فتاتنا الجامعية والمهمة الغائبة
أ.د.. سارة بنت عبد المحسن بن جلوي آل سعود
فهل نصلح نحن بواقعنا الثقافي الحالي للقيام بهذه المهمة المرتجاة؟
بصدق... أعترف لكم: إن دورنا مازال هامشياً، وقاصراً، ولم يصل إلى المستوى المطلوب من الفاعلية، على الرغم من أننا حصلنا على أعلى الشهادات، وتولينا مناصب قيادية، واقتحمنا معظم الميادين، ويرجع ذلك لأسباب ذاتية واجتماعية، على الرغم مما تشهده بلادنا من تطور فتح المجال أمام الفتاة للمشاركة في نهضة المجتمع، وبناء الأمة.
إن المرأة في بلادنا تعيش حالة من عدم الفاعلية على المستويين الأمي والمتعلم.
وتركيزي على الفتاة الجامعية؛ لأنها تشكل الشريحة المثقفة من المجتمع، والقطاع الأساسي من الرأي العام الواعي المؤثر، الذي يجب أن يكون له دوره المستقبلي الفعال، فالمرأة المسلمة المثقفة تتحمل المسؤولية نفسها التي يتحملها الرجل في تحقيق المجتمع الإسلامي بصورته الرائعة، وتطهيره من كل ما داخله من شوائب فكرية وأخلاقية، وعادات غريبة؛ لذا فنحن في حاجة إلى إيجاد جيل من الفتيات المسلمات المثقفات ثقافة إسلامية عميقة، للقيام بالدور المرجو في أوساط قد لا يتأتى دخول الدعاة من الرجال إليها.
كما أن تأثير العنصر النسائي في بناء المجتمعات لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه، أو إخفاء أهميته؛ ذلك أن المرأة تشكل أساس المجتمع الذي يتربى فيه رجال الأمة. وتأثيرها في هذا المجال عميق جداً، فهي الأم، والأخت، والزوجة والابنة، هي المجتمع كله لا نصفه كما يقال؛ ولأن الله- سبحان وتعالى- أناط بالرجل مهمة إعداد الجماعة، فقد حمل المرأة مسؤولية إعداد الرجل الذي يقود الجماعة.
ولكن كيف نصل إلى تحقيق ذلك الأمل؟ ومن أين نبدأ؟ وما هو الحل؟
البداية لا بد أن تكون من عالم الأفكار.. أفكارنا نحن الجامعيات الجيل الأمل لهذه الأمة..
فنحدد لون ثقافتنا، وحجمها وعمقها، وفاعليتها، ومساهمتها في بناء الوطن، والتغيير الاجتماعي، لا بد لنا من تحديد نقطة الانطلاق، وتحديد الأهداف الأساسية، والأهداف الثانوية، لا بد من تحديد الوسائل والآليات، سواء أكانت وسائل ثقافية وفكرية، أم وسائل عملية وتربوية، وما إلى ذلك من وسائل. وهذه كلها يقدمها لنا الإسلام، فالإسلام إذن هو الحل الأمثل لكل مشكلاتنا، منه نبدأ، وعلى هداه نسير، ولرفع رايته عزيزة عالية نعمل، لحفظ هويتنا، وأصالتنا، ووجودنا، لتنمية مجتمعنا، ومواجهة ما يتهددنا محلياً وخارجياً.
فلئن استطاعت الوجهة التغريبية أن تحول بدرجة مؤثرة دون توظيف المرأة المسلمة في عمل جاد للإسلام، واستطاعت بشكل أو بآخر تحييد قطاع واسع من النساء إزاء المعركة الضارية التي تشن ضد المرأة المسلمة، وتجعلها تعيش في جو من الاغتراب النفسي والعقلي المغلف باسم الدين أحياناً. وباسم التقدم أحياناً أخرى، فقد وجب على الفتاة الجامعية أن تقوم بدورها كاملاً في التصدي لتيارات التبعية والتغريب، والرجعية، وبناء المجتمع المحكوم بالقيم الإسلامية. وتصحيح صورة المرأة المسلمة التي ظلت لقرون طويلة قرينة السلبية والعجز والاضمحلال الثقافي، وقصور الوعي والإدراك.
وتقديم صورة جديدة ومشرقة للمرأة المسلمة التي حملت مسؤولية الحفاظ على بناء أمتها فتحملتها بجدارة، وكانت أهلاً لها، لأنها والله مأساة كبرى أن نرى الإسلام الحقيقي ينحسر عن بيوتنا، عن مجتمعاتنا، ونقف نتفرج صامتات.
ومن أجل القيام بدورنا المتميز كاملاً فلا بد لنا من خطوات نتبعها.
الفتاة الجامعية التي نالت حظاً من التعليم فتح أمامها الكثير من مجالات الحياة، لا بد لها من أن تقف من نفسها موقف النقد الذاتي الذي تستطيع من خلاله معرفة أوجه النقص في شخصيتها فتكملها، ومواطن القوة فتنميها، وذلك ضمن إطار شرعي واع، حتى تستطيع تشكيل شخصيتها الإسلامية المستقلة، وهذا يتطلب منها رسم منهاج متكامل له خصائص متميزة نوجزها فيما يلي:
1) سلامة العقيدة، وصحة التصور.
2) العمل الجاد على تحصيل القدر الأكبر من الثقافة الإسلامية وأخذها من مصادرها الأصلية.
3) غرس الآداب الإسلامية في النفس وتهذيب الأخلاق.
4) التزود بالمعارف والعلوم التي تعينها على توسعة مداركها وتعميق ثقافتها.
5) الدراسة العميقة والواضحة لواقع المرأة المسلمة المعاصرة ومشكلاتها.
6) أخذ صورة واضحة ومتكاملة لهذا العصر بما فيه من حسنات وسيئات من خير، وشر، ومذاهب فكرية، وسياسية، واقتصادية، وأخلاقية، ومعرفة الأفكار والأساليب التي ينتهجها أصحاب كل مذهب.
7) إدراك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها، والدور المهم الذي ينتظرها في مجابهة التحديات المعاصرة.
8) مراقبة الله في السر والعلن.
على أن يتم ذلك كله بعيداً عن أي مؤثرات داخلية أو خارجية، ولكن وفق تصور عقلي ناضح منضبط بضوابط الشريعة، وأن تعيش وفق المتطلبات الراهنة والمستقبلية لهذه الأمة؛ ذلك أن مستقبل الأمة سيقوم بإذن الله على ما تقدمه له.
بذا تكون نموذجاً للمرأة المسلمة الواعية المثقفة، الفاعلة، المنفعلة، التي تقتحم ميادين الحياة بكل ثقة وإقدام، متمسكة بكتاب الله، متبعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سائرة على منهاج الإسلام الأصيل.
على فتاتنا رصد العادات، والتقاليد، التي تحكم حياتنا، وتتحكم في مجتمعنا، ووزنها بميزان الإسلام، حتى تستطيع أن تميز بين ماهو إسلامي صحيح فتعمل على تأصيله ونشره والمحافظة عليه، وما هو غير إسلامي من تقاليدنا العربية والقبلية. فترفض ما كان منها مخالفاً لشرع الله، وتسعى لبيان ذلك بالأسلوب العقلاني الواعي الرشيد، وتقبل ما وافق أصول الشرع الثابتة، فكثيراً ما كانت بعض التقاليد الخاطئة سبباً لرفض الإسلام، أو الابتعاد عنه، بل والتمرد على قيمة ومبادئه.
في هذا العصر الذي أطلق عليه(عصر القلق) لما يعج به من نظريات علمية، وتيارات فكرية، واتجاهات عقلية، تفرض نفسها على الإنسان، وتقتحم عليه حياته، وتطل عليه من كل مكان، متسللة إلى ذهنه عبر وسائل الإعلام المختلفة مسموعة ومرئية مقروءة، وما تبثه هذه بدورها من سموم فكرية، ونظريات مادية، وعقائد مختلفة، تزلزل النفوس، وتشوش الأفكار، وتحدث الاضطراب في القناعات.
في هذا العصر المسمى( عصر الانفتاح والتقارب) الذي جعل العالم الأرضي كبلد واحد، بات من المستحيل فيه إغلاق الأبواب على الأجيال الشابة المثقفة، منها وغير المثقفة.
في هذا العصر الذي أصبح فيه الفكر منتشراً كالهواء، يحيط بالإنسان في كل مكان، ويدخل إلى عقله شاء أم أبى، بطرقه المباشرة، وغير المباشرة، وأساليبه المشوقة، وصوره الجذابة، التي تسعى جاهدة إلى تذويب الشخصية الإسلامية وإفقادها الكثير من أصالتها، وروحها الإسلامية المتميزة، وصهرها في خضم المذاهب والأخلاق، والأفكار الوافدة، حتى أصبح فقدان الشخصية الإسلامية من أكبر المشكلات التي يعاني منها مسلمو هذا العصر، خاصة بعد عصور الانهزامية التي عملت على تمييع الشخصية الإسلامية، وتشويهها في نفوس المسلمين.
إن معالم القلق النفسي والاضطراب الفكري الذي يوشك أن يفقد الإنسان المسلم ذاته، وهويته الفكرية والسلوكية، في غمرة صراعه الخطير مع معطيات الحضارة الغربية، وثقافتها، وتقدمها العلمي والتقني، وتفوقها المادي، يؤكد لنا ضرورة وأهمية الدور الذي يجب أن تضطلع به فتاتنا الجامعية المثقفة من رصد لما يجري على الساحة الإسلامية والعالمية، والمحاولة الجادة في مجابهة تيارات التبعية والتغريب، وتغيير واجهة المجتمع الهجين، والقيام بدورها الحقيقي للنهوض بهذه الأمة، والتخلص من الأفكار التبعية، والتغريبية، والموروثة التي تتنافى مع مبادئ الإسلام وأصوله فما نراه في مجتمعاتنا الإسلامية من تفكك، وانحلال، وما نتج عنه من اختلاط وتبرج وما إلى ذلك من مظاهر سلوكية بعدت قليلاً أو كثيراً عن الإسلام ماهو إلا أعراض ظاهرية لمرض نفسي خبيث مستتر، استشرى في نفوس البعض منا نتيجة للغربة النفسية، والصراع الداخلي، وفقدان الثقة فيما بين أيدينا من تراث عقدي، وفكري، وأخلاقي، وثقافي، واستشعار الدونية أمام الآخرين.
والقضاء على هذه المظاهر الخارجية لا بد فيه من العلاج الداخلي، واستئصال المرض من جذوره بتطبيب النفوس، وحماية العقول، وهذا لا يكفي فيه التحدث عن أمجادنا السابقة، وتاريخنا المجيد، ولكن بإعادة الثقة إلى من فقدها بصناعة مجد جديد، وكتابة تاريخ مجيد، لا يُكتفى فيه بالإعجاب ببطولات الخالدين من الرجال والنساء في تاريخنا المجيد، ولكن بتقديم بطولات جديدة لا تقرأ التأريخ فقط وإنما تقوم بصناعته أيضاً.
أما الآليات والوسائل المستخدمة في تحقيق هذا فهي متعددة ومختلفة، لكنها تجتمع كلها تحت لواء العودة إلى الله والدعوة إلى الله، ونشر الفكر الإسلامي الواعي، وتصحيح المفهومات الخاطئة، والارتقاء بالوعي الإسلامي العام، وأن نشيد من عقيدتنا، وشريعتنا وتراثنا الفكري ثقافة إسلامية، لا تعمل على دحض الهجوم الفكري الوافد فقط، بل وتكون صالحة بما فيها من عناصر الصمود والبقاء، على أن تدفع بالمسلمين إلى نشر فكرهم على العالم أجمع، فالأصول التي سطرت أروع صفحات تاريخنا المجيد، ما زالت موجودة، ولا تحتاج إلا لمن ينفض عنها غبار التخاذل، والانهزامية، لتعود مشرقة تضئ الطريق أمام الأمة الإسلامية.
والدعوة إلى الله لها وسائلها المتعددة التي يكمل بعضها البعض ولا يغني أحدها عن الآخر.
الوعظ والتذكير، والإرشاد والتبليغ، عن طريق الكلمة المخلصة، والموعظة المؤثرة، والرقائق من ترغيب وترهيب، بالمحاضرات، والندوات، والاجتماعات أمر مهم، فقد كان الوعظ والإرشاد جزءاً من مهمة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، قال تعالى{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات 55).
فهذه وسيلة هامة من وسائل الدعوة إلى الله، لكنها وحدها لا تكفي إذ يبقى أثرها محدوداً بالزمان، والمكان، والأشخاص، كما أنها تستلزم صفات خاصة لا بد من توفرها في القائمين بها.
2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لا بد منهما لحراسة القيم الصحيحة، وتحجيم أهل الضلال، وهذه مسؤولية المسلم رجلاً كان أم امرأة من منطلق قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ..} (آل عمران 110).
وقوله عز من قائل: {وَالْمُؤْمِنُو� �َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..} (التوبة 71).
وقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران 104).
وما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (رواه مسلم).
لكن يشترط في الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط أساسية في مقدمتها أن يكون عالماً بما يأمر به، عارفاً لما ينكره، فقيهاً فيما يأمر به، فقيهاً فيما ينهي عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه.
القائمة على الانضباط في القول والعمل، والسلوك الشخصي، والعلاقات الاجتماعية، بحيث تكون الفتاة ممثلة للتعاليم والقيم الإسلامية في واقعها، مجسدة لها في تعاملها.
بحيث تكون مبادئ الإسلام هي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الحياة بشتى جوانبها المادية، والمعنوية، فيطبق الإسلام تطبيقاً واقعياً داخل حياة الأفراد والجماعات. ويعمل على ترسيخه في نفوس الناشئة وتأصيله في عقولهم والربط الوثيق بين معطيات العصر، وثوابت الإسلام.
والمساهمة فيها، ومد يد العون للمحتاجين مادياً أو معنوياً، من منطلق مبدأ التكافل الاجتماعي للوصول إلى من لا يمكن الوصول إليهم إلا بهذا الطريق.
ذلك أن نشر الدعوة لا ينحصر في المحاضرة، والندوة والكتاب والشريط، ولكن أيضاً من خلال العمل الصالح، وإسداء المعروف. وقد قال الله تعالى: {.. وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة2).
وقال جل شأنه {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء 114).
فالعمل الاجتماعي جزء من العمل الدعوي؛ لأن الناس تختلف في مواهبها، وقدراتها وإمكاناتها؛ لذا نجد كثيراً من الناس قادرين على العمل الاجتماعي في حين يعجزون عن العمل الفكري، فيعمل كل حسب استعداده. ولكن يجب أن يتم هذا وفق منهاج مدروس ومعلوم، ومحيط بالظروف البيئية، والزمانية، المادية والنفسية؛ لأن ما يصلح في بلد قد لا يصلح في غيرها لظروف وملابسات خاصة.
ومعايشة المواطنين والاختلاط بهم في أماكن سكنهم، ومواقع عملهم، والمساهمة في حل مشكلاتهم وتذليل ما يواجههم من عقبات، وتعليم الأميين منهم، ومعاونة المحتاجين، وتوعية المتخلفين، وتذكير العصاة، وتقوية الضعفاء.
والابتعاد عن التقوقع على النفس والالتزام بحدود جماعة معينة لا تفارقها. فهذا لون من ألوان الدعوة إلى الله للناس في مواقعهم وهي دعوة مقترنة بالعمل، فالاهتمام بالناس وحل مشكلاتهم يقربهم من الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه.
حتى تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه وأتمه، دون أن تشعر بالنقص، أو العجز، أو التقصير.
كل في موقع علمه، ربة البيت في بيتها، الموظفة في عملها، الطالبة في دارستها.
كثيرة هي الساحات والميادين التي يمكن أن تمارس فيها المرأة دورها المنشود في إبلاغ رسالتها وأداء أمانتها التي كلفت بها من ربها دون أن يخل ذلك بما يأمر به دينها.
-لتكن انطلاقتها من قاعدة المجتمع الأساسية، ولبنته الأولى، من داخل الأسرة بين أبويها وأخواتها، وزوجها وأبنائها وأقاربها.
-في مواقع العمل والدراسة، داخل الجامعة أو المدرسة،أو المؤسسة.
-في المرافق الصحية النسائية، وسجن النساء، دور الرعاية الاجتماعية.
-الاستفادة من وسائل الإعلام المقروءة، صحف ومجلات، ونشرات دورية والتي وللأسف الشديد تكاد تخلو من وجود القلم النسائي المسلم، في حين أنها تعج بالأقلام المنادية بالاتجاهات الأخرى.
-المؤسسات النسائية كالجمعيات، والأندية الأدبية مثلاً والحضور فيها.
-الاستفادة من المناسبات العامة كالأعراس، والحفلات، والأعياد، وغيرها من أماكن تجمع النساء على اختلاف مشاربهن، وتباين توجهاتهن؛ لأن مقاطعة أمثال هذه المناسبات يترك المجال مفتوحاً أمام الفكر المضاد. على أن يتم ذلك كله ضمن حدود قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..} (النحل 125).
دون تعصب، أو غلو، دون إفراط أو تفريط.
وبتحقيق ذلك تستطيع فتاتنا الجامعية أن تقوم بدورها الهام في تحقيق إيمان المجتمع، وإعادته إلى إسلامه الصحيح، الذي يثبت وجوده، ويبرز حقيقته ويزيل التناقض من مظاهر حياته، ويحل التوازن والوسطية مكانها، ويعالج مشكلاته من جذورها، ويتناولها من جميع جوانبها المادية، والنفسية، والمعنوية فيوجد الإنسان الصالح، الذي يقيم المجتمع الصالح، الذي تتحقق فيه الطمأنينة والاستقرار، والحياة الراسية على دعائم ثابتة لا تهن ولا تتزلزل.
فتحفظ للأمة وحدتها، ويتآخى أبناؤها، وتجتمع كلمتها في ظل وحدة تذوب فيها العصبيات القومية، والإقليمية، والفوارق الطبقية، واللونية واللغوية تحت شعار(لا إله إلا الله محمد رسول الله)، اعتقاداً، وقولاً، وعملاً.
فتتجدد روح الأمة وتقوى عزائمها، وتتحرك طاقاتها، وتدب فيها الحياة، فتستعيد كرامتها وشخصيتها وتبرز أصالتها واستقلالها، وتسترجع أستاذيتها للأمم جميعاً.
قال الله تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون } (التوبة 105)
هذا هو الطريق، وهو صعب وطويل ويحتاج إلى صبر جميل لكن لا بد لك من المضي فيه؛ لأنه قدرك الذي قدره الله عليك، وحملك أمانته، وهو سائلك عنها لا محالة.
وهذه هي مهمتك الغائبة، ودورك المفقود.
فهلا قمت بهما، وأرضيت ربك، وجاهدت في دينك. لتدخلي جنة عرضها السموات والأرض.
قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُو اْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (التوبة112)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والله أسأل لي ولكم المغفرة والسداد والعون، والرشاد، والثبات على دينه، وأن يرينا الحق حقاً ويعننا على اتباعه، والباطل باطلاً، ويعننا على اجتنابه.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.