استحقاق العين المؤجرة في الفقه المقارن
(( دراسَة فقهيَة مقَارنة))
د. وليد خالد خميس الربيع ([1])
الاتجاه الثاني : تصرف الفضولي غير صحيح.
وهو مذهب الشافعي الجديد ، والحنابلة على الصحيح في المذهب والظاهرية ([68]).
وقد استدلوا بأدلة منها :
قوله عز وجل : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا) ([69]) وجه الدلالة أن الآية أفادت بطريق الحصر أن كسب الإنسان يكون عليه لا على غيره ، فلو صح تصرف الفضولي لكان في ذلك إسناد كسب الإنسان على غيره وهذا يتنافى مع ما دلت عليه الآية الكريمة ([70]).
حديث حكيم بن حزام قال : قلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم ابتاعه من السوق فقال صلى الله عليه وسلم : ((لا تبع ما ليس عندك)) ([71]).
وجه الدلالة من الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى حكيم بن حزام عن بيع ما ليس في ملكه ، والمبيع في بيع الفضولي ليس ملكاً لمن باشر البيع ، فيكون منهياً عنه ، والنهي يدل على الفساد ، فيكون بيع مال غيره بغير إذن فاسداً ([72]).
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك ، ولا بيع إلا فيما تملك ، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك)) ([73]).
وجه الدلالة من الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم نفي بيع ما لا يملكه الإنسان ، فيتوجه النفي إلى الصحة ؛ لأنها أقرب المجازات ، فيكون البيع لما ليس بمملوك للبائع غير صحيح ([74]).
وأما المعقول : فلأن المبيع لكونه غير مملوك لمن باشر العقد ، فيكون غير مقدور على تسليمه شرعاً فلا يصح ، كبيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ([75])
استدلوا بأن البيع وغيره من العقود الناقلة للملكية تصرف شرع لأجل التمليك ، لأن العقود الناقلة للملكية أسباب للتملك ؛ فيكون ثبوت الملكية حكماً لها ، لأن المراد بالأسباب الشرعية أحكامها، فإذا لم يفد البيع التمليك كان لغواً ، وتصرف الإنسان في ملك غيره بغير إذنه لا يفيد التمليك ، فكان لغواً باطلاً ([76]).
وقد نوقش هذا الاستدلال بما يأتي :
أما الاستدلال بالآية الكريمة فنوقش بأنها ليست في محل النزاع ، لأنها واردة في الجزء الأخروي ([77]).
وأما حديث حكيم بن حزام فنوقش بأنه ليس في محل النزاع ، لأن قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تبع)) نهي عن البيع المطلق ، والمطلق ينصرف إلى الكامل ، والكامل هو البيع البات ، وليس محلاً للنزاع ، بل النزاع في البيع الموقوف ([78]).
كما نوقش الاستدلال بالحديث ، بأن الحديث لم يرد في الاستحقاق ولا في بيع ملك الغير ، وإنما ورد فيمن يبيع عيناً لا يملكها ولا توجد عنده كما يفهم من سياق الحديث؛ لأنه ورد في بيع شيء غير موجود يبيعه البائع ثم يذهب إلى السوق فيشتري مثله ويسلمه للمشتري، فالحديث وارد في بيع شيء غير موجود ، وقد نقل ابن قدامه الاتفاق على بطلان هذا النوع من البيع ، ولذلك فإن الحديث لا يدل على بطلان العقد بثبوت الاستحقاق ([79])
أما حديث عمرو بن شعيب : فنوقش بأن النهي ورد عن البيع المطلق ، والمطلق ينصرف إلى الكامل ، والكامل هو البات ، وبيع ملك الغير ليس منعاً باتاً ، بل هو بيع موقوف ؛ لذلك فلا يكون هذا الحديث دليلاً على بطلان بيع ملك الغير، وبطلان البيع بثبوت الاستحقاق ([80]).
أما القياس فنوقش بأنه قياس مع الفارق ، لأن البائع عاجز عن تسليم الطير – وهو في الهواء – عجزاً مطلقاً، بخلاف بيع ملك الغير ؛ لأن البائع هنا عاجز عن التسليم عجزاً إضافياً – أي: بالنسبة له فقط – لإمكان التسليم بإرضاء المالك بالبيع ، وقياس العجز الإضافي على العجز المطلق قياس مع الفارق ([81]).
ونوقش دليلهم العقلي الثاني بأن العقد الموقوف يفيد حكمه ، وهو ثبوت الملك ؛ لأن الملك يثبت للمشتري موقوفاً على إجازة المالك عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، فهو يفيد الملك في الجملة ، وعند محمد لا يفيد الملك إلا بعد الإجازة ، لكنه يقر بأنه يثبت الملك بطريق الاستناد إلى العقد ، وحتى على رأيه يثبت للمشتري ملك من وجه ، لكن لا يظهر هذا الملك عند العقد وإنما يظهر عند الإجازة ، وهو تفسير التوقف ، أي : أنه يتوقف في الجواب في الحال ، أي : أننا لا نعرف حكمه في الحال ، وليس معناه أن يكون التوقف حكماً شرعياً ([82]) .
الاتجاه الثالث: تصرف الفضولي صحيح نافذ.
وهو رواية عن الإمام أحمد ([83]).
ووجه هذه الرواية : أن الغصب قد تتطاول مدته في الظاهر ، وأن الغاصب تكثر تصرفاته ، فلو لم تصح تصرفاته لأفضى إلى كثير من الضرر بالمشتري ، وربما عاد الضرر على المالك أيضاً ، لأنه إذا لم نحكم بصحة التصرف ، فإن المبيع لا يدخل في ملك المشتري، والثمن لا يدخل في ملك المالك ، وهذا يؤدي إلى حرمان المالك من نماء العوض الذي هو الثمن ، كما يحرم المشتري من نماء المبيع ،أما الحكم بصحته فإنه يقتضي أن يكون نماء الثمن للمالك ، ونماء المبيع للمشتري وفيه مصلحتهما([84]).
الترجيح:
وبعد هذا العرض لاتجاهات الفقهاء وأدلتهم والمناقشة الواردة عليها، يظهر رجحان الاتجاه الأول ، القائل بأن تصرف الفضولي صحيح موقوف على إجازة المالك لقوة أدلتهم وضعف أدلة الفريق الثاني ، كما أن هذا الحكم يتسق مع مقاصد الشارع حيث جعل الأمر بيد صاحب الحق في مسائل حقوق العباد مراعاة لمصلحته ، وتوقفاً عند رأيه ونظره في حدود الضوابط الشرعية ، كما أكد ذلك الإمام ابن القيم فقال : ((وظاهر مذهب أحمد التفصيل ؛ وهو أن المتصرف إذا كان معذوراً لعدم تمكنه من الاستئذان ، وكان به حاجة إلى التصرف وقف العقد على الإجازة بلا نزاع عنده ، وإن أمكنه الاستئذان أو لم تكن به حاجة إلى التصرف ففيه النزاع.
فالأول : مثل من عنده أموال لا يعرف أصحابها ، كالغصوب والعواري ونحوها ، فإذا تعذر عليه معرفة أرباب الأموال ويئس منها فإن مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه يتصدق بها عنهم ، فإن ظهرا بعد ذلك كانوا مخيرين بين الإمضاء وبين التضمين.
وهذا مما جاءت به السنة في اللقطة ، فإن الملتقط يأخذها بعد التعريف ويتصرف فيها، ثم إن جاء صاحبها كان مخيراً بين إمضاء تصرفه وبين المطالبة بها، فهو تصرف موقوف ؛ لما تعذر الاستئذان ودعت الحاجة إلى التصرف، وكذلك الموصي بما زاد على الثلث وصيته موقوفه على الإجازة عند الأكثرين ، وإنما يخيرون بعد الموت )) ([85]).
وقال: ((القول بوقف العقود عند الحاجة متفق عليه بين الصحابة ، ثبت ذلك عنهم في قضايا متعددة ، ولم يعلم أن أحداً منهم أنكر ذلك.
والقول بوقف العقود مطلقاً هو الأظهر في الحجة ، وهو قول الجمهور ، وليس في ذلك ضرر أصلاً، بل هو إصلاح بلا إفساد؛ فإن الرجل قد يشتري لغيره أو يبيع له ، أو يؤجر له، ويستأجر له ثم يشاوره ، فإن رضي وإلا لم يحصل له ما يضره)) اهـ ([86]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ((الراجح في الدليل ، والذي عليه أكثر فقهاء المسلمين ، كأبي حنيفة ومالك وغيرهما : جواز وقف العقود في الجملة على تفصيل لهم فيه ، وليس في هذا محذور أصلاً، والعقد الموقوف يقع جائزاً لا لازماً ([87]).
المطلب الثاني : فيمن يستحق أجرة العين المستحقة:
وبناء على القول الراجح ، وهو أن إجارة الفضولي صحيحة موقوفة على إجازة المالك ، اختلف الفقهاء فيمن يستحق أجرة العين على ثلاثة اتجاهات:
وسبب اختلاف الفقهاء يعود إلى تعارض دلالة حديثين في الظاهر كما قال ابن رشد : ((وسبب اختلافه في هل يرد الغاصب ([88]) الغلة أم لا يردها ، اختلافهم في تعميم قوله عليه الصلاة والسلام : ((الخراج بالضمان)) ([89]) ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ((ليس لعرق ظالم حق)) ([90]) ؛ وذلك أن قوله عليه الصلاة والسلام خرج على سبب؛ وهو في غلام قيم فيه بعيب ، فأراد الذي صرف عليه أن يرد المشتري غلته ، وإذا خرج العام على سبب هل يقتصر على سببه أم يحمل على عمومه ؟ فيه خلاف بين فقهاء الأمصار مشهور ، فمن قصر – ها هنا – هذا الحكم على سببه قال : إنما تجب الغلة من قبل الضمان فيما صار إلى الإنسان بشبهة ؛ مثل أن يشتري شيئاً فيستغله فيستحق منه ، وأما ما صار إليه بغير وجه شبهة فلا تجوز له الغلة ؛ لأنه ظالم ، وليس لعرق ظالم حق ، فعمم هذا الحديث في الأصل والغلة ، أعني عموم هذا الحديث ، وخصص الثاني ، وأما من عكس الأمر : فعمم قوله عليه الصلاة والسلام : ((الخراج بالضمان)) على أكثر من السبب الذي خرج عليه ، وخصص قوله عليه الصلاة والسلام : ((ليس لعرق ظالم حق)) بأن جعل ذلك في الرقبة دون الغلة قال : لا يرد الغلة الغاصب ، وأما من المعنى كما تقدم من قولنا : فالقياس أن تجري المنافع والأعيان المتولدة مجرى واحداً ، وأن يعتبر التضمين أو لا يتعبر)) ([91]).
وفيما يلي ذكر اتجاهات الفقهاء فيمن يستحق الأجرة.
الاتجاه الأول : الأجرة للعاقد بعد استيفاء المنفعة ، وللمالك قبل استيفائها.
وهو مذهب الحنفية ([92]).
ودليلهم حديث : ((الخراج بالضمان)) ([93]) ؛ لأن المؤاجر كان ضامناً غاصباً والأجر له لضمانه([94]) ، وبيانه كما أوضحه الكاساني بقوله : ((إذا أجر الفضولي فأجاز المالك العقد، لو أجاز قبل استيفاء المنفعة جازت ، وكانت الأجرة للمالك ؛ لأن المعقود عليه ما فات ، ألا ترى أنه لو عقد عليه ابتداء بأمره جاز ، فإذا كان محلاً لإنشاء العقد عليه كان محلاً للإجازة ؛ إذ الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ، وإن أجاز بعد استيفاء المنفعة لم تجز إجازته وكانت الأجرة للعاقد ؛ لأن المنافع المعقود عليها قد انعدمت، ألا ترى أنه قد خرجت عن احتمال إنشاء العقد عليها فلا تلحقها الإجازة)) ([95]).
ونوقش هذا الاستدلال : بأن المنافع مملوكة للمالك لم تخرج عن ملكه كما قال ابن قدامه : ((وهذا فاسد ، لأن الأجر عوض المنافع المملوكة لرب الدار ، فلم يملكها الغاصب كعوض الأجزاء))([96]).
وذكر ابن حزم أن حجتهم حديث ((الخراج بالضمان)) وهو حديث لا يصح لتفرد مخلد بن خفاف، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ؛ لأنه إنما جاء فيمن اشترى عبداً فاستغله ثم وجد به عيباً فرده فكان خراجه له ؛ لأنه قد ملكه ملكاً صحيحاً فاستغل ماله لا مال غيره ([97]).
قال الماوردي : ((أما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : ((الخراج بالضمان)) فهو أن الغاصب غير مراد به ؛ لأنه جعل خراج الغلة لمن عليه ضمان الرقبة ، والغاصب لا يملك الغلة مع ضمان الرقبة فجاز أن يضمنها مع ضمان الرقبة ، ويكون الحديث محمولاً على مالك الغلة الذي يملك بضمانه الرقبة وهو المشتري وقد روي ذلك في الحديث نقلاً)) ([98]).
الاتجاه الثاني : التفصيل وهو قول المالكية ، حيث فرقوا بين حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان المؤجر غاصباً، وكانت العين المؤجرة حيواناً فإن الأجرة تكون للغاصب مقابل تحمله مؤنة الحيوان ونفقته ، أما إن كانت أصولاً فإن المالك يأخذ من المستأجر الأجرة ([99]).
وجه التفريق بين الحيوان والأصول ؛ لأن في الحيوان لسرعة تغيره يتحقق فيه الضمان ، فيجري فيه عموم حديث : ((الخراج بالضمان)) ، وفيما لا يسرع إليه التغيير كالأصول فإنه لا يخشى عليها التلف ، فلا تضمن إلا في النادر ، والنادر لا حكم له ، فيكون باقياً على ضمان ربه، فكان على الغاصب الأجرة([100]).
الحالة الثانية : إن كان المؤجر حسن النية ، بأن كانت حيازته مستندة إلى سبب صحيح ، كالشراء أو الهبة أو الوراثة ، بحيث إنه اشترى شيئاً أو استأجره أو وهب له ، ولم يعلم أن بائعه أو مؤجره أو واهبه غاصب ، فاغتله ثم استحقه شخص ، وهو ما يسمى عند المالكية بـ (ذي الشبهة) ، فإن الأجرة تكون للمؤجر – ذي الشبهة – إلى يوم الحكم به لذلك المستحق ، ولا يرجع المالك الحقيقي بشيء لا على المستأجر ولا على المؤجر ؛ لأنه تصرف بشبهة ، والخراج بالضمان وهو عام ولا يضره خصوص سببه([101]).
وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية فقال : أجر ما مضى للغاصب ، وأجر ما بقي للمالك ؛ حيث نظر إلى المعقود عليه فقال : كل جزء من أجزاء المنفعة معقود عليه بحياله ، كأنه عقد عليه عقداً مبتدأ بالمنافع في الزمن الماضي وانعدمت فانعدم شرط لحوق الإجازة العقد ، فلا تلحقه الإجازة ([102]).
ويمكن أن يناقش هذا بأنه لا وجه للتفريق بين الغاصب وغيره ، وكذلك لا وجه للتفريق بين الحيوان والأصول ، فالقياس أن تجرى مجرى واحداً في الحكم ؛ لأنها نماء ملك المالك ؛ فتكون له مطلقاً، وأما الحديث : فقد تقدم اعتراض ابن حزم بأنه لا يصح ، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ؛ لأنه إنما جاء فيمن اشترى عبداً فاستغله ثم وجد به عيباً فرده ، فكان خراجه له ؛ لأنه قد ملكه ملكاً صحيحاً فاستغل ماله لا مال غيره ([103]).
الاتجاه الثالث: الأجرة للمستحق وهو المالك
وهو مذهب الحنابلة ([104])، وهو قول الشافعية إن كانت العين المؤجرة مغصوبة ويجهل المستأجر الغصب([105])، وهو قول أبي يوسف إذا كان الغصب في بعض المدة ([106]).
وبناه ابن عقيل من الحنابلة على صحة تصرف الغاصب وتوقفه على الإجازة لحديث عروة البارقي.
واستدل الشافعية بقوله تعالى : (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)([107])، قال الماوردي : ((فلما لم يجز أن يعتدي على مالكه باستهلاك منافعه أوجب العموم مثلاً مشروعاً وهو الأجرة، لأن القيمة أحد المثلين ، ولأن ما ضمن بالعقود ضمن بالغصوب كالأعيان ، ولأن ما ضمن به الأعيان ضمن به المنافع كالعقود )) ([108]).
ونظر أبو يوسف إلى المدة فقال : إذا بقي بعض المدة لم يبطل العقد فبقي محلاً للإجازة ([109]).
الترجيح:
والذي يظهر رجحانه : هو المذهب الثالث ؛ لقوة أدلتهم وسلامتها من المناقشة ، وهو الذي تقتضيه قواعد الشريعة ومقاصدها ، حيث إن الشريعة أولت الأموال عناية كبيرة ، فحثت على اكتسابها بالوجوه المشروعة ، وأوجبت احترام أموال الآخرين بعدم الاعتداء عليها أو إتلافها أو التصرف فيها بغير إذنهم ، ورتبت العقوبات الرادعة على من اعتدى على مال غيره بالسرقة أو الحرابة أو الغصب ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)([110])، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)) ([111])، وحيث إن العين المؤجرة لا زالت مملوكة للمستحق لم تخرج عن ملكه بسبب من الأسباب الناقلة للملكية ، فعينها ونماؤها يكون له ، لأن نماء العين يكون تبعاً لأصلها ، وكلاهما ملك للمستحق ([112]).
المبحث الثاني: حكم استحقاق بعض العين المؤجرة:
استحقاق بعض العين المؤجرة يجري مجرى استحقاق بعض العين المبيعة ، لذا سيتناول هذا المبحث حكم استحقاق بعض المبيع لمعرفة اتجاهات الفقهاء وأدلتهم مع المناقشة والترجيح ، ثم يبنى عليه حكم الاستحقاق الجزئي للعين المؤجرة.
الاتجاه الأول : ذهب الحنفية إلى التفصيل:
فقالوا : إن استحق بعض المعقود عليه قبل القبض ولم يجز المستحق بطل العقد في القدر المستحق ؛ لأنه تبين أن ذلك القدر لم يكن ملك البائع ، ولم توجد الإجازة من المالك فبطل ، وللمشتري الخيار في الباقي ، إن شاء رضي بحصته من الثمن ، وإن شاء رده ، سواء أكان استحقاق ما استحقه يوجب العيب في الباقي أم لا يوجب ؛ لأنه إذا لم يرض المستحق فقد تفرقت الصفقة على المشتري قبل التمام ، فصار كعيب ظهر بالسلعة قبل القبض ؛ وذلك يوجب الخيار فكذا هنا.
وإن كان الاستحقاق بعد قبض بعضها دون بعض فكذلك الجواب ، سواء أورد الاستحقاق على المقبوض أم على غير المقبوض ، فإن كان قبض الكل ثم استحق بعضه بطل البيع في القدر المستحق لما قلنا ، ثم ينظر إن كان استحقاق ما استحق يوجب العيب في الباقي ؛ بأن كان المعقود عليه شيئاً واحداً حقيقة وتقديراً ، كالدار والكرم والأرض والعبد ونحوها ، فالمشتري بالخيار في الباقي ، إن شاء رضي بحصته من الثمن ، وإن شاء رد ؛ لأن الشركة في الأعيان عيب ، وكذلك إن كان المعقود عليه شيئين من حيث الصورة شيئاً واحداً من حيث المعنى فاستحق أحدهما فله الخيار في الباقي.
وإن كان استحقاق ما استحق لا يوجب العيب في الباقي ، بأن كان المعقود عليه شيئين صورة ومعنى كصبرة حنطة ، فاستحق بعضها ، فإنه يلزم المشتري الباقي بحصته من الثمن ؛ لأنه لا ضرر تبعيضه ، فلم يكن له خيار الرد ([113]).
ونوقش هذا الاستدلال بأن التفريق بين كون الاستحقاق قبل قبض المبيع أو بعده فيه نوع من التحكم ، وليس تفريقه بأولى من جعله استحقاق ما يشترط له القبض – كالأموال الربوية – وما لا يتشرط له قبض ، بل الثاني أولى ([114]).
الاتجاه الثاني : فرق المالكية بين حالتين ([115]):
الحالة الأولى: استحقاق بعض المعين ، وله صورتان:
الصورة الأولى : أن يكون مثلياً كالمكيل والموزون والمعدود ، فينظر ؛ إن استحق معظم المعقود عليه خير المشتري بين التمسك بما بقي بحصته من الثمن ؛ لأنه حقه في العقد ، وبين رد الجميع ؛ لذهاب المقصود منه ، وهو جلّ المنفعة.
وإن استحق القليل منه فقط فيلزمه التمسك بالباقي بحصته من الثمن ؛ لأن القليل لا يخل بمقصود العقد والأصل لزومه ، وفسر اليسير في المثلي بما دون الثلث ، وقيل بالثلث فأقل.
الصورة الثانية : أن يكون قيمياً ، كالحيوان ونحوه، مما تختلف آحاده ، فينظر ؛ فإن استحق وجه الصفقة وأفضل ما فيها فإنه يرد الجميع ، ولا يجوز له التمسك بالباقي بعد استحقاق وجه الصفقة؛ لأنه وجه الصفقة وإن كان قليلاً في الحس فهو كثير في المعنى ، وغيره قليل ، والأقل يتبع الأكثر ، فيفسخ الجميع، فإذا تمسك بالأقل فكأنه ابتدأ شراءه بثمن مجهول.
وإن كان المستحق غير وجه الصفقة فيرجع بقيمة ما استحق ، ويتمسك بالباقي ؛ لأن الصفقة لم تنفسخ ، كما في استحقاق الجلّ لبقاء أصل المعقود عليه، وفسر وجه الصفقة في المقوم بما دون النصف، وقيل بالنصف فأقل.
الحالة الثانية : استحقاق بعض الشائع كالثلث والربع ، وله صورتان:
الصورة الأولى : أن يكون شائعاً لا ينقسم ، وليس من رباع الغلة : فهذا يخير المشتري فيه بين التمسك به والرجوع بحصة المستحق من الثمن ؛ لأن حصته معلومة بغير تقويم ، فاستصحب العقد بحسب الأمكان ، ورده لضرر الشركة ، سواء استحق الأقل أم الأكثر.
الصورة الثانية : أن يكون شائعاً ينقسم أو متخذاً للغلة، فهذا يخير المشتري في استحقاق الثلث ، ووجب التمسك فيما دونه والرجوع بقيمة المستحق ([116]).
ونوقش هذا الاستدلال بأن التفريق من فرق بين المعين والشائع ، وتعليله بذهاب المقصود من العقد أو وجوده فليس بقائم ، لتنوع مقاصد العاقدين في عقودهم ، وكما قيل : لولا اختلاف الأنظار لبارت السلع ، فجعل الحكم في ذلك للمشتري ليحدد مقصده ، إن شاء رد وإن شاء أمسك ، أولى من الحكم عليه بالإبطال أو اللزوم ، فليس يصح البيع إلا عن تراض ([117]).
الاتجاه الثالث : العقد صحيح في الجزء الذي لم يستحق، وغير صحيح في الجزء المستحق، وللمشتري الخيار بين إمساك ما صح فيه البيع بقسطه ورده إن لم يعلم بالحال ؛ لتبعض الصفقة عليه ، وإن علم فلا خيار له، لأنه دخل على بصيرة.
وهو الأرجح عند الشافعية ([118]) والمذهب عند الحنابلة ([119]) ، ودليلهم :
أن كلا الملكين له حكم مستقل لو انفرد ، فإذا جمع بينهما ثبت لكل واحد حكمه ، كما لو باع شقصاً وسيفاً.
ولأنه عقد على ملكين ، بطل في أحدهما ، لصدوره من غير مالك ، فليس بطلان الآخر بأحق من تصحيحه ؛ لعدم الموجب للفسخ مع كمال شروط البيع فيه ؛ لذلك لا نلحق أي بعض بالآخر ، بل يأخذ كل جزء حكم نفسه.
القياس على ما لو شهد عدل وفاسق ، فإنه لا يقضي برد الشهادتين ولا بقبولهما ، بل تلك مقبولة وهذه مردودة ، فكذلك يكون العقد صحيحاً في الباقي وباطلاً في الجزء المستحق.
الاتجاه الرابع : بطلان العقد في الجميع ، وهو مذهب الظاهرية ، وقول للشافعية ، ورواية عند الحنابلة([120])، ودليلهم:
أن العقد إذا جمع بين الحلال والحرام ، فإما أن يغلب حكم الحرام على الحلال ، أو يغلب حكم الحلال على الحرام ، والأول أولى ، لأن في تغليب الحلال والحكم بصحة العقد جلب المصلحة ، وفي تغليب الحرام والحكم ببطلان العقد درء المفسدة ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
لأن العقد لا يتم صحيحاً في الجزء الحلال إلا بصحته في الجزء الحرام ، وكل ما لا صحة له إلا بصحة ما لا يصح ، فلا صحة له.
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بما يأتي :
أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح إذا تعارضت المفاسد والمصالح ولم يمكن أن نحقق المصلحة ونتجنب المفسدة ، أما في هذه المسألة فيمكن اجتناب المفسدة بالقول بوقف العقد في الجزء المستحق على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن رده بطل ، والمشتري بالخيار ، وهذا أولى من القول بإبطال العقد جملة.
بأن العقد تم صحيحاً ثم تبين استحقاق بعض المعقود عليه فينقض ، كما لو تلف بعض المبيع قبل القبض.
الترجيح:
والذي يظهر رجحانه : أن استحقاق بعض العين المؤجرة لا يؤثر على صحة العقد في الجزء الباقي ، سواء أكان الجزء المستحق قليلاً أم كثيراً ، ما دام أنه يمكن الانتفاع بالجزء غير المستحق لتميزه عن الجزء المستحق ، فالعقد صحيح في الجزء الباقي ، وموقوف في الجزء المستحق على إجازة المستحق ، كما ترجح في مسألة تصرف الفضولي ، لقوة أدلة هذا الاتجاه وسلامتها من المناقشة.
المبحث الثالث: حكم استحقاق العين المؤجرة بعد هلاكها:
إذا هلكت العين المؤجرة في يد المستأجر ثم استحقت ؛ فإن كان الهلاك بتعد من المستأجر فإنه يضمنها عند عامة الفقهاء ([121]).
أما إن كان الهلاك بغير تعد من المستأجر فهنا اختلف الفقهاء على اتجاهين:
الاتجاه الأول : للمستحق أن يضمن المؤجر أو المستأجر .
وهو قول الجمهور ([122]) ، وتنوعت تعليلاتهم لهذا الحكم كما سيأتي :
يفهم من كلام الحنفية : أن للمستحق الرجوع على أي واحد منها ، فإن ضمن المستأجر رجع على المؤجر ، وعللوا ذلك بأن المستأجر صار مغروراً من جهته ؛ أي : إن المؤجر أو هم المستأجر بأنه المالك فيرجع عليه للتغرير ، كالمشتري إذا استحق المبيع من يده فإنه يرجع على البائع بسبب الغرر فكذا هنا.
وقال الشافعية : إن المستأجر إن علم بالغصب فهو غاصب من الغاصب، فيطالب بكل ما يطالب به الغاصب ، لوجود حد الغصب فيما ترتب عليه ، فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده ، فلا يرجع بما ضمن على الغاصب ، ولا يضمن ما نقص من العين المغصوبة قبل وقوع يده ، لأنه لم ينقص في يده.
أما إذا جهل المستأجر الغصب ، استقر الضمان على الغاصب على المذهب ، لأن المستأجر دخل على أن يده نائبة عن يد الغاصب.
وقال الحنابلة : إن علم بالغصب فالضمان عليه ، ولا يرجع على أحد ؛ لأنه دخل على بصيرة، وحصل التلف ، في يده فاستقر الضمان عليه.
وإن لم يعلم بالغصب فله الرجوع بذلك على الغاصب ؛ لأنه دخل معه على أن لا يضمن العين ، ولم يحصل له بدل في مقابلة ما غرم.
إن غرم الغاصب الأجر والقيمة ، رجع بالأجر على المستأجر على كل حال ، ويرجع بالقيمة إن كان المستأجر عالماً بالغصب.
الاتجاه الثاني : المستحق يرجع على المكتري إن كان متعدياً ، ولا يرجع إذا لم يتعد وفعل ما يجوز ، وهو قول المالكية ([123]).
ودليلهم بإثبات الرجوع على المستأجر إذا كان متعدياً ؛ للزوم ذلك عليه بالتعدي . قال القرافي: ((أسباب الضمان ثلاثة فمتى وجد واحد منها وجب الضمان ، ومتى لم يوجد واحد منها لم يجب الضمان.
(أحدها) : التفويت مباشرة كإحراق الثوب وقتل الحيوان وأكل الطعام ونحو ذلك.
(ثانيها) : التسبب للإتلاف كحفر بئر في موضع لم يؤذن فيه ، ووضع السموم في الأطعمة ، ووقود النار بقرب الزرع.
(وثالثها) : وضع اليد غير المؤتمنة ، فيندرج في غير المؤتمنة يد الغاصب والبائع يضمن المبيع الذي يتعلق به حق توفية قبل القبض ، ويد المتعدي بالدابة في الإجارة ونحوها ، ويخرج بهذا القيد يد المودع ، وعامل القراض ، ويد المساقي ونحوهم ، فإنهم أمناء فلا يضمنون )) ، وزاد في موضع آخر : ((وأيدي الأجراء))([124]).
فيفهم من هذا أن يد المستأجر يد أمانة ، لا يضمن ما لا يتعد ، وهنا المستأجر لم يتعد ؛ لأنه فعل ما يجوز له فعله بالعقد الصحيح ، فلا رجوع عليه.
أما عدم الرجوع على المكري : فقد استدلوا بالقياس ، ويعلل ابن القاسم عدم الرجوع على المكري بالقيمة بأنه بمنزلة متاع اشتراه رجل في سوق المسلمين فسرق منه ، فترك قيمته للسارق ، ثم استحق ، فلا يكون لمستحقه على الذي وهبه شيء ، إنما هو الذي سرقه، لأنه هو الذي أتلفه ، وإنما عمل هذا المشتري ما كان يجوز له ولم يتعد ([125]).
الترجيح :
والذي يظهر هو رجحان المذهب الأول ، لأن فيه حفظاً لمال المستحق؛ حيث تلفت العين المؤجرة بغير سبب منه ، ولا تصرف أذن فيه ، فعدم تضمين أحد المتصرفين بالعين تضييع لملك المستحق، وإثبات الضمان بغير موجب ظلم ، والقول : بأن الضمان يتبع العلم فيه نوع من العدل ، لأن المستأجر إن أخذ العين مع علمه بأنها ليست مملوكة للمؤجر فقد شارك في هذا التصرف بعلم ، فهو غير معذور بالجهل، فإن حصل التلف بيده ضمنه ، لتعديه بأخذ مال غيره بغير إذنه فيضمنه ، وإن لم يعلم فهو معذور ؛ لأن المؤجر غره وأوهمه فلا يضمن لعدم تحقق التعدي هنا ، ويضمن المؤجر الذي تصرف في ملك غيره بغير إذنه ، وهذا أقرب إلى تحقيق العدل ، وحفظ أموال الناس من تطاول أيدي العابثين متى ما علموا أنهم سيضمنونها مطلقاً.
المبحث الرابع: عبء إثبات ملكية العين المستحقة:
المقصود بعبء الإثبات – هنا – هو تكليف أحد الخصوم بإقامة الحجة على دعواه ([126]) ، فإذا ادعى شخص أن هذه العين ملكه ، واستوفت الدعوى شروط صحتها ، توجه القاضي بسؤال المدعى عليه عن هذه الدعوى ، فإن أقر بالاستحقاق وأن العين ملك المدعى ، حكم القاضي عليه بإقراره ؛ لأن الإقرار حجة بنفسه؛ أي : حجة كاملة ، لا يتوقف على أمر آخر ([127]).
وإن أنكر الدعوى وقال : العين ملكي وفي حيازتي ، فهنا يكلف القاضي المدعي إثبات دعواه بإقامة البينة على ذلك ، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ادعى رجل من حضر موت أرضاً على رجل من كندة وأنكر خصمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدعي : ((ألك بينة؟)) الحديث ([128]).
والبينة : هي الشهادة بشروطها ، كما جاء في الرواية الأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمدعي: ((شاهداك أو يمينه)) ([129]) ، فإن أقامها حكم له بها ، قال الكاساني : ((فحكمها – أي : أثرها – وجوب القضاء على القاضي ؛ لأن الشهادة عند استجماع شرائطها مظهرة للحق ، والقاضي مأمور بالقضاء بالحق)) ([130]).
وإن قال : ليس لي بينة ، أو لي بينة غير حاضرة ، فالقول قول المدعي عليه بيمينه ، ولا يحلفه القاضي إلا بطلب الخصم ؛ لأنه حقه ، فإن حلف انقطعت الخصومة ([131]) إلى وقت إقامة البينة ، فتسمع ولو بعد يمين المدعى عليه ، وهو قول الجمهور ([132]) .
وإن نكل عن اليمين بعد عرضها عليه ثلاثا ، فهي مسألة القضاء بالنكول ، وهي من المسائل الخلافية الكبيرة في الفقه الإسلامي ، تنظر في مظانها ؛ لأن إيرادها هنا استطراد غير مناسب لموضوع البحث ، وخلاصة القول : إن المدعي عليه إذا عرضت عليه اليمين فنكل فهنا اختلف الفقهاء:
المذهب الأول : قضى عليه بالنكول مطلقاً عند الحنفية ، وبسؤال المدعي عند الحنابلة ([133]).
المذهب الثاني : لا يقضي عليه بالنكول ، وإنما يرد القاضي اليمين على المدعى ، فإن حلف استحق ، وإن امتنع من اليمين المردودة صرفها القاضي ، وهو مذهب المالكية والشافعية ، وهو قول أبي الخطاب الكلوذاني من الحنابلة ، واختيار ابن القيم ([134]).
وهو المذهب الأظهر ، وذلك كما اختار ابن القيم هذا القول معللا بأنه القول الذي : ((أرشد إليه كتاب الله وسنة رسوله.
أما الكتاب : فإنه سبحانه شرع الأيمان في جانب المدعي إذا احتاج إلى ذلك ، وتعذرت عليه إقامة البينة ، وشهدت القرائن بصدقه ، كما في اللعان ([135]) ، وشرع عذاب المرأة بالحد بنكولها ، مع يمينه، فإذا كان هذا شرعه في الحدود التي تدرأ بالشبهات ، وقد أمرنا بدرئها ما استطعنا فلأن يشرع الحكم بها بيمين المدعي مع نكول المدعي عليه في درهم وثوب ونحو ذلك أولى وأحرى.
وأما إرشاد السنة إلى ذلك : فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل اليمين في جانب المدعي إذا أقام شاهداً واحداً ([136]) ، لقوة جانبه بالشاهد ، ومكنه من اليمين بغير بذل خصمه ورضاه ، وحكم له بها مع شاهده، فلأن يحكم به باليمين التي يبتذلها خصمه مع قوة جانبه بنكول خصمه أولى وأحرى.
وهذا مما لا يشك فيه من له خوض في حكم الشريعة وعللها ومقاصدها)) ([137])
يتبع