عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-02-2019, 04:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,225
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البراجماتية عرض المنهج ونقد الواقع

البراجماتية
عرض المنهج ونقد الواقع


غادة الشامي


تأثير الفلسفة البراجماتية على المنهج:

المجال
الفلسفة البراجماتية
التربية
التربية هي الحياة نفسها
الأهداف
يقوم الخبراء والكبار بوضع بعض الأهداف، ويتم وضع الأهداف التربوية بمشاركة من المعلمين والطلاب من خلال المناقشة للغايات والوسائل، ويقومون بتحديد ما يجب تعلمه، وكيفية تعلمه، وكيفية إنجازه وعرضه.
المادة الدراسية والمعرفة
تتصف المعرفة بالاكتشاف والتشكيل والاستعمال للأفكار والخبرة، ودور المعلمين هو تبادل المعرفة بين الطلاب والإبداع في استعمالها، ولا يقوم المعلمون بفرض المعرفة على الطلاب على الرغم من أنهم أكثر معرفة منهم؛ فالمادة الدراسية تكمن أهميتها حين تكون ذات معنى لهم، وهي تتصف بالمرونة والتجديد لمواجهة حاجات المجتمع الاجتماعية، وكذلك حاجات التلاميذ الفردية.
دور المعلم
يتصف المعلم بالمشاركة في المواقف التعليمية؛ فهو مرشد وموجه للطلاب عند التعلم، ويقوم المعلم باحترام حقوق الطلاب؛ فهو ديموقراطي في التعامل، وقادر على حل المشكلات باستخدام الأساليب العلمية المناسبة.
الاختبارات
تصمم الاختبارات لقياس قدرة الطلاب على حل المشكلات، وعلى مدى إنجازهم للمشاريع الخاصة بهم؛ لأنها تقيس التطبيقات العملية، ومن خلال هذه الاختبارات يتعرف الطلاب على مدى تطبيقهم للمبادئ والمفاهيم خلال عملهم في الأنشطة المختلفة، ولا يستخدم المعلم الاختبارات المقالية إلا في النادر، وتكمن أهمية الاختبارات في تشخيص أساليب التعليم، وكيفية تعلم الطلاب.
الأنشطة المدرسية
تحتوي على نشاطات مختلفة الأهداف والأشكال؛ مثل: نوادي الهوايات، والنوادي الاجتماعية، والنوادي الرياضية، والنوادي الأكاديمية، وجماعات الإرشاد الطلابي، وهدف الأنشطة تلبية حاجات الطلاب ورغباتهم، ويجد الطلاب فيها فرصة المشاركة والعمل الخارجي في البيئة الحياتية.
المناخ الدراسي
يتصف المناخ المدرسي بالحركة والنشاط والمرونة والعلاقات الاجتماعية، ويقوم الطلاب من خلاله بعمليات متبادلة في موضوعات عملية، واهتمامات نافعة، تتميز بالحركة الكثيرة والنافعة، ولكنها موجهة لانضباط الذات.
الكتب الدراسية
الكتب الدراسية أدوات يقوم الطلاب باستخدامها لفهم عالمه الخاص، وتضم بيانات وصورًا إيضاحية تساعد على الفهم والمنفعة العملية، وتضم الخبرات التي تساوي في أهميتها الكلمات المطبوعة.
أولويات المنهج
تقديم منهج بعيد كل البعد عن الموضوعات التقليدية، ولا يقوم بتنظيمه الكبار؛ فالمنهج من وجهة نظرهم ليس قائمة من الموضوعات، ولكن مجموعة من المهارات الاجتماعية والفنون العملية، وحل المشكلات والمشكلات الإنسانية، ويهتم بمراعاة عقول الطلاب وتصورهم للعالم؛ ليساعدهم على فهم عالمهم حاضرًا أو مستقبَلاً، ويجعلهم أعضاء مساهمين في تحسين أحوال مجتمعهم.
التفكير المفضل
تهتم بحل المشكلات والبحث عن البدائل للحلول المختلفة، ويتم استخدام التفكير المتباعد بأسلوب علمي سليم، وكذلك البحث التجريبي، ويقوم المعلمون بدمج المنهج العلمي والعملي؛ وذلك لتحقيق أقصى درجات النمو عند الطلاب، مع مراعاة المرونة والتحرر من الأسلوب التقليدي.

نقد الفلسفة البراجماتية:
امتازت الفلسفة البراجماتية عن الفلسفات القديمة باهتمامها بالتجريب والمبدأ التجريبي لتتبع النتائج وإدراك الوعي الواقعي، إلا أن هذا الامتياز ليس جديدًا؛ فالمنهج التجريبي نشأ على أيدي علماء المسلمين، وتحديدًا الفيلسوف والعالم الكيميائي (جابر بن حيان).
إلا أن للفلسفة البراجماتية جهودًا لا تنكر في دفع تطور الفكر، وتحدي العجز، والنظر للمستقبل وعدم التقوقع في غياهب الماضي، وهذا ما تراجع فيه المسلمون بعد أن ضعُفوا في الفهم الحقيقي للحياة وإعمار الأرض، وخاصة بعد دخول المذهب الصوفي الذي يختزل الحياة في العبادة والتبتل، والانقطاع عن الحياة الدنيا، والتركيز على الآخرة بشكل كبير، وكأن الدنيا فقط للكافر، أما المسلم الحق فعليه أن يفكر في الآخرة فقط وفي هذا المفهوم الذي سبب تأخر الأمة الإسلامية عن مواكبة التطور الذي أجد أن المنهج البراجماتي أوقَد جذوته، وبعث الشجاعة في نفوس الناس لإخضاع أفكارهم للتجرِبة، وتتبع النتائج العملية الناتجة عنها.
بالرغم من أن الفلسفة البراجماتية لا تنظر للماضي ولا تُعيره اهتمامًا فإن هناك تناقضًا يبرز من خلال تكرار أقوال الفلاسفة القدامى، ومبادئ الفلسفة البراجماتية؛ فمثلاً: فرانسيس بيكون الذي أرسى قواعد المنهج التجريبي الذي هو أساس البراجماتية لم يكن براجماتيًّا.
إخضاع كل شيء للتجرِبة يجعل الأفكار في شك حتى تثبت صحتها بالنتيجة العملية، ومجرد التفكير في إخضاع الدين للتجربة هو شك في صحته، والدين لا يقبل الشك، فلا يمكن الجمع بين شك وإيمان؛ فهناك أمور غيبية لا يستطيع الإنسان أن يصل إليها بالتجرِبة العملية، وتتجاوز الحس؛ لأنها من حكيم خبير، والتسليم أمرٌ مطلوب للمسلم الحق الذي لا يضع عقيدتَه في موازين الشك، ولا يجعل إيمانه في موضع اختبار، بل يعلم أن الله هو من يختبر إيمانه، ويعلم قوته من ضعفه، وتمسكه بعقيدته دون شك، بل هي عقيدة محمية من الشك والزيغ، وإلا كيف أن تكون عقيدة إن خالطها شك وظن؟!
إن هذه الفلسفة كانت ملهمة للنظام الرأسمالي القائم على مبدأ المنافسة الحرة، ثم ظهرت مساوئه عند التطبيق، واستفحلت أخطاره التي تتضح ـ كما يرى الدكتور فؤاد ذكريا - في ثلاثة:
أ- اللاأخلاقية: بالرغم من التقيد ببعض الفضائل؛ كالأمانة والانضباط، والدقة ومراعاة المواعيد، ولكنها - كفضائل - ليست مقصودة لذاتها، ولكنها تفيد الرأسمالي في تعامله مع الغير، وتظهر "اللاأخلاقية" بوضوح في أساليب الدعاية والإعلام، وكم نرصد آلاف المرات المشاهد المخلة والعُرْي والخمور والمحرمات التي لا يقبلها دِين ولا قِيم، وكم انسلخت قيمة خلف قيمة كانت سائدةً في المجتمع بعد أن استحوذت وسائل الإعلام الرأسمالية والعلمانية التي تهتم بإثارة الشهوات والغرائز، بحجة النفعية وزيادة المشاهدات؛ لتحقيق الربحية من انسلاخ القيم عند الشباب المغرر بهم، ناهيك عن الأطفال الذين دخلت الأفكار اللاأخلاقية عقولهم، لهدم أول معقل للتربية وبناءِ الأخلاق والقيم منذ الصغر.
ب- الارتباط الوثيق بالحروب.
ت- الانحرافات السلوكية: وأظهرها الإجرام؛ إذ إن فتح الباب على مصراعيه للمنافسة والصراعات من شأنه: تمجيد العنف، ويتضح الانحراف بصورة أخرى في شرب المسكِرات والمخدِّرات، وعقارات الهلوسة وغيرها "وتفسيرها أنها ظاهرة هروبية من واقع العنف والمنافسة المريرة التي لا ترحم"، وكم احتوت ألعاب الأطفال الإلكترونية على نشر ثقافة الإجرام، ولقد رصدت العديد من اللقطات التي توحي للطفل بأن الإجرام عملية مقبولة في كثير من الألعاب الإلكترونية؛ مثل: لعبة حرامي السيارات (Grand Thift Auoto) فهذه اللعبة تباع لمن أعمارهم 18 فما فوق، ولكن في البلدان العربية تباع دون رقابة، على الرغم من التحذير منها فإنها متوفرة وبكثرة، ولا يكاد مركز لبيع ألعاب الفيديو يخلو منها، وفكرتها قائمة على أن اللاعب من حقه أن يضرب أي سائق سيارة ويسرقها منه، وكل سيارة يأخذها تعمل تبعًا لها موسيقا صاخبة تشعر اللاعب بسعادته حينما أقدم على هذا الفعل، ولا تقف اللعبة عند هذا، بل إنه يهرب من الشرطة، وبإمكانه إطلاق النار عليهم، ودهسهم وضربهم، وضرب أي أحد من المارة، والهروب بسرقة سيارات أخرى، وركوبها، وتخريبها ثم تركها، لا يُراعي الآمنين والأبرياء، ولا الممتلكات العامة.
لم يكن العنف والهيمنة القتالية التي تبثها الأفكار الأمريكية على الأراضي العربية وغيرها محصورة في ألعاب الفيديو، بل تجاوزت كل الحدود؛ فها هي أفلام الكارتون تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وكم رصدت الكثير من العبارات والمشاهد المؤلمة، التي تعزز الإجرام، وتهيئ له بيئته، من خلال التأثير غير المباشر على العقل الباطن للطفل، مثال: في حلقة سبونج بوب (البيات الشتوي) يضرب سبونج بوب (إحدى شخصيات الكرتون الشهيرة) زميله بسيط (إحدى شخصيات الكرتون الشهيرة) بأداة حادة، لكنها من الثلج، ويفتخر بأنه يتقمص شخصية المجرم (دان)، تلك الشخصية التي يتمنى أفراد الكرتون أن يكون مثلها، فيقول: أنا المجرم دان، ثم يتجاذبان العبارة بأن كلاًّ منهما يريد أن يكون المجرم (دان)، ويرددان هذه العبارة عدة مرات لترسخ في عقل الطفل، ويتقمصان أدوارهما في اللعب بتكرار هذه العبارة عن إدراك لها أو دون إدراك.
4- ولم يسلم (الدين) أيضًا من التفسير (النفعي) في ضوء الفلسفة البراجماتية؛ "فإن اعتبار شروط وجود الدين وأصوله ونشأته لا أهمية لها عند مَن يسأل عن قيمة الدين؛ لأن قيمته فيما ينتجه".
نقد الفلسفة البراجماتية من وجهة نظر الإسلام:
إن الدين الإسلامي - بحمد الله تعالى - يمتلك أعظم ثروة في مجال العقيدة والقِيم والسلوك والأخلاق، ولقد ترك لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إرثًا ضخمًا من الأحاديث القولية والفعلية التي تحث على حسن الأخلاق والسلوك، إضافة إلى العبادات، بالشكل الذي جمع لنا فيه بين العلم والعمل، (وقد قامت الفلسفة البراجماتية على أساس أن المعيار في بيان صحة الأعمال وحسنها إنما يكون من خلال النتائج المترتبة عليها؛ فأخضعت كل شيء لمبدأ "النفعية"، وجعلت النتيجة هي معيار الحكم على حُسن ذلك العمل والأخذ به، أو قُبحه وتركه، وقد طبقوا ذلك المبدأ على الدين، فأصبح الدين نافعًا في بعض الأحوال مما لا يمكن استبدال غيره به، وفي هذا يقول "برتراندرسل" :لا يقنع مؤمنًا مخلصًا إيمانه؛ لأن المؤمن لا يطمئن إلا متى استراح إلى موضوع عبادته وإيمانه، إن المؤمن لا يقول: إني إذا آمنت بالله سعدت، ولكنه يقول: إني أؤمن بالله، ومن أجل هذا فأنا سعيد؛ (الحجيلي، ص 315 - 316).
وتنكر البراجماتية وجود حقائق موضوعية وقِيَم مطلقة، وتؤكد أن الحقيقة هي اكتشاف اختراع شيء جديد، وليس اكتشاف شيء موجود، ومقياسها يقوم على مدى نفعها في دنيا العمل.
وهذا نسف تام لكل القيم الأخلاقية التي هي من صميم التركيبة الإنسانية، ولها أصول ضاربة في الأعماق، كما أنه إنكار للقيم والمبادئ التي أقرها الشرع، وجهِلنا الحكمة منها؛ لقصور في معرفتنا، مع اعتقادنا بأن الخير كل الخير يكمن فيها.
إن تحديد "الخير" يكون من الشرع، وليس من الإنسان؛ فقد يقر الشرع أمرًا يرى الحق فيه، ويرى الإنسانُ - لقصوره - أنَّ فيه شرًّا، بينما هو في-حقيقة الأمر - خير".
إن إقامة المجتمعات على موازين الكسب والخسارة وحدهما، كفيلةٌ بهدم تلك المجتمعات؛ إذ كيف يقوم مجتمع من المجتمعات وينهض إذا كانت العلاقة التي تقوم بين أفراده لا تقوم إلا على أساس المصلحة والكسب المادي؟! فكم من علاقات أخرى تقوم على الإيثار والتضحية وحب الخير لذاته، وهي التي تكفل تحقيق السعادة للمجتمع؛ لأن التعاطف والتعاون هما الرائدان في حركة المجتمع الإنساني، وإلا تحول إلى غابة من الغابات التي يأكل فيها القوي الضعيف؛ فالنجاح مطلوب، والسعي والتنافس على فعل الخيرات مرغوب؛ فإن المؤمن القوي أحبُّ إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، ولكن ينبغي أن يستظل السعي - هدفًا وطريقًا - بأوامر الشرع، والالتزام بآدابه.
المراجع المطبوعة:
1) مرعي، توفيق أحمد والحيلة، محمد محمود (1432 هـ): "المناهج التربوية الحديثة: مفاهيمها وعناصرها وأسسها وعملياتها". عمان: دار المسيرة.
2) العجمي، مها محمد (1426هـ): "المناهج الدراسية: أسسها مكوناتها تنظيماتها تطبيقاتها التربوية"، مطابع الحسيني الحديثة، الأحساء.
3) الفوزان، محمد أحمد (1427 هـ): "التربية: أصولها، مفهومها، وظيفتها، أبعادها، تطورها". دار الخريجي للنشر والتوزيع، الرياض.
4) سعادة، جودت أحمد وإبراهيم. عبدالله محمد (1428 م). المنهج المدرسي المعاصر. دار الفكر، عمَّان، الأردن.
المراجع الإلكترونية:
5) الخراشي، سليمان صالح (1435هـ): نقد الفكر الغربي 1 (الفلسفة البراجماتية) وموقع صيد الفوائد، تم استيرادها بتاريخ 27/5/1435هـ:
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/19.htm


6) شبير، محمد خضر (1431هـ): دراسة ناقدة للفلسفة البراجماتية في ضوء المعايير الإسلامية، دراسة ماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة.
7) الحجيلي، منصور عبدالعزيز (1431هـ): البراجماتية عرض ونقد، الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة الأديان والفرق والمذاهب - مجلة الدراسات العقدية - العدد الرابع، المدينة المنورة، مستوردة من الإنترنت بتاريخ 27/5/1435هـ: http://aqeeda.org/book/el - pragmatije.pdf


8) الذرائعية (البرجماتية) (1435هـ): الندوة العالمية للشباب الإسلامي، موقع صيد الفوائد، تم استيرادها 28/5/1435هـ: http://www.saaid.net/feraq/mthahb/98.htm

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.16%)]