا وقد ذكر ابن حجر بعد ما تقدم جماعة وثقوه وجماعة ضعفوه.
قلت: والذي يظهر لي – والله أعلم – أن الحديث حجة لا سيما وأن أكثر أهل العلم قالوا في عبيد الله بن أبي زياد: بأنه صالح مع أن أبا داود قد سكت عنه، كما تقدم بيانه ومعلوم أن ما سكت عنه فهو صالح عنده. والله أعلم.
(11) سنن الترمذي 2/217 تحت رقم 966. هذا وقد رواه البيهقي في سننه 5/110 بالسند الذي ذكره الترمذي وبلفظ: من طاف بالبيت يحصيه كتبت له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وكان له عتق من النار، وبلفظ آخر: من طاف سبعاً وركع ركعتين كانت له كعتاق رقبة، قال البيهقي: واختلف فيه على عطاء فبعضهم ذكره عنه وبعضهم لم يذكره.
(12) مصنف عبد الرزاق 5/18.
(13) مصنف عبد الرزاق 5/15 و16، قال المعلق على المصنف الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي: أخرجه البزار والطبراني في الكبير ولفظ الطبراني أشبه بلفظ المصنف، ورجال البزار موثوقون، قال البزار قد روى هذا الحديث من وجوه ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق حكاه الهيثمي 3/284.
(14) مصنف عبد الرزاق 5/70 وما بعدها.
(15) الترغيب والترهيب للمنذري 3/29 تحت رقم (1676) والحديث رواه الطبراني في الكبير 11/124، وابن الجوزي في العلل (573).
(16) المجموع شرح المذهب 8/56.
(17) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 5/229.
(18) انظر المجموع للنووي 8/12، وانظر بدائع الصنائع 2/128.
(19) بدائع الصنائع للكاساني 2/146.
(20) نيل الأوطار 5/44.
(21) صحيح البخاري 2/127، وصحيح مسلم 4/63.
(22) رواه مسلم في صحيحه 4/79 ورواه أبو داود برقم (1970)، والسنائي 2/50، والترمذي 1/168 وغيرهم.
(23) انظر فتح الباري 3/479، وبدائع الصنائع 2/146.
(24) أمّا من اتجه إلى منى أو عرفات رأساً ولم يدخل مكة فلا يجب عليه هذا الطواف.
(25) فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/496 في باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة، وانظر صحيح البخاري 2/127.
(26) صحيح مسلم 2/54.
(27) الحديث رواه مسلم وغيره بلفظ: "لتأخذوا مناسككم... إلخ" 4/79.
(28) حاشية العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة، دراسة وتحقيق د/ صالح الحسن 2/653.
(29) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار 5/44.
(30) تقدم أن معنى المراهق عندهم من قدم متأخراً وخشي إن طاف بالبيت أن يفوته الوقوف بعرفة.
(31) المنتقى شرح موطأ مالك 2/221.
(32) بدائع الصنائع للكاساني 2/127.
(33) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/51.
(34) المجموع شرح المذهب 8/12 و ص 20.
(35) المغني لابن قدامة 2/444.
(36) صحيح مسلم 4/84 في باب استحباب طواف الإفاضة يوم النحر.
(37) صحيح مسلم بشرح النووي 9/58، وانظر: المغني لابن قدامة 3/440.
(38) تقدم أن هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.
(39) بداية النهار: محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال بأنه يبتدأ من طلوع الفجر ومن أدلتهم أن الصيام يبتدأ من طلوع الفجر... إلخ، ومنهم من قال يبتدأ من طلوع الشمس، ولكل من الفريقين أدلة كثيرة لا يستحسن بسطها في هذا البحث المختصر.
(40) سنن أبي داود 2/194.
(41) شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية دراسة وتحقيق د/ صالح الحسن 2/617.
(42) قال المحقق د/ صالح الحسن: بياض في النسختين، ولعل تتمة الكلام: فكان بعد صلاة الفجر، المرجع السابق ص 118.
(43) شروط الأئمة الخمسة ص 54، ومقدمة سنن أبي داود 1/10.
(44) البداية والنهاية 5/182.
(45) الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2/24.
(46) المغني والشرح الكبير 3/49.
(47) المجموع شرح المهذهب 8/157.
(48) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي 5/276 وما بعدها.
(49) في الاعتراض على الحديث انظر تفسير القرطبي 3/625، وزاد المعاد لابن القيم وعليه تعليق الأرناؤوط 2/249 وما بعدها، هذا ويراجع عن تلك الاعتراضات على الحديث سواء في رجال سنده أو في متنه أو دلالته: تهذيب التهذيب 4/189 وما بعدها حول تضعيف ابن القيم لسليمان أبي داود، وتلخيص الحبير 2/58 لابن حجر حول الجواب عن اضطرابه ومعالم السنن 2/405.
هذا وقد أطال ابن القيم رحمه الله في الاعتراض على الحديث المذكور: وإذا نظرنا في كلامه اتضح لنا أنه اعتمد في إنكاره على إنكار الإمام أحمد له، لكن يرد استنكار أحمد رحمه الله احتجاجه به قال ابن قدامة بعد سياقه للحديث المذكور: واحتج به أحمد، المغني والشرح الكبير 3/49 فقد تبين أن الإمام أحمد احتج به فبطل الأصل ببطلانه يبطل قول من اعتمد عليه، هذا وقد تقدم تصحيح الحديث عن عدد من أهل العلم.
(50) تقدم في أدلة القول الأول.
(51) يا هنتا: أي يا هذه.
(52) الغلس: ظلمة آخر الليل.
(53) الظعن: بضم الضاء المعجمة. جمع ظعن، وهي المرأة في الهودج، ثم أطلق على المرأة مطلقا، القاموس المحيط 2/195.
(54) فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/825.
(55) سنن النسائي 5/266.
(56) سنن أبي داود 2/195.
(57) الكافي في فقه أهل المدينة 1/363.
(58) صحيح مسلم 4/84.
(59) انظر إرشاد الفحول إلى حقيق علم الأصول للشوكاني ص 205.
(60) زاد المعاد وعليه تحقيق الأرناؤوط 2/252.
(61) شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية دراسة وتحقيق د/ صالح الحسن 2/618 وما بعدها.
(62) انظر بدائع الصنائع 2/132، والمجموع شرح المهذب 8/224.
(63) انظر بدائع الصنائع 2/132، وانظر المغني 3/441.
(64) صحيح البخاري 2/146 في باب الفتيا على الدابة عند الجمرة.
(65) بدائع الصنائع 2/227.
(66) مواهب الجليل 3/64.
(67) المجموع شرح المهذب 8/266.
(68) كشاف القناع 2/521.
(69) قال ابن حجر في فتح الباري 3/587، قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار ليس على الحائض التي أفاضت طواف وداع، وروينا عن عمر بن الخطاب وابن عمر وزيد بن ثابت أنهم أمروها بالمقام إذا كانت حائضاً لطواف الوداع فكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة إذ لو حاضت قبله لم يسقط عنها.. قال: وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك وبقي عمر فخالفناه لثبوت حديث عائشة، وروى ابن أبي شيبة من طريق القاسم بن محمد: كان الصحابة يقولون: إذا أفاضت قبل أن تحيض فقد فرغت إلا عمر.
(70) صحيح البخاري 2/149 في باب طواف الوداع وصحيح مسلم 4/93 في وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض.
(71) صحيح مسلم 4/93.
(72) صحيح البخاري 2/149 وصحيح مسلم 4/93.
(73) صحيح مسلم بشرح النووي 9/78، وسنن أبي داود 2/208، وأخرجه ابن ماجة برقم 3070 في باب طواف الوداع.
(74) صحيح مسلم بشرح النووي 9/79.
(75) هذا الأثر إسناده صحيح لأنه عن طريق مالك عن نافع عن ابن عمر عن أبيه.
(76) المنتقى شرح موطأ مالك للباجي 2/292.
(77) المرجع السابق 2/294 قلت وهذا الأثر قال عنه عبد القادر الأرناؤوط المعلق على جامع الأصول في أحاديث الرسول 3/201، قال رواه مالك من حديث يحيى بن سعيد بن قيس بن النجار عن عمر رضي الله عنه وإسناده منقطع، فإن يحيى بن سعيد لم يدرك عمر رضي الله عنه، قال الزرقاني في شرح الموطأ: قال ابن عبد البر: يقولون بينمر الظهران ومكة ثمانية عشر ميلاً، وهذا بعيد عن مالك وأصحابه لا يرون رده لطواف الوداع من مثله.
قلت: وهذا الأثر في الموطأ 1/336، وقد رواه ابن أبي شيبة كما في الملحق 213، 409 عن طاوس وعطاء أن عمر... إلخ، وذكره الطبري في القرى 553، وعزاه للشافعي وقال: وقد روي أن عمر رضي الله عنه رد رجلاً وامرأة كانا قد سارا يومين أو أياماً ليكون آخر عهدهما بالبيت أخرجه سعيد، انتهى هذا (ومر الظهران) موضع على مرحلة من مكة والظهران هو الوادي، (وبمر) عيون كثيرة ونخل هو لأسلم وهذيل، وهو المعروف اليوم بوادي فاطمة، وهي امرأة تركية اشتهرت بكثرة بساتينها وأملاكها بهذا الموضع فسمي باسمها، انظر أخبار مكة 1/95.
(78) صحيح البخاري 2/129 وصحيح مسلم 4/68.
(79) فتح الباري 3/487.
(80) صحيح البخاري 2/149 في باب طواف الوداع.
(81) صحيح البخاري 2/149 في (باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت)، وصحيح مسلم 4/94 في (باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض)، والمنتقى شرح موطأ مالك 2/293 في (وداع البيت).
(82) المنتقى شرح موطأ مالك 2/293.
(83) صحيح البخاري 2/149، وصحيح مسلم 4/93.
(84) انظر المغني لابن قدامة 3/458، وانظر بدائع الصنائع 2/42.
(85) صحيح مسلم بشرح النووي 9/78، وانظر سنن أبي داود 2/208.
(86) صحيح البخاري 2/149 في (باب طواف الوداع و ص 151، في باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح).
(87) فتح الباري 3/590.
(88) نيل الأوطار 5/101.
(89) فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/586.
(90) المغني لابن قدامة 3/458.
(91) المجموع للنووي 8/255.
(92) المغني لابن قدامة 5/342 طبعة هجر للطباعة والنشر، وقد آثرت نقل هذا النص من هذه الطبعة لوجود نقص في طبعة مكتبة الرياض، والتي كنت أنقل منها، وانظر الشرح الكبير 2/260.
(93) بدائع الصنائع 2/142 وانظر المبسوط للسرخسي 4/35.
(94) كتاب الكافي في فقه أهل المدينة للنمري القرطبي 1/378.
(95) المهذب في فقه الإمام الشافعي 1/239.
(96) المجموع شرح المهذب للنووي 8/254.
(97) المغني لابن قدامة 3/458 وما بعدها، وانظر شرح الزركشي 3/286.
(98) صحيح مسلم 4/108 في باب جواز الإقامة بمكة للماهجر منها بعد فراغ الحج والعمرة، وقد جاء بعدة روايات منها ما ذكره النووي، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة بعد الصدر، وفي رواية: كث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً.
(99) المجموع للنووي 8/256.
(100) بدائع الصنائع 2/143.
(101) هذا الأثر قد تقدم وسنده صحيح لأنه عن طريق مالك عن نافع عن ابن عمر عن أبيه، انظر المنتقى شرح موطأ مالك 2/292.
(102) المنتقى شرح موطأ مالك 2/293.
(103) المغني لابن قدامة 3/458.
(104) كشاف القناع للبهوتي 2/512.
(105) صحيح مسلم 4/108.
(106) صحيح البخاري 2/149، وصحيح مسلم 4/93.
(107) وقوله أُمر بصيغة المبني للمفعول ومعلوم في علم الحديث وأصول الفقه أن مثل هذا له حكم الرفع ويدل على أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم.
(108) صحيح مسلم بشرح النووي 9/78، وسنن أبي داود 2/208.
(109) انظر بدائع الصنائع 2/143، والمنتقى شرح موطأ مالك 2/293، والمجموع شرح المهذب 8/253، والمغني لابن قدامة 3/459.
(110) بدائع الصنائع للكاساني 2/143.
(111) المنتقى شرح موطأ مالك للباجي 2/293.
(112) المهذب في فقه الشافعي 1/239.
(113) المجموع 8/255.
(114) المغني 3/459.
(115) كتاب الفروع لابن مفلح 3/521.
(116) الإنصاف للمرداوي 4/50.
(117) كشاف القناع 2/512.
(118) المنتقى شرح موطأ مالك للباجي 2/293.
(119) الشرح الكبير لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي 2/259، وانظر كشاف القناع 2/513.
(120) المجموع شرح المهذب للنووي 8/62 و ص 220.
(121) المغني لابن قدامة 3/465.
(122) حديث إنما الأعمال بالنيات متفق عليه، فقد أخرجه البخاري في باب بدء الوحي، وفي الإيمان وفي عدة أبواب وأخرجه مسلم في الإمارة باب قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" وأخرجه أبو داود وفي الطلاق برقم (2201) والترمذي برقم (1647).
(123) الشرح الكبير لأبي الفرج المقدسي 2/259، وانظر كشاف القناع 2/513.