عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-06-2019, 06:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(83)


- (باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت) إلى (باب المني يصيب الثوب)

إذا حاضت المرأة أو نفست وهي محرمة فعليها أن تقوم بما يقوم به الحاج من أعمال الحج إلا الطواف بالبيت، فإنها تؤجله حتى تطهر، وقد بين الشارع الطريقة التي يزال بها دم الحيض إذا أصاب الثوب وذلك بأن يُحك بعود ويُفرك حتى يزال جرمه في الثوب ثم يغسل بالماء.
ما تفعل المحرمة إذا حاضت


شرح حديث عائشة فيما تفعل المحرمة إذا حاضت
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كان بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما لك أنفست؟ فقلت: نعم، قال: هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ).هنا أورد النسائي رحمه الله باب: ما تفعل المحرمة إذا حاضت. هذه الترجمة واضح المراد منها وهو أن المرأة المحرمة إذا طرأ عليها الحيض، فإنها تبقى على إحرامها، وتفعل ما يفعل الحاج أو المعتمر، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ولا تسعى بين الصفاء والمروة؛ لأن السعي يكون بعد الطواف، ومن المعلوم أن الطواف إذا لم يحصل، فما يتبعه من السعي فهو تابع له. وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، قالت: (لا نرى إلا الحج) يعني: أن الحج هو الغالب عليهم، وإلا فإن منهم من كان متمتعاً محرماً بالعمرة، ومن هؤلاء عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وعائشة رضي الله عنها كانت متمتعة، وقد حصل لها الحيض في الطريق قرب مكة في هذا المكان الذي يقال له: سرف، ولما حصل لها ذلك جعلت تبكي، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما لك أنفست؟)؛ يعني: ما لك تبكين وما لك متأثرة، أنفست؟ يعني: أحضت؟ وقد سبق أن مر قريباً أن لفظة (نفست) تكون في الحيض وتكون في النفاس، وهي ما يكون بعد الولادة من الدم فيقال: نفست؛ يعني: إذا ولدت، والدم الذي يكون بعد ذلك هو دم النفاس، وإذا حاضت يقال: نفست، وكل من الدم الذي يحصل في الحيض والنفاس مأخوذ من النفس وهو الدم؛ لأن النفس يراد به الدم، وهذا من معاني النفس، ولهذا اشتهر عند الفقهاء جملة وهي: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وما لا نفس له؛ يعني: ما لا دم له كالجراد والذباب، وما إلى ذلك مما لا دم فيه، فإن هذا إذا مات في ماء فلا يؤثر موته فيه على الماء ولا ينجسه.إذاً: فالنفس مأخوذ من النفاس، وإطلاق الحيض عليه؛ لأن ذلك من معانيه ويقال فيه: نفست، أي: إن ذلك مأخوذ من النفس، والنفس يراد به الدم؛ لأن هذا من معانيه، وقد نقل ابن القيم في زاد المعاد أن أول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة أنه إبراهيم النخعي وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.قالت: (نعم) قال: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم) (هذا أمر) أي: الحيض، (كتبه الله على بنات آدم) فليس هذا إليك، ولم يحصل منك تقصير، بل إن هذا أمر مكتوب ولا دخل للنساء فيه، ولا دخل للمرأة في مجيء الدم؛ لأن هذا شيء مكتوب، والكتابة هنا قدرية؛ لأن الكتابة تأتي قدرية وتأتي شرعية، أي أنها تأتي بمعنى القدر وهو الذي قدر وكتب أنه يكون كذا، فهذه كتابة قدرية، كقوله تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51]؛ يعني: قدر الله لنا، وقوله: (كتبه الله على بنات آدم) أي: قدره الله على بنات آدم، وأما الكتابة الشرعية فإنها مثل قوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]؛ يعني: في التوراة، وكتبنا أي: شرعنا وأوجبنا، قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [البقرة:178]؛ يعني: شرع؛ لأنها كتابة شرعية وكتابة قدرية، وهنا كتابة قدرية: (أمر كتبه الله على بنات آدم) يعني: قدره على بنات آدم أنه يكون، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. إذاً: فهذا أمر خارج عن إرادتك، وخارج عن مشيئتك، فلم يحصل منك تقصير، وإنما هذا أمر مكتوب مقدر فلا شأن لك فيه، فقال ذلك عليه الصلاة والسلام ليهون عليها ما حصل لها مما أفزعها وأبكاها، فأرشدها أن تفعل جميع أفعال الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت، ولا الذي يكون بعده وهو السعي بين الصفا والمروة، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لها أن كل ما يفعل الحاج فإنها تفعله، فهي تقف في عرفات، وتبقى في منى، وتبيت بمزدلفة، وترمي الجمار، وتقصر، وتنحر، فكل ما يفعله الحاج تفعله المرأة الحائض إلا أنها لا تطوف بالبيت. ومن المعلوم أن عائشة رضي الله عنها أحرمت متمتعة محرمةً بالعمرة، وبقيت على عمرتها، لكن لما جاء وقت الحج وهي لم تطهر من حيضها، أمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج وتدخله على العمرة، فتكون بذلك قارنة بعد أن كانت متمتعة؛ لأن الإحرام بالعمرة موجود من الميقات وهو مستمر معها، ولكنه لم يتيسر لها أن تطوف وتسعى وتنهي عمرتها بسبب الحيض، والحج قد وصل ولا تتمكن من إنهاء العمرة، فأمرها عليه الصلاة والسلام أن تدخل الحج على العمرة، وأن تنوي الحج في ذلك الوقت، فيكون إحرامها بالحج مضافاً إلى إحرامها بالعمرة الذي كان في الميقات، فتكون بذلك قارنة ولم تلغي عمرتها، فإن الإحرام بالشيء إذا حصل لا يتخلص منه، بل لا بد من إتمامه وإنفاذه، ولما لم يكن سبيل إلى الإتمام بسبب الحيض والإحرام لا يزال باقياً، أرشدها عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج فتدخله على العمرة وتصير بذلك قارنة؛ يعني: يكون طوافها بعد الحج وسعيها بعد الحج لحجها وعمرتها؛ لأن القارن عليه طواف واحد وسعي واحد. ثم قالت: ( وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر )، المقصود بذلك: أن الهدي الذي كان على أمهات المؤمنين بسبب تمتعهن فعله عنهن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك بالبقر أي: أن هدي التمتع الذي حصل لهن وهدي القران الذي هو لـعائشة كان بالبقر.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما تفعل المحرمة إذا حاضت
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].وهو: ابن مخلد الحنظلي المشهور بابن راهويه، وراهويه للمحدثين فيه إطلاق، وللغويين فيه إطلاق، فالمحدثون يجعلون الواو ساكنة وما قبلها مضموماً والياء بعدها مفتوحة، فيقولون: ابن راهويه.أما اللغويون: فيكون الاسم مختوماً بويه، أي: الواو مفتوحة والياء ساكنة، فيقول: راهويه؛ لأن الاسم يكون عندهم مختوماً بويه.وهو ثقة، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل والتوثيق، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[حدثنا سفيان].وهنا مهمل؛ يعني: غير منسوب، فهو مهمل النسبة، فإذا ذكر اسم الشخص ولم ينسب، ولم يؤت بما يميزه عن غيره فإنهم يسمونه المهمل، فيكون محتملاً لأشخاص كما هنا؛ لأن سفيان يحتمل: سفيان بن عيينة، ويحتمل: سفيان الثوري، وكانا في زمن واحد، وهما محدثان، فقيهان، مشهوران، وهذا غير المبهم؛ لأن المبهم لا يذكر اسمه، لكن يشار إليه بأن يقال: رجل، أو أخبرني رجل، أو حدثني رجل، أو امرأة، فهذا يقال له: مبهم؛ لأنه غير مسمى، فرجل يعني: جنس. والطريقة إلى معرفة المهمل تعيينه وتمييزه هل هو الثوري أو ابن عيينة هو ما ذكرت مراراً أن المعروف في ذلك أو المشهور في ذلك طريقان: إحداهما: أن يكون مسمى في بعض الطرق التي ورد بها الحديث؛ لأن الحديث يأتي من عدة طرق، فيكون في بعضها مهملاً، وفي بعضها منسوباً، والطريقة الثانية: بالنظر للشيوخ والتلاميذ الذين أخذ عنهم هذا المهمل -مهمل النسبة- وإذا نظرنا في ترجمة شيخ سفيان وهو عبد الرحمن بن القاسم نجد أن في ترجمته في تهذيب الكمال: أنه روى عنه السفيانان، أي سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري. فإذاً: فهو محتمل أن يكون هذا أو هذا، لكن لما نظرنا في ترجمة إسحاق بن راهويه في تهذيب الكمال، وجدنا أن المزي لم يذكر إلا سفيان بن عيينة، وما ذكر في شيوخ إسحاق بن راهويه إلا سفيان بن عيينة، وما ذكر من شيوخه سفيان الثوري. إذاً: يكون سفيان بن عيينة، وسفيان بن عيينة ثقة، محدث، فقيه، حافظ عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الرحمن بن القاسم].هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة عابد، قال عنه سفيان بن عيينة: كان أفضل أهل زمانه. يثني عليه، وهو هنا تلميذه المهمل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً في هذا الكتاب.[عن عائشة].هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وهي أكثر الصحابيات على الإطلاق حديثاً، وهي أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم ستة من الذكور وعائشة رضي الله عنها وأرضاها أم المؤمنين، وهم الذين جمعهم السيوطي في بيتين من ألفيته، حيث قال عنهم: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كـالخدريوجابر وزوجة النبيِّ
ما تفعل النفساء عند الإحرام


شرح حديث جابر فيما تفعل النفساء عند الإحرام
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل النفساء عند الإحرام.أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له، أخبرنا يحيى بن سعيد حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لخمس بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه حتى إذا أتى ذا الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري، ثم أهلي )].هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب ما تفعل النفساء عند الإحرام. أي: إذا حصل لها نفاس؛ يعني: ولدت المرأة، وصارت نفساء يخرج منها الدم، فماذا تصنع؟ هذا هو المقصود بالترجمة، وقد أورد النسائي تحته حديث جابر الذي يقول فيه: إنهم خرجوا مع رسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، ولما كانوا في ذي الحليفة -الميقات-، ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تسأل: ماذا تصنع؟ فأمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تغتسل وأن تستثفر بثوب وأن تهل؛ يعني: تحرم، وتنوي الإحرام وهي نفساء، وكذلك الحائض مثلها، فالحائض والنفساء تحرمان وتدخلان في الإحرام وهما في الحيض والنفاس، فتغتسلان عند الإحرام للتنظف والتهيؤ وتهلان، ولكن كما جاء ذلك مبيناً في الحديث السابق أنه لا يحصل الطواف حتى يكون الطهر، وتفعل كما يفعل الحجاج إلا الطواف بالبيت؛ يعني: وكذلك السعي الذي يكون بعده يكون تبعاً له، فـأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما ولدت محمد بن أبي بكر وسألت النبي عليه الصلاة والسلام: ماذا تصنع؟ فأخبرها بأنها تغتسل وتستثفر بثوب؛ حتى لا يسيل منها الدم، وكذلك تهل؛ يعني: تدخل في الإحرام، فهذا هو الذي تفعله النفساء عند الإحرام وذلك أنها تحرم وتدخل في الإحرام وعليها النفاس، لكنها تستعد له بالاغتسال وتستثفر.

تراجم رجال إسناد حديث جابر فيما تفعل النفساء عند الإحرام
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له].هؤلاء ثلاثة من مشايخ النسائي واللفظ للأخير منهم وهو يعقوب بن إبراهيم.و عمرو بن علي الفلاس يأتي ذكره كثيراً، وهو من النقاد، كلامه كثير في الجرح والتعديل، فهو من أئمة الجرح والتعديل، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.ومحمد بن المثنى هو الزمن العنزي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً.ويعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي، وهو أيضاً ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. وكل من محمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم شيخان للنسائي وقد ماتا في سنة واحدة وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين؛ أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، فهما من صغار شيوخ البخاري الذين هم قريبون منه في السن، وقريبون منه في الوفاة؛ لأنه ليس بين وفاتهما وبين وفاة البخاري إلا أربع سنوات.[أخبرنا يحيى بن سعيد].وهو القطان المحدث، الثقة، الناقد، المعروف بإمامته في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا جعفر بن محمد].وهو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من أئمة أهل السنة، وإمام من أئمة أهل البيت، ومن أئمة أهل السنة الذين رووا عنهم الأحاديث، ومن الذين رووا الأحاديث عن رسول الله، وهو المعروف بـالصادق، وهو أيضاً من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يقدسونهم ويعظمونهم ويتجاوزون الحدود فيهم. ومن المعلوم أن الواجب في حق المؤمنين من أهل البيت ومن غيرهم هو المحبة والموالاة، والتوسط بين الإفراط والتفريط، فلا غلو ولا جفاء، وإنما توسط واعتدال، فلا يغلى في أحد ولا يجفى في حق أحد، كما قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته -عقيدة أهل السنة- يقول: وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخبر والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل. فالواجب هو التوسط بين الإفراط والتفريط، ومن كان من صالح أهل البيت فإنه يحب لأمرين: لتقواه وإيمانه، وهذا هو الأساس، وأيضاً لقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو مذهب أهل السنة الذين يعرفون لكلٍ منزلته، ويعرفون قدر أهل البيت، وينزلونهم منازلهم ويحبونهم ويتولونهم، ولا يجفونهم، ولا يغلون فيهم، وإنما يتوسطون فيهم، والذي سبق إلى هذا التقديم وإلى معرفة هذا الفضل لأهله هم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وأرضاهم، وأولهم خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق فإنه قد جاء في صحيح البخاري أنه قال: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليِّ من أن أصل قرابتي؛ يعني: يحب أن يصل قرابة رسول الله عليه الصلاة والسلام أعظم من محبته لصلة قرابته؛ وذلك لمحبته للرسول صلى الله عليه وسلم ومن تنفيذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في أهل بيته، في أنهم يحبون ويتولون، لكن بلا غلو ولا جفاء، وإنما بتوسط واعتدال بين الإفراط والتفريط، كما قال أبو سليمان الخطابي: ولا تَغلُ في شيء من الأمر واقتصدكلا طرفي قصد الأمور ذميميعني: الطرفين المجانبين لطريق القصد، وهو الاعتدال والتوسط، كلٌ منهما ذميم أي: جانب الإفراط وجانب التفريط، جانب الغلو وجانب الجفاء، هذا هو مذهب وطريقة أهل السنة في حق أهل البيت. وجاء كذلك عن أبي بكر أيضاً وهو في صحيح البخاري قوله: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. وكذلك أيضاً عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول للعباس: والله لإسلامك أحب إليِّ من إسلام الخطاب لو أسلم؛ وذلك لكونه عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يحب إسلامه، ويحب إسلام أعمامه، ولهذا حرص على إسلام أبي طالب، وجاء إليه وهو في النزع وفي الرمق الأخير من حياته الدنيوية وطلب منه أن يسلم، وقال: (يا عم! قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)، فكان عنده بعض جلساء السوء فذكروه بملة عبد المطلب، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فكان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول هذه المقالة. إذاً: هذا هو قول سادات أهل السنة، وسادات المسلمين أفضل من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين، فـأبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما هذا قولهم وكلامهم في حق أهل البيت، والواجب هو محبة أهل البيت؛ يعني: من كان منهم مؤمناً يحب لإيمانه وتقواه، وهذا هو الأساس في المحبة، ويحب لقرابته من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين الذي في الإسناد هو صدوق، فقيه، وقد روى له البخاري في الأدب المفرد، وروى له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثني أبي].وهو محمد بن علي بن الحسين المشهور بـالباقر وهو ثقة، فاضل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، ويقال فيه ما قيل في ابنه من جهة المودة والمحبة والموالاة لأهل البيت، فمن كان منهم مستقيماً وصالحاً فإنه يحب لتقواه، ويحب لقرابته من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذا هو قول أهل السنة الذين يتولون الجميع، ويحبون أولياء الله عز وجل من الصحابة ومن أهل البيت، فمن كان منهم صالحاً فإنهم يحبونه لصلاحه ولقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يقصرون الأمر في أحد دون أحد، بل يكونون في المودة لـعلي وأولاده، وللعباس وأولاده، وهكذا لجميع قرابة رسول الله عليه الصلاة والسلام على السواء.فرضي الله تعالى عن علي وعن الصحابة أجمعين، ورحم الله التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.[أتينا جابر بن عبد الله].هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو الصحابي الجليل المشهور، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.92%)]