عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-03-2019, 03:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,777
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأحكام الفقهية المتعلقة بزينة الزوجة لزوجها

الأحكام الفقهية المتعلقة بزينة الزوجة لزوجها




د . نورة سيد أحمد مصطفى*




أدلة أصحاب المذهب الأول:
استدل أصحاب المذهب الأول على جواز زراعة الشعر من السنة والمعقول:
أما السنة:
ما روى عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه حدثه أَنَّهُ سمع رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –"يقول إِنَّ ثَلَاثَةً في بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الْأَبْرَصَ فقال أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ قد قَذِرَنِي الناس قال فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عنه فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا فقال أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال الْإِبِلُ أو قال الْبَقَرُ هو شَكَّ في ذلك أن الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ قال أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ وقال الْآخَرُ الْبَقَرُ فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ فقال يُبَارَكُ لك فيها وَأَتَى الْأَقْرَعَ فقال أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هذا قد قَذِرَنِي الناس قال فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا.....الحدي� �"[88].
وجه الدلالة:
دل عدم الإنكار على الأقرع في طلب الشعر الحسن وزوال العيب والقرع على جواز زراعة الشعر ، وأن عدم وجود الشعر عيب يسبب نفرة الناس وحصول الضرر النفسي للأقرع، فلا مانع من بذل المرأة كل ما يمكن لتحصيل هذه النعمة من أجل التزين لزوجها، ما لم يكن في ذلك محذور شرعي.
أما المعقول:
فلأن زراعة الشعر علاج للصلع ، وهو عيب حسي ومعنوي، فالمعنوي ما تحس به المرأة من نقص في خلقتها ، وهذا يعود عليها بالألم النفسي ، وهذا موجب للترخيص لها بزراعة الشعر لأن الحاجة داعية إليه، فتنزل منزلة الضرورة إعمالاً للقاعدة الفقهية الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة [89].
أدلة أصحاب المذهب الثاني
استدل أصحاب المذهب الثاني علي حرمة زراعة الشعر من المعقول وهو:
قياس زراعة الشعر علي وصل الشعر المحرم.
مناقشة :
يمكن مناقشة هذا الاستدلال بأن قياس زراعة الشعر علي وصل الشعر المحرم قياس مع الفارق، فزراعة الشعر علاج لمرض معين وهو الصلع، وهذا موجب للترخيص، لأن الحاجة داعية إليه، بخلاف وصل الشعر المحرم فليست هناك ضرورة لاستعماله ولا حاجة ماسة إليه.
الترجيح
بعد عرضِ مذاهبِ الفقهاءِ وأدلتهم والمناقشة، يبدو لي _ والله تعالى أعلم _ رجحان ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول القائل بجواز زراعة الشعر، وعلى ذلك فيجوز للمرأة زراعة الشعر من أجل التزين للزوج، وخاصة إذا كانت هناك ضرورة كوجود صلع، فحديث رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دليل صريح في ذلك، ويقاس عليه الحاجة الماسة إلى زراعة الشعر كتساقط الشعر ونحوه، وما استدل به أصحاب المذهب الثاني قد أمكن مناقشته مما يؤدي إلي تضعيفه.


الأحكام الفقهية المتعلقة بزينة الزوجة لزوجها



د . نورة سيد أحمد مصطفى*




المبحث الثاني
أحكام الزينة المتعلقة بالجلد
المطلب الأول:
شد الوجه وإزالة التجاعيد
من أهم الوسائل المستجدة للتزين والتجمل وتحسين المظهر العام للمرأة شد الوجه وإزالة التجاعيد ونتناول بيان الحكم الشرعي لتلك المستجدات:
تعريف شد الوجه:
هو شد جلد الوجه، ويتم من خلال عمل جراحي يقص فيه الجلد الزائد، وهي أكثر طرق إزالة التجاعيد استعمالاً[90].
وتتم عملية شد الجلد بعمل شق جراحي دائري يحيط بالأذن، لئلا يترك الجرح ندبة ظاهرة فى الوجه يتم بعده رفع الجلد وشده للخارج، ثم يليه شد وتثبيت عضلات الوجه والأنسجة المترهلة، وقد يصاحب ذلك إزالة الجلد الزائد وبعض الدهون، ثم تغلق الفتحة بخيوط أو دبابيس معينة، ويتم إجراؤها بتخدير موضعي أو كامل، وهى قليلة المضاعفات، وقد يصاحبها إجراء جراحات أخرى تكميلية كشفط الدهون أسفل الذقن، وشد الصدغين، والحاجبين، ورفع الجفون[91].
تعريف التجاعيد:
هي تشققات تظهر نتيجة فقدان مرونة الجلد، ووقف حيوية بعض خلاياه ، فتبدو علي الجبهة أو حول العينين أو على المنطقة المحيطة بالفم، بسبب التقدم في السن ، أو بسبب وراثي، أو اضطرابات نفسية معينة، أو نحو ذلك [92].
ولإزالة هذه التجاعيد طرق كثيرة منها ما يستلزم عملاً جراحياً يقص فيه الجلد الزائد، ومنها ما يتم بدون تدخل جراحي، وذلك عن طريق استعمال بعض الكريمات والأدهان [93].
وفى الجملة فإن هذه الطرق المتعددة لإزالة التجاعيد لها أضرارها الجانبية الكثيرة ومن أبرز هذه الأضرار ما تحدثه من التهابات وتشوهات في الجلد، وإن كان أثرها يمتد لفترات طويلة[94].
حكم شد الوجه وإزالة التجاعيد:
يبدوا لي _ والله تعالي أعلم _ أن حكم شد الوجه وإزالة التجاعيد يُرجع بيانه إلى نوع تلك التجاعيد التي تريد المرأة إزالتها وطرق الإزالة ، وإلى سن تلك المرأة .
أولاً: بالنظر إلى نوع تلك التجاعيد نجد:
1- أن التجاعيد إن كانت يسيرة وأثر إزالتها سطحي مؤقت ، كإزالتها عن طريق الكريمات والدهانات ونحوها التي تؤخذ باستشارة الطبيب المختص فهو جائز، وفق ضوابط العمليات التجميلية ، لأن إزالة تلك التجاعيد ليس فيه تغييراً لخلق الله ، بل غاية ما فيه أنه تنظيف للوجه من الكلف والبثور ونحوها.
2- أما إذا كانت إزالة التجاعيد ذات أثر عميق،كإزالتها عن طريق الجراحة ونحوها فحكم ذلك راجع إلي الحاجة الداعية إليه، فإن كان ثمة ضرورة أو حاجة إلى إزالتها، جازت إزالتها،كما لو ظهرت بصورة غير معهودة، وإنما أبيحت في هذه الحالة للحاجة إليها، ولأن تغيير الخلقة غير مقصود.
3- إذا كانت التجاعيد بصورة معتادة، بأن كانت المرأة كبيرة السن وظهرت التجاعيد بالهيئة المعتادة، وإن لم يكن هناك داع إلا تزين المرأة وتجديد الشباب يحرم عليها إزالتها، و يستدل لذلك من السنة والمعقول :
أما السنة:
فما روى عن أسامة بن شريك قال " أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير فسلمت ثم قعدت فجاء الأعراب من ههنا وههنا فقالوا يارسول الله أنتداوى ؟ فقال " تداووا فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم" [95]
وجه الدلالة:
أن الرسول صلى استثنى الهرم، إذ لا علاج له، مما يدل على أن علاج آثاره كتجاعيد الوجه وترهل جلده لمحاولة التظاهر بصغر السن مصادمة للسنن الإلهية ومحكوم عليه مسبقاً بالفشل[96].
أما المعقول فمن عدة أوجه:
الوجه الأول: أن إزالة التجاعيد في هذه الحالة ليست لإزالة عيب غير معتاد، لأن وجودها في هذه الحالة خلقة معهودة، وليس لها دوافع ضرورية أو حاجية، وفيها اعتداء على حرمة جسم المعصوم وجرح له دون عذر، ولأن فيها تغييراً لخلق الله، لم تدع الحاجة ولا الضرورة إلى فعله .
الوجه الثاني : أن إزالة هذه التجاعيد محرم قياساً علي الوصل المحرم، وتفليج الأسنان بجامع تغيير الخلقة في كل طلباً للحسن خاصةً وأن تجاعيد الوجه ظاهرة يمكن ملاحظتها لأول وهلة، فهي أوضح من الأسنان [97].
ثانياً: بالنظر إلي سن المرأة :
1- فإن كانت تلك المرأة التي تريد التزين كبيرة في السن والتجاعيد نتيجة الشيخوخة فيحرم عليها فعل تلك الجراحة، لما فيها من التدليس وإظهار صغر السن وتغيير خلق الله. وتعريض الجسم لضرر بدون ضرورة [98].
2- وإن كانت صغيرة في السن وكانت التجاعيد نتيجة أسباب مرضية فيجوز لها معالجة المرض والآثار المترتبة عليه كالتجاعيد بشرط أن لا تؤدي تلك العملية إلى ضرر أكبر وقد تقرر بأن " الضرر لا يزال بالضرر" [99].
المطلب الثاني:
تقشير الوجه
حقيقة التقشير:
التقشير لغة : سحق الشىء من أصله، يقال : قشره فتقشر: سحا لحاءه أو جلده، وقشر كل شىء : غشاؤه خلقه أو عرضا، والقشرة : الثوب الذى يلب، والجمع قشو، والقشور: دواء يُقشر به الوجه ليصفو لونه[100].
والقاشرة : أول الشجاج لأنها تقشر الجلد[101].
التعريف الطبي للتقشير :
إجراء طبي بوسائل طبيعية أو تقنية مناسبة يهدف إلى إزالة بعض طبقات الجلد للحصول على بشرة جديدة وسليمة[102].
صور التقشير لتزين الوجه [103] :
أولاً: التقشير بالمستحضرات الطبية :
هو عن طريق استعمال بعض المستحضرات الطبية كالكريمات، والدهانات، التي تؤخذ باستشارة الطبيب المختص الذي يقدر حالة الجلد وصحة المصاب بهذه التجاعيد .
وهذا يكون في حالة التجاعيد السطحية، والتي تنشأ عادة في مرحلة مبكرة من عمر الإنسان، وهي في متناول عمل المرأة ، فلا تحتاج إلي تدخل جراحي لإزالتها.
ثانياً: التقشير الكريستالي:
وهو عبارة عن تقشير سطحي للجلد بواسطة مادة على هيئة بودرة يتم فيها إزالة خلايا الجلد السطحية الميتة ليظهر الجلد الجديد. وهو أشهر وأسرع العمليات التجميلية لإزالة التجاعيد اليسيرة التي لا تزيلها الكريمات، لكنه لا يزيل التجاعيد العميقة ونتائجه قصيرة المدى .
ثالثاً : تقشير عميق التقشير بالصنفرة :
وهو عبارة عن إزالة الطبقة السطحية للبشرة ميكانيكيا بواسطة جهاز خاص يستخدم عجلات مختلفة فائقة السرعة لتزيل الطبقة الخارجية بالاحتكاك.
وتجرى هذه العملية تحت التخدير الموضعى مع حُقَن قابضة للأوعية الدموية فى الوجه.
رابعا : التقشير الكيميائى :
وهو استخدام نوع أو أكثر من الأحماض الكيميائية على الجلد لإزالة أجزاء من طبقة البشرة أو الأدمة بغرض إعادة نضارة البشرة أو تحسين ما أصاب طبقات الجلد من أضرار.
خامساً : التقشير بالليزر :
الليزر عبارة عن جهاز يقوم بتوليد حزمة ضوئية قوية ومركزة بشكل دقيق إلى هدف معين بحيث تكون قادرة على إحداث آثار مختلفة، وله تطبيقات كثيرة فى مجالات صناعية وعلمية وطبية ومنها ما يتعلق بالتقشير.
ويعد الليزر أحدث وسائل التقشير ويتميز عن غيره بالسرعة والفعالية والأمان وعدم الإحساس بالألم، إلا أن تكلفته عالية.
حكم التقشير:
يبدوا لي _ والله تعالي أعلم _ أن حكم تقشير المرأة للتزين فيه تفصيل _حسب نوع التقشير والغرض الدافع له :
أولاً: إن كان التقشير يسيراً، وتزال به الطبقة العليا من الجلد الميت، فتتجدد نضارة الوجه، ويزيد جماله دون تغيير دائم لتفاصيل الوجه فهو جائز، ويقيد هذا الجواز بألا يكون فيه ضرر أو إسراف أو كشف لما يحرم كشفه، لأنه من باب التجمل والتحسين، فلا يكون سبباً لارتكاب محرم ، ويستدل لذلك بالمعقول من عدة أوجه:
1- أنه يندرج ضمن التزين المشروع لأجل الزوج، فقد يكون في وجه المرأة من التجاعيد والتشوهات ما ينفر زوجها عنها، وفي إزالتها بمثل هذه المزيلات المؤقتة التي لا تترك أثراً واضحاً تحقيق لأهداف الزواج من السكن والمودة والرحمة ومحبة الزوج لزوجته، عملاً بقاعدة " لا ضرر ولا ضرار "، و" الضرر يزال" [104].
2- أن الأصل في الأشياء الإباحة، ولم يرد في مثل ذلك نص يدل علي التحريم [105].
3- قياس هذه الإجراءات علي تحمير الوجه من ناحية زوال أثرها بسرعة، وقد أجاز بعض الفقهاء التحمير لأنه وسيلة تجميل يسرع إليه التغيير والزوال فليس من تغيير خلق الله ، ومثله مساحيق الوجه الحديثة التي تضعها النساء للزينة[106].
ثانياً: إذا كان التقشير عميقاً ، وتزال به تجاعيد غائرة في الوجه فتغير ملامح الوجه وتقاسيمه من تغيير خلق الله المحرم [107].
ويُستدل لذلك بالسنة والأثر والمعقول:
أما السنة:
فما روى عن آمنة بنت عبد الله انها شهدت عائشة فقالت " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمتوشمة والواصلة والمتصلة" [108].
أما الأثر :
فما روى عن كريمة بنت همام قالت سمعت عائشة تقول " يا معشر النساء إياكن وقشر الوجه 0000" [109].
أما المعقول:
لأنه قد يترتب عليه من الأضرار ما يتأذي بها الجلد فيما بعد.
ثالثا: التقشير عند الضرورة أو الحاجة:
ويستثنى من ذلك التقشير عند الضرورة أو الحاجة إليه كوجود تجاعيد غير المعهودة وتشوهات وبقع في وجه المرأة ينفر منها زوجها وأمكن تلافي هذه الأضرار والمضاعفات قدر الإمكان، وعند ذلك فيجوز للمرأة التزين بإجراء ذلك التقشير ويُستدل لذلك بالمعقول من وجهين :
1- أن هذه التجاعيد غير المعهودة والتشوهات والبقع فيها تشويه ظاهر للوجه، ويتضرر منها الجلد[110].
2- ما يسببه ذلك من ضرر نفسي للمرأة ، وإزالة الضرر مشروع[111].
المطلب الثالث:
الوشم
بيان حقيقة الوشم:
الوَشْمُ لغة : تقريحُ الجلد وغرزُه بالإبرة وحشْوُه بالنِيْل أو الكُحْل او دُخان الشحم [112].
ولا يخرج المعنى الإصطلاحى للوشم عند الفقهاء عن المعنى اللغوي.
الحكم الشرعى للوشم :
اختلف الفقهاء فى الحكم الشرعى للوشم على
المذهب الأول :
أكثر أهل العلم [113] على أَنَّ الْوَشْمَ حَرَامٌ، وَعَدَّهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ [114] وَالشَّافِعِيَّ ةِ [115] مِنَ الْكَبَائِرِ يُلْعَنُ فَاعِلُهُ.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ[116] مِنَ الْحُرْمَةِ حَالَتَيْنِ :
الأُولَى : الْوَشْمُ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلتَّدَاوِي مِنْ مَرَضٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ؛ لأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ .
الثَّانِيَةُ : إِذَا كَانَ الْوَشْمُ طَرِيقًا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا بِإِذْنِهِ
فَقَدْ رُوِيَ " عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَيَّنَ بِهَا لِزَوْجِهَا"
المذهب الثانى :
يَرَى أصحابه أَنَّ الْوَشْمَ كَالِاخْتِضَابِ أَوْ الصَّبْغِ بِالْمُتَنَجِّس ِ , فَإِذَا غُسِلَ ثَلَاثًا طَهُرَ، وهو مذهب الْأَحْنَافُ [117].

الأدلة
أدلة أصحاب المذهب الأول :
استدل أصحاب المذهب الأول على حرمة الوشم من السنة وهو.
ما روى عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِ لَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِ مَةَ " [118].
وجه الدلالة :
دل اللعن فى الحديث الشريف على حرمة الوشم.
أدلة أصحاب المذهب الثانى :
استدل أصحاب المذهب الثانى على أَنَّ الْوَشْمَ كَالِاخْتِضَابِ أَوْ الصَّبْغِ بِالْمُتَنَجِّس ِ , فَإِذَا غُسِلَ ثَلَاثًا طَهُرَ من المعقول وهو:
أَنَّهُ إذَا غُرِزَتْ الْيَدُ أَوْ الشَّفَةُ مَثَلًا بِإِبْرَةٍ ثُمَّ حُشِيَ مَحَلُّهَا بِكُحْلٍ أَوْ نِيلَةٍ لِيَخْضَرَّ تَنَجَّسَ الْكُحْلُ بِالدَّمِ ، فَإِذَا جَمَدَ الدَّمُ وَالْتَأَمَ الْجُرْحُ بَقِيَ مَحَلُّهُ أَخْضَرَ ، فَإِذَا غُسِلَ طَهُرَ ؛ لِأَنَّهُ أَثَرٌ يَشُقُّ زَوَالُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا َزُولُ إلَّا بِسَلْخِ الْجِلْدِ أَوْ جَرْحِهِ ، فَإِذَا كَانَ لَا يُكَلَّفُ بِإِزَالَةِ الْأَثَرِ الَّذِي يَزُولُ بِمَاءٍ حَارٍّ أَوْ صَابُونٍ فَعَدَمُ التَّكْلِيفِ هُنَا أَوْلَى [119].
الترجيح
بعد عرضِ مذاهبِ الفقهاءِ وأدلتهم ، يبدو لي _ والله تعالى أعلم _ رجحان المذهب القائل بحرمة الوشم عند عدم الحاجة أوالضرورة . وَيسْتَثْنَى مِنَ الْحُرْمَةِ : جواز الْوَشْمُ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلتَّدَاوِي مِنْ مَرَضٍ ؛ لأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ . وإِذَا كَانَ الْوَشْمُ طَرِيقًا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا بِإِذْنِهِ وهو موضوع البحث.
المطلب الرابع:
الِاخْتِضَاب
بيان حقيقة الِاخْتِضَاب :
الِاخْتِضَاب لغة : الخِضابُ ما يُخْضَبُ به مِن حِنَّاءٍ وكَتَمٍ ونحوه وفي الصحاحِ الخِضابُ ما يُخْتَضَبُ به واخْتَضَب بالحنَّاءِ ونحوه وخَضَبَ الشيءَ يَخْضِبُه خَضْباً وخَضَّبَه غيَّر لوْنَه بحُمْرَةٍ أَو صُفْرةٍ أَو غيرِهما[120].
ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للِاخْتِضَاب عند الفقهاء عن المعنى اللغوي.
الحكم الشرعي للِاخْتِضَاب :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ [121] عَلَى أَنَّ تَغْيِيرَ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ أَوْ نَحْوِهِ مُسْتَحَبٌّ لِلْمَرْأَةِ.
وَتَخْتَصُّ الْمَرْأَةُ الْمُزَوَّجَةُ بِاسْتِحْبَابِ خَضْبِ كَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا بِالْحِنَّاءِ أَوْ نَحْوِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَدَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ الِاخْتِضَابَ زِينَةٌ , وَالزِّينَةُ مَطْلُوبَةٌ مِنْ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الِاخْتِضَابُ تَعْمِيمًا , لَا تَطْرِيفًا وَلَا نَقْشًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مكروه عند الحنابلة [122].
والمالكية والشافعية : على أنه لَا بَأْسَ أَنْ تُزَيِّنَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ أَوْ تُطَرِّفَهُمَا بِغَيْرِ خِضَابٍ [123]. واستدلوا على ذلك من السنة والمعقول:
أما السنة :
فما روى عَنْ ضمرة بن سعيد عن جدته عن امرأة من نسائهم قال وقد كانت صلت القبلتين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي {اختضبي تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل قالت فما تركت الخضاب حتى لقيت الله عز وجل وإن كانت لتختضب وإنها لابنة ثمانين}[124].
أما المعقول :
لأَنَّ فِيِ الاختضاب زِينَةً وَتَحْبِيبًا لِلزَّوْجِ كَالطِّيبِ[125].
المبحث الثالث
صور أخري من زينة المرأة
المطلب الأول:
ثقب الأنف والأذن لتعليق الحلي
مما تتزين به بعض النساء وضع الذهب والفضة وغيرهما في الأنف والأذن من أجل التحلي والتزين ولذا تقوم المرأة بثقب الأنف والأذن لتعليق ذلك. فكان لا بد من التعرض لبيان حكم ثقبهما من أجل التزين.وبيان ذلك في مسألتين:
المسألة الأولى:
ثقب الأنف
اختلف الفقهاء في حكم ثقب الأنف لأجل التزين على مذهبين:
المذهب الأول: يرى إن كان من عادة النساء فعل ذلك فهو جائز وهو مذهب بعض الحنفية[126]، والمعتمد عند الشافعية[127]، وأفتي به بعض المعاصرين[128].
المذهب الثاني: يرى إذا كان في ثقب أنف المرأة تشبه بالكافرات، أو كان له علاقة بطقوس وثنية عندهم فينبغي المنع حينئذ، لعدم جواز التشبه بالكافرات، ولسد الذريعة في موافقة الكفار في بعض طقوسهم ومعتقداتهم وهو مذهب بعض الحنفية[129]، والأوجه عند الشافعية[130].
الأدلة
أدلة أصحاب المذهب الأول:
استدل أصحاب المذهب الأول علي جواز ثقب أنف المرأة للتحلي إن كان من عادة النساء بالمعقول من عدة أوجه[131]:
1- أنه لا يترتب على ثقب الأنف للتحلي تغيير لخلق الله.
2- أن هذه جراحة كباقي الجراحات التي شرعت للزينة التي هي من عادة النساء.
3- أن هذه جراحة لا يترتب عليها ضرر.
4- قياس ثقب أنف الأنثى علي ثقب أذن الأنثى بجامع وجود الحاجة الداعية لذلك، وهي التحلي والزينة في كل.
أدلة أصحاب المذهب الثاني:
استدل أصحاب المذهب الثاني علي عدم جواز ثقب أنف المرأة للتحلي إذا كان في ثقب أنف المرأة تشبه بالكافرات بالمعقول وهو:
أنه لا زينة في ذلك تغتفر الجرح والإيلام، ولا عبرة لها في العرف العام، بخلاف ما في الأُذن، فإنه زينة مشهورة للنساء في كل مكان[132] .
مناقشة:
يمكن مناقشة هذا الاستدلال بأن ما فيه من الجرح والإيلام يسير ولا يؤثر غالباً، خاصةً إذا كانت عادة نساء القوم جارية بالتزين بمثل ذلك.
الترجيح
بعد عرضِ مذاهبِ الفقهاءِ وأدلتهم يبدو لي _ والله تعالى أعلم _ رجحان ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول القائل بجواز ثقب أنف المرأة للتحلي، لأن هذا الفعل لم يرد بخصوصه تحريم، فيبقي على أصل الإباحة ، ولكن بشرط أن يكون ذلك في مجتمع قد جرت عادة نساؤه التزين بمثل ذلك، وألا يكون بقصد التشبه بالكافرات، وأن يؤمن الضرر من ثقب الأنف بحيث يجرى بأدوات معقمة وتحت إشراف طبي .
المسألة الثانية:
ثقب الأذن
اختلف الفقهاء في حكم ثقب الأذن لأجل التزين على مذهبين:
المذهب الأول: يرى جواز ثقب أذن المرأة للحلي والزينة، وهو مذهب الحنفية[133]، والمعتمد عند الشافعية[134]، والصحيح من مذهب الحنابلة[135].
المذهب الثاني: يرى عدم جواز ثقب أذن المرأة للحلي والزينة، وهو الأوجه عند الشافعية[136]، ورواية عند الحنابلة[137] وإليه ذهب ابن لجوزي[138].
الأدلة
أدلة أصحاب المذهب الأول:
استدل أصحاب المذهب الأول علي جواز ثقب أذن المرأة للحلي والزينة بالسنة والمعقول:
أما السنة:
1- ما روي عن عائشة في قصة أم ذرع..... زوجي أبو زرع فما أبو زرع أناس من حلي أذني.......الحديث[139].
وجه الدلالة :
أن النبي صلي علم بثقب الأذن وتعليق الحلي فيها للزينة ولم ينكر ذلك الفعل مما يدل علي جوازه.
2- ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ثم أتى النساء ومعه بلال فأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي قرطها" [140].
وجه الدلالة :
سكوت النبي صلى على ذلك فيه إقرار على جواز لبس القرط ولا يتأتى ذلك إلا بثقب الأذن.
أما المعقول:
فلأن المرأة في حاجة للتزين والتحلي، فثقب الأذن مصلحة لها في ذلك[141].
أدلة أصحاب المذهب الثاني:
استدل أصحاب المذهب الثاني علي عدم جواز ثقب أذن المرأة للحلي والزينة بالكتاب والمعقول:
أما الكتاب:
فقوله تعالي: { وَلَآَمُرَنَّهُ مْ فَلَيُبَتِّكُنّ َ آَذَانَ الْأَنْعَامِ...... ........} [142].
وجه الدلالة :
دلت الأية الكريمة علي أن قطع الأذن وشقها وثقبها من أمر الشيطان، فإن البتك: هو القطع، وثقب الأذن:قطع لها، فهذا ملحق بقطع أذن الأنعام[143].
مناقشة:
نوقش هذا الاستدلال بأنه قياس مع الفارق، لأن الذي أمرهم الشيطان به أنهم كانوا إذا ولدت لهم الناقة خمسة أبطن، فكان البطن السادس ذكراً شقوا أذن الناقة وحرموا ركوبها والانتفاع بها، ولم تطرد عن ماء ولا عن مرعى، فشرع لهم الشيطان في ذلك من عنده، بخلاف ثقب أذن الأنثى[144].
أما المعقول فمن وجهين:
الوجه الأول: قياس ثقب أذن الأنثى علي الوشم، بجامع وقوع الأذى في كل[145].
مناقشة:
نوقش هذا الدليل بأن القياس على الوشم قياس مع الفرق، لأن الأذى المترتب من ثقب الأذن هو أخف من الأذى الناتج عن الوشم، كما أن في الوشم تغييراً لخلق الله، وعبثاً بالنفس الإنسانية بلا ضرورة، بخلاف ثقب أذن الأنثى، فإنه يقصد به التزين.
الوجه الثاني: أن ثقب أذن الأنثى جرحاً مؤلماً، وتعجيل أذى بلا منفعة، وهذا لا يجوز فعله إلا لحاجة مهمة، والتحلي ليس منها [146].
مناقشة:
نوقش هذا الدليل بأن ثقب أذن الأنثى فيه مصلحة مهمة للمرأة وهي التحلي، وقد فطر الله النساء علي حب التحلي والتزين قال تعالى { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين....} [147]، فالمرأة تكمل جمال خلقتها بما تلبسه من حلي وزينة[148]، وإنكار الفائدة من ثقب الأذن للتحلي أمر مخالف للعادة ، كما أن الأذى اليسير الذي يلحق الأنثى من ثقب الأذن لا يقاس في مقابل منفعة التحلي [149].
الترجيح
بعد عرضِ مذاهبِ الفقهاءِ وأدلتهم والمناقشة يبدوا لي - والله تعالى أعلم _ رجحان ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول القائل بجواز ثقب أذن المرأة للتزين والتحلي، وذلك لورود الأدلة الشرعية الدالة على ذلك .
- ولأن التزين والتحلي ضرورة وحاجة من حاجات النساء ، ويستوي في ذلك سواء كان ثقب أو أكثر من ثقب إذا كان من عادة النساء.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]