عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-03-2019, 05:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (الطواف حول الكعبة)

فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (الطواف حول الكعبة)
الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين





س 813: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل الأفضل للحجاج تكرار الطواف بالبيت؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا تكرر الطواف بالبيت ودع الطواف للمعتمرين والحجاج الذين لم يحلوا من أحرامهم، فإذا قال الإنسان: ما الدليل؟ قلنا: الدليل سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة حاجاً حجة الوداع، قدمها في اليوم الرابع من ذي الحجة وبقي قبل الخروج إلى منى أربعة أيام ولم يطف إلا ثلاث مرات فقط، طواف القدوم أول ما قدم، وطواف الإفاضة يوم العيد، وطواف الوداع حين سافر فقط، ما طاف غير هذا وإذا لم يكن طاف غير سوى ثلاثة أطوفة فلنا فيه أسوة ولا سيما في أوقاتنا هذه زحام شديد والإنسان يؤدي الطواف وكأنه يطارد الموت فدع المطاف لأهل الطواف، وتطوع بما شئت من الصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن وغير ذلك.

س 814: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يقول فضيلة الشيخ ذكرتم في إحدى الفتاوى أن من طاف بولده لم يجزىء الطواف حتى يطوف عن نفسه أولاً، ثم يطوف بولده فما دليل ذلك من الكتاب أو السنة؟ وما رأيكم بمن يقول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للمرأة التي رفعت صبيها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت ألهذا حج؟ قال: "نعم " فلم يقل لها بالتفصيل هذا، أرجو إقناع من يعترض على ذلك بهذا الحديث؟
فأجاب فضيلته بقوله: أولاً نحن قلنا إن بعض العلماء يقول بهذا، أما رأيى في الموضوع فإنه إذا كان الولد المحمول يعقل النية، وقال له أبوه، أو حامله الذي يطوف، قال له: انو الطواف، فحمله ونوى الطواف عن نفسه، والحامل نوى الطواف عن نفسه فيجزىء عن الاثنين، وذلك لأن المحمول استقل بنيته، أما إذا كان المحمول لا يعقل النية ونوى الحامل عنه وعن المحمول فلا يمكن أن يكون نيتان في فعل واحد ويجزىء عن اثنين هذا ما نراه في هذه المسألة.
وأما حديث المرأة فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكر لها إلا أن له حجة فقط، ولم يقل غير ذلك، فلم يتعرض للطواف، ولا للسعي، ولا للوقوف بعرفة ولا لغيرها، فليس فيه دليل على أنه يجزىء أن يحمل الإنسان صبياً لا يعقل النية ثم يجزيء عنه وعن الصبي.

س 815: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل التكبير عند الحجر الأسود ركن من أركان الطواف، وإذا مررت من عند الحجر الأسود ولم أكبر هل أعيد ذلك الشوط؟
فأجاب فضيلته بقوله: التكبير عند محاذاة الحجر الأسود سنة، وليس بواجب، فلو تركته ولو عمداً فطوافك صحيح.

س 816: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما رأيكم فيما يفعله كثير من الطائفين الذين يقفون على الخط المحاذي للحجر الأسود لأجل التكبير، ويظنون أنه لابد من التكبير على الخط، وأنه لا يجوز تجاوزه إلا بعد التكبير مما يكون سبباً للزحام ومضايقة الطائفين؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: أقول هذا الخط الذي وضع على قلب الحجر الأسود هو من نعمة الله عز وجل على كل الحجاج والمعتمرين، ذلك لأن الإنسان لا يتيقن محاذاة الحجر بدون هذا الخط، وما أكثر ما كنا نقف هل حاذينا الحجر؟ هل تقدمنا؟ هل تأخرنا؟ لكن لما جاء هذا الخط صرنا نتيقن أن بدأنا الطواف من حيث يبدأ، وانتهينا به من حيث ينتهي.
أما مسألة الوقوف فقد طفنا نحن في أيام السعة، وفي أيام الضيق لم نجد هذا الذي يقوله بعض الناس- وإن كان الحج في الحقيقة كالبحر أمواج- لكن ما لقينا أحد، بعض العوام ربما يقفون، ولكن مع ذلك إذا كان الزحام شديداً لا يتمكنون من الوقوف طويلاً، لأن الناس يدفعونهم، وكان الناس في الزمن السابق يقفون في مساحة أوسع من هذه المساحة، لأن كل واحد منهم يقول: حاذيت الحجر ويقف ويشير إلى الحجر، أما الآن فانحصر الموقف عند هذا الخط، فأرى أنه من نعمة الله، ومن حسنات الحكومة- وفقها الله عز وجل- وكان بالأول خطان أحدهما عن يمين الحجر والثاني عن يساره، أرادوا به أن يحتاط الإنسان عند ابتداء الطواف أن يبدأ من الخط اليسار، ويحتاط في انتهاء الطواف فيصل إلى الخط اليمين، وحصل في ذلك إشكال، لأن هذين الخطين يكون الحجر بينهما فيحصل إشكال تجد بعض الناس يبتدىء من الخط الثاني الأيمن فينقص الشوط الأول، وبعض الناس ينتهي في الشوط الأخير عند الخط الأيسر، فينقص الشوط الأخير ثم بعد ذلك رأى أن تزال الخطان، وأن تجعلا خطاً واحداً، فإذا أردت أن تعرف ضرورة الناس إلى هذا الخط فانظر منتهاهم عند باب الصفا، فالذي يقف عند منتهاه من عند باب الصفا، يقول: سبحان الله هذا من محاذاة الحجر؛ لأنه يظن أن محاذاة الحجر قبل هذا بأمتار، وإذا ظن هذا ووقف في الشوط الأخير قبل أن يصل إلى المنتهى ما صح الشوط الأخير فيرجع بدون طواف، فالمهم أن هذا والحمد لله آثاره حسنة جداً وحفظ للطواف لا نظير له، وإذا وقف الناس ثلاث ثواني فإنهم لا يمكنهم الوقوف طويلاً مع زحام الناس لهم، مع أني وأقول ذلك مشهداً أياكم على هذا. ما رأيت هذا الشيء، بمعنى أن كثيراً منهم يشير بيده وهو ماشي والذي يقف ثواني ولا دقيقة واحدة.

س 817: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يسن الاضطباع في الطواف في الثلاثة أشواط الأول فقط أو في جميع الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: الاضطباع في السبعة أشواط كلها، والذي في الثلاثة الأولى هو الرمل فقط، أما الاضطباع فهو جميع الطواف، ولا اضطباع قبل الطواف ولا بعد الطواف، وهذه المسألة ينبغي لنا أن نعرفها وأن نعلم إخواننا المسلمين، فأكثر المسلمين اليوم من حين أن يحرم تجده مضطبعاً، وهذا ليس من السنة، فالاضطباع لا يكون قبل الطواف ولا بعده، إنما يكون في حال الطواف فقط.

س 818: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكمة من الطواف؟ وما الجواب عما أورده بعض الزنادقة من أن الطواف بالبيت كالطواف على القبور؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكمة من الطواف بيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " فالطائف الذي يدور على بيت الله تعالى يقوم بقلبه من تعظيم الله تعالى ما يجعله ذاكراً لله تعالى، وتكون حركاته بالمشي والتقبيل، واستلام الحجر والركن اليماني، والإشارة إلى الحجر ذكراً لله تعالى، لأنها من عبادته، وكل العبادات ذكر لله تعالى بالمعنى العام، وأما ما ينطق به بلسانه من التكبير والذكر والدعاء فظاهر أنه من ذكر الله تعالى.
وأما تقبيل الحجر فإنه عبادة حيث يقبل الإنسان حجراً لا علاقة له به سوى التعبد لله تعالى، بتعظيم واتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، كما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أنه قال حين قبّل الحجر "إني لأعلم أنك حجر لاتضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك " .
وأما ما يظن بعض الجهال من أن المقصود بذلك التبرك فإنه لا أصل له فيكون باطلاً.
وأما ما أورده بعض الزنادقة من أن الطواف بالبيت كالطواف على قبور أوليائهم وأنه وثنية، فذاك من زندقتهم وإلحادهم، فإن المؤمنين ما طافوا به إلا بأمر الله وما كان بأمر الله فالقيام به عبادة لله تعالى، ألا ترى أن السجود لغير الله شرك أكبر، ولما أمر الله تعالى الملائكة أن يسجدوا لآدم كان السجود لآدم عبادة لله تعالى وكان ترك السجود له كفراً. وحينئذ يكون الطواف بالبيت عبادة من أجل العبادات، وهو ركن في الحج، والحج أحد أركان الإسلام، ولهذا يجد الطائف بالبيت إذا كان المطاف هادئاً من لذة الطواف، وشعور قلبه بالقرب من ربه ما يتبين به علو شأنه وفضله، والله المستعان. كتبه محمد الصالح العثيمين في 21/ 1/1406 هـ

س 819: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نحن في بلاد غير إسلامية يكثر فيها غير المسلمين وكان بينهم وبين المسلمين مناظرة وفي هذه المناظرة أثيرت شبهة وهي أن أهل الكتاب قالوا: إنكم أيها المسلمون تشركون بالله؛ لأنكم تطوفون بالكعبة ومن ضمنها الحجر الأسود، فكيف نرد على هذه الشبهة علما بأنهم رفضوا قبول النصوص بتاتا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نرد على هذه الشبهة بأننا ندور على الكعبة لا تعظيماً للكعبة لذاتها، ولكن تعظيماً لله عز وجل" لأنه رب البيت، وقد قال الله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} والذين يطوفون بالبيت ليسوا يسألون البيت يقولون: يا أيتها الكعبة أقضي حوائجنا، اغفري ذنوبنا، أرحمينا أبداً، بل هم يدعون الله عز وجل، ويذكرون الله، ويسألون الله المغفرة والرحمة، بخلاف النصارى عابدو الصلبان الذين يعبدون الصليب ويركعون له، ويسجدون له، ويدعونه، ومن سفههم أن الصليب- كما يدعون- هو الذي صلب عليه المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فكيف يعظمون ما كان المقصود به تعذيب نبيهم عليه الصلاة والسلام وكيف يعظمونه؟! ولكن هذا من جملة ضياع النصارى وسفاهتهم، على أننا نحن المسلمين لا نرى أن عيسى عليه الصلاة والسلام قتل، أو صلب، لأن ربنا عز وجل يقول: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} وهات أي واحد من المسلمين حقاً يقول: إنه يطوف بالكعبة من أجل أن تكشف ضره، أو تحصل ما يطلب، لن تجد أحداً كذلك.

س 820: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكمة من تقبيل الحجر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكمة من تقبيل الحجر بينها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- حيث قال: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك " فهذه الحكمة التعبد لله عز وجل باتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تقبيل هذا الحجر، وإلا فهو حجر لا يضر ولا ينفع، كما قال أمير المؤمنين، ومع ذلك فإنه لا يخلو من ذكر الله عز وجل، لأن المشروع أن يكبر الإنسان عند ذلك، فيجمع بين التعبد لله تعالى بالتكبير والتعظيم، والتعبد لله عز وجل بتقبيل هذا الحجر باتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبه يعرف أن ما يفعله بعض الناس من كونه يمسح الحجر بيده ثم يمسح على وجهه وصدره تبركاً بذلك، فإنه خطأ وضلال وليس بصحيح، وليس المقصود من استلام الحجر أو تقبيله التبرك، بل المقصود به التعبد لله باتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك يقال: استلام الركن اليماني المقصود به التعبد لله باتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث كان يستلمه، ولهذا لا يشرع استلام بقية الأركان فالكعبة القائمة الآن فيها أركان أربعة: الحجر، والركن اليماني، والركن الغربي، والركن الشمالي، فالحجر يستحب فيه الاستلام والتقبيل فإن لم يمكن فالإشارة، والركن اليماني يسن فيه الاستلام دون التقبيل فإن لم يمكن الاستلام فالإشارة، والركن الغربي والشمالي لا يسن فيهما استلام ولا تقبيل ولا إشارة، وقد رأى ابن عباس- رضي الله عنهما- أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- يطوف ويستلم الآركان الأربعة، فأنكر عليه، فقال له معاوية: (إنه ليس شيء من البيت مهجوراً) يعني كل البيت معظم، فقال له ابن عباس: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستلم الركنين اليمانيين- يعنى الحجر الأسود والركن اليماني- فتوقف معاوية- رضي الله عنه- وصار لا يستلم إلا الركنين اليمانيين اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا واجب على كل أحد سواء كان صغيراً، أو كبيراً، كل الناس أما الشرع سواء، وفيه فضيلة ابن عباس- رضي الله- عنهما وفضيلة معاوية- رضي الله عنه- نسأل الله أن يوفق رعيتنا ورعاتنا لما فيه الخير والسداد والتعاون على البر والتقوى.

س 821: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل السنة الإشارة إلى الحجر إذا لم يستطع الاستلام في كلل شوط باليدين أم بيد واحدة؟ وما حكم المرور بين يدي المصلى في الحرم؟
فأجاب فضيلته بقوله: السنة أن تشير بيد واحدة فقط، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستلمه بيد واحدة، ففي ذلك الإشارة إلى أن تكون الإشارة بيد واحدة وهي اليمنى.
ولا يجوز المرور بين يدي المصلي في الحرم، كما لا يجوز المرور بين يدي المصلي في غيره، والأحاديث الواردة في تحريم المرور بين يدي المصلي عامة لم يخصص منها شيء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم المار بين يدي المصلي لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه " وقد فسر أربعين بأنها أربعين سنة لكان خيراً من أن يمر بين يديه، وبإمكان الإنسان أن لا يمر بين يدي المصلي، بل يمر بينه وبين صاحبه الذي إلى جنبه فيشق الصفوف شقاً، ولا يمر بينها عرضا.

س 822: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الاضطباع ومتى يشرع؟
فأجاب فضيلته بقوله: الاضطباع أن يكشف الإنسان كتفه الأيمن، ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر، وهو مشروع في طواف القدوم، وأما في غيره فإنه ليس بمشروع.

س 823: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: متى يكون الاضطباع؟ هل هو من الميقات أو عند بداية طواف القدوم؟ وهل يستر عاتقيه قبل ركعتي الطواف أو بعدهما؟ وهل يشرع الاضطباع في الطواف فقط أم في الطواف والسعي؟ وما الحكم فيمن ترك الاضطباع؟
فأجاب فضيلته بقوله: الاضطباع هو أن يخرج الإنسان الطائف كتفه الإيمن، ويجعل طرف الرداء على الكتف الأيسر، وهو سنة في طواف القدوم خاصة، وليس بواجب فلو لم يفعله الإنسان فلا حرج عليه، ولا يشرع إلا في الطواف، فإذا أتم الطواف قبل أن يصلى ركعتي الطواف ستر منكبه، ويكون في جميع الأشواط السبعة، بخلاف الرمّل فإنه يكون في الثلاثة الأشواط لأولى فقط. ومن ترك الاضطباع فلا شيء عليه.

س 824: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الاضطباع في طواف الوداع؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين: طواف الوداع لا اضطباع فيه؛ لأن الإنسان ليس بمحرم، فالإنسان يطوف طواف الوداع وعليه ثيابه المعتادة، ليس عليه إزار ورداء، وحتى لو فرض أنه ليس لديه ثياب معتاد كالقميص وأن عليه رداءً وإزاراً فإنه لا يضطبع، لأن الاضطباع إنما هو في الطواف أول ما يقدم الإنسان إلى مكة.

س 825: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: جعلت طواف الإفاضة يقوم مقام طواف الوداع وكان علىَّ إحرامي فاضطبعت في هذه الحال فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا اضطباع، لأن الاضطباع إنما هو في الطواف أول ما يقدم الإنسان إلى مكة كطواف العمرة، أو طواف القدوم.

س 826: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: سبق أن حججت من مدة خمس سنوات أو ست سنوات تقريباً، وبدل أن أعمل السنة في الاضطباع عكست الأمر فجعلت طرف ردائي تحت إبطي الأيسر وغطيت منكبي الأيمن فهل عليّ شيء في ذلك من هدي أو فدي؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك هدي ولا فدي، فإن كان ذلك نسيانًا منك فنرجو أن يكتب لك الأجر كاملاً؛ لأنك قصدت الفعل وأخطأت في صفته، وإن كان هذا عن تخرص فنرجو الله تعالى أن يعفو عنك، وأن لا تعود إلى التخرص في الدين، بل تسأل أهل العلم حتى تعبد الله على بصيرة.

س 827: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الاضطباع في طواف الوداع، وسبق أن حججت وعكست الأمر فجعلت طرفي ردائي تحت إبطي الأيسر وغطيت منكبي الأيمن، فهل عليَّ شيء؟
فأجاب فضيلته بقوله: الاضطباع إنما يكون في طواف القدوم وهو الطواف أول مايصل الإنسان إلى مكة، سواء كان طواف عمرة، أو طواف قدوم في حق القارن والمفرد، وليس في طواف الوداع اضطباع لأن الإنسان في طواف الوداع قد لبس ثيابه المعتادة فلا محل للاضطباع هنا، وعلى كل حال فكون هذا الرجل أيضاً يعكس الاضطباع فيبدي الكتف الأيسر بدلا عن الكتف الأيمن هذا أمر هو معذور فيه، والله تعالى يثيبه على نيته، ولكن الفعل لم يحصله فلا ثواب له على الفعل نفسه، إنما له ثواب على النية التي أراد منها أن يوافق الصواب في فعله، ولم يوفق له.
س 828: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل لبس ملابس الإحرام لكنه لم يترك الذراع الأيمن مكشوفاً وغطى الصدر والظهر والذراعين فهل عليه شيء؟ وإذا أمسك بمظلة لحماية رأسه من الشمس فهل عليه شيء؟ وكذلك لو لبس حزاماً من الجلد حول وسطه فوق الإزار وهو مخيط فهل يؤثر هذا على صحة الإحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: المسألة الأولى إذا لم يكشف كتفه الأيمن، والواقع أن أكثر الحجاج يغلطون في هذه المسألة حيث يكشفون الكتف من حين الإحرام إلى أن يحلوا من الإحرام، وهذا سببه الجهل، وذلك لأن كشف الكتف الأيمن إنما يشرع في حال طواف القدوم فقط، وعلى هذا فإذا أحرمت فإنك تغطي جميع الكتفين حتى تشرع في طواف القدوم، فإذا شرعت في طواف القدوم اضطبعت بأن تكشف الكتف الأيمن، وتجعل طرف الرداء على الكتف الأيسر، فإذا فرغت من الطواف أعدت الرداء على ما كان عليه- أي غطيت الكتفين جميعاً- وبهذا يزول الإشكال الذي ذكره السائل.
وأما المسألة الثانية وهي: حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس فإن هذا لا بأس به ولا حرج، ولا يدخل هذا في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تغطية رأس الرجل، لأن هذا ليس تغطية، بل هو تظليل من الشمس والحر، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان معه أسامة بن زيد وبلال- رضي الله عنهما- أحدهما يقود به راحلته، والثاني رافع ثوبه يظلله من الشمس، حتى رمى جمرة العقبة وهذا دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل.
وأما المسألة الثالثة وهي: وضع الحزام على وسطه فإنه لا بأس به ولا حرج فيه، وقوله (مع أنه مخيط) هذا القول مبني على فهم خاطىء من بعض العامة، حيث ظنوا أن معنى قول العلماء (يحرم على المحرم لبس المخيط) ظنوا أن المراد به ما كان فيه خياطة، وليس كذلك ومراد أهل العلم بلبس المخيط ما كان مخيطاً على قدر العضو، ولبسه على هيئته المعتادة، كالقميص والسراويل والفنيلة وما أشبهها، وليس مراد أهل العلم ما كان فيه خياطة، ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع أو بإزار مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس، وإن كان خيط بعضه ببعض، وعلى هذا يجوز جميع أنواع الأحزمة، وما يسمى منها بالكمر لحفظ النقود وغير ذلك.

س 829: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكم فيمن قدّم سعي عمرته على الطواف؟ وما الحكم فيمن بدأ السعي بالمروة وانتهى بالصفا؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما الأول: فإن سعيه لا يصح وعليه أن يعيد مرة ثانية، لأنه وقع في غير محله.
أما الثاني: وهو بدأته بالمروة فإنه يلغى الشوط الأول، ويكون الشوط الثاني هو الشوط الأول ثم يتم عليه سبعة.

س 830: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الطواف يومياً تطوعاً وجعله أحياناً للأقارب الأحياء أو الأموات؟
فأجاب فضيلته بقوله: الطواف بلا شك من العبادات قال الله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} والإكثار منه سنة هل الطواف أفضل أم الصلاة أفضل؟ فمنهم من قال: الصلاة أفضل، ومنهم من قال: الطواف أفضل، منهم من فصل وقال: الطواف لغير أهل مكة أفضل، لأنه لا يحصل لهم كل ما شاءوا، والصلاة لأهل مكة أفضل لأنه متى شاءوا طافوا بالبيت، والصواب أن يقال: انظر ما هو أخشع لقلبك وأنفع، فقد يكون الطواف أحياناً أنفع للإنسان وأخشع للإنسان، ويكون الطواف أفضل، ويكون أحيانا الطواف أخشع للقلب وأنفع للعبد فتكون الصلاة أفضل وفي وقتنا الحاضر كما تشاهدون المطاف يكون مزدحما ويزاحمك فيه النساء، وربما يكون الإنسان ممن لا يملك نفسه فيقع في الفتنة، فإذا انزوى في زاوية من المسجد الحرام وأبعد عن الضوضاء وعن مرور الناس بين يديه وقام يصلى بخشوع وخضوع فإن هذه الصلاة أفضل من الطواف، أما إذا لم يكن هناك فتنة في الطواف ولا مزاحمة نساء وهو بعيد في مثل أوقاتنا هذه وكان يخشع في الطواف أكثر ما يخشع في الصلاة فالطواف أفضل.

س 831: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- الحجر الأسود يطيب فهل يجوز للمحرم أن يمسه ويقبله؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان على الحجر الأسود طيب ويلصق باليد إذا مسه الإنسان فإن المحرم لا يمسه، لأن المحرم لا يجوز أن يمس شيئاً فيه طيب يعلق بيده، لأن هذا تعمد للتطيب والمحرم ممنوع عن التطيب، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة فمات قال: "لا تحنطوه " أي: لا تجعلوا فيه طيباً، فالطيب حرام على المحرم، فإذا تيقن أن في الحجر الأسود طيباً وأنه يعلق باليد فلا يمس الحجر، لكن قد يكون جاهلاً ويمس الحجر ويكون قد طيب ويعلق بيده، ففي هذه الحال يجب عليه فوراً أن يزيل هذا الطيب إما بمسحه بمنديل أو بغير ذلك من الأشياء التي تزيله.

س 832: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- يكون الركن اليماني أو الحجر الأسود مطيبين أحياناً فما حكم استلامهما للمعتمر وهما بهما هذا الطيب؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحجر الأسود والركن اليماني يطيبهما بعض الناس تعظيماً لبيت الله عز وجل، وهو يشكر على هذه النية، لكن إذا كان الطيب لا يعلق باليد وإنما هو رائحة فإنه لا يضر المحرم شيئاً، لأنه لا يعلق بيده، وإن كان الطيب كثيراً بحيث يعلق باليد فليتجنب المحرم استلام الحجر الأسود والركن اليماني، وحينئذ يكون فوت على نفسه سنة من السنن، وسبب تفويت هذه السنة تطيب هذين الركنين، وعلى هذا فيكون الذي يطيبها بطيب يعلق بأيدي الماسحين قد جنا على المحرمين بحرمانهم من هذه السنة، فيكون الذي طيب هذين الركنين أراد خيراً، ولكنه وقع في منع المحرمين من فعل سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا ينبغي لمن طيب هذين الركنين أن يمسحهما أولاً حتى لا يبقى إلا الرائحة.

س 833: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- رجل لم يتمكن من استقبال الحجر الأسود من شدة الزحام فنوى إلغاء هذا الشوط وأتى بشوط آخر بدل من هذا الشوط وأتم الأشواط السبعة فهل هذا صحيح؟ وبعض الأشواط استدبر الكعبة؟
فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: يجب أن نعلم أن استقبال الحجر ليس بواجب فلو مر الإنسان وهو يطوف ولم يستقبل الحجر ولم يشر إليه، ولم يستلمه، فطوافه صحيح، لأن استقبال الحجر ليس بواجب وتقبيله ليس بواجب، ما دام دار سبع مرات على الكعبة فقد تم طوافه، ثم إني أقول: إن هذا الخط البني الذي وضع في محاذاة الحجر المقصود منه العلامة فقط، وليس الوقوف عنده وإنما هو علامة لمبتدأ الطواف ومنتهاه، لأنه لولا هذه العلامة لتشكك الناس: هل أنا ابتدأت من مبتدأ صحيح أو لا؟ فوضع هذا الخط ليتيقن الإنسان أنه ابتدأ مبتدأ صحيحاً، وليس المراد أن تقف وتدعو، فهذا غلط وقوفك يعوق الطائفين، فلا تقف لأن هذا غير مشروع، وأما كون هذا الرجل الأخ السائل زاد شوطاً من أجل أنه لم يستقبل الحجر فهذا تفقه باطل وجهل مركب، لأنه لا يدري فزاد شوطاً ثامناً بناء على أن هذا هو المشروع، وليس كذلك إذن فهو جاهل جهلاً مركباً والجاهل البسيط أحسن حالاً من الجاهل المركب، ونحن نضرب مثالاً: سأل سائل متى كانت غزوة بدر؟ فقال المسؤول: كانت في رمضان في السنة الثانية من الهجرة. فهذا صحيح، وهذا الجواب مبني على علم، وسأل سائل: متى كانت غزوة بدر؟ فقال المسؤول: لا أدري فالمسؤول جاهل لكن جهله بسيط يقول: لا أعلم، لأن الله يقول: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} أنا لا أدري، وسأل سائل ثالث: متى كانت غزوة بدر؟ فقال المسؤول: كانت غزوة بدر في رجب في السنة الثالثة من الهجرة. فهذا جاهل جهلاً مركباً، لأنه أخبر بخلاف الصواب وهو لا يدري أنه أخطأ، فجهله مركب من أمرين: الجهل بالواقع، والجهل بحاله يظن أنه يدري وهو لا يدري. والجاهل البسيط خير من الجاهل المركب. فعلى كل حال نقول: لهذا الأخ الذي زاد شوطاً ثامناً لعدم استقبال الحجر نقول: إنك إن شاء الله مأجور، لأنك اجتهدت ولكنك أخطأت والمجتهد إذا عمل العمل فإن الله لا يضيع أجره، خرج رجلان من الصحابة- رضي الله عنهم- فحضرت الصلاة ولم يجدا ماء فتيمما وصليا ثم وجد الماء بعد الصلاة، أما أحدهما فتوضأ وأعاد الصلاة، وأما الآخر فتوضأ ولم يعد الصلاة، فذكرا ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال للذي لم يعد "أصبت السنة". وقال للآخر: "لك الأجر مرتين " ، فالذي أصاب السنة لا شك أنه أصح، أما الثاني فأجر لأنه عمل العمل يظنه واجباً عليه فأجره الله على عمله لكنه لم يصب السنة، ولهذا لو أن الإنسان بعد أن بلغه هذا الحديث ذهب وأعاد الصلاة بعد أن تيمم وصلاها، لقلنا: إنه لا أجر لك؛ لأنك علمت أن الصلاة لا تعاد.

ص 834: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان الإنسان يطوف وسلم عليه أحد فهل يرد عليه؟ وإذا أطال الحديث فماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سلم عليك إنسان وأنت تطوف فقل عليك السلام، ولو صار يحدثك: أنا سافرت من أهلي وأتيت إلى مكة وأحرمت عند الميقات، وفعلت وفعلت، واشغلك عن الطواف. فتقول: يا أخي دعني أنا في عبادة، لكن لو سألك إنسان سؤال مضطر فقال: ما تقول فيما إذا طفت ودخلت مع باب الحجر، فذا تجيبه؛ لأن هذا ضرورة ولا بأس.

ص 835: هل يجوز للطائف أن يقرأ القرآن وهو يطوف بالمصحف أو عن ظهر قلب، ولو قال: أنا أريد أن أقرأ القرآن بصوت مرتفع وبتجويد أيجوز أو لا يجوز؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للإنسان أن يرفع صوته بالقرآن ليشوش على الآخرين، ولا في الدعاء من باب أولى؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على أصحابه ذات يوم وهم يقرءون ويجهرون بالقراءة فقال: "لا يؤذي بعضكم بعضاً بالقراءة" لا تجهر به فتؤذي غيرك، فكيف بالدعاء؟ ربما يكون صوتك قوياً فاتق الله، قال الله تبارك تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وأنت إذا دعيت وجهرت على إخوانك شوشت عليهم لا يدرون ماذا يقولون، فأتق الله يا أخي واعلم أن الله يسمع وإذا كان يسمع فلماذا ترفع صوتك هذا الرفع؟! ثم إني أقول: هؤلاء الذين يرفعون أصواتهم ليسمعهم من خلفهم إن هؤلاء الذين يدعون خلفهم- وأظن والعلم عند الله- أن هذا الذي يجيب الداعي برفع الصوت لا يدري ما يقول وإنما يمشي معه ويتبعه بدون دليل، والمشروع للمسلمين في الطواف وفي المسعى أن يدعوا ربهم تضرعاً وخفية، تضرعاً في القلوب، وخفية في اللسان بدون صوت مزعج، وإذا أتى الإنسان إلى المطاف في غير أيام المواسم والناس يدعون الله كل يدعو لنفسه يخفى ويتضرع فيجد لذة عظيمة في الطواف، وكذلك في السعي تجد هذا لذلك جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " . فينبغي للحجاج أن يتأملوا في هذا الحديث ويفكروا لا أن يأتوا من بلادهم تاركين أهليهم وأولادهم وباذلين الأموال الكثيرة من أجل أن يأتوا ويؤدوا هذا الحركات وهذه الأقوال دون أن تتأثر القلوب نسأل الله تعالى أن يجعل حجنا مبروراً، وذنبنا مغفوراً، وسعينا مشكوراً، وأن يجعلنا أخوة صادقين متألفين في دين الله.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]