فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
(المواقيت)
الإدارة الشرعية
إبطال دعوى من ادعى أن جدة ميقات لجميع الوافدين إلى مكة من طريقها للحج أو العمرة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:.
فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين مواقيت الإحرام التي لا يجوز لمن مر بها يريد الحج أو العمرة تجاوزها بدون إحرام وهي:
ذو الحليفة (أبيار علي): لأهل المدينة ومن جاء عن طريقهم.
والجحفة: لأهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء عن طريقهم.
ويلملم (السعدية): لأهل اليمن ومن جاء عن طريقهم.
وقرن المنازل (السيل الكبير): لأهل نجد وأهل المشرق ومن جاء عن طريقهم.
وذات عرق: لأهل العراق ومن جاء عن طريقهم.
ومن كان منزله دون هذه المواقيت مما يلي مكة فإنه يحرم من منزله حتى أهل مكة يحرمون من مكة للحج وأما العمرة فيحرمون بها من أدنى الحل.
ومن مر بهذه المواقيت قادما إلى مكة وهو لا يريد حجا ولا عمرة فإنه لا يلزمه إحرام على الصحيح، لكن لو بدا له أن يحج أو يعتمر بعد ما تجاوزها فإنه يحرم من المكان الذي نوى فيه الحج أو العمرة، إلا إذا نوى العمرة وهو في مكة فإنه يخرج إلى أدنى الحل ويحرم - كما سبق -. فالإحرام يجب من هذه المواقيت على كل من مر بها أو حاذاها برا أو بحرا أو جوا وهو يريد الحج أو العمرة.
والذي أوجب نشر هذا البيان أنه صدر من بعض الإخوة في هذه الأيام كتيب اسمه: (أدلة الإثبات أن جدة ميقات) يحاول فيه إيجاد ميقات زائد على المواقيت التي وقتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث ظن أن جدة تكون ميقاتا للقادمين في الطائرات إلى مطارها أو القادمين إليها عن طريق البحر أو عن طريق البر فلكل هؤلاء أن يؤخروا الإحرام إلى أن يصلوا إلى جدة ويحرموا منها، لأنها بزعمه وتقديره تحاذي ميقاتي السعدية والجحفة فهي ميقات وهذا خطأ واضح يعرفه كل من له بصيرة ومعرفة بالواقع؛ لأن جدة داخل المواقيت والقادم إليها لا بد أن يمر بميقات من المواقيت التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو يحاذيه برا أو بحرا أو جوا فلا يجوز له تجاوزه بدون إحرام إذا كان يريد الحج أو العمرة لقوله - صلى الله عليه وسلم - لما حدد هذه المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة» فلا يجوز للحاج والمعتمر أن يخترق هذه المواقيت إلى جدة بدون إحرام ثم يحرم منها لأنها داخل المواقيت.
ولما تسرع بعض العلماء منذ سنوات إلى مثل ما تسرع إليه صاحب هذا الكتيب فأفتى بأن جدة ميقات للقادمين إليها صدر عن هيئة كبار العلماء قرار بإبطال هذا الزعم وتفنيده جاء فيه ما نصه: " وبعد الرجوع إلى الأدلة وما ذكره أهل العلم في المواقيت المكانية ومناقشة الموضوع من جميع جوانبه فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
1 - أن الفتوى الصادرة الخاصة بجواز جعل جدة ميقاتا لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية فتوى باطلة لعدم استنادها إلى نص من كتاب الله أو سنة رسوله أو إجماع سلف الأمة، ولم يسبقه إليها أحد من علماء المسلمين الذين يعتد بأقوالهم.
2 - ولا يجوز لمن مر بميقات من المواقيت المكانية أو حاذى واحدا منها جوا أو برا أو بحرا أن يتجاوزها من غير إحرام كما تشهد لذلك الأدلة، وكما قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى.
ولواجب النصح لله ولعباده رأيت أنا وأعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار هذا البيان حتى لا يغتر أحد بالكتيب المذكور" انتهى. هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
13 - جدة ليست ميقاتا
س: بعضهم يفتي للقادم للحج بطريق الجو بأن يحرم من جدة وآخرون ينكرون ذلك فما هو وجه الصواب في هذه المسألة؟ أفتونا مأجورين.
ج: الواجب على جميع الحجاج جوا وبحرا وبرا أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه برا أو يحاذونه جوا أو بحرا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» الحديث متفق عليه.
أما جدة فليست ميقاتا للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين الحج ولا العمرة ثم أنشئوا الحج والعمرة منها.
س: ما حكم من جعل جدة ميقاتا خاصا للولايات المتحدة؟
ج: جدة ميقات لأهلها والمقيمين بها ولمن قصد الحج
أو العمرة من طريق البحر أو الجو ولم يحاذ ميقاتا قبلها وليست ميقاتا لغيرهم.
14 - ميقات القادمين من السودان
س: بالنسبة للقادمين من السودان بعض العلماء يفتونهم بأن ميقاتهم جدة؟
ج: على حسب الطريق إن كان طريقهم يمر بميقات الجحفة لزمهم الإحرام إذا حاذوها وإن كان طريقهم لا يحاذي ميقاتا قبل جدة فإنهم يحرمون منها إذا كانوا ممن أراد الحج أو العمرة.
15 - حكم من يقول للقادمين للحج أو العمرة اجلسوا في جدة ثلاثة أيام ثم أحرموا
س: بعض القادمين من خارج المملكة إذا وصلوا جدة يقولون اجلسوا ثلاثة أيام في جدة ثم أحرموا من الميقات، فما حكم ذلك؟
ج: يلزمهم أن يعودوا إلى ميقاتهم إذا كانوا قادمين للحج أو العمرة ولا يجوز لهم تجاوز الميقات بدون إحرام؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لما وقت المواقيت لأهل المدينة والشام ونجد واليمن وغيرهم قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» فلا بد أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه إذا كانوا قاصدين الحج أو العمرة فيحرموا منه فإذا تجاوزوه فإن عليهم الرجوع إليه فإن تجاوزوه ولم يرجعوا وأحرموا بعده لزمهم دم وهكذا إن عجزوا عن الرجوع إليه أحرموا من مكانهم وعليهم دم يجزئ في الأضحية يذبح في مكة للفقراء ويقسم بينهم.
16 - تعقيب على فضيلة الشيخ عبد الله كنون حول تأخير الإحرام لأهل المغرب إلى جدة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على دربهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد اطلعت على فتوى لصاحب الفضيلة الشيخ عبد الله كنون قد نشرت في صحيفة الميثاق المغربية حول الإحرام من الطائرة لأهل المغرب وتأخيره إلى جدة، فاستغربتها كثيرا، ومع تقديري لعلمه وفضله، فقد رأيت التنبيه على عدم صحة هذه الفتوى، وأن تأخير الإحرام إلى جدة للحاج المغربي أو المعتمر أمر مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الإحرام من المواقيت التي وقتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنها الجحفة لأهل مصر والشام والمغرب وسائر دول شمال أفريقيا.
بل الواجب على الحاج المغربي أن يحرم إذا حاذى الميقات جوا وبرا وبحرا كما هو نص الحديث الشريف. وكما نص عليه أهل العلم.
والتوقيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس توقيتا لزمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل هو توقيت للمسلمين إلى يوم القيامة.
والله سبحانه وتعالى يعلم أنه سيكون في آخر الزمان طائرات وغيرها، فدل على دخول ركابها في ذلك. وإذا خاف راكبها من تجاوز الميقات قدم الإحرام قبل وصوله الميقات احتياطا.
وما ذكره الأستاذ عبد الله من عدم تمكن المسافر من الاستعداد في الطائرة بالغسل والصلاة فإن بإمكان الحاج أن يستعد في بيته أو بلده قبل ركوبه الطائرة، مع العلم بأن الغسل ليس بواجب وإنما هو مستحب، وهكذا الوضوء ليس بواجب. فلو أحرم من دون وضوء ولا غسل فإحرامه صحيح.
وهكذا الصلاة قبل الإحرام ليست واجبة وإنما هي مستحبة عند الجمهور. وقال بعض أهل العلم لا تستحب لعدم الدليل الصحيح الصريح في ذلك.
فلو أحرم الحاج أو المعتمر من دون وضوء ولا غسل فإحرامه صحيح ولا يجوز تأخير الواجب عن وقته أو مكانه من
أجل تحصيل المستحب؛ بل يجب البدار بالواجب وإن فات المستحب. وهذا أمر واضح لا غبار عليه.
فنصيحتي للأستاذ أخينا الشيخ عبد الله كنون الرجوع عن هذه الفتوى؛ لأن الرجوع للصواب هو الواجب على المؤمن، وهو شرف له، وهو خير من التمادي في فتوى تخالف الدليل. وأسال الله أن يوفقنا وإياه وسائر إخواننا لإصابة الحق في القول والعمل إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
17 - حكم من نسي وتجاوز الميقات
س: من نسي الميقات هل يلزمه الرجوع أم لا وهل عليه شيء؟
ج: يرجع ويحرم من الميقات إذا لم يكن قد أحرم بعد، أما إذا كان قد أحرم بعد الميقات فعليه دم ولا يرجع.
18 - حكم التلبية قبل الوصول للميقات احتياطا
س: إذا كان المسافر بالطائرة وقالوا بعد نصف ساعة سنمر فوق الميقات لكنه لبى احتياطا؟
ج: لا بأس إذا احتاط قبل أن يصل الميقات فالاحتياط مطلوب.
19 - من لم يمر بميقات ولم يتمكن من تحري
المحاذاة يحرم إذا كان بينه وبين مكة مرحلتان
س: ما حكم من أحرم من الحجاج القادمين من خارج المملكة من جدة؟
ج: الواجب الإحرام من الميقات سواء كان ذلك الميقات ميقات بلده أو ميقاتا آخر مر عليه في طريقه كالشامي يقدم من طريق المدينة فإنه يحرم من ميقات المدينة، وإذا قدر أنه اجتازه فإن أمكنه الرجوع إلى الميقات والإحرام منه فهذا هو الواجب، فإن لم يمكنه أحرم من مكانه وعليه دم لفقراء الحرم يذبح في مكة. والذي لم يكن الميقات في طريقه فإنه يتحرى محاذاة أول ميقات يمر به ثم يحرم. والذي لا يتسنى له لا هذا ولا ذلك فإنه يحرم إذا كان بينه وبين مكة مرحلتان وهما يوم وليلة ومقدار ذلك ثمانون كيلا تقريبا، والله ولي التوفيق.
س: إذا نوى شخص أن يعتمر وهو من أهل نجد فجاوزت الطائرة الميقات فوصل المطار هل يجوز له أن يذهب إلى رابغ؟.
ج: الواجب أن يرجع للميقات الذي مر عليه فيحرم منه إذا كان حين مر على الميقات ناويا الحج أو العمرة، أما من أتى جدة لحاجة ولم ينو حجا ولا عمرة حين مر على الميقات وإنما بدا له بعد ذلك أن يحج أو يعتمر بعدما وصل جدة فإنه يحرم من جدة لكونه إنما نوى الحج أو العمرة بعد وصوله إليها، كما دل على ذلك الحديث الصحيح وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن كان دون ذلك - أي من المواقيت - فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة».
لكن من أراد العمرة من مكة يخرج إلى الحل فيحرم منه كالتنعيم والجعرانة وغيرهما؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة وهي في مكة أن تخرج إلى التنعيم فتحرم منه، فدل ذلك على تخصيص حديث ابن عباس المذكور بحديث عائشة المذكور في حق المعتمر. والله الموفق.
20 - حكم من ذهب إلى جدة وهو قاصد العمرة
س: الأخ أ. ع. م. من الرياض يقول في سؤاله: سافرت إلى جدة وكانت نيتي أن أمكث فيها خمسة أيام ثم أذهب بعدها إلى مكة المكرمة لأداء العمرة فماذا يلزمني يا سماحة الشيخ في مثل هذه الحالة؟.
ج: يلزمك الرجوع إلى الميقات في وادي قرن المعروف " بالسيل " للإحرام منه بعمرة إذا كنت قاصدا للعمرة حين توجهك إلى جدة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» متفق على صحته من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
س: ما حكم من نوى بالحج قادما من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم فأحرم من جدة فماذا عليه؟.
ج: إذا هبطت الطائرة في جدة وهو من أهل الشام أو مصر فإنه يحرم من رابغ يذهب إلى رابغ في السيارة أو غيرها ويحرم من رابغ ولا يحرم من جدة، وهكذا لو كان جاء من نجد ولم يحرم حتى نزل إلى جدة فإنه يذهب إلى السيل وهو وادي قرن فيحرم منه، فإذا أحرم من جدة ولم يذهب فعليه دم شاة واحدة تجزئ في الأضحية يذبحها في مكة للفقراء أو سبع بدنة أو سبع بقرة كما تقدم جبرا لحجته أو عمرته.
س: الأخ س. و. من نجران، يقول: نويت زيارة أختي في جدة وكذلك أداء العمرة وسافرت على الطائرة من نجران إلى جدة ومكثت في جدة ذلك اليوم وفي اليوم
التالي ذهبت إلى مكة للعمرة، فهل عمرتي صحيحة أم لا؟.
ج: إذا كنت أحرمت من الميقات وهو يلملم - ميقات أهل اليمن - فليس عليك شيء، وإن كنت أحرمت من جدة فعليك دم يذبح في مكة للفقراء؛ لكونك جاوزت الميقات ولم تحرم وقد نويت العمرة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة» الحديث متفق عليه. ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من ترك نسكا أو نسيه فليهرق دما». وعدم الإحرام من الميقات الذي مررت عليه يعتبر تركا للنسك. وفق الله الجميع.
21 - الإحرام في الطائرة
س: متى يحرم الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو؟.
ج: القادم عن طريق الجو أو البحر إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة.
22 - تقرير سماحته لما قرره مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في حق من أحرم قبل الميقات ومن حاذى الميقات وليس معه ملابس الإحرام.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة بين 7\ 4 إلى 15\ 4 \ 1401 هـ في دورته الرابعة قد نظر فيما يعرض لكثير من الوافدين إلى مكة المكرمة للحج أو للعمرة من طريق الجو أو البحر من جهلهم بمحاذاة المواقيت التي وقتها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأوجب الإحرام منها على أهلها وعلى من مر عليها من غيرهم ممن يريد الحج والعمرة وهي:
ذو الحليفة لأهل المدينة ومن مر عليها من غيرهم وتسمى حاليا (أبيار علي).
والجحفة وهي لأهل الشام ومصر والمغرب ومن مرَّ عليها من غيرهم وتسمى حاليا (رابغ).
وقرن المنازل وهي لأهل نجد ومن مر عليها من غيرهم وتسمى حاليا (وادي محرم). وتسمى أيضا (السيل).
ذات عرق لأهل العراق وخراسان ومن مر عليها من غيرهم وتسمى حاليا (الضريبة).
ويلملم وهي لأهل اليمن ومن مر عليها من غيرهم.
وقرر أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات لهم من هذه المواقيت الخمسة جوا أو بحرا فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد، ومع التحري والاحتياط خوفا من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا، واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في توقيت المواقيت للحجاج والعمار وأجمعوا أيضا بما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قال له أهل العراق: إن قرنا جور عن طريقنا قال لهم رضي الله عنه: "انظروا حذوها من طريقكم". قالوا: إن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات.
إذا علم هذا فليس للحجاج والعمار الوافدين من طريق الجو والبحر ولا غيرهم أن يؤخروا الإحرام إلى وصولهم إلى جدة؛ لأن جدة ليست من المواقيت التي وقتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهكذا من لم يحمل معه ملابس الإحرام فإنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة بل الواجب عليه أن يحرم في السراويل إذا كان ليس معه إزار لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس السراويل». وعليه كشف رأسه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عما يلبس المحرم، قال: «لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا لمن لم يجد النعلين». الحديث متفق عليه.
فلا يجوز أن يكون على رأس المحرم عمامة ولا قلنسوة ولا غيرهما مما يلبس على الرأس، وإذا كان لديه عمامة ساترة يمكنه أن يجعلها إزارا اتزر بها ولم يجز له لبس السراويل، فإذا وصل إلى جدة وجب عليه أن يخلع السراويل ويستبدلها بإزار إذا قدر على ذلك، فإن لم يكن عليه سراويل وليس لديه عمامة تصلح أن تكون إزارا حين محاذاته للميقات في الطائرة أو الباخرة أو السفينة جاز له أن يحرم في قميصه الذي عليه مع كشف رأسه، فإذا وصل إلى جدة اشترى إزارا وخلع القميص، وعليه عن لبسه القميص كفارة وهي: إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد لمساكين الحرم، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، هو مخير بين هذه الثلاثة كما خير النبي - صلى الله عليه وسلم - كعب بن عجرة لما أذن له في حلق رأسه وهو محرم للمرض الذي أصابه، والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
23 - ليس عليك حرج في إقامتك بجدة وأنت محرم
س: ذهبت للعمرة في رمضان ومعي والدتي وأحرمت فوق أبيار علي بالطائرة ونزلنا بجدة وجلسنا فيها وعندما أفطرنا ذهبنا من المساء إلى مكة لقضاء العمرة ولم نخلع الإحرام حتى أنهيناها، فهل علينا شيء وقد جلسنا وقتا بجدة ونحن محرمون أفيدونا جزاكم الله خيرا؟.
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرته فليس عليك ولا على أمك شيء بإقامتكما بجدة وأنتما محرمان؛ لأنه لا يجب على المحرم مواصلة السير في الطريق حتى يؤدي العمرة بل له أن يستريح في الطريق ويقيم فيما شاء من المنازل للحاجة التي تدعو إلى ذلك وهو على إحرامه، وفق الله الجميع.
24 - حكم إنشاء نية الإحرام من المنازل القريبة من الميقات
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم \ ع. ر. ن. سلمه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأشير إلى كتابكم رقم (885) وتاريخ 16\ 10 \ 1411 هـ الذي جاء فيه ما نصه: "نتقدم لسماحتكم بالسؤال الآتي: نسكن بمنطقة القنفذة التي تبعد عن مكة المكرمة بثلاثمائة وخمسين كيلو تقريبا ومعلوم أن ميقات أهل اليمن يلملم أي السعدية وحيث إن الخط أصبح اليوم معبدا وميسرا والحمد لله على نعمه وأننا نشاهد بعض الناس يغتسل ويلبس الإحرام من منطقة القنفذة التي تبعد عن وادي يلملم أي السعدية حوالي مائتين وستين كيلو متر تقريبا.
فهل يجوز لهم الاغتسال ولباس الإحرام من منازلهم بمنطقة القنفذة، وإذا يجوز لهم ذلك فهل يجوز لهم عقد نية الإحرام من منازلهم أو لا؟ أفيدونا أثابكم الله وكتب لكم الأجر وأمدكم بعونه وتوفيقه لخدمة الإسلام والمسلمين".
وأفيدكم بأنه لا حرج في الاغتسال ولبس ملابس الإحرام والتطيب من منازلهم لقربهم من الميقات بواسطة السيارات لكن المشروع لهم ألا يحرموا إلا من الميقات والإحرام هو نية الدخول في النسك هذا هو الإحرام ثم يشرع لهم مع النية التلفظ بالنسك فيقول لبيك عمرة أو لبيك حجا أو اللهم إني أوجبت عمرة أو اللهم إني أوجبت حجا ثم يلبي التلبية الشرعية وهي: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العلم لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
25 - حكم من قدم لعمل وأقام دون الميقات وهو ينوي الحج إذا تيسر له ذلك
س: رجل مقيم بالرياض لديه عمل بجدة، في موسم الحج، ولا يعرف هل يتيسر له الحج أم لا، فإذا تيسر له ذلك فمن أين يحرم؟ وإذا كان يعلم أنه سيتيسر له أداء فريضة الحج قبل انطلاقه من الرياض، فهل ينوي الحج في الرياض ويحرم من ميقات أهل نجد؟ أم يكون إحرامه من جدة؟.
ج: من أتى مكة وهو ينوي الحج إن تيسر له ثم تيسر له ذلك فعزم على الحج فإنه يحرم من مكانه سواء كان داخل المواقيت أو في مكة. أما إن كان يعلم أنه يسمح له بذلك فإنه يلزمه الإحرام بالحج من الميقات الذي يمر عليه، إذا مر عليه وهو عازم على الحج لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة». متفق على صحته.
26 - حكم من نوى الحج وهو يدرس في بلد خارج الميقات وأهله في جدة
س: أنا طالب أدرس في المنطقة الشرقية وأهلي في جدة وأريد الحج فمن أين أحرم هل من قرن المنازل أو من سكني في جدة؟.
ج: أنت مخير ما دمت من سكان جدة دون الميقات، وإذا أحرمت من قرن المنازل فهو أفضل وأولى لكونك وافدا وأخذت بالأكمل والأحوط وإن أنت قصدت أهلك ثم أحرمت منهم فلا بأس.