إسرائيليات اقتصادية (2-4)
د. زيد بن محمد الرماني
الإسرائيليَّات المعاصرة هي كلُّ فكرةٍ أو كلمة، أو محاضرة أو دعوى، أو بحثٍ أو كتاب، أو دراسة أو مقالة تُوجَّه للمسلمين وتتعارض مع مبادئ الإسلام وتوجيهاته.
لذا فإنَّ من أبرز مظاهر الإسرائيليَّات في المجال الاقتصاديِّ في بلاد المسلمين تلك الدَّعاوى والخُرافاتِ الباطلةَ، ذات العلاقة بالحياة الاقتصادية عامة، أو بالمصارف والبنوك خاصة.
ثانيًا: خُرافة "الحرية الاقتصادية: دَعْهُ يعمل، دَعْهُ يمرُّ"؛ حيث يقوم الاقتصاد الرأسمالي الغربي على خُرافة إسرائيليَّة، رَفَعَها مروِّجو الإسرائيليَّات المعاصرة شعارًا بارزًا لذلك الاقتصاد، وهو "دَعْه يعمل، دَعْه يمرُّ"؛ أي: لا تتدخل بالمال؛ بل دَعْ هذا المال يعمل ويتحرَّك، ودَعْهُ يمرُّ أينما شاء، ويذهب كيف يشاء، لا تقيِّدْه ما دام يحقق لك الرِّبحَ والفائدة.
ولذلك وُصِفَ النظامُ الاقتصادي الغربي الرأسمالي بأنه اقتصاد حُرٌّ؛ لأنه يقوم على الحريَّة الاقتصادية المنفلِتة، ويعمل دون كوابحَ، أو قيودٍ، أو ضوابط.
المال والاقتصاد عند مصدِّقي هذه الخُرافةِ هو الأساس، وهو غاية بحدِّ ذاتِه، وهو عَصَبُ الحياة، وهو الذي يتكلَّم ويقرِّر، وهو أساس تكريم الرجال، ولسان حالهم، يقول: إن أكرمكم عندنا أغناكم، وأقواكم عندنا أغناكم، هكذا يُوزنُ الرجل بمقدار ما يملكُ من المال.
"دَعْه يعمل، دَعْه يمرُّ" خُرافة اقتصاديَّة، وتضليل إسرائيلي، فرغم اعترافنا بأهميَّة المال وضرورته للفرد والأُمَّة، إلا أن إسلامَنا يقرِّر بمنهاجه الاقتصادي المنضبط أنَّ المال وسيلةٌ لعبادة الله، وسيلة لإنشاء الحياة الكريمة.
الإسلام في مِنْهاجه الاقتصادي، يقيِّد حركةَ المال بالقيود الضروريَّة، ويضع له الضماناتِ اللازمةَ؛ حتى يبقى عملاً نافعًا، وليس طُوفانًا مُدمِّرًا.
الإسلام لا يُقرُّ إلا وسائلَ الكسبِ الحلال، والتجارة الأخلاقيَّة المباحة، والتملُّك المشروع، وهو في المقابل يحرِّم وسائلَ الكسبِ غير المشروع، والتملُّك الحرام.
الإسلام يرسم الطريق الصحيحَ لاستثمار المال وتشغيله، ويمنع المسلمَ من تشغيل المال في طُرقٍ محرَّمة، حتى لو درَّتْ عليه فائدةً ورِبْحًا وكَسْبًا.
الإسلام لا يدعُ المال يعمل، ولا يدعه يمرُّ هكذا بلا ضوابط؛ لذلك يحارب هذه الخُرافة الإسرائيليَّة التي يتباهى بها الجاهليُّون الغربيُّون ومن حَذَا حذوَهم، ويعتبر الحريةَ الاقتصادية المنفلِتة من كلِّ قَيْدٍ، أو شرط، أو ضابطٍ جرثومةَ فَتْكٍ باقتصاد الفردِ والأُمَّة.