الموضوع: هل أحتاجه حقا؟
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-03-2019, 12:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي هل أحتاجه حقا؟

هل أحتاجه حقا؟



عبير النحاس





منذُ وقتٍ ليس ببعيد كنت قد كتبت قصّة للأطفال تحكي عن فتاة صَغيرة تمتلك حُلما جميلا تشْتهي فيه أن تمتَلك حاسوبا خاصَّا بها , و بدأتْ تجمع النقود لتحقِّق حلمها الكبير هذا , و لكنّ مشْوارا واحدا إلى السّوق كان كفيلا بتبديده أو تأجيلهُ على الأقل , فقد فقدتْ تلك الفتاة مقاومتها أمام أشياء جميلة قامت بشرائِها و أطعمةٍ لذيذةٍ لم تسْتطع الابتعاد عن متجرِها قبل أن تشتَري الكثيرَ منها .

في الحقيقة كانت تلك الفتاة هي أنا , و كانت هذه القصّة تتكرر معي مرارا , فقد كانت التخفيضات تستنزِف الكثير من مدّخراتي التي كنتُ أجمعها لشراءِ أشياءَ أكثر أهمية و أكثر ضرورة مما أشتريه فيها , و لكن عدم قدرتي على مقاومة الملابس الجميلة و الأنيقة مثلا كانت تغلِب دائما , و كان يغيب عن بالي و أنا في قمة الضعف أمام قطعة ملابس كلاسيكية تعجبني أنني أمتلك ما يشبهها , فأعود إلى المنزل بما لا أحتاجه , و تضيع أو تؤجّل مشاريع مهمة كنت أستعْجلها .

و قد اتّبعت الكثير من الوصفات و النصائِح التي تعجّ بها الشّبكة العنكبوتيّة و كتب التدْبير المنزلي , و عملتُ جاهدة على التخلص من ضعفي أمام الأشياء التي تسْحرني و تبقيني تحت تأثيرها حالمة أنظر إليها .

و قد كانت فكرة عدَم الشّراء من المرّة الأولى أكثرُ الوصفات جدوى, و كانت هي النّاجحة حقا , و قد استطعتُ بفضْلها أن أتخلّص من مشْكلتي , و من سحر الواجهات الذي لا يقاوم أيضا , فما عدْت أشتري القطعة تحت تأثير سِحرها أبدا بل أعود إلى المنزل بصورتها في مخيّلتي لأبحث عن مكان لها بين قوائم حاجاتي الحقيقية , و أفكر في رغبتي الفعليّة بها , فإن رأيت أنها لازِمة عدت نحوها في اليوم التالي , و إن لم يكن تناسيتها حتى أنساها, و قد انفكَ عني سحرها بعد ابتعادي عنها أولا .

قاومت بالطّبع الكثير من الأشياء الجميلة و الأنيقة , و لكنني بالمقابل اسْتطعت الحصول على أشياء رائعة مهمة و ضرورية كنت أحرم نفسي منها بضعفي و عدم قدرتي على المقاومة .

و اليوم إذ أقدّم لك يا فتاتي خلاصة تجربة مرَرت بها , فقد فعلت هذا لتنظري أين تستنزف طاقاتك الهامة , فقد تكون الطّاقة هي المال , و قد تكون الجهد و طاقة البدن , و قد تكون الوقت و الذي هو أثْمن ما نملك .

فلتنظري قبل أن تسْتنزفي مالك أو وقتك أو جهدك.. إلى ما يمكن أن تستفيدي به من هذا الفعل و هل سيضيف شيئا إلى قائِمة أهدافك أو صحيفة حسناتك أم أنه هدر و كفى , و ربما سيزيد من متاعبك لاحقا لأن هناك قائمة طويلة من الإنجاز و الأمور الهامة ما زالت تنتظرك , و لتسألي نفسك قبل المضي في عمل ما أو صفقة :

- هل أحتاجه حقا ؟
و عندها ستكونين أقدر على مقاومةِ الأمور التافهة , و ستعودين إلى ما يجب حقّا عليك فعله بكلّ حبًّ و سرور .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.94%)]