فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين
س1226: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة أدت فريضة الحج هي وزوجها العام الماضي وقد أدت المناسك جميعاً عدا طواف الإفاضة وقد كانت في كامل صحتها ولكن لشدة الزحام وخوفاً من أن يغمى عليها وقد بدأت فعلاً أن تختنق ثم خرجت في الشوط الأول من الطواف وأدى زوجها الطواف في اليوم الثاني فجراً وخرجوا من مكة ولم يبق لديها الوقت الكافي ماذا يجب عليها أن تفعل بعد هذه المدة؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحقيقة أن هذه المسألة من المسائل الهامة التي لا ينبغي تأخير السؤال عنها إلى مثل هذا الوقت، بعد مضي أحد عشر شهراً من الحج إن كنت أديته في العام الماضي، أو أكثر إن كنت أديته قبل ذلك، ومثل هذه الحال على حسب ما نعرفه من كلام أهل العلم ما زلت على حجك، لأن طواف الإفاضة ركن لابد منه، ولهذا لما قيل للنبي عليه الصلاة والسلام إن صفية- رضي الله عنها- حائض قال: "أحابستنا هي؟ " ولو كان أحد ينوب عن أحد في طواف الإفاضة ما كان هناك حبس، ولأمكن أن يطاف عن صفية، ولا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "أحابستنا هي " وعلى هذا فأنت لا تزالي في الحج، والواجب عليك الآن أن تذهبي إلى مكة، وأن تؤدي هذا الركن الذي فرضه الله عليك في قوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُو ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) وهذا ما جاءت به السنة أيضاً بأن التحلل الثاني لا يحصل إلا بطواف الإفاضة والسعي فتعتبرين لم تحلي التحلل الثاني، فنسأل الله أن يعيننا وإياك، هذا ما نراه في هذه المسألة، وإن رأيت أن تستفتي غيرنا في هذا فلا حرج.
س1227: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول: لقد قمت بأداء فريضة الحج في العام الماضي وأديت جميع شعائر الحج ما عدا طواف الإفاضة وطواف الوداع حيث منعني منهما عذر شرعي، فرجعت إلى بيتي بالمدينة المنورة آملاً بأن أعود في يوم من الأيام لأطوف طواف الإفاضة وطواف الوداع ولجهل مني بأمور الدين فقد تحللت من كلل شيء وفعلت كلل شيء يحرم أثناء الإحرام فسألت عن رجوعي لأطوف فقيل لي: لا يصح لك أن تذهبي لتطوفي فقد أفسدتي حجك وعليك الإعادة، أي إعادة الحج مرة أخرى في العام المقبل مع ذبح بقرة أو ناقة فهل هذا صحيح؟ وإذا كان هناك حل آخر فما هو؟ وهل فسد حجي وعلي إعادته؟ أفيدوني عما يجب عليه فعله بارك الله فيكم؟.
فأجاب فضيلته بقوله: هذا من البلاء الذي يحصل بالفتوى بغير علم، وأنت في هذه الحال يجب عليك أن ترجعي إلى مكة وتطوفي طواف الإفاضة فقط، أما طواف الوداع فليس عليك طواف وداع ما دمت كنت حائضاً عند الخروج من مكة، وذلك لأن الحائض ليس عليها طواف وداع، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما-: (أمر الناس بأن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض) . وفي رواية لأبي داود: (أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف) ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخبر أن صفية- رضي الله عنها- قد طافت طواف الإفاضة قال: "فلتنفر إذًا" دل هذا على أن طواف الوداع يسقط عن الحائض، أما طواف الإفاضة فلابد لك منه، وأما كنت تحللتي من كل شيء جاهلة، فإن هذا لا يضرك، لأن الجاهل الذي يفعل شيئاً من محظورات الإجرام لا شيء عليه، لقوله تعالى: (رَبَّنَا لاّ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقال الله تعالى: قد فعلت، ولقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) فجميع المحظورات التي منعها الله تعالى على الحرم إذا فعلها جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فلا شيء عليه، لكن عليه متى زال عذره أن يعود ويقلع عما تلبس به.
س1228: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم تستطع المرأة أن تطوف الإفاضة يوم النحر وأخرت ذلك إلى أيام التشريق هل يجوز أن تطوف لوحدها بدون محرم، أم يجب أن يكون المحرم معها أثناء الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يشترط في طواف المرأة أن يكون معها محرم، إذا أمنت على نفسها ولم تخش الضياع، فإن كانت لا تأمن على نفسها من الفساق، أو كانت تخشى أن تضيع فلابد من محرم يكون معها حماية لها ودلالة على المكان، وهذا عام في طواف الإفاضة، وفي طواف الوداعِ، وفيِ طواف التطوع.
س1229: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة، وحان وقت مغادرتها ولا تستطيع التأخر، ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى، فكيف تصنع؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا.
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة، وحاضت، ويتعذر أن تبقى في مكة، أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف، ففي هذه الحال يجوز لها أن تفعل واحداً من أمرين:
الأول: إما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم، وتطوف، إذا لم يكن عليها ضرر في هذه الإبر.
الثاني: وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة، وهذا القول هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية،- رحمه الله- وخلاف ذلك واحد من أمرين:
1 - إما أن تبقى على ما بقي من إحرامها، بحيث لا يحل لزوجها مباشرتها، ولا أن يعقد عليها إن كانت غير متزوجة.
2 - وإما أن تعتبر محصرة تذبح هدياً، وتحل من إحرامها، وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها، وكلا الأمرين أمر صعب، الأمر الأول وهو بقاؤها على ما بقي من إحرامها، والأمر الثاني الذي يفوت عليها حجها، فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في مثل هذه الحال للضرورة، وقد قال الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وقال: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.
أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر، فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج، وفي هذه المدة لا تحل للأزواج؛ لأنها لم تحل التحلل الثاني.
س1230: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة أصابها الحيض ولم تطف طواف الإفاضة ويشق محليها البقاء في مكة هل ترجع إلى بلدها وهو خارج المواقيت فإذا طهرت رجعت إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كانت المرأة حائضاً ولا يمكنها أن تنتظر الطهر في مكة، فلا حرج عليها أن تخرج إلى بلدها، فإذا طهرت عادت، لكنها في هذه الحال لا يقربها زوجها إذا كانت ذات زوج، لأنها لم تحل التحلل الثاني.
س1231: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: امرأة حاجة حاضت قبل طواف الإفاضة فماذا تفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة فإنه يجب عليها أن تنتظر حتى تطهر، وإن شاءت خرجت من مكة، لكنها تخرج على إحرامها، فإذا كانت ذات زوج فإن زوجها لا يقربها، فإذا طهرت عادت إلى مكة وطافت طواف الإفاضة، ويحسن في هذه الحال أن تحرم بالعمرة فتطوف وتسعى للعمرة وتقصر ثم تأتي بطواف الإفاضة، لكن إذا كانت في بلد لا يمكنها الرجوع، ولا يمكنها البقاء مثل أن تكون في اندونيسيا، أو في باكستان، أو في بنغلادش، أو في مصر، أو في المغرب، أو في مكان لا يمكنها أبدأً أن ترجع، فإننا في هذه الحال نقول: تتحفظ، أي تضع على فرجها شيئاً تتحفظ به من نزول الدم ثم تطوف ولو كانت حائضاً، وطوافها هنا جاز للضرورة، لأننا بين ثلاثة أمور: إما أن نقول: لا تطوفي وارجعي إلى بلدك، وأنت على ما بقيت عليه من الإحرام، وفي هذا من المشقة ما لا يحتمل، لأن مقتضى ذلك أن تبقى إن كانت متزوجة لا يقربها زوجها، وإن كانت غير متزوجة تبقى بلا زوج، لأنه لا يمكن أن يعقد عليها، وهي لم تتحلل التحلل الثاني، وهذا لا شك أن فيه مشقة شديدة.
وإما أن نقول: اعتبري نفسك طفت وتحللي بهدى، وهذه الحجة ليست لك، وهذا فيه مشقة عظيمة لاسيما امرأة لم يتيسر لها الحج إلا هذه السنة ولن يتيسر لها في المستقبل.
وإما نقول: تلجمي بحفاظ وطوفي وأنت على حيضك للضرورة، ولا شك أن هذا القول هو أقرب الأقوال إلى قواعد الشرع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وعلى هذا فنقول لهذه المرأة التي لا يمكنها أن تبقى ولا يمكنها أن ترجع، تلجمي أي تحفظي وطوفي، ولا حرج عليك.
س1232: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن امرأة حجت ولم تطف طواف الإفاضة ولا طواف الوداع لكونها حائضاً فماذا يلزمها؟
فأجاب فضيلته بقوله: عليها أن ترجع إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة فقط، أما طواف الوداع فليس عليها طواف وداع، ما دامت حائضاً عند الخروج من مكة، وذلك لأن الحائض لا يلزمها طواف الوداع، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما-: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" .
فدل هذا على أن طواف الوداع يسقط عن الحائض، أما طواف الإفاضة فلابد منه.
س1233: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج مع زوجته مفرداً، ولم تستطع زوجته أن تطوف طواف الحج فطاف عنها وذهب إلى بلده فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أنه لا تصح الاستنابة في الطواف والسعي، وغاية ما ورد الاستنابة فيه رمي الجمرات، والذي يجب على هذه المرأة أن تعود الآن إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة، وتسعى إن لم تكن قد سعت، وإن أتت بعمرة كاملة، ثم أتت بما بقي من حجها فهو أحسن، حتى لا تدخل إلى مكة إلا وهي محرمة، وإن شق عليها ذلك، فلا حرج أن تدخل مكة وتطوف طواف الإفاضة وترجع.
س1234: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يكفي طواف واحد وسعي واحد للقارن؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج وسعي الحج عن العمرة والحج جميعاً، ويكون طواف القدوم طواف سنة، وإن شاء قدم السعي بعد طواف القدوم كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن شاء أخره إلى يوم العيد بعد طواف الإفاضة، ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان يوم العيد فإنه يطوف طواف الإفاضة فقط ولا يسعى لأنه سعى من قبل، والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان للعمرة والحج جميعاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها وكانت قارنة: "طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك" فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن طواف القارن وسعي القارن يكفي للحج والعمرة جميعاً.
س1235: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة طافت طواف الإفاضة في الدور الثاني من الحرم، وبعد أن طافت شوطين تعبت فقطعت الطواف وخرجت من مكة، فهل يلزمها شيء؟ وهل تجبر حجها؟ وهل عليها إعادته؟
فأجاب فضيلته بقوله: حجها لم يتم حتى الآن لأنه بقي عليها ركن من أركانه، وعليه فهي لا تزال لم تحل التحلل الثاني، فلا يجوز إذا كانت ذات زوج أن تتصل بزوجها، حتى تذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة، وحال رجوعها إلى مكة يرى بعض أهل العلم أنها إذا ذهبت إلى مكة من بلدها فإنها تحرم بعمرة أولاً فتطوف وتسعى وتقصر للعمرة، ثم بعد ذلك تطوف طواف الإفاضة، ثم بعد ذلك إذا رجعت فوراً بعد طواف الإفاضة فإنه لا يجب عليها أن تطوف طواف الوداع للعمرة؛ لأنه في الحقيقة صار آخر عهدها بالبيت. وبالنسبة لترك طواف الوداع في الحج فهي معذورة بالجهل فيما يظهر لي أنها تجهل هذا الأمر، فإذا كانت معذورة بالجهل فالأمر في هذا واسع، وربما أنها أيضاً تعبت تعباً جسمياً لا تستطيع معه الطواف لا راكبة، لا محمولة ولا ماشية، فإذا لم يكن عذر فإنه يجب عليها أيضاً ما يجب على تارك الواجب الحج فيما قال أهل العلم وهو أيضاً فدية تذبح بمكة شاة وتوزع على الفقراء من غير أن يأخذ منها صاحبها شيئاً.
وعلى كل حال هي الآن معلقة ما تم حجها، ولا تحللت التحلل الثاني، بحيث إنه لا يجوز لها جميع ما يتعلق بالنكاح من عقد، أو مباشرة، أو غيره، فهي الآن معلقة، ولا ينبغي أن تتهاون في هذا الأمر، لاسيما والوسائل ولله الحمد متيسرة، فيجب عليها أن تذهب وتطوف لتكمل حجها.
س1236: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت إلى حج بيت الله الحرام إلا أنها سعت بين الصفا والمروة سبعة أشواط قبل أن تطوف الكعبة فما تقولون في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول: إن كان هذا في الحج فالصحيح أنه لا بأس به، كما لو نزلت يوم العيد لطواف الإفاضة وسعى الحج، فسعت قبل أن تطوف فإنه لا حرفي عليها في ذلك؛ لأن النبي كليم سأله رجل فمْال: سعيت قبل أن أطوف فقال: "لا حرج" وهو حديث جيد، وصححه بعض أهل العلم، وهو داخل في عموم قوله في الحديث الصحيح: ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" . والأول ذكر السعي من رواية أبي داود، والثاني في الصحيحين.
وأما إذا كان ذلك في العمرة فإن جماهير أهل العلم يرون أن السعي فاسد بتقديمه على الطواف، وفي هذه الحال إذا كان السعي فاسداً، فإن هذا المرأة تكون قد أدخلت الحج على العمرة قبل إكمالها وتكون قارنة، وحينئذ يكون نسكها تاماً.
ويرى بعض أهل العلم -وهم قلة- أن تقديم السعي على الطواف حتى في العمرة إذا كان عن جهل فإنه لا يضر، فحلى كل حال هذه المرأة حجها صحيح، وعمرتها تامة سواء كانت متمتعة، أم قارنة، ولا شيء عليها.
فإن قيل: كيف تنتقل من التمتع إلى القران؟
قيل: إحلالها لا يمنع مادام النسك باقياً؛ لأن من خصائص الحج والعمرة أن النية لا تؤثر فيهما، بمعنى أن الإنسان لو نوى الخروج ونسكه باقي لم يخرج من ذلك، فلو تحلل ورفض إحرامه وقد بقي عليه شيء منه، فإنه لا ينفع هذا التحلل ولا يخوج منه بالنية، وهذا من خصائص الحج، وعلى هذا فإذا كانت تحللت على أنها عمرتها انقضت وهي لم تنقض فعمرتها باقية، ولا يلزمها شيء عن هذا التحلل لأنها جاهلة.
س1237: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج يقول: قدمت زوجتي من مصر للإقامة معي بجدة في الرابع من ذي الحجة، وقامت بأداء العمرة والحج ثم تحللت بنية التمتع ثم قمنا بأداء الحج غير أنها لم تكرر السعي، بل اكتفينا بسعي العمرة عملاً بمن قال ذلك من العلماء، حيث قرأنا أن فيه خلافاً بين العلماء، وأرشدنا أحد الأخوة إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أن سعي العمرة يجزئ عن سعي الحج لمن لم يكرر السعي. وبناء عليه لم نسع ورجعنا إلى جدة، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواقع أن كثيراً من المسائل في الفقه في الدين لا تخلو من خلاف، وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده، فهذا حرام، ولهذا قال العلماء: (من تتبع الرخص فقد فسق) أي صار فاسقاً.
ومن المعلوم أن اختيار شيخ الإسلام- رحمه الله- هو ما ذكره السائل أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة. وله أدلة فيها شبهة. ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان: سعي للحج، وسعي للعمرة، كما دل على ذلك حديثا عائشة- رضي الله عنها- وابن عباس- رضي الله عنهما- وهما في البخاري . وعليهما جماهير أهل العلم.
والنظر يقتضي ذلك "لأن الحج والعمرة في حج التمتع كل عبادة منفردة عن الأخرى، ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج، ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة. ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه في الحج. بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته، والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها، فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع.
وعلى هذا إن كنت متبعاً لقول شيخ الإسلام- رحمه الله- بناء على استفتاء من تثق به وأمانته فليس عليك شيء. لكن لا تعد إلى مثل ذلك والتزم سعيين، سعياً في الحج، وسعياً في الجمرة إذا كنت متمتعاً.
س1238: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من حج مفرداً وطاف للقدوم وسعى، فهل عليه سعي بعد طواف الإفاضة؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه سعي بعد طواف الإفاضة، لأن المفرد إذا طاف للقدوم وسعى بعد طواف القدوم فإن هذا السعي هو سعي الحج فلا يعيده مرة أخرى بعد طِواف الإفاضة.
س1239: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف طواف الإفاضة الشوط الأول في صحن الكعبة وعندما وصل الركن اليماني والحجر الأسود كان الزحام شديداً فصعد إلى الطابق الأول وأكمل بعض الأشواط ثم نزل إلى الصحن عندما وجد متسعاً وكلما حاذى الركن اليماني والحجر الأسود ووجد زحاماً شديداً صعد (هذا السؤال كان في منى)؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الطواف مرقع يا أخي، لو أنك من الأصل كنت فوق لا بأس، أو أنك كنت في الصحن ورأيت زحاماً وخرجت وكملت فلا بأس أما تبقى صاعداً نازلاً فأنا أشير عليك أن تعيد الطواف إن شاء الله تعالى واجعله في آخر مقامك هنا يعني عند السفر طواف الفريضة ويكفيِ عن طواف الوداع.
س1240: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز تقديم السعي على الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما بالنسبة لسعي الحج على طواف الإفاضة فهذا جائز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر وجعل الناس يسألونه، وقيل له: سعيت قبل أن أطوف فقال: "لا حرج" .
فمن كان متمتعاً فقدَّم السعي في الحج على الطواف، أو مفرداً، أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم فقدم السعي على الطواف فهذا لا بأس به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا حرج".
وأما العمرة إذا قدم الإنسان سعيها على طوافها فإنه لم يرد في هذا حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن قال بعض العلماء: - وأظنه عطاء من التابعين- قال: إنه يجوز أن يقدم سعي العمرة على الطواف، وعن أحمد رواية أنه يجوز أن يقدمه إذا كان لعذر.
والاحتياط أن لا يقدمه مطلقاً، وأنه لو فرض أنه سعى قبل الطواف نسياناً أو جاهلاً، فإنه إذا طاف ينبغي له أن يعيد السعي، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتأخذوا عني مناسككم" . وقد طاف في العمرة قبل السعي.
س1241: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- سعي الحج وقد تحلل الشخص التحلل الأول هل يسن أن يسعى سعياً شديداً بين العلمين الأخضرين وهو بثيابه العادية؟
فأجاب فضيلته بقوله: الركض العلمين في المسعى مشروع سواء في العمرة أو في الحج، وسواء كان الإنسان تحلل التحلل الأول أم لم يحل.
س1242: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف طواف الإفاضة وأخر السعي عن الطواف فهل هذا جائز أو غير جائز؟
فأجاب- رحمه الله- بقوله: الجواب أنه جائز لأنه لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي حتى وإن لم يكن ضرورة، فلو فرض أن الإنسان طاف في أول النهار وسعى في آخره فلا حرج عليه، أو طاف في أول الليل وسعى في النهار فلا حرج، لأن الموالاة بين الطواف والسعي سنة وليست واجبة.
س1243: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شخص طاف طواف الإفاضة ونسي ركعتي الطواف فماذا عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا طاف طواف الإفاضة ونسي ركعتي الطواف فلا شيء عليه، لأن ركعتي الطواف ليستا واجبتين وإنما هما سنة، إن أتى بهما الإنسان فهو أكمل، وإن تركهما فلا
س1244: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج حج خمس حجات وكلل حجة يأتي يوم عرفة وهو مفرد إلى مكة ويطوف بنية الإفاضة؟
فأجاب فضيلته بقوله: كنت في مسجد الخيف بمنى العام الماضي وسألني هذا السؤال، وقلت هذا يحتاج إلى فتوى ووجهته إلى المسئولين، كل الحجات هذه غير صحيحة وكلها لم تتم، لأنه إن كان في طواف الإفاضة فهو ركن لا يتم الحج إلا به بالإجماع، وقد طاف في غير وقته، لأن وقت طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.
يتبع