عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 21-04-2019, 04:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

نية الصوم

اللجنة العلمية

أهمية النّية وضرورتها

النية في الصيام وفي كل عبادة فريضة لا بد منها، ولا يهمنا أن تكون ركنا عند بعض الفقهاء، أو شرطًا عند بعضهم، فهذا خلاف علمي أو نظري لا يترتب عليه عمل، ما دام الجميع متفقين على فرضيتها.
والمراد بالنية هنا: أن يقوم بالعبادة امتثالاً لأمر الله تعالى، وتقربًا إليه. فقد يمسك بعض الناس عن الطعام والشراب من الفجر إلى المغرب، ولما هو أكثر، ولكن بقصد الرياضة ونقص الوزن وما شابه ذلك.
وقد يمسك آخرون احتجاجًا علي أمر معين، وتهديدًا بالقتل البطيء للنفس كما يفعل ذلك كثيرًا المضربون عن الطعام في السجون والمعتقلات، وغيرها. وقد يمسك بعض الناس تشاغلاً أو استغراقًا في عمل يأخذ عليه فكره، وينسيه أكله وشربه.
وكل هؤلاء ليسوا صائمين الصيام الشرعي، لأنهم لم ينووا ولم يقصدوا بإمساكهم وجوعهم وحرمانهم وجه الله تعالى، وابتغاء مثوبته. ولا يقبل الله عبادة إلا بنية. قال عز وجل: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5). وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (متفق عليه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب).
وقال: (كل عمل ابن آدم له، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي) (متفق عليه من حديث أبي هريرة). فمن ترك الطعام والشهوة من أجل شيء غير الله تعالى، فلم يصم الصِّيام الشرعي.
يوسف القرضاوي



وعند البخاري:
الرجل يقاتل حَميَّة، ويقاتل شجاعة، ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟ قال، صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ".
إن الأعرابي لا يعلم، جاء لمعلم الأمة، صلى الله عليه وسلم، يسأله، إن مقاصد الرجال كثيرة ومتعددة، فأيهم ينال شرف الجهاد في سبيل الله، وأيهم يُدخله مقصدُه في أهل الشهادة إن مات؟
فكان جوابه، صلى الله عليه وسلم، أنَّ من كانت نيته إعلاءَ كلمة الله فهو الذي في سبيل الله. فأي أمر فرَّق بين ما لهذا الأخير من ثواب الدنيا وحُسن المآل في الآخرة، وبين هؤلاء الذين ليس لهم إلا ما قصدوا إلى تحصيله من مغانم أو صيت وشهرة، أو رياء وسُمعة، مما لا ينفعهم في الآخرة؟
إنها النية، المقصد، والغرض، والغاية التي تَحرَّك كلٌ منهم بغرض تحقيقها وتوجه إليها، وكانت هي الطاقة الداخلية التي تدفع به إلى هدفه.
وشتان بين ما لهذا وبين ما لهؤلاء، وإن كنَّا نراهم في الميدان سواء كلهم يقاتل، كلهم شجاع، كلهم يضع سيفه في نحر العدو، الفعل واحد ولكن النوايا والمقاصد متباينة، فبأي معيار حدد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثواب كل منهم، وبأي مقياس حدد قيمة عمل كل منهم؟
إنها النية، ذلك الفعل القلبي، الذي لا يراه أحد، إلا الله سبحانه وتعالى، إنها النية، التي بمقتضاها يكون الجزاء، إما ثواب، وإما عقاب، إنها النية، التي نغفل عنها في تعبُّدِنا وسائر أعمالنا، فلعلنا نخسر كثيراً من ثواب أعمالنا، بسبب أننا لا نستحضر نيتنا حين الفعل فنؤدي بآلية، تفتقد إلى الخشوع، وتفتقر إلى الروح الإيمانية فنُلقي بأعمالنا إلى خواء، ونضيّعها ونحن لا نشعر.
(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) هكذا قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليعلمنا أن النية هي الحد الفاصل بين ما هو حق، وما هو باطل بين ما هو حلال وما هو حرام، بين العمل الخالص لوجه الله تعالى وبين العمل الذي يُقصد به غير الله.
ونذكر سبب ورود هذا الحديث، لعلَّ فيه العبرةَ والفهم لأهمية النية، إذ أراد رجلٌ الزواج بامرأةٍ تُدعى " أم قيس "، وكانت من المهاجرات إلى المدينة، ولم يكن الرجل يرغب في الهجرة، فاشترطت عليه، إن أراد زواجها، أن يهاجر معها، فهاجر، ونيته بالهجرة أن يتزوجها، أما هي ومن معها، فكانت نيتهم الهجرة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، طاعة ومحبة له، ونصرة لدين الله، فصارت هي ومن معها بنيتهم الخالصة لله ممن ذكرهم الله سبحانه في قرآنه، وصار هو بنيته الدنيوية مهاجر أم قيس، وسبحان الله، وشتان بين ما لهم وله عند الله، والفرق صنعته النية.
فلكل عملٍ: ظاهرٌ يوافقُ شرعَ الله، عز وجل، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو يخالفهما وبهذا يكون صلاح العمل أو فساده ظاهراً.
ولكل عملٍ: باطنٌ، قصدٌ، نيةٌ، وبحسبها يكون الجزاء من الله، عز وجل، ومُستقَر هذا الباطن هو القلب، تلك المضغة التي إذا صلُحت صلُح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد.
فالنية أخوة الإسلام هي روح العمل، وهي الموجِّهة له، وبإخلاصها لله تعالى يكون الفوز بالجنان، بإذن الله تعالى، وبصرفها إلى غير وجهه الكريم سبحانه، نكون قد أخذنا بأنفسنا إلى درك العذاب، والعياذ بالله.
فهذه دعوة إلى من تصله من أمة محمد، صلى الله عليه وسلم:
أن أصلح نيتك وأخلصها لله سبحانه، وألا تغفل عن النية في كل عملٍ من أعمالك، سواء كان عملاً تعبُّدياً خالصاً أو عملاً مباحاً، ترجو بفعله ثواب الله، كأن يكون وسيلة مباحة إلى طاعة أو قُربة.
وأُذكِّر بأنه بصلاح الباطن يصلح الظاهر وبصلاحهما يصلح العمل وبصلاحه يكون رضا الله، عز وجل!
[ناصر الحلواني]
 يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.54%)]