الموضوع: المعصية والقلب
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-02-2019, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي المعصية والقلب


المعصية والقلب




انتبه المعصية تضعف القلب فالذنب إما أن يميت القلب أو يمرضه مرضا مخوفا أو يضعف قوته ثم ينتهي به إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي –صلى الله عليه وسام- (الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال) وكل اثنين منهما قرينان، فالهم والحزن قرينان:والفرق بينهما أن الهم لما هو متوقع والحزن لما هو آت،والعجز والكسل قرينان:لان تخلف العبد عن أسباب الخير والفلاح أن كن لعدم قدرته فهو عجز،وان كان لعدم إرادته فهو كسل.

والجبن والبخل قرينان: فان عدم نفعه للناس ببدنه فهو الجبن وان كان بماله فهو جبن،وغلبة الدين وقهر الرجال قرينان:فان استعلاء الغير عليه أن كان بحق فهو غلبة الدين وان كان بباطل فهو قهر الرجال، والذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لهذه الثمانية كما أنها من أقوى الأسباب الجالبة لزوال النعم ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء نعوذ بالله من كل ذلك،والمعصية تلقي الرعب والتخوف في القلب،فلا ترى العاصي إلا خائفا مرعوبا (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ) فمن خرج عن الطاعة أحاطت به المخاوف من كل جانب، فمن أطاع الله انقلبت مخاوفه مآمن ومن عصاه انقلبت مآمنه مخاوف،يحسب كل صيحة عليه وكل مكره قاصدا إليه،وتأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان،وقد اجمع السائرون على أن القلوب لا تعطى مناها حتى تصل إلى مولاها ولا تصل إلى مولاها حتى تكون صحيحة سليمة، وقوله تعالى: (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)،ليس قاصرا على نعيم الآخرة فحسب بل يشمل أيضا نعيم الدني،وقائم أيضا في القبر،والمعصية تصغر النفوس وتحقرها كما أن الطاعة تنميها وتكبرها (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) والمعاصي تسقط المنزلة والكرامة عند الله وعند الخلق فان أكرم الخلق على الله اتقاهم وأقربهم منه منزلة فان عصاه سقط من عينه وأسقطه من قلوب عباده، ومن أعظم نعم الله على العبد أن يرفع بين العالمين ذكره، ويعلي قدره، ولهذا خص أنبياءه ورسله من ذلك بما ليس لغيرهم (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)،والمعصية تؤثر في العقل فليس هناك من هو اضعف عقلا من رجل يؤثر الفاني على الباقي والمتقطع على الدائم والقليل على الكثير، وما بالك برجل يعصي سيده ويخونه في حرماته وهو يأكل منه ويشرب وفوق ذلك يعيش في بيته وتحت سقفه وهو يعلم انه يرزقه ويهبه، فالعاقل من عمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها، فاربأ بنفسك من أن تستسلم لمعصية وسلم أمرك كله لله،فالمعصية لابد تضرك في دنياك وآخرتك فاحذر منها وان أصاب منك الشيطان يوما فاستغفر وعد إلى ربك تجد منه كل كرم ومحبة.

الجواب الكافي لابن القيم (بتصرف)
محمد العصفوري

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.07%)]