عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-03-2019, 04:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,156
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من فتاوى الأزهر (1-3)

فتاوى الحج من فتاوى الأزهر (1-3)
إدارة الملتقى الفقهي





جواز الحج بالأعضاء التعويضية
السؤال:
من السيد / ع م ك بطلبه المتضمن أن السائل يرغب في أداء فريضة الحج هذا العام، وأنه يستخدم جهازا صناعيا في ساقه اليسرى، إذ أن ساقه هذه بها ما يشبه الشلل، ويجد مشقة كبيرة في السير بدونه بمعنى أنه لا يستطيع السير حافي القدمين كما تتطلب مناسك الحج.
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في استخدامه هذا الجهاز أثناء قيامه بمناسك الحج.
فهل يجوز له شرعا استخدام هذا الجهاز في المناسك أم أنه لا يجوز.
وإذا كان غير جائز شرعا استخدام هذا الجهاز. فهل يجوز له شرعا أن يستخدم بدله حذاء كاوتشوك.
وهل إذا استخدم هذا الحذاء تجب عليه شرعا الفدية.
وما هي الفدية المقررة شرعا في هذه الحالة؟
الجواب:
الظاهر من السؤال أن السائل يجد حرجا ومشقة كبرى إذا سار على قدمه اليسرى بدون الجهاز الصناعي الذي يستخدمه في السير لضعف ساقه اليسرى وإصابتها بما يشبه الشلل.
وبما أن المقرر في فقه الحنفية أن من لبس المخيط أو المحيط لعذر فهو مخير إن شاء ذبح شاة، وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من طعام لكل مسكين نصف صاع، وإن شاء صام ثلاثة أيام لقوله تعالى {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} البقرة 196 ، فكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر، والآية نزلت في المعذور - ثم الصوم يجزئه في أي موضع شاء لأنه عبادة في كل مكان - وكذلك الصدقة لما بينا - أما النسك فيختص بالحرم بالاتفاق لأن الإراقة لم تعرف إلا في زمان أو مكان وهذا لم يختص بزمان فتعين اختصاصه بالمكان (هداية) كما قرر فقهاء الحنفية أيضا أن اللبس الذي يجب فيه الفدية في غير حالة العذر والتخيير بين الأشياء الثلاث في حالة العذر إنما هو اللبس المعتاد فقد قالوا (ولو ارتدى) أي ألقى على منكبيه كالرداء ولم يلبسه (أو اتشح بالقميص) الاتشاح أن يدخل ثوبه تحت يده اليمنى ويلقيه على منكبه الأيسر (أو اتزر) أي شد على وسطه السراويل فلا بأس به لعدم اللبس المعتاد (وكذا) لا بأس (لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في كميه) خلافا لزفر (مجمع الأنهر) وعلى ذلك فإن اللبس إذا تم بطريق غير معتاد وعلى وجه غير مألوف ومخالف لما جرى عليه العرف فلا تجب فدية ولا تخيير على من لبس على هذا الوجه.
وتأسيسا على ذلك ففي الحادثة موضوع السؤال نقول للسائل إن لبس الجهاز في ساقك غير معتاد وقد اقتضته ضرورة فلا حرج عليك شرعا في استعماله في مناسك الحج ولا تجب عليك فدية ولا تخيير أما لبس الحذاء الكاوتشوك فإذا كان الحذاء يغطى الكعبين فهو كلبس المحيط لعذر وأنت مخير بين الأمور الثلاثة.
ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام على الوجه السابق شرحه في بداية الجواب.
وإن كان الحذاء لا يغطى الكعبين فلا شيء عليك في استعماله شرعا.
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

الحج بمال فيه شبهة
السؤال:
من السيد المهندس / وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس جمعية تيسير الحج للعاملين به.
قال إن عدد أعضائها الآن خمسة وتسعون عضوا، وأن من أهم ما تهدف إليه تيسير الحج للعاملين المشتركين وأسرهم، حيث تقوم الجمعية بصرف مجموع مدخرات العضو الذي تصيبه القرعة لفترة خمس سنوات، ويقوم العضو بسداد ماتم صرفه مقدما على أقساط شهرية قدرها جنيهان، وأن حصيلة الأقساط الشهرية للأعضاء تضيق عن الوفاء بنفقات سفرهم، وأنه يوجد بالجهاز صندوق للخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية وهو صندوق تأميني تعاوني لا يرمى إلى الكسب، وموارد هذا الصندوق تتكون وفقا للمادة 13 من لائحة إنشائه من : أولا - ما يسدده العاملون بالجهاز من رسوم وتكاليف علاج وفقا للائحة الأساسية للصندوق.
ثانيا - الإعانة التي تخصص للصندوق سنويا من موازنة الجهاز.
ثالثا - ريع استثمار أمواله وهى مودعة حاليا ببنك ناصر الاجتماعي.
رابعا - ما يقرر مجلس الإدارة قبوله من الهبات والتبرعات.
خامسا - حصيلة الجزاءات المنصوص عليها للائحة العاملين بالجهاز.
سادسا - القروض التي يحصل عليها من البنوك.
وأن مجلس إدارة جمعية تيسير الحج بالجهاز طلب إعانة من هذا الصندوق لإمكان تيسير الحج للعاملين بمنحهم إعانة مضافة إلى مدخراتهم ويسأل المجلس عن مدى شرعية هذه الإعانة، وهل تنقص من ثواب فريضة الحج خاصة أنه سيتم صرفها لكافة الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج ولن يقتصر الصرف على غير القادرين؟.
الجواب:
إن الله سبحانه قال في فريضة الحج {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران 97 ، والاستطاعة أن يكون المسلم مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج فاضلا عن نفقة من تلزمه نفقته لحين عودته.
وقد اتفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمكلف مال لم يلزمه الحج وإن وهب له أجنبى مالا ليحج به لم يلزمه قبوله إجماعا.
ونص الفقهاء كذلك على أن من تكلف للحج وهو لا يلزمه وأمكنه ذلك من غير ضرر بنفسه ولا بغيره استحق له الحج، لما في هذا من إظهار الطاعة لله سبحانه والمبادرة لأداء الفرائض.
وفي شأن مصدر نفقات الحج، وهل يجوز أن يؤدى بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام قال فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعي إن الحج بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام يقع صحيحا وتسقط به الفريضة، وإن كان على الحاج بالمال الحرام إثم إنفاقه في طاعة الله، لأن الله سبحانه طيب يقبل الطيب كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} البقرة 267 ، ولكن فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل قالوا في هذا الموضع إن الحج بالمال الحرام أو المغصوب لا يسقط الفريضة.
لما كان ذلك وكانت جمعية تيسير الحج بالجهاز المركزي للمحاسبات قد طلبت إعانة من صندوق الخدمات الطبية بالجهاز، لإمكان تيسير الحج للعاملين بمنحهم الإعانة بالإضافة إلى مدخراتهم، تعيد النظر في مصادر تمويل هذا الصندوق المبينة بالمادة 13 من لائحته والمشار إليها بالسؤال على الوجه السابق ومدى انطباق وصف المال الحلال شرعا عليها.
ولما كان البادئ من هذه الموارد أن ما يخلص منها من كل شبه الحرام هو الإعانة التي تخصص للصندوق سنويا من موازنة الجهاز، وما يقبله مجلس الإدارة من الهبات والتبرعات.
أما باقي الموارد فتشوبه الحرمات.
وإذا كان ذلك تكون الإعانة التي قد تصرف لجمعية تيسير الحج من صندوق الخدمات الطبية بالجهاز مشروعة في نطاق هذا المال الحلال الذي لا تبدو فيه شبهات محرمة إذا تقررت من ذات الإعانة المخصصة للصندوق من موازنة الجهاز ومن الهبات والتبرعات التي يقرر مجلس الإدارة قبولها بشرط ألا تضر هذه الإعانة أو تستتبع الإخلال بالأهداف الأصلية لصندوق الخدمات الطبية باعتبار أن خدماته للجميع أعم وأشمل.
أما إذا تقررت الإعانة من جملة موارد الصندوق وفي بعضها شبهة الحرام، فإنه وفاقا لنصوص الفقهاء المشار إليها لا يكون الحج خالص المثوبة وإن سقط الفرض، بل إن مذهب الإمام أحمد بن حنبل أنه لا يسقط الحج بالمال الحرام ولا ثواب له.
هذا وإذا كان الانتفاع بخدمات هذا الصندوق الاجتماعية تتم طبقا لما يقرره مجلس إدارته الذي يختص بتحديد أنواع الأنشطة الاجتماعية، فإذا تقررت من هذا المجلس الإعانة لجمعية تيسير الحج من هذين الموردين اللذين ابتعدت عنهما شبهة الحرام كان صرفها لكافة الأعضاء الراغبين في أداء الحج جائزا شرعا بشرط اعتبار أن الجميع منتفعون أصلا بمال هذا الصندوق دون تمييز.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

أعمال الحج والعمرة
السؤال:
كثير من الناس يسألون عن الأعمال المتعلقة بالحج والعمرة وماذا يفعلون؟.
الجواب:
نحمدك الله ونستعينك ونستهديك الخير والتوفيق في القول والعمل، ونصلى ونسلم على رسولك الأمين محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
وبعد فهذه ورقة عمل أضعها بين يدى من كتب الله لهم حج بيته الحرام وأداء الركن الخامس في الإسلام، يسترشدون بها في تأدية المناسك في يسر الإسلام وسماحته امتثالا لقول الله سبحانه {وما جعل عليكم في الدين من حرج} الحج 78 ، أبتغي بها ثواب الله تعالى ورضوانه، وصالح الدعاء في مواطن القبول والإجابة من وفد الحجاج والعمار الذين تفضل الله عليهم فأعطاهم سؤالهم.
ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
الحج - قصد مكة لأداء عبادة الطواف، وسائر المناسك استجابة لأمر الله وابتغاء مرضاته.
وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفرض معلوم من الدين بالضرورة.
قال الله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} آل عمران 97 ، وقال سبحانه {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} الحج 27 ، 28 ، وفي حديث أبى هريرة رضي الله عنه فيما رواه البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".
وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن جراد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن".
وروى النسائى وابن ماجه وغيرهما من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم".
وفي فضل الإنفاق في الحج روى أحمد والبيهقي وغيرهم عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة ضعف".
وهو فرض على كل مسلمة ومسلم بالغ عاقل مستطيع، ويستحب المبادرة بأداء هذه الفريضة متى توافرت الاستطاعة.
نصائح وتوجيهات.
1 - على كل مسلمة ومسلم دعاه الله لحج بيته وعمرته أن يخلص التوبة إلى الله سبحانه، ويسأله غفران ذنوبه ليبدأ عهدا جديدا مع ربه، ويعقد معه صلحا لا يحنث فيه.
2 - من علامات الإخلاص أن يعد نفقة الحج من أطيب كسبه وحلاله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، ومن حج من مال غير حلال ولبى "لبيك اللهم لبيك".
قال الله سبحانه له - كما جاء في الحديث الشريف – "لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما في يديك".
3 - من مظاهر التوبة وصدق الإخلاص فيها أن تطهر المسلمة والمسلم نفسه ويخلص رقبته من المظالم وحقوق الغير، فيرد المظالم إلى أصحابها متى استطاع إلى ذلك سبيلا، ويتوب إلى الله ويستغفره فيما عجز عن رده وأن يصل أرحامه ويبر والديه ويترضى إخوانه وجيرانه.
4 - من الاستطاعة المشروطة لوجوب الحج القدرة على تحمل أعباء السفر ومشقاته، فلا عليك أيها المسلم إذا قعد بك عجزك الجسدي عن الحج، فإن الحج مفروض على القادر المستطيع.
5 - حافظ على نظافتك في الملبس والمأكل والمشرب وعلى نظافة الأماكن الشريفة التي تتردد عليها، لأن الإسلام دين النظافة، ألا ترى أنك لا تدخل الصلاة إلا بعد النظافة بالوضوء أو الاغتسال.
6 - لا تكلف نفسك فوق طاقتها في المال أو الجهد الجسدي واحرص على راحة غيرك، كما تحرص على راحة نفسك وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به - كما جاء في الحديث الشريف.
7 - قال تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة 195 ، {ولا تقتلوا أنفسكم} النساء 29 ، فلا تعرض نفسك للخطر بالصعود إلى قمم الجبال، أو الدأب على السهر ولو في العبادة فإن "خير الأعمال أدومها وإن قل".
8- احرص على التواجد في الحرم أكبر وقت ممكن ،والنظر إلى الكعبة ،وقراءة القرآن الكريم ،والطواف حول البيت كلما وجدت القدرة على ذلك.
9 - عليك أن تخبر أقرب الناس إليك بمبا لك أو عليك، وحث الأبناء والبنات والأهل والإخوان على تقوى الله والتمسك بآداب الدين والمحافظة على أداء فرائضه.
ها أنت أيها الحاج قد هيأت نفسك لبدء الرحلة المباركة، وقد أعددت ما يلزم لها ومن هذا اللازم.
ملابس الإحرام.
(أ) إزار - وهو ثوب من قماش تلفه على وسطك تستر به جسدك ما بين سرتك إلى ما دون ركبتك وخيره الجديد الأبيض الذي لا يشف عن العورة (بشكير).
(ب) رداء - وهو ثوب كذلك تستر به ما فوق سرتك إلى كتفيك فيما عدا رأسك ووجهك وخيره أيضا الجديد الأبيض (بشكير).
واحذر أن تلبس في مدة الإحرام فانلة أو جوربا أو جلبابا أو شيئا مما اعتدت لبسه من الثياب المفصلة المخيطة إلا إذا كنت مضطرا فلك أن تلبس ذلك مع الفدية.
فقد قال الله تعالى {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} البقرة 196.
(ج) نعل تلبسه في رجليك يظهر منه الكعب من كل رجل والمراد بالكعب هنا العظم المرتفع بظاهر القدم.
كل هذا للحاج الرجل، أما للمرأة الحاجة فتلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها ولا تكشف إلا وجهها وعليها ألا تزاحم الرجال، وأن تكون ملابسها واسعة لا تبرز تفاصيل الجسد وتلفت النظر والمستحب الأبيض.
متى تحدد موعد السفر بحمد الله ووسيلته.
فإذا كنت متوجها إلى المدينة المنورة أولا فلا تحرم ولا تلبس ملابس الإحرام، بل تبقى بملابسك العادية إلى أن تتم زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنتهي إقامتك بالمدينة.
وعندما تشرع في التوجه منها إلى مكة فإن عليك أن تحرم بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا حسبما تريد من المدينة ذاتها أو من ميقاتها (ذى الحليفة) وهو المكان المعروف الآن (بآبار على) قرب المدينة في الطريق منها إلى مكة أو من رابغ.
وإذا كانت ممن يسافرون في الأفواج المتأخرة الذاهبة من جدة إلى مكة مباشرة، فلك أن تنوى الحج والعمرة معا وتسمى (قارنا) أي جامعا بينهما ولك أن تحرم بالعمرة فقط، أو أن تحرم بالحج فقط.
فإذا ركبت الباخرة واقتربت بك من الميقات وهو (الجحفة) قرب رابغ بالنسبة للمصريين وأهل الشام فتهيأ للإحرام بحلق شعرك وقص أظافرك ثم اغتسل في الباخرة استعدادا للإحرام وهو غسل للنظافة لا للفريضة ،أو توضأ إن لم يتيسر لك الاغتسال وضع على جسدك شيئا من الرائحة الطيبة المباحة والبس ملابس الإحرام الموصوفة آنفا ومتى لبست ثياب الإحرام على هذا الوجه أى بعد التطهر بالاغتسال أو الوضوء، صل ركعتين سنة وانو في قلبك عقب الفراغ من أدائهما ما تريد من العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا إذا نويت القران بينهما وقل اللهم إنى نويت (كذا) فيسره لى وتقبله منى.
ثم قل (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) وبهذا القول بعد تلك النية تصير محرما بما نويت وقصدت (العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا) لأن هذه التلبية بمثابة تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة.
ومتى صرت محرما على هذا الوجه فلا تفعل، بل ولا تقترب مما صار محرما عليك بهذا الإحرام وهو تغطية الرأس، وحلق الشعر أو شده من أى جزء من الجسد، ولا تقص الأظافر ولا تستخدم الطيب والروائح العطرية، ولا تخالط زوجتك أو تفعل معها دواعي المخالطة كاللمس والتقبيل بالشهوة ولا تلبس أى مخيط ولا تتعرض لصيد البر الوحشي أو لشجر الحرم، وإذا فعل المحرم واحدا من هذه المحظورات قبل رمى جمرة العقبة في عاشر ذي الحجة صح حجه وصحت عمرته ولكن عليه أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، أما الجماع قبل رمى جمرة العقبة (التحلل الأول) فإنه يفسد الحج وعلى من فعل ذلك أن يعيد الحج مرة أخرى في عام قادم ويحرم على المرأة تغطية الوجه واليدين.
ومحظور على المسلمة وعلى المسلم المخاصمة والجدال بالباطل مع الرفقة لقول الله سبحانه {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} البقرة 197 ، وإذا كنت مسافرا بالطائرة فاستعد بالإحرام وأنت في بيتك أو في المطار أو في داخل الطائرة والبس ملابس الإحرام إن لم يكن بك عذر مانع من لبسها ثم انو ما تريد من عمرة أو حج ولب بالعبارة السابقة بعد ارتداء ملابس الإحرام أو عند استقرارك في الطائرة أو عقب تحركها وذلك كما تقدم متى كنت متوجها إلى مكة مباشرة من جدة أما إذا كنت متوجها إلى المدينة أولا فكن عاديا في كل شيء.
ومتى أحرمت ونويت ولبيت - كما سبق - صار محظور عليك الوقوع في شيء من تلك المحظورات.
ما يباح للمحرم.
بعد الإحرام يباح الاغتسال وتغيير ملابس الإحرام واستعمال الصابون للتنظيف ولو كانت له رائحة.
وللمرأة غسل شعرها ونقضه وامتشاطه فقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في ذلك بقوله (انقضى رأسك وامتشطي) رواه مسلم.
ويباح أيضا - الحجامة وفقء الدمل ونزع الضرس وقطع العرق وحك الرأس والجسد دون شد الشعر، ويباح النظر في المرآة والتداوي أما شم الروائح الطيبة فدائر بين الكراهة والتحريم ومن ثم يستحب أن يمتنع الحج عن استعمالها قصدا أما ما يحدث من الجلوس أو المرور في مكان طيب الرائحة فلا كراهة فيه ولا تحريم.
ويباح التظلل بمظلة أو خيمة أو سقف والاكتحال والخضاب بالحناء للتداوي لا للزينة ويباح قتل الذباب والنمل والقراد والغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور وكل ما من شأنه الأذى.
أما حشرات جسد الآدمي كالبرغوث والقمل فللمحرم إلقاؤها وله قتلها ولا شيء عليه وإن كان إلقاؤها أهون من قتلها، وإذا احتلم المحرم أو فكر أو نظر فأنزل فلا شيء عليه عند الشافعية.
ها أنت أيها الحاج أو المعتمر على مشارف مكة محرما، فمتى دخلتها بعون الله وتوفيقه اطمئن أولا على أمتعتك في مكان إقامتك، ثم اغتسل إن استطعت أو توضأ ثم توجه إلى البيت الحرام لتطوف طواف العمرة إن نويتها أو طواف القدوم إن كنت قد نويت الحج وكبر وهلل عند رؤية الكعبة المشرفة وقل (الحمد لله الذي بلغنى بيته الحرام، اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام) ثم ادع بما يفتح الله به عليك فالدعاء في هذا المقام مقبول بإذن الله.
وإذا لم تحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فادع بما شئت وبما يمليه عليك قلبك ولا تشغل نفسك بالقراءة من كتاب غير القرآن فهو الذي تقرؤه وتكثر من تلاوته.
ثم اقصد إلى مكان الطواف لتبدأه وأنت متطهر، واستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود واجعله على يمينك لتمر أمامه بكل بدنك، واستقبله بوجهك وصدرك، وارفع يديك حين استقباله كما ترفعها في تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة ناويا الطواف مكبرا مهللا معلنا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم اجعل الكعبة على يسارك مبتدئا من قبالة الحجر الأسود، وسر في المطاف مع الطائفين حتى تتم سبعة أشواط بادئا بالحجر الأسود ومنتهيا إليه في كل شوط، ولا تشتغل في الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله ومن أفضل الدعاء ما جاء في القرآن الكريم كقوله تعالى {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} البقرة 201 ، ولا ترفع صوتك ولا تؤذ غيرك واستشعر الإخلاص فالله يقول {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} الأعراف.
ركعتا الطواف.
فإذا فرغت من أشواط الطواف السبعة.
فتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصل فيه منفردا ركعتين خفيفتين ناويا بهما سنة الطواف أو صلهما في أي مكان في المسجد إن لم تجد متسعا في مقام إبراهيم وادع الله بما تشاء وما يفتح به عليك، ثم توجه إلى الملتزم وهو المكان الذي بين باب الكعبة والحجر الأسود، وإذا استطعت الوصول إليه فضع صدرك عليه مادا ذراعيك متعلقا بأستار الكعبة، واسأل الله من فضله لنفسك ولغيرك فان الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله.
اشرب من ماء زمزم.
ثم توجه إلى صنابير مياه زمزم واشرب منها ما استطعت، فإن ماءها لما شرب له كما في الحديث الشريف.
السعى بين الصفا والمروة.
ثم ارجع بعد شربك من ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزم واسع بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به في قوله {إن الصفا والمروة من شعائر الله} البقرة 158 ، ومتى صعدت إلى الصفا فهلل وكبر واستقبل الكعبة المشرفة وصل على النبى المصطفي، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك ،ثم ابدأ أشواط السعي سيرا عاديا من الصفا إلى المروة في المسار المعد لذلك مراعيا النظام والابتعاد عن الإيذاء، وأسرع قليلا في سيرك بين الميلين الأخضرين (في المسعى علامة تدل عليهما) وهذا الإسراع هو ما يسمى (هرولة) وهى خاصة بالرجال دون النساء، فإذا بلغت المروة قف عليها قليلا مكبرا مهللا مصليا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،جاعلا الكعبة تجاه وجهك داعيا الله بما تشاء من خيري الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد، ثم تابع الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار وردد ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن (رب اغفر وارحم واعف عما تعلم أنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم).
وبانتهائك من أشواط السعى السبعة تكون قد أتممت العمرة التي نويتها حين الإحرام.
وبعدها احلق رأسك بالموسى أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء، وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، فليبس ما شاء ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى، ومتى تمتعت على هذا الوجه بالتحلل من إحرام العمرة قبل الإحرام بالحج فقد وجب عليك ذبح هدى امتثالا لقول الله تعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام} البقرة 196 ، وهذا الهدى يجوز ذبحه بمكة عقب الانتهاء من التحلل من العمرة كما يجوز ذبحه بمنى في يوم العيد أو في أيام التشريق التالية له أو في مكة بعد عودتك من منى، ولك أن تأكل منه.
أما من أحرم بالحج فقط أو كان محرما قارنا بين الحج والعمرة ، فإن عليه حين وصوله إلى مكة محرما وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرما حتى يؤدى مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة.
إعادة الإحرام للحج.
إذا كنت متمتعا ففي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة ويسمى (يوم التروية) تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه في الإحرام حين بدء الرحلة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة على الطهارة غسلا أو وضوءا ثم صل ركعتين بالمسجد الحرام إن استطعت وانو الحج وقل إن شئت - اللهم إني أردت الحج فيسره لى وتقبله منى.
ثم قل (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) ومتى قلت ذلك بعد تلك النية صرت محرما بالحج ورددها كلما استطعت في سيرك ووقوفك وجلوسك وارفع بها صوتك دون إيذاء لغيرك والمرأة تلبى في سرها ، وداوم عليها وأنت في الطريق إلى منى وإلى عرفات وفي عرفات وحين الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة وفي هذه الأخيرة وعند وصولك إلى منى يوم النحر ولا تقطعها حتى تبدأ في رمى جمرة العقبة.
الحج عرفة.
ثم استعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة، لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء في الحديث الشريف "الحج عرفة" فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره أى لحظة ولو مقدار سجدتين واقفا أو جالسا أو ماشيا أو راكبا في أي وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار في آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه أى قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل ويحسن أن تكون على طهارة، وأفضل الدعاء على عرفة ما جاء في الحديث الشريف "أفضل الدعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي - لا إله إلا الله وحدث لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير" واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك راجيا عفوه طامعا في رحمته ورضوانه متمثلا يوم الحشر الأكبر فإن عرفة صورة منه فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجا.
الصلاة بمسجد نمرة.
صل الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين (ركعتين) مجموعتين جمع تقديم أي صلهما في وقت الظهر مع الإمام في مسجد نمرة إذا استطعت ولا تفصل بينهما بنافلة، وإلا فصلهما حيث كنت في خيمتك كلا منهما في وقتها أو جمعا في وقت الظهر.
إلى مزدلفة.
وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة وعند الوصول إليها يؤدى الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير في وقت العشاء ولك أن تبيت بمزدلفة حتى تصلى بها الصبح ثم تتوجه إلى منى وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة وكلها موقف وهى المشعر الحرام.
وفيها أكثر من الذكر والدعاء والاستغفار والطلب من الله واجمع من أرضها الحصيات التي سترمى بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى وهى سبع حصيات كل واحدة منها في حجم حبة الفول، ولك أن تجمعها من أى مكان غير مزدلفة، ولك أن تجمع جميع حصيات الرمى في الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر وإحدى وعشرون للجمرات الثلاث في ثاني أيام العيد ومثلها في ثالث أيامه ومن بقى بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمى الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل في اليومين الثاني والثالث.
الذهاب إلى منى.
بعد المبيت وصلاة الفجر في منى اقصد إلى جمرة العقبة وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوالي وارم بقوة وقل - بسم الله والله أكبر رغما للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا.
واقطع التلبية التي التزمتها منذ أحرمت، وإياك ورمى هذه الجمرات أو غيرها بالحجارة الكبيرة أو العصي أو الزجاج أو الأحذية كما يفعل بعض الناس لأن كل هذا مخالف للسنة الشريفة ،ولك أن تؤجل الرمي لآخر النهار ولا حرج عليك.
الإنابة في الرمي.
إذا عجز الحاج عن الرمي بنفسه لمرض أو لعذر مانع في وقته جاز أن يوكل غيره في الرمى عنه بعد رمى الوكيل لنفسه.
التحلل من إحرام الحج.
بعد رمى جمرة العقبة هذه يحلق الحاج رأسه أو يقصر من شعره وتقصر الحاجة من أطراف شعرها ولا تحلق وبهذا الحلق أو التقصير يحصل التحلل من إحرام الحج ويحل ما كان محرما ما عدا الاتصال الجنسي بين الزوجين فإن هذا لا يحل إلا بعد طواف الإفاضة الذي قال الله في شأنه {وليطوفوا بالبيت العتيق} الحج 29 ، طواف الإفاضة.
بعد رمى جمرة العقبة والتحلل بالحلق أو التقصير يذهب الحاج إلى مكة للطواف بالكعبة سبعة أشواط هي طواف الفرض ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة وقد سبق بيان أحكام الطواف، ثم يصلى ركعتين في مقام إبراهيم ويشرب من ماء زمزم ويسعى بين الصفا والمروة على ما تقدم بيانه.
المبيت بمنى ورمى باقى الجمرات.
بعد طواف الإفاضة عد إلى منى في نفس اليوم وبت فيها ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة ،ويجوز أن تبقى في مكة ثم تتم الليلة بمنى كما يجوز أن تستمر في منى وتتم الليل بمكة، ولك ألا تبيت بمنى وإن كره ذلك لغير عذر ومن الأعذار عدم تيسر مكان المبيت ولكن يلزمك إذا لم تبت في منى أن تحضر إليها لرمى الجمرات.
أماكن رمى الجمرات الثلاث ووقته.
الصغرى وهى القريبة من مسجد الخيف ثم الوسطى وهى التي تليها وعلى مقربة منها ثم العقبة وهى الأخيرة ارم هذه الجمرات في كل من يومي ثاني وثالث أيام العيد كل واحدة بسبع حصيات كما فعلت حين رميت جمرة العقبة في يوم العيد.
ووقت رمى هذه الجمرات من الزوال إلى الغروب وبعد الغروب أيضا ولكن الأفضل عقب الزوال لموافقة فعل الرسول صلى الله عليه وسلم متى كان هذا ميسورا دون حرج.
وقد أجاز الرمي قبل الظهر عطاء وطاووس وغيرهما من الفقهاء.
وأجاز الرافعي من الشافعية رمى هذه الجمرات من الفجر وهذا كله موافق لإحدى الروايات عن الإمام أبى حنيفة.
قال تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة 185 ، وقال سبحانه {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} البقرة 286 ، حيض المرأة قبل طواف الإفاضة.
للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها التخلف حتى انقطاعه أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف، أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع في بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف في أيام الانقطاع عملا بأحد قولي الإمام الشافعي القائل إن النقاء في أيام انقطاع الحيض طهر وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد.
وأجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها في هذه الحال باعتبار حيضها - مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر - من الأعذار الشرعية.
وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها ثم إن النفساء حكمها كالحائض في هذا الموضع.
طواف الوداع.
اسمه يدل على الغرض منه لأنه توديع للبيت الحرام وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك وقد اتفق العلماء على أنه مشروع متى فعله الحاج سافر بعده فورا ثم اختلف العلماء في حكم هذا الطواف هل هو واجب أو سنة بالأول قال فقهاء الأحناف والحنابلة ورواية عن الشافعي وبالقول الآخر قال مالك وداود وابن المنذر وهو أحد قول الشافعي.
يستحب تعجيل العودة.
فيما رواه الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله فإنه أعظم لأجره".
زيارة المدينة المنورة.
إذا لم تكن أيها الحاج قد بدأت هذه الرحلة المباركة بزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن السنة وقد فرغت من مناسك الحج أن تقوم بها فإنه من أعظم الطاعات وأفضل القربات وفي فضلها أحاديث شريفة كثيرة، ولتقصد من الزيارة الصلاة في حرمه الآمن تحصيلا للثواب فقد ورد في الحديث الشريف عن صاحب هذا الحرم صلى الله عليه وسلم "صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " رواه أحمد في مسنده عن عبدالله بن الزبير.
خطة هذه الزيارة وآدبها.
يسن للزائر - بعد أن يطمئن على أمتعته ومحل إقامته - أن يغتسل يلبس أحسن ثيابه ويتطيب وإذا لم يتيسر الاغتسال اكتفي بالوضوء.
ثم يتوجه إلى الحرم النبوي متواضعا في سكينة ووقار فإذا دخل من باب المسجد قصد إلى الروضة الشريفة وهى بين القبر الشريف والمنبر النبوي، وصلى فيها ركعتين تحية المسجد - ويدعو الله مجتهدا في الدعاء لأنه في روضة من رياض الجنة وفي مهبط الرحمة وموطن الإجابة إن شاء الله.
فإذا انتهى الزائر من تحية المسجد والجلوس في الروضة الشريفة ، توجه إلى قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، ووقف قبالة موضع الرأس الشريف في أدب واحترام، ويسلم على الرسول في صوت خفيض ، ويقول السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبى السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك بلغت الرسالة - وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده.
ثم يصلى الزائر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغ إليه سلامنا وسلام من أوصوه.
ثم يترك هذا الموضع إلى اليمين قليلا بما يساوى ذراعا (أقل من المتر) ليجد نفسه واقفا قبالة رأس الصديق أبى بكر رضي الله عنه، فيسلم عليه بقوله السلام عليك يا خليفة رسول الله ، السلام عليك يا صاحب رسول الله في الغار، السلام عليك يا أمينه في الأسرار جزاك الله عنا أفضل ما جزى إماما عن أمة نبيه.
ثم يتجاوز مكانه إلى اليمين قدر ذراع أيضا ليجد نفسه واقفا قبالة رأس عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقول السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا مظهر الإسلام السلام عليك يا مكسر الأصنام ، جزاك الله عنا أفضل الجزاء.
وبعد هذا يستقبل الزائر القبلة ويدعو بما شاء لنفسه ولوالديه وأهله ولمن أوصاه بالدعاء شاملا جميع المسلمين.
وينبغي للزائر ألا يلمس حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقبل الحواجز ولا الحيطان ولا يطوف حولها، لأن هذا منهى عنه في أحاديث وفيرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
وينبغي للزائر كذلك أن يغتنم مدة وجوده في المدينة فيصلى في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، وعليه أن يكثر من النوافل في الروضة الشريفة، وأن يكثر من تلاوة القرآن الكريم فيها ومن الدعاء والاستغفار والتسبيح.
ومن المستحب زيارة أهل البقيع حيث دفن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والصالحين، كما يزور شهداء أحد وقبر سيد الشهداء الحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء أول مسجد بناه الرسول.
وفي ختام الإقامة بالمدينة لا تفارقها أيها الزائر إلا بعد أن تصلى ركعتين في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتزور الرسول وصاحبيه، وتسأل الله تيسير العودة لهذه الزيارة وتكرارها.
خلاصة.
1- إذا أردت العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا فلا تجاوز الميقات إلا محرما بالشروط المتقدمة.
2 - للمحرم أن يلبس النظارة وساعة اليد والخاتم المباح، وأن يشد على وسطه الحزام ونحوه.
وللمرأة أن تلبس الحلي المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان دون تبرج، وإن كان الأولى البعد عن الألوان الملفتة والزينة والاكتفاء ببعض الثياب.
3 - لا بأس باستخدام الصابون ولو كانت له رائحة لأنه ليس من الطيب المحظور.
4 - الممنوع على الرجال لبس المخيط المفصل على البدن والثياب التي تحيط به وتستمسك بنفسها ولو لم تكن بها خياطة كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز.
5 - للحاج بعد الإحرام إصلاح الإزار والرداء وجمع قطعها على بعض للارتداء وتشبيكها لستر العورة ولا يعتبر مخيطا ولا محيطا.
6 - الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، وللحائض والنفساء عند الإحرام أن تأتى بكل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ورمى الجمرات وما إليهما، لكنها لا تطوف ولا تسعى لأنها ممنوعة من الدخول في المسجد.
إلا في طواف الإفاضة إذا ضاق وقتها عن المكث في مكة إلى أن ينقطع دمها، فلها أن تغسل الموضع وتعصبه حتى لا يسقط الدم وتطوف حسبما تقدم بيان وجهه.
وليس لها ذلك في طواف الوداع، إذ لو فاجأها الحيض فيه أو قبله تركته وسافرت مع فوجها ولا شيء عليها.
7 - كشف الكتف الأيمن للرجال في الإحرام لا محل له وهو مندوب فقط للرجال عند بدء طواف بعده سعى، ولو تركه المحرم في طوافه في شيء في تركه.
8 - تحية البيت الحرام الطواف لمن أراده عند دخوله، ومن لم يرده فليصل ركعتين تحية المسجد قبل الجلوس والأولى الطواف للمستطيع.
9 - يكره للرجال المزاحمة على استلام الحجر الأسود، ويحرم هذا على النساء منعا من التصاقهن بالرجال.
10 -إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعي فصل مع الإمام جماعة لتحصيل ثوابها، ثم أكمل الطواف والسعي من حيث توقفت، ويجوز لمن يعجز عن موالاة الطواف أو السعي أن يستريح بين الأشواط بقدر ما يستعيد نشاطه.
11 - الوضوء شرط في طواف الركن للحج أو العمرة وليس شرطا في السعى ولكن الأفضل أن يكون الساعي متوضئا.
12 - كل من لزمه هدى قران أو تمتع أو جزاء، إذا لم يجده أو لم يجد ثمنه، أو كان محتاجا إلى ثمنه في ضرورات سفره أو احتياجا شرعيا لنفقته في حجه وجب عليه بديله وهو صوم ثلاثة أيام متتابعة في الحج بعد إحرامه له لا يتجاوز بها يوم عرفة والأولى ألا يصوم يوم عرفه.
ثم سبعة أيام متتابعة بعد رجوعه إلى وطنه وإذا فاته صوم الثلاثة في الحج أو عجز عنها هناك صام العشرة جميعا بعد العودة إلى أهله.
13- إذا دخلت المرأة مكة محرمة بالعمرة فقط ثم فاجأها المحيض وخشيت امتداده وفوات وقت الإحرام بالحج (يوم الثامن من ذى الحجة) أحرمت بالحج وصارت قارنة، وعليها دم القران.
14- لا حرج في المرور بين يدي المصلين في الحرم وصلاة النفل جائزة فيه في كل وقت بمعنى أنها غير ممنوعة في الأوقات المكروهة.
والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا، ربنا إنك الغفور الرحيم.
وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن تبع دينه ووالاه
******
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]