
28-03-2019, 09:10 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة :
|
|
رد: هكذا بدأت الدعوة..
هكذا بدأت الدعوة..
د/ حياة بنت سعيد أبا أخضر
12- هل أنت راضية عن عدد الداعيات في صفوة النساء أم ترين أنّه ليس بالمستوى الكافي؟
بلادنا الحبيبة المترامية الأطراف ومناشط الخير فيها وإقبال الناس على الخير كل ذلك يحتاج إلى أعداد وفيرة جداً من الدعاة المؤهلين. ونحن حقّاً نحتاج بصورة مستمرّة إلى تزايد أعداد الداعيات ذوات البصيرة فأعدادهنّ الآن لاتكفي لتؤدّي الواجب، وهذا ملاحظ من خلال:
تزايد الطلب على الداعيات لمناشط عدّة ومناطق مختلفة.
عدم قدرة بعضهنّ على المشاركة المستمرّة والفاعلة لظروف أسريّة – وهذا حقّ لأسرتها – وظروف عمليّة.
توسّع العمل الدعويّ في مجالات مختلفة تتطلّب أعداداً كثيرة.
تأخّرالبعض عن القيام بواجب الدعوة تحت دعاوى شتى؛ منها دعاوى الخلافات الشخصية.
13- مارأيك في قيام الداعية السعودية بالدعوة خارج السعودية، وهل هناك نماذج ممن تعرفينهم خضنّ هذه التجربة؟
قيام الداعية السعودية أو غيرها بالدعوة خارج البلاد يحتاج إلى ضوابط منها:
السفر مع محرم كما قال بذلك جمهور العلماء تكريما وصيانة لها، وللقيام على شؤونها بما يحقّق لها الانصراف للدعوة في هدوء.
أن تكون هناك حاجة ماسّة لسفرها.
دعم منهج أهل السنة والجماعة.
تكثير سواد الداعيات اللاتي يشاركنها المنهج.
الردّ على أهل البدع والأهواء بما يحتاجه أهل تلك البلاد.
أن تكون ذات علم شرعي قوي مبني على أسس راسخة فلا تتأثر بكل ماتسمع، ولا تلجم أمام بعض المداخلات المناوئة، ولا تثار بسرعة.
أن لا تجعل السفر - وإن كان لحاجة- مقدماً على واجبها الأصلي؛ وهو رعاية بيتها والقيام على شؤونه، وعدم تركه بيد الخدم والسائقين، فكيف تخدم غيرها في فرض كفاية وتترك فرض العين؟!
أن لا تعتاد السفر الدائم تحت حجج شتى، وبالتالي قد تقع في التساهل في الاختلاط ومحادثة الرجال ومزاحمتهم وإن كانت بحجابها الكامل.
وقد عرفت أخوات سعوديات مشهود لهن بالعلم النافع والقبول سافرن لدول عربية للدعوة إلى الله، ولكن ليس بصورة مستمرة ولا مرات كثيرة، بل حسب ماتقتضيه ظروفهن الأسرية والعملية، وقدمن علما نافعا بحمد الله.
العاطفة في العمل الدعوي ما أهميتها، وهل يجب أن تقف عند حد معين ؟
العاطفة تعني الميل العاطفي، والعاطفة المعتدلة مهمة في الحياة عامة، ونحن كمسلمين حياتنا مبنية على الحب الحقيقي لله – تعالى- وكتابه الكريم، ولرسوله – صلّى الله عليه وسلّم- وسنّته الصحيحة بما يثمر العمل بالإسلام كما كان عليه الرسول – صلّى الله عليه وسلّم- والصحابة - رضي الله عنهم- والدعوة إلى الله – تعالى- تقوم على العاطفة الصادقة؛ وهي حبّ الخير للمدعوّين والأخذ بأيديهم إليه، وتفريغ العمل الدعوي منها، يعني الجفاف، وبالتالي فقد أو ضعف الارتباط بين الداعية والمدعوين .فالدعوة تقدّم الحقّ بالبراهين الممزوجة بالعاطفة المعتدلة ونجد في القرآن أنّ الله – تعالى- خاطبنا بذلك، فمثلا يقول تعالى: } ياأيها الإنسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ماشاء ركبك {وفي قصّة الشابّ الذي طلب من الرسول – صلّى الله عليه وسلّم- أن يأذن له بالزنا جمع له الرسول الحبيب – صلّى الله عليه وسلّم- بين العقل والعاطفة في إقناعه، بل وضع يده على صدره ودعا له بحبّ صادق " اللهم طهّر قلبه وحصّن فرجه واغفر ذنبه ".
وكذلك في كلّ قصص الأنبياء عليهم السلام نجد خطابهم لأقوامهم المؤمنين بهم والكافرين يجمع بين العقل والعاطفة .
ولكن نقف مع العاطفة في الدعوة الوقفات التالية:
1- الغلوّ في العاطفة من جانب المحبّة تجعل الدعوة تكون للأشخاص والأحزاب
وليست خالصة لله – تعالى-، وتؤدي إلى الغلو في تمجيدهم، ورفعهم فوق مكانتهم والولاء والبراء من أجلهم، وترك الدعوة أو التكاسل عنها إذا فقد الدعاة الأشخاص الذين تعلّقوا بهم، وكلّ ذلك يدخل السرور على قلوب الأعداء.
2الغلو في العاطفة من جانب البعض تعني إقصاء أهل الحقّ العاملين بصدق وزرع الفتن بين الدعاة والتربّص لبعضهم البعض، وإفساد أعمال غيرهم، وشغل القلوب بما يصدّها عن الخشوع والإقبال على الله وإدخال السرورأيضا على قلوب الأعداء.
3ترك العاطفة وتهميشها واعتبارها أمرا يضر الدعوة، ويوجد الجفاف في القلوب، ويزرع النفرة بينها، ويمهّد لطرد الدعاة من بين الناس، ويجعل الناس في نفور من الالتزام بالدين وتطبيقه.
العاطفة تختلف بحسب المدعوّين؛ فتقديم العاطفة المتزنة في الخطاب الديني للشباب الذكور تختلف عن الفتيات، فهن أكثر اهتماما بها، وما يقدم للأطفال والصغار يختلف عن الكبار، ومايقدم للآباء والأمهات لايكون مثل مايقدم للأبناء، وما يقدم للتائبين لايناسب أهل الطاعات المقبلين عليها وهكذا...
العاطفة بصفة عامة لاتكون إلا بألفاظ لائقة وعبارات متزنة بعيدة عن البذاءة والميوعة ومصطلحات الشوارع .
العاطفة المتزنة لايغدقها الدعاة على الناس رغبة في كسب قلوبهم وهم في نفس الوقت يبخلون بها على بيوتهم؛ فأهلهم هم أولى الناس بها، ومن كان صادقا في باطن بيته فسيصدق في علانيته في خارجه.
العاطفة في العمل الدعوي لاتعني تغليب جانب الترفيه على جانب التأصيل، بل تعني إقامة التوازن المطلوب شرعا في حياتنا.
نموذج أحمد ديدات لماذا لم يتكرر كثيرا في الحقل الدعوي الإسلامي ؟
المناظرة مع غير المسلمين تحتاج إلى شروط وضحها لنا الشيخ ابن عثيمين من خلال القرآن الكريم في كتابه السابق الذكر فقال رحمه الله :
المناظرة بين المسلمين والكفار واجبة إذا دعت الحاجة إليها، وما قصة إبراهيم -عليه السلام- للملك الذي حاجه في ربه بخفية وكذا محاجة إبراهيم -عليه السلام- لقومه: ولكن يجب أن يتوفّر في المناظر شرطان:
1- العلم بالإسلام 2- العلم بدين خصمه.
لأنّ المناظر أو المجادل يحتاج إلى أمرين، أحدهما إثبات دليل قوله، والثاني إبطال دليل خصمه، ولاسبيل إلى ذلك إلا بمعرفة ماهو عليه وما عليه خصمه ليتمكّن من دحض حجته كما قال تعالى} والذين يحاجون في الله من بعد مااستجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد {
وهذان الشرطان غير متوفرين في كثير من الدعاة، وعندما نقرأ عن جهود أهل الكفر نجد الجلد والبذل في سبيل تأهيل رجالهم، كأن يقام معهد متخصص لذلك يكون فيه مثلا ثمانية طلاب ويدرسهم عشرون أستاذا متفرغين لهم فقط، فأين نحن من ذلك؟! ولكن رغم ذلك رزق الله المسلمين خليفة لديدات وهو أحد تلاميذه وهندي مثله هو "الدكتور ذاكر نايك"، وهو داعيةٌ له مجهوداتٌ كبيرةٌ في مجال المناظرات ودعوة غير المسلمين، ولقد قال عنه الشيخ أحمد ديدات: "أنَّ ما حقَّقه هو –أي ديدات- في أربعين سنة، حقَّقه ذاكر في أربع سنوات"، ولمزيد من المعلومات عن د. ذاكر نيل يمكنك الدخول على الموقع الآتي:
Islamic Research Foundation
وستجد فيه: دوراتٍ تدريبيَّةً في الدعوة عموما، ودعوة غير المسلمين على الخصوص، أسئلةً حول الإسلام، عرضاً لمجموعةٍ من المحاضرات والكتب، مكتبةً للفيديو، عرضاً لمجموعةٍ من الكتب، جناحاً للأطفال، جناحاً للمرأة، إضافةً إلى معلوماتٍ عن النصرانيَّة، واليهوديَّة، والهندوسيَّة، والبوذيَّة، والسيخيَّة، وغير ذلك
ود. ذاكر :أتاه الله موهبة خارقة ...... ألا وهي حفظ أرقام الآيات في القرآن الكريم واستحضارها بسهولة لا يمكن تصوّرها.. وحفظ كتب اليهود والنصارى والهندوس وناظرهم كما ألقى اكثر من 600 محاضرة في الثلاث سنوات الاخيرة، وفي هذا الرابط يوجد العديد من المناظرات والمحاضرات المرئية له ...... وتحتاج للتسجيل في الموقع لمشاهدتها :
http://www.islamicity.com/multimedia/CyberTV/ch31/
لماذا تقل في السعودية المراكز المتخصّصة في تأهيل الدعاة ؟
بحمد الله بدأ الاهتمام يتزايد بضرورة إنشاء معاهد متخصّصة لتأهيل الدعاة، ووجدت أعداد من هذه المعاهد ولكنها قليلة بالمقارنة للاحتياجات الملحة في الواقع الملموس
وسبب ذلك:
ضعف الموارد المادية أو غيابها في بعض المناطق.
قلة أعضاء التدريس المؤهلين للقيام بتعليم الدعاة وإن وجدوا فهم في ضغط قوي لكثرة ارتباطاتهم.
عدم تكاتف أيدي الغيورين على الدعوة وماينتج عنه من تشتّت الجهود وضياع النتائج المرجوة وإن وجدت فهي ضعيفة.
عدم وجود هيئة دعويّة خيريّة تدعم مشروع نشر معاهد إعداد الدعاة في كافة المدن الرئيسة، وتتعاون مع كبار العلماء والدعاة لوضع المناهج وسنوات الدراسة ومخرّجات ذلك، وهذا سيقضي على الازدواجية وتشتيت الجهود.
وهذا الأمر ليس خاصا ببلادي الحبيبة، بل تشكو منه كل مناطق الدعوة الإسلامية في كل العالم- للإسف الشديد-.
وقد وفقني الله مع مجموعة من الأخوات بمكة لوضع منهج لمعهد إعداد داعيات لمدة خمس سنوات على مرحلتين؛ بحيث تتخرج الداعية حافظة لكامل القرآن مع تفسيره مع صحيح البخاري وكامل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ودروس في اللغة العربية والبلاغة مع دراسة السيرة النبوية ومواد أخرى، ولكن – للإسف- لم ير النور لحكمة يعلمها الله تعالى.
كيف ترين المشهد الدعوي السعودي الآن ؟
المسلم يتفاءل دائما رغم الغيوم التي تنتشرفي سماء الحياة ويحمد الله على كل نعمة رزقه الله إياها، ويظل يلح في الدعاء ليكرمه الله بنعم أخرى يحتاجها، لذا، فالدعوة في بلادنا الغالية تعتبر – بفضل الله – أقوى من غيرها في مناطق أخرى من العالم، وهذا ما لمسته من خلال تدريسي لطالبات من مختلف دول العالم بمعهد اللغة العربية لغير الناطقين بها، فالدعوة في بلادي الحبيبة ظاهرة للعيان بما يثلج قلب الصديق ويغيظ قلب غيره، فهي مستمرة طوال العام وفي كل مكان تقريبا، وتجد دعما من ولاة أمرنا - وفقهم الله لكل خير-، وتتناول جميع شرائح المجتمع،
ولكن النفوس الطموحة المتفائلة لا ترضى إلا بالرقي في أعمالها وتطويرها، وهذا شأن الدعاة الغيورين على مسار الدعوة.
ولكن أهم ما يعيق ذلك المسار في كل مكان :
الاغراق في العموميات عند البعض وعدم التركيز على البرامج والمشاريع الإنمائية والتطويرية الحالية والمستقبلية.
الحدة عند البعض في طرح بعض القضايا حتى بين المتفقين على المنهج، وهذا يسبب تشويشا عند من يعمل معهم، وتوظيفا سيئا لدى الأعداء والمخالفين لهم.
الاقصاء التام للمسلم المخالف باجتهاد قائم على أدلة صحيحة بل واستعداء البعض عليه.
تصدر المتعالمين للدعوة والفتيا مما يوهن جهود و أعمال العلماء الربانيين وطلبة العلم الصحيح.
عدم تقبل النقد الهادف البناء الذي يوجه مسار الدعوة للوجهة الصحيحة إذا انحرفت قليلا تحت دعاوى شتى، وهذا يؤدي إلى تحول الأعمال الخاطئة إلى أعمال مقبولة يعمل بها على أنها من الدين مما يمهد أرضا خصبة لنشأة الغلو في المناهج والتفكير.
مارأيك في تدوين الدعاة لذكرياتهم في العمل الدعوي؟
تدوين الذكريات تناوله مجال الأدب بالتفصيل من خلال طرح أهم البواعث الداعية لذلك ،وكتابة الدعاة لذكرياتهم وقف منها البعض موقف الرفض للأسباب التالية:
1- أن الداعية أثناء كتابة مذكراته ومن غير قصد منه ونظرا للفطرة التي خلقنا عليها سيزكي نفسه في بعض المواقف إن لم يكن اكثرها والله تعالى يقول } فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى {
2- هناك خصوصيات في حياة الدعاة المفترض ألا تخرج للناس، كما أنّها غير مهمّة لهم، وسيذكرها الداعية من خلال سرده لسيرته وذكرياته لإكمالها للفائدة كما يعتقد.
3- حتى لايتعلق الناس بالأشخاص بدلا من التعلق بالرسول- صلّى الله عليه وسلّم-.
4- أن الإنسان لايعرف خاتمته .
وفريق يذهب إلى أن كتابة هذه المذكرات لابأس بها ولكن بالشروط التالية:
أن يكتبها كبار العلماء والدعاة لأن لديهم رصيدا لايستهان به من المواقف والعبر التي تفيد القارئ وهذا الرصيد لايتوافر عند غيرهم.
أن تكون بقصد التوجيه والتعليم للدعاة وطلبة العلم، وليس لسرد مسارات حياته المختلفة.
ألا يذكر فيها خصوصياته ومواقفه التي لاتعني شيئا للقارئ ولا تفيده في حياته الدعوية والعلمية.
أن يحرص على بث الدروس والوقفات التربوية.
أن لا يعرض فيها بشخص بعينه إلا إذا كان من المجاهرين بالبدع والفجور وله أثره السيء على الآخرين، أو جماعة لها اجتهادها المقبول شرعا.
6- التأصيل العلمي للمواقف والأحداث حتى لاتكون أشبه بالروايات.
7- أن تكون الحاجة ملحة إليها وليس مجرد ترف علمي أو رضوخ لطلبات المقربين.
8- من الممكن أن يتولى أحد تلاميذ الداعية الملازمين له مهمة تدوين مواقفه والفوائد المستخلصة منها.
وكمثال على ذلك: ما قراته في موقع ملتقى أهل الحديث أن الشيخ مازن أحمد المنسي الغامدي - رحمه الله- وهو أحد أبرزطلاب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله- قرر كتابة 60 حلقة مذكرات عن علاقته الخاصّة بشيخه، وحياة الشيخ الخاصّة، ومات قبل إنهائها وكتب أيضا " رحلتي إلى النور " وفيه دروس وفوائد من حياته ومواقفه مع الشيخ.
19 – ما رأيك بالخلاف بين الدعاة ؟ وهل نتائجه إيجابية على الدعوة؟
الخلاف بين الدعاة وآثاره اترك القارئ فيه مع ما تفضل به فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك في موقعه تحت عنوان"موقف المسلم من الفتن "
كلما بعث الله نبياً انقسم الناس أمام دعوته فريقين :
* مستجيبين مؤمنين .
* ومعارضين مكذبين .
هكذا تتابعت رحلة الدعوة إلى الله، وقصة الدعوة إلى الله قال الله تعالى: } ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِين ، مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ، ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ { (المؤمنون/42- 44) .
فالناس فريقان : مؤمن وكافر، مطيع وعاص، بر وفاجر، هم فريقان في الدنيا وهم فريقان في الآخرة ، هذا الاختلاف الأعظم ، الاختلاف بالإيمان والكفر ، والطاعة والعصيان، والتقوى والفجور، قال الله تعالى : } هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ { (التغابن/2).
وهذا اختلافٌ قدره الله وقضاه، ينشأ عنه تباغض واقتتال وتباين، لأنَّهُ اختلافٌ جذري، اختلا فٌ بالإيمان والكفر، ولا يزال الناس مختلفين ذلك الاختلاف، كما قال تعالى :} وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ { (هود/118، 119) .
والناس في العلماء ثلاثة أقسام :
* القسم الأول: فريق يستخفُ بالعلماء ولا يعرف لهم قدرتهم، ولا ينتفعُ بأقوالهم، بل هو مغرورٌ بنفسه كما حصل ويحصل من بعض المنتسبين لطلب العلم، وهذا تفريط منهم وإفراط .
* القسم الثاني: فريق يغلو في العلماء ، فكل جماعة تتخذ لها إماماً لا تعرف إلاَّ أقواله، ولا تعتد بأقوال سواه، ولا تنظرُ في كتابٍ ولا سنة، وهذا إفراطٌ في تعظيم العلماء وتفريط في ما يجب من الاعتصام بالكتاب والسنة .
* القسم الثالث: فريق توسطوا فجعلوا الحَكَم هو الكتاب والسنة، وجعلوا التحاكم إليهما، وآمنوا بأن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما أرشد إلى ذلك الأئمة أنفسهم ، فابن عباس – رضي الله عنهما – ينكر على الذين يتعصبون لأبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – ويقول : " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون : قال أبو بكر وعمر " [1][6] فكيف بمن عارض كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ، بقول من دون أبي بكر وعمر بكثير كثير .
فالواجب على المسلم أن لا يدين بالإتباع المطلق والطاعة المطلقة إلاَّ للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، لكن مع معرفة أقدار الصحابة وأقدار العلماء، وإنزال كل منزلته، مع معرفة الإنسان لقدره ، وقد قيل : " رحم الله امرأً عرف قدر نفسه " .
و أهل السنة أيضاً يقع بينهم اختلافات، ولكن مع الفرق بين اختلاف أهل السنة في ما بينهم واختلافهم مع غيرهم ، واختلاف غيرهم من بعضهم مع بعض، فأهل السنة إن اختلفوا في شيء فإنه لا يكون في مسائل الاعتقاد ، وإنما اختلافهم في المسائل العملية،وهو نوعان :
النوع الأول : اختلاف تنوع ، واختلاف التنوع ضابطه أنَّ كلاً من المختلفين مصيب بدليل صحيح .
فهذا كله اختلاف تنوع لا يُذم فيه أحد من المختلفين، بل كل من المختلفين محمود، وكل من المختلفين على حق ، وهؤلاءِ إنما يُؤتون إذا بغى بعضهم على بعض، وأنكر بعضهم ما عند الآخر، مع أنَّ كلاً منهما على الحق وكل منهما مصيب .
النوع الثاني: اختلاف التضاد ، وينقسم إلى قسمين:
الأول : اختلاف قام الدليل على تصويب أحد المذهبين ، فهذا القولُ الذي وافق الدليل هو الحق وما خالفه خطأ ، ولكن حيث كان المختلفون مجتهدين فكل منهما محمود ومأجور، – وإن كان أحد من المختلِفين أو المختلفَين أفضل من الآخر – فمن اجتهد وأصاب الحق فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد على حد قوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد " [1][4]
.
الثاني من اختلاف التضاد : اختلاف لا يتبين فيه الصواب، وليس هناك دليل يعتمدُ عليه لواحد من المذهبين، بل يكون منشأ القولين هو محض الاجتهاد ، فهذا الاختلاف الذي إذا لم يعارض دليلاً شرعياً، ولم يُبْن أحد القولين على دليلٍ يعيّن أنه هو الصواب، فيبقى القولان سائغين، وكل من المختلفين محمود على اجتهادهِ مأجور عليه.
20 كيف يمكن للداعية أن توائم بين منزلها ودعوتها؟
إن اهتمام الداعية بمنزلها "مملكتها الخاصة " هو من أعلى مراتب الدعوة وهذا أمر يجب أن تعيه كل الداعيات فلا تتحسر لعدم مقدرتها على الخروج للدعوة أو الحضور والمشاركة في الأنشطة الدعوية، وتظل في حزن وضيق ينعكس سلبا على علاقاتها الأسرية، ولنعلم جميعا أن قيامنا بحقوق من نعيش معهم وتصحيح أخطائهم وتطوير أهدافهم هو من فروض العين التي يغفلها البعض؛ فإن هدى الله أولادنا وأهلنا للحق ورأوا منا اهتماما وتقديرا لهم أعانونا على الدعوة وكانوا لنا لاعلينا.
كما أن الداعية الموفّقة بتوفيق الله تجد طرقا عدة للدعوة من داخل منزلها مثل : كتابة الكتب والكتيبات ، الكتابة في المواقع والمنتديات الهادفة وفي الصحف للدفاع عن الحق وتكثير سواد أهله، وأيضا المداخلات الهاتفية في القنوات الهادفة لاتتطلب خروجا من المنزل، وإعانة الداعيات الأخريات بطباعة محاضرة وتنسيقها وجمع معلوماتها، وإقامة درس في المنزل بالتناوب مع جاراتها.
وهناك من الداعيات من ييسر الله لها أهلا يهتمون بأولادها أثناء غيابها، فهذه في نعمة عظيمة، ولكن أيضا على الجميع الاتزان في الحياة؛ فلا نركن إلى الدعة والخمول بدعوى عدم قدرتنا على الخروج للدعوة ونترك كل الفرص الدعوية المتاحة في منازلنا، ولا نكثر الخروج من منازلنا بدعوى وجود من يحفظ أولادنا فننسى واجبنا نحوهم . إن خروج دعاة أقوياء من أولادنا وأهلينا لهو من أروع وأقوى ثمار دعوتنا التي تثقل الميزان وتبهج الجنان .} ياأيها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة {.
21- هل هناك اتجاه معين تجدين قدراتك التي رزقك الله إياها فيه أكثر من غيره ؟
بفضل الله أحب وضع خطط تطويرية وتفعيلية وتنمية الموارد للمؤسسات الدعوية والتربوية وبحمد الله وفقني الله لذلك ومنها:
1- مشروع إنشاء هيئة عليا للدعوة في الحج والعمرة ورفعتها لوزير الشؤون الإسلامية، وتكرم بإرسال خطاب شكر – جزاه الله خيرا –
2- وضع خطة تفعيل إذاعة القرآن الكريم ورفعتها للوزير.
3- وضع خطة لتفعيل الدعوة في العمرة من خلال جميع المؤسّسات الدعوية في مكة، وسلمتها لمن يوصلها للتوعية الإسلامية في الحج.
4- وضع برنامج مشاركة معهد اللغة العربية في احتفالية مكة عاصمة للثقافة الإسلامية.
5- تقديم خطة لتنمية الموارد والتسويق لإحدى الداعيات من بوركينا فاسو في ما يخص مؤسستهم الدعوية حسب المتاح لهم.
وغير ذلك مما أكرمني الله به ، فله الحمد والمنة.
22- متى تعيشين بكاء الفرح؟
كل نصر للإسلام في أي مجال يبكي كل قلب يحبه، وأدعو الله أن أكون دائما من هؤلاء.
بكيت لمّا رزقني الله نعمة طباعة بحث الماجستير في حياة والدي - رحمه الله-، فقد غمرتني الفرحة لرؤية اسم والدي يكتب على كتاب نافع يقرأه الناس، لذا، أحرص في كل مداخلاتي التلفزيونيّة ومقالاتي على كتابة اسم والدي - رحمه الله- قبل لقب العائلة لأفتخر به، ولعلّ من يقرأه يدعو له بظهر الغيب لأنّه حرص مع والدتي على تربيتنا على حبّ الدين ثم حبّ الناس وحبّ الخير لهم.
أبكي للفرحة الغامرة تحيط بقلب أمي - حفظها الله- .
تبكيني أخبار نجاح دعوة طالباتي في بلادهن ورؤيتي للصور التي تشرح صدري وتقر عيني .
أبكي لنجاح أولادي في أي مجال يتميزون فيه .
23- ماذا تعلمت من البلاء الذي لايسلم منه إنسان؟
ممّا نتعلّمه من سنة البلاء:
1- كلّ ما يقدره الله علينا فهو خير ونعيش كمسلمين من خلال سنة البلاء حقيقة الإيمان بقوله تعالى } وعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خير كثيرا {وقوله تعالى } لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون {
2- إن الظلم يؤلم قلب المسلم، وقد يقلب مشاعره إلى الضد، لذا، ورد في الحديث " فلا تظالموا "
3- يجعل المسلم قريبا من الله متذكرا لنعمه التي يغفل عنها وقت الرخاء متدبراً للقرآن والسنة الصحيحة في خشوع إيماني رائع.
4- يكشف للمبتلى حقيقة نفوس من حوله وحقيقة مشاعرهم.
5- يكون نعمة لإحابة الدعاء سواء من المظلوم المبتلى أو من الذين يدعون له بظهر الغيب.
5- على المسلم ألا يدعو على نفسه بالبلاء بل يسأل الله العافية دوما } ربنا لاتحملنا مالاطاقة لنا به {
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|