عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-03-2019, 02:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الح

فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين








س1171: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أديت فريضة الحج والحمد لله وأثناء رمي الجمرات كان الزحام شديداً وقد حاولت جهدي أن تصيب الحصيات الجمرة وكانت بعض الحصيات تطيش رغم محاولاتي ورغم إعادتي بعضها فالذي أعيده كان بعضه يطيش أيضاً فما الحكم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب الجمرة، لأن هذه الأعمدة الموجودة في أراض الجمار مجرد علامات على مكان الرمي، والواجب أن يقع الحصى في نفس الحوض، فإذا وقع الحصى في الحوض فهذا هو الواجب سواء استقر في الحوض، أو تدحرج منه، فأنت أحرص على أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين، أو غلبة ظن بأن الحصى وقع في الحوض، فإذا تيقنت، أو غلب على ظنك؛ لأن التيقن قد يتعذر في هذا المقام، فإذا غلب على ظنك أنه وقع في الحوض، فإن هذا كافٍ. ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض، فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك وترمي بقية الحصيات، ولو تعذر عليه أن يأخذه ما تحت قدميه وخرج من الزحام ثم أخذ حصى ورجع ورمى فلا حرج أن يكمل الباقي فقط.
وبالمناسبة: فإن كثيراً من العامة يعتقدون أن رمي الجمرات رمي للشياطين، ويقولون: إننا نرمي الشيطان، وتجد الإنسان منهم يأتي بعنف شديد، وحنق وغيظ، وصياح وشتم وسب، لهذه الجمرة- والعياذ بالله- حتى إني رأيت قبل أن تبنى الجسور على الجمرات، رأيت رجلاً وامرأته وقد ركبا على الحصى يضربان بالحذاء، أو بجزمات، هذا العمود الشاخص، ويسبانه ويلعنانه، ومن العجيب أن الحصى يضربهما، ولا يباليان بهذا، وهذا من الجهل العظيم، فإن رمي هذه الجمرات عبادة عظيمة قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" هذه هي الحكمة من رمي الجمرات، ولهذا يكبر الإنسان عند كل حصاة، لا يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بل يكبر ويقول: الله أكبر. تعظيماً لله الذي شرع رمي هذه الحصى، وهو في الحقيقة- أعني رمي الجمرات- غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان لا يعرف الحكمة من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة، إلا لأنها مجرد تعبد لله سبحانه وتعالى، وانقياد الإنسان لطاعة الله وهو لا يعرف الحكمة أبلغ في التذلل والتعبد، لأن العبادات منها ما حكمته معلومة لنا وظاهرة، فالإنسان ينقاد لها تعبداً لله تعالى وطاعة له، ثم إتباعاً لما يعلم فيها من هذه المصالح، ومنها ما لا يعرف حكمته، ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد بها عباده هي حكمة كما قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) وما يحصل في القلب من الإنابة لله والخشوع والاعتراف بكمال الرب، ونقص العبد، وحاجته إلى ربه ما يحصل له في هذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها.
س1172: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- هل أمكنة الجمرات الآن هي التي كان الشيطان يقف فيها يتمثل لإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا ورد فيه حديث والله أعلم بصحته، وحتى على فرض صحته فإنه لا يعني أننا نحن نفعل مثل ذلك كما فعله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أرأيت السعي بين الصفا والمروة أصله سعي أم إسماعيل بينهما بعد أن أصابها الجوع والعطش، لتتحسس هل حولها أحد، ونحن لا نسعى لهذا الغرض، وإنما نسعى تعبداً لله عز وجل، وتذللاً إليه وافتقاراً إليه، بأن يغفر لنا ويرحمنا، فهو وإن كان أصل العبادة عملاً معيناً لا يلزم بأن يستمر إلى يوم القيامة، ثم هذا الرمل أيضاً وهو في الأشواط الثلاثة في طواف القدوم، أول ما يصل الإنسان سواء كان طواف قدوم، أو طواف عمرة، هذا أصله أن النبي عليه الصلاة والسلام فعله ليغيظ المشركين به، الذين قالوا حين قدم النبي عليه الصلاة والسلام في عمرة القضاء قالوا: (إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب) فأصل مشروعيته لهذا الغرض ، ونحن الآن نفعله لا لإغاظة المشركين لأن هذا زال، لكنه بقي فيه التعبد، فهذا يدلنا على أنه لا يلزم من كون هذا العمل المعين من الأنساك أصله كذا، أن يكون عملنا له الآن هو العمل الذي شرع من أجله.
س1173: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا رمى الإنسان العمود الشاخص في وسط الحوض وأصابه، ولكن الحصاة لم تستقر في الحوض وإنما أصابت العمود فسقطت في الأرض؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أصابت العمود ثم طاشت حتى صارت خارج الحوض فإنها لا تجزئ، فيجب عليه أن يرمي بدلها.
س1174: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يوم الحج الأكبر هو يوم العيد أو يوم الوقوف بعرفة؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟
فأجاب فضيلته بقوله: يوم الحج الأكبر هو يوم العيد كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وسمي يوم الحج الأكبر؛ لأن فيه كثيراً من شعائر الحج، ففيه الرمي، وفيه النحر، وفيه الحلق، وفيه الطواف، وفيه السعي لمن كان متمتعاً، أو كان مفرداً، أو قارناً، ولم يكن سعى بعد طواف القدوم، فهي خمس كلها تفعل في يوم العيد، ولذلك سمي يوم الحج الأكبر.
أما يوم عرفة فليس فيه إلا نسك واحد وهو الوقوف بعرفة، وكذلك مزدلفة ليس فيها إلا نسك واحد وهو المبيت بها، وكذلك ما بعد يوم العيد ليس فيه إلا نسك واحد وهو الرمي.
س1175: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: في اليوم العاشر قدمنا لرمي جمرة العقبة فوجدنا الحجاج يرمون من بعيد ورمينا معهم ورجعنا وظهر لي فيما بعد بأننا رمينا في الهواء فما هو المطلوب منا؟
فأجاب فضيلته بقوله: المطلوب منكم إذا كنتم لم تعيدوا الرمي على وجه صحيح، أن تذبحوا فدية في مكة، وتوزعوها على الفقراء هناك، هكذا قال أهل العلم فيمن ترك واجباً، والرمي من واجبات الحج.
س1176: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم تصب جمرة أو جمرتان من الجمار السبع المرمى، ومضى يوم أو يومان فهل يعيد رمي هذه الجمرة؟ وإذا لزمه فهل يعيد ما بعدها من الرمي؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا بقي عليه رمي جمرة، أو جمرتين من الجمرات، أو على الأوضح: حصاة، أو حصاتين من إحدى الجمرات، فإن الفقهاء يقولون: إذا كان من آخر جمرة فإنه يكمل هذا النقص فقط، ولا يلزمه رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يكمل الناقص ويرمي ما بعده.
والصواب عندي: أنه يكمل النقص مطلقاً، ولا يلزمه إعادة رمي ما بعدها، وذلك لأن الترتيب يسقط بالجهل، أو بالنسيان، وهذا الرجل قد رمى الثانية وهو لا يعتقد أن عليه شيئاً مما قبلها، فهو بين الجهل والنسيان، وحينئذ نقول له: ما نقص من الحصا فارمه، ولا يجب عليك رمي ما بعدها.
وقبل إنهاء الجواب أحب أن أنبه إلى أن المرمى مجتمع الحصا وليس العمود المنصوب للدلالة عليه، فلو رمى في الحوض ولم يصب العمود بشيء من الحصيات فرميه صحيح، والله أعلم.
س1177: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج رمى جمرة العقبة من جهة الشرق ولم يسقط الحجر في الحوض، وهو في اليوم الثالث عشر هل يلزمه إعادة الرمي كله؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه إعادة الرمي كله، وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي أخطأ فيه فقط، وعلى هذا يعيد رمي جمرة العقبة فقط، ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق، إذا لم يسقط الحصا في الحوض الذي هو موضع الرمي، ولهذا لو رماها من الجسر من الناحية الشرقية أجزأ لأنه يسقط في الحوض.
س1178: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج وعند قدومه من مزدلفة رمي جمرة العقبة ثم الثانية ثم الثالثة، لأنه لم يتأكد أي الجمار هي جمرة العقبة فهل عليه شيء في ذلك، حيث كان لا يعلم أي الجمار هي العقبة؟ فقال: أتخلص من الجميع، وما ترتيب الجمرات في الرمي في أيام التشريق؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا شيء عليه في هذا، ولكني أنصحه بأن يتحرى العلم بها من قبل الفعل، حتى يكون فعله على وجه الصواب، ولكن مع هذا هو بفعله هذا رمى جمرة العقبة يقيناً.
وجمرة العقبة هي الجمرة التي تلي مكة، ولكننا نقول: إنك تبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف، ثم بالوسطى، ثم بجمرة العقبة، فتكون جمرة العقبة في اليومين التاليين للعيد تكون هي الأخيرة.
وبهذه المناسبة عن رمي الجمرات: أود أن أذكر إخواني المسلمين أن رمي هذه الجمرات عبادة يتعبد بها الإنسان لله سبحانه وتعالى بالقول وبالفعل، وهي إتباع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" ، وأنت عندما ترمي الجمرات تتعبد لله تعالى بالقول، فتقول، الله أكبر، وتتعبد له بالفعل، فتر مي هذه الجمرات في هذه الواضع، لمجرد التعبد لله سبحانه، إذ إن الإنسان لا يعقل علة لها، وكون بعض الناس يقولون: إنا نرمي الشياطين، هذا لا أصل له، فالإنسان لا يرمي الشيطان، وإنما يرمي هذه الأماكن امتثالاً لأمر الله تبارك وتعالى، حيث أمرنا بإتباع رسول الله (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ). وقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: "خذوا عني مناسككم" ثم إنه أيضاً ينبغي أن يكون الرمي بهدوء وخشوع، لا بعنف وشدة وقسوة، كما يفعل بعض العامة الجهال، وينبغي إذا رميت الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر أن تبعد قليلاً عن الزحام، ثم تقف مستقبلاً القبلة رافعًا يديك تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء طويل، وكذلك إذا رميت الوسطى تقف بعدها وتدعو الله تعالى بدعاء طويل، ثم تذهب وترمي جمرة العقبة ولا تقف بعدها.
س1179: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يصح رمي الجمار الثلاث يوم العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: رمي الجمار الثلاث يوم العيد لا يصح منها إلا رمي جمرة العقبة، وهي الأخيرة مما يلي مكة؛ لأنها هي التي ترمى يوم العيد، ويكون رمي الوسطى، لاغياً. والله أعلم.
س1180: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن حكم الحصيات التي تطيش عن العمود ولا تضرب فيه؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب الحصاة العمود؛ لأن هذه الأعمدة الموجودة في أحواض الجمار لمجرد علامات على مكان الرمي، والواجب أن يقع الحصا في نفس الحوض، فإذا وقع في نفس الحوض فهذا هو الواجب سواء استقر في الحوض، أو تدحرج منه، فالحاج عليه أن يحرص على أن يدنو من الحوض، حتى يكون عنده يقين، أو غلبة ظن بأن الحصا وقع في الحوض، فإذا تيقن، أو غلب على ظنه كفى؛ لأن اليقين قد يتعذر في هذا المقام.
س1181: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: حججت أكثر من مرة ولكن الجاهل عدو نفسه كما يقولون ولم أقض على الجهل بالسؤال في حينه، فبعد قدومي في إحدى السنوات من مزدلفة رميت جمرة العقبة ثم الثانية ثم الثالثة؛ لأني لم أتأكد أي الجمار هي فهل عليَّ شيء في ذلك؟ وفي اليوم الثاني عملت كما عملت في يوم العيد ولم أبدأ من الجمرة التي تلي مكة المكرمة وإنما بدأت من التي تلي منى هل علي شيء في ذلك أيضاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما رميك الجمرات الثلاث يوم العيد فإنه لم يصح منها إلا رمي جمرة العقبة؛ لأنها هي التي ترمى يوم العيد، ويكون رمي الوسطى والدنيا رمياً لاغياً.
وأما رميك الجمرات الثلاث في اليومين التاليين، وبدايتك من الجمرة التي تلي منى فهذا هو صحيح؛ لأن الإنسان في يوم العيد لا يرمي إلا جمرة واحدة، هي جمرة العقبة، وفي الأيام بعده يرمي الجمرات الثلاث مبتدئاً بالجمرة الأولى التي تلي منى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة التي تلي مكة.
س1182: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هي الأخطاء التي تحدث في الرمي؟
فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أن الحاج يوم العيد يقدم إلى منى من مزدلفة، وأول ما يبدأ به أن يرمي جمرة العقبة، والرمي يكون بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكمة من رمي الجمار في قوله: "إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله". هذه هي الحكمة من مشروعية رمي الجمرات، والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس في رمي الجمرات من وجوه متعددة فمن ذلك: أولاً: أن بعض الناس يظنون أنه لا يصح الرمي إلا إذا كانت الحصى من مزدلفة، ولهذا تجدهم يتعبون كثيراً في لقط الحصى من مزدلفة قبل أن يذهبوا إلى منى، وهذا ظن خاطئ، فالحصى يؤخذ من أي مكان من مزدلفة، أو من منى، من أي مكان يؤخذ، المقصود أن يكون حصى.
ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه التقط الحصى من مزدلفة حتى نقول إنه من السنة، إذاً فليس من السنة، ولا الواجب أن يلتقط الإنسان الحصى من مزدلفة، لأن السنة إما قول النبي عليه الصلاة والسلام، أو فعله، أو إقراره، وكل هذا لم يكن في لقط الحصى من مزدلفة.
ثانياً: ومن الخطأ أيضاً: أن بعض الناس إذا لقط الحصى غسله: إما احتياطاً من الخوف من أن يكون أحد قد بال عليه، وإما تنظيفاً لهذا الحصى، لظنه أنه كونه نظيفاً أفضل، وعلى كل حال فغسل حصى الجمرات بدعة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، والتعبد بشيء لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعة، وإذا فعله الإنسان من غر تعبد كان سفهاً وضياعاً للوقت.
ثالثاً: ومن الأخطاء أيضاً: أن بعض الناس يظنون أن هذه الجمرات شياطين، وأنهم يرمون شياطين، فتجد الواحد منهم يأتي بانفعال شديد، وحنق وغيظ، منفعلاً انفعالاً عظيماً، كأن الشيطان أمامه، ثم يرمي هذه الجمرات ويحدث من ذلك مفاسد:
1 - أن هذا ظن خاطئ، فإنما نرمي هذه الجمرات إقامة لذكر الله، وإتباعاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحقيقاً للتعبد، فإن الإنسان إذا عمل طاعة وهو لا يدري فائدتها إنما يفعلها تعبداً لله، كان هذا أدل على كمال ذله وخضوعه لله- عز وجل-.
2 - مما يترتب على هذا الظن: أن الإنسان يأتي بانفعال شديد، وغيظ وحنق، وقوة واندفاع، فتجده يؤذي الناس إيذاءً عظيماً، حتى كأن الناس أمامه حشرات لا يبالي بهم، ولا يسأل عن ضعيفهم. وإنما يتقدم كأنه جمل هائج.
3 - مما يترتب على هذه العقيدة الفاسدة أن الإنسان لا يستحضر أنه يعبد الله- عز وجل- أو يتعبد لله- عز وجل- بهذا الرمي، ولذلك يعدل عن الذكر المشروع إلى قول غير مشروع تجده يقول حين يرمي: (اللهم غضباً للشيطان، ورضاً للرحمن) مع أن هذا ليس بمشروع عند رمي الجمرات، بل المشروع أن يكبر كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
4 - أنه بناء على هذه العقيدة الفاسدة تجده يأخذ أحجاراً كبيرة يرمي بها، بناء على ظنه أنه كلما كان الحجر أكبر كان أشد أثراً وانتقاماً من الشطيان، وتجده أيضاً يرمي بالنعال والخشب، وما أشبه
ذلك مما لا يشرع الرمي به، ولقد شاهدت رجلاً قبل بناء الجسور على الجمرات، جالساً على الحصى التي رمي بها في وسط الحوض هو وامرأة معه، يضربان العمود بجزماتهما بحنق وشدة وحصى الرمي تصيبهما، ومع ذلك فكأنهما يريان أن هذا في سبيل الله، وأنهما يصبران على هذا الأذى وهذه الإصابة ابتغاء وجه الله- عز وجل-.
وإذا قلنا: إن هذا الاعتقاد اعتقاد فاسد فما الذي نعتقده في رمي الجمرات؟ نعتقد في رمي الجمرات أننا نرمي الجمرات تعظيماً لله- عز وجل- وتعبداً له وإتباعاً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
رابعاً: من الأخطاء أيضاً في الرمي: أن بعض الناس لا يتحقق من رمي الجمرة من جث ترمى، فإن جمرة العقبة- كما هو معلوم في الأعوام السابقة- كان لها جدار من الخلف، والناس يأتون إليها من نحو هذا الجدار فإذا شاهدوا الجدار رموا، ومعلوم أن الرمي لابد أن تقع فيه الحصى في الحوض، فيرمونها من الناحية الشرقية من ناحية الجدار، ولا يقع الحصى في الحوض لحيلولة الجدار بينهم وبين الحوض، ومن رمى هكذا فإن رميه لا يصح؛ لأن من شرط الرمي أن تقع الحصاة في الحوض، وإذا وقعت الحصاة في الحوض فقد برأت بها الذمة، سواء بقيت في الحوض أو تدحرجت منه.
وتحقق وقوع الحصى في المرمى ليس بشرط لأنه يكفي أن يغلب على الظن أنها وقعت فيه، فإذا رمى الإنسان من المكان الصحيح وحذف الحصاة وهو يغلب على ظنه أنها وقعت في المرمى كفى، لأن اليقين في هذه الحال قد يتعذر، وإذا تعذر اليقين عمل بغلبة الظن، ولأن الشارع أحال على غلبة الظن في ما إذا شك الإنسان في صلاته كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فقال عليه الصلاة والسلام: "ليتحرّ الصواب ثم ليتم عليه" . وهذا يدل على أن غلبة الظن في أمور العبادة كافية، وهذا من تيسير الله عز وجل، لأن اليقين أحياناً يتعذر.
خامساً: ومن الأخطاء أيضاً في الرمي: أن بعض الناس يظن أنه لابد أن تصيب الحصاة الشاخص- أي العمود- وهذا ظن خطأ، فإنه لا يشترط لصحة الرمي أن تصيب الحصاة هذا العمود، فإن هذا العمود إنما جعل علامة على الرمي الذي تقع فيه الحصاة، فإذا وقعت الحصاة في الرمي أجزأت، سواء أصابت العمود أم لم تصبه.
سادساً: ومن الأخطاء العظيمة الفادحة: أن بعض الناس يتهاون في الرمي فيوكل من يرمي عنه مع قدرته عليه، وهذا خطأ عظيم، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج ومناسكه، وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). وهذا يشمل إتمام الحج بجميع أجزائه، فجميع أجزئه الحج يجب على الإنسان أن يقوم بها بنفسه، وأن لا يوكل فيها أحداً. يقول بعض الناس: إن الزحام شديد، وإنه يشق عليه، فنقول له: إذا كان الزحام شديداَّ أَول ما يقدم الناس منى من مزدلفة، فإنه لا يكون شديداً في آخر النهار، ولا يكون شديداً في الليل، وإذا فاتك الرمي بالنهار فارم بالليل؟ لأن الليل وقت للرمي، وإن كان النهار أفضل، لكن كون الإنسان يأتي بالرمي في الليل بطمأنينة وهدوء وخشوع أفضل من كونه يأتيه في النهار، وهو ينازع الموت من الزحام والضيق والشدة، وربما يرمي ولا تقع الحصاة في المرمى. فمن احتج بالزحام نقول له: إن الله قد وسع الأمر لمحلك أن ترمي بالليل.
يقول بعض الناس: إن المرأة عورة، ولا يمكنها أن تزاحم الرجال في الرمي، فنقول له: إن المرأة ليست عورة، إنما العورة أن تكشف المرأة ما لا يحل لها كشفه أمام الرجال غير الأجانب، وأما شخصية المرأة فليست بعورة، وإلا لقلنا: إن المرأة لا يجوز لها أن تخرج من بيتها أبداً، وهذا خلاف دلالة الكتاب والسنة، وخلاف ما أجمع عليه المسلمون. صحيح أن المرأة ضعيفة، وأن المرأة مرادة للرجل، وأن المرأة محط الفتنة، ولكن إذا كانت تخشى من شيء في الرمي مع الناس فلتؤخر الرمي إلى الليل. ولهذا لم يرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة من أهله كسودة بنت زمعة- رضي الله عنها- وأشباهها لم يرخص لهم أن يدعوا الرمي، ويوكلوا من يرمي عنهم، مع دعاء الحاجة إلى ذلك لو كان من الأمور الجائزة، بل أذن لهم أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، ليرموا قبل حَطَمةِ الناس، وهذا أكبر دليل على أن المرأة لا توكل لكونها امرأة، نعم لو فرض أن الإنسان عاجز ولا يمكنه الرمي بنفسه، لا في النهار ولا في الليل، فهنا يتوجه القول بجواز التوكيل؛ لأنه عاجز، وقد ورد عن الصحابة- رضي الله عنهم- أنهم كانوا يرمون عن صبيانهم، لعجز الصبيان عن الرمي، ولولا ورود هذا النص وهو رمي الصحابة عن صغارهم لولا هذا لقلنا: إن من عجز عن الرمي بنفسه فإنه يسقط عنه، إما إلى بدل وهو الفدية، وإما إلى غير بدل، وذلك لأن العجز عن الواجبات يسقطها، ولا يقوم غير المكلف بما يلزم المكلف فيها عند العجز، ولهذا من عجز عن أن يصلي قائماً مثلاً، لا نقول له: وكَّل من يصلي عنك قائماً. وعلى كل حال التهاون في التوكيل في رمي الجمرات إلا من عذر لا يتمكن فيه الحاج من الرمي، خطأ كبير؛ لأنه تهاون في العبادة، وتخاذل عن القيام بالواجب.
سابعاً: ومن الأخطاء أيضاً في الرمي: أن بعض الناس يظنون أن الرمي بحصاة من غير مزدلفة لا يجزئ، حتى إن بعضهم إذا أخذ الحصى من مزدلفة ثم ضاع منه، أو ضاع منه بعضه ثم بقي ما لا يكفي ذهب يطلب أحداً معه حصى من مزدلفة ليسلفه إياه فتجده يقول: أقرضني حصاة من فضلك، وهذا خطأ وجهل، فإنه كما أسلفنا يجوز الرمي بكل حصاة من أي موضع كانت، حتى لو فرض أن الرجل وقف يرمي الجمرات، وسقطت الحصاة من يده فله أن يأخذ من الأرض من تحت قدمه، سواء الحصاة التي سقطت منه أم غيرها، ولا حرج عليه في ذلك فيأخذ من الأرض التي تحته وهو يرمي، ويرمي بها حتى وإن كان قريباً من الحوض؛ لأنه لا دليل على أن الإنسان إذا رمى بحصاة رُمي بها لا يجزئه الرمي، ولأنه لا يتيقن أن الحصاة التي أخذها من مكانه قد رُمي بها، فقد تكون هذه الحصاة سقطت من شخص آخر وقف بهذا المكان، وقد تكون حصاة رمى بها شخص من بعيد ولم تقع في الحوض، المهم أنك لا تتيقن، ثم على فرض أنك قد تيقنت أن هذه قد رمي بها تدحرجت من الحوض وخرجت منه، فإنه ليس هناك دليل على أن الحصاة التي رُمي بها لا يجزئ الرمي بها.
ثامناً: ومن الخطأ في رمي الجمرات: أن بعض الناس يعكس الترتيب فيها في اليومين الحادي عشر، والثاني عشر، فيبدأ بجمرة العقبة، ثم بالجمرة الوسطى، ثم بالجمرة الصغرى الأولى، وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها مرتبة وقال: "خذوا عني مناسككم" فيبدأ بالأولى، ثم بالوسطى، ثم بجمرة العقبة، فإن رماها منكسة وأمكنه أن يتدارك ذلك فليتداركه، فإذا رمى العقبة، ثم الوسطى، ثم الأولى، فإنه يرجع فيرمي الوسطى، ثم العقبة، وذلك لأن الوسطى والعقبة وقعتا في غير موضعهما، لأن موضعهما تأخرها مع الأولى، ففي هذه الحالة نقول: اذهب فارمِ الوسطى ثم العقبة.
ولو أنه رمى الجمرة الأولى، ثم جمرة العقبة، ثم الوسطى.
قلنا له: ارجع فارمِ جمرة العقبة؛ لأنك رميتها في غير موضعها، فعليك أن تعيدها بعد الجمرة الوسطى، هذا إذاِ أمكن أن يتلافى هذا الأمر بأن كان في أيام التشريق وسهل عليه تلافيه، أما لو قدر أنه انقضت أيام الحج، فإنه لا حرج عليه في هذه الحال؛ لأنه ترك الترتيب جاهلاً فسقط عنه بجهله، والرمي للجمرات الثلاثة قد حصل، غاية ما فيه اختلاف الترتيب، واختلاف الترتيب عند الجهل لا يضر، لكن متى أمكن تلافيه بأن كان علم ذلك في وقته فإنه يعيده.
تاسعاً: ومن الخطأ أيضاً في رمي الجمرات في أيام التشريق: أن بعض الناس يرميها قبل الزوال، وهذا خطأ كبير، لأن رميها قبل الزوال رمي لها قبل دخول وقتها، فلا يصح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمها إلا بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر، مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يرتقب الزوال ارتقاباً تامًّا، فبادر من حين زالت الشمس قبل أن يصلي الظهر، ولقول عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: (كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا) ، ولأنه لو كان الرمي جائزاً قبل زوال الشمس لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه أيسر للأمة، والله عز وجل إنما يشرع لعباده ما كان أيسر، فلو كان مما يتعبد به لله- أعني الرمي قبل الزوال- لشرعه الله تعالى لعباده، لقوله تعالى: (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فلما لم يشرع قبل الزوال علم أن ما قبل الزوال ليس وقتاً للرمي، ولا فرق في ذلك بين اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فكلها سواء، كلها لم يرمِ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – إلا بعد الزوال.
فليحذر المؤمن من التهاون في أمور دينه، وليتق الله تعالما ربه، فإن من اتقى ربه جعل له مخرجاً، ومن اتقى ربه جعل له من أمره يسرا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
وينبغي للإنسان- ونحن نتكلم عن وقت الرمي- أن يرمي كل يوم في يومه، فيرمي اليوم الحادي عشر في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر في الثاني عشر، وجمرة العقبة يوم العيد في يوم العيد، ولا يؤخرها إلى آخر يوم. هذا وإن كان قد رخص فيه بعض أهل العلم فإن ظاهر السنة المنع منه إلا لعذر.
عاشراً: ومن الأخطاء في رمي الجمرات: أن بعض الناس يرمي بحصى أقل مما ورد، فيرمي بثلاث، أو أربع، أو خمس، وهذا خلاف السنة، بل يجب عليه أن يرمي بسبع حصيات كما رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه رمى بسبع حصيات بدون نقص، لكن رخص بعض العلماء في نقص حصاة أو حصاتين؛ لأن ذلك وقع من بعض الصحابة- رضي الله عنهم-، فإذا جاءنا رجل يقول: إنه لم يرم إلا بست ناسياً، أو جاهلاً، فإننا في هذه الحال نعذره، ونقول: لا شيء عليك، لورود مثل ذلك عن بعض الصحابة- رضي الله عنهم-، وإلا فالأصل أن المشروع سبع حصيات كما جاء ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الحادي عشر: ومن الخطأ الذي يرتكبه الحجاج في الرمي وهو سهل، ولكن ينبغي أن يتفطن له الحاج: أن كثيراً من الحجاج يهملون الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى في أيام التشريق، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا كان رمى الجمرة الأولى انحدر قليلاً ثم استقبل القبلة، فرفع يديه يدعو الله تعالى دعاءً طويلاً، وإذا رمى الجمرة الوسطى فعل كذلك، وإذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف، فينبغي للحاج أن لا يفوت هذه السنة على نفسه، بل يقف ويدعو الله تعالى دعاءً طويلاً إن تيسر له، وإلا فبقدر ما يتيسر بعد الجمرة الأولى والوسطى.
وبهذا نعرف أن في الحج ست وقفات للدعاء: على الصفا، وعلى المروة، وهذا في السعي، وفي عرفة، ومزدلفة، وبعد الجمرة الأولى، وبعد الجمرة الوسطى. فهذه ست وقفات كلها وقفات للدعاء في هذه المواطن ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الثاني عشر: ومن الأخطاء أيضاً ما حدثني به من أثق به من أن بعض الناس يرمي رمياً زائداً عن المشروع، إما في العدد، وإما في النوبات والمرات، فيرمي أكثر من سبع، ويرمي الجمرات في اليوم مرتين أو ثلاثاً، وربما يرمي في غير وقت الحج وهذا كله من الجهل والخطأ، والواجب على المرء أن يتعبد بما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينال بذلك محبة الله ومغفرته لقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء في رمي الجمرات.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.61%)]