
29-04-2019, 08:10 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,776
الدولة :
|
|
رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)
كلوا واشربوا ولا تسرفوا
اللجنة العلمية
الطريق لعلاج الإسراف ومادامت هذه آثار وعواقب الإسراف وتلك أسبابه وبواعثه فإن طريق العلاج تتخلص في:
(1) التفكر في الآثار والعواقب المترتبة على الإسراف فإن ذلك من شأنه أن يحمل على تدارك الأمر والتخلص من الإسراف قبل فوات الأوان.
(2) الحزم مع النفس وذلك بفطمها عن شهواتها ومطالبها وحملها على الأخذ بكل شاق وصعب من قيام ليل إلى صوم تطوع إلى صدقة إلى مشى على الأقدام إلى حمل الأثقال .... ونحو ذلك.
(3) دوام النظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته فإنها مليئة بالتحذير من الإسراف بل ومجاهدة النفس والأهل والعيش على الخشونة والتقشف إذ يقول صلى الله عليه وسلم:
(والمؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبع أمعاء) وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضافه ضيف وهو كافر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أخرى فشربه ثم أخرى فشربه حتى شرب حلاب سبع شياه ثم أنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرب حلابها ثم أمر بأخرى فلم يستتمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والمؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبع أمعاء).
ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه).
وإذ تحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها لعروة بن الزبير ابن أختها فتقول (إن كنا لننظر إلى الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول: الله صلى الله عليه وسلم نار، فيقول لها عروة، ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر و الماء، إلا أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، كان لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقيناه).
وإذ تقول أيضاً: (كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه من ليف)
(ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض)
بل كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارزق آل محمد قوتاً)
وأن المسلم العامل لدين الله حين يقف على ذلك، وعلى غيره تتحرك مشاعره، وتتأجج عواطفه فيترسم خطاه صلى الله عليه وسلم ويسير على هديه اقتداء وتأسياً وطمعاً في معيته في الجنة:
ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليماً}.
4 - دوام النظر في سيرة سلف هذه الأمة، من الصحابة المجاهدين و العلماء العاملين فقد اقتدى هؤلاء به صلى الله عليه وسلم فكان عيشهم كفافاً، ولا هم لهم من الدنيا إلا أنها معبر أو قنطرة توصل للآخرة.
دخل عمر بن الخطاب على ابنه عبد الله - رضي الله تعالى عنهما - فرأى عنده لحماً، فقال: ما هذا اللحم؟ قال: أشتهيه! قال: وكلما اشتهيت شيئاً أكلته؟ كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كلَّ ما اشتهاه)!
وأتى سلمان الفارسي أبا بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما - في مرضه الذي مات فيه فقال: أوصني يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: (إن الله فاتح عليكم الدنيا فلا يأخذنَّ منها أحد إلا بلاغاً)
وكتب سعد بن أبى وقاص إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وهو على الكوفة يستأذنُه في بناء بيت يسكنه فوقع في كتابه:
(ابنِ ما يستركَ من الشمس، ويُكنُّك من الغيث، فإنَّ الدنيا دار بلغة)
وحكى ميمون أنَّ رجلاً من بني عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- استكساه إزاراً قائلاً: قد تخرَّق إزاري، فقال له عبد الله: (اقطع إزارك ثم اكتسه) فكره الفتى ذلك، فقال له: ويحك اتق الله، ولا تكوننَّ من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله تعالى في بطونهم وعلى ظهورهم) ......
إلى غير ذلك من الأخبار المودعة في بطون الكتب المنثورة هنا وهناك.
وأن المسلم العامل حين يقف على هذه الأخبار يتحرك من داخله فيتولد عنه حب السير على نفس المنهج فتراه يطرح الترف و السرف ويعيش على الخشونة و التقشف ليكون ناجياً مع الناجين.
5 - الانقطاع عن صحبة المسرفين، مع الارتماء في أحضان ذوى الهمم العالية و النفوس الكبيرة، الذين طرحوا الدنيا وراء ظهورهم، وكرسوا كل حياتهم من أجل اسئناف حياة إسلامية كريمة، تصان فيها الدماء والأموال والأعراض، ويقام فيها حكم الله عز وجل في الأرض، غير مبالين بما أصابهم ويصيبهم في ذات الله، فإن ذلك من شأنه أن يقضى على كل مظاهر السرف والدعة و الراحة، بل ويجنبنا الوقوع فيها مرة أخرى، لنكون ضمن قافلة المجاهدين وفي موكب السائرين.
6 - الاهتمام ببناء شخصية الزوجة و الولد فإن ذلك من شأنه أن يقضي على كل مظاهر الترف، وأن يحول دون التورط فيها مرة أخرى، بل ويعين على سلوك طريق الجادة حين تنقضي هذه الحياة بأشواكها وآلامها ونرد إلى ربنا فنلقى حظنا هناك من الراحة و النعيم المقيم.
7 - دوام التفكر في الواقع الذي تحياه البشرية عموماً و المسلمون على وجه الخصوص، فإن ذلك يساعد على التخلص من كل مظاهر الإسراف بل ويحول دون التلذذ أو التنعم بشيء من هذه الحياة، حتى يمكن لمنهج الله وترفع الراية الإسلامية من جديد.
8 - دوام التفكر في الموت، وما بعده من شدائد وأهوال، فإن ذلك أيضاً يعين على نبذ كل مظاهر الإسراف و الترف، ويحول دون الوقوع فيها مرة أخرى استعداداً لساعة الرحيل ويوم اللقاء.
9 - تذكر طبيعة الطريق، وما فيها من متاعب وآلام، وأن زادها ما يكون بالإسراف والاسترخاء و الترف بل بالخشونة و الحزم و التقشف، فإن ذلك له دور كبير في علاج الإسراف ومجاهدة النفس و القدرة على اجتياز وتخطى المعوقات و العقبات.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|