13-وقال أحمد: : حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فصلى صلاة الصبح وهو خلفه فقرأ فالتبست عليه القراءة.فلما فرغ من صلاته قال: " لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين: الابهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لاصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل " (مسلم).
14-وقد ذكر غير واحد من السلف أنه كانت لسليمان من النساء الف امراة بمهور وثلثمائة سراري وقيل بالعكس ثلثمائة حرائر وسبعمائة من الاماء.وقد كان يطيق من التمتع بالنساء أمرا عظيما جدا
15-قال البخاري: ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قال سليمان بن داود لاطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه إن شاء الله فلم يقل فلم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو قالها لجاهدوا في سبيل الله "
16-وقال أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال سليمان بن داود لاطوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة منهن تلد غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله وفى رواية (: ونسي أن يقول إن شاء الله ولم يقل إن شاء الله فطاف تلك الليلة على مائة امرأة فلم تلد منهن امرأة إلا امرأة ولدت نصف إنسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قال إن شاء الله لولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله الله عزوجل " وفى رواية لاحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو استثنى لولد له مائة غلام كلهم يقاتل في سبيل الله عزوجل لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته
17-وقد كان له عليه السلام من أمور الملك واتساع الدولة وكثرة الجنود وتنوعها ما لم يكن لاحد قبله، ولا يعطيه الله أحدا بعده كما قال: (وأوتينا من كل شئ) [ النمل: 16 ] (وقال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب) [ ص: 35 ] وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق.
ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليه وأسداه من النعم الكاملة العظيمة إليه قال: (وهذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) أي أعط من شئت واحرم من شئت فلا حساب عليك أي تصرف في المال كيف شئت، فإن الله قد سوغ لك كل ما تفعله من ذلك ولا يحاسبك على ذلك، وهذا شأن النبي الملك بخلاف العبد الرسول، فإن من شأنه أن لا يعطي أحدا ولا يمنع أحدا إلا باذن الله له في ذلك، وقد خير نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه بين هذين المقامين فاختار أن يكون عبدا رسولا وفي بعض الروايات أنه استشار جبريل في ذلك، فأشار إليه أن تواضع فاختار أن يكون عبدا رسولا صلوات الله وسلامه عليه وقد جعل الله الخلافة والملك من بعده في أمته إلى يوم القيامة فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة فلله الحمد والمنة.
18-ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان عليه السلام من خير الدنيا نبه على ما أعده له في الآخرة من الثواب الجزيل والاجر الجميل والقربة التي تقربه إليه والفوز العظيم والاكرام بين يديه وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى: (وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب).
[85-- ذكر ] وفاته و [ كم كانت ] مدة ملكه وحياته
1-قال الله تبارك وتعالى: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) [ سبأ: 14 ].
2-روى ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا صلى رأس شجرة نابتة بين يديه فيقول لها ما اسمك فتقول كذا فيقول لاي شئ أنت ؟ فإن كانت لغرس غرست وإن كانت لدواء أنبتت فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها: ما اسمك قالت الخروب قال لاي شئ أنت ؟ قالت لخراب هذا البيت فقال سليمان: اللهم عم على الجن موتي حتى تعلم الانس أن الجن لا يعلمون الغيب فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا والجن تعمل فأكلتها الارضة، فتبينت الانس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين. قال وكان ابن عباس يقرأها كذلك قال فشكرت الجن للارضة فكانت تأتيها بالماء وقد رواه الحافظ ابن عساكر عن ابن عباس موقوفا وهو أشبه بالصواب والله أعلم.
3-وقال ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة كان سليمان عليه السلام يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر، يدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي توفي فيها، فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة فيأتيها فيسألها ما اسمك ؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا [ فيقول لها: لاي شئ نبت ؟ فتقول: نبت لكذا وكذا فيأمر بها فقطع ] فإن كانت لغرس غرسها وإن كانت نبتت دواء قالت نبت دواء لكذا وكذا فيجعلها كذلك، حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة فسألها ما اسمك ؟ فقالت: أنا الخروبة.فقال ولاي شئ نبت ؟ فقالت نبت لخراب هذا المسجد.فقال سليمان ما كان الله ليخربه وأنا حي أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها وغرسها في حائط له.
4-ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه فمات ولم تعلم به الشياطين وهم في ذلك يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم، وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كوى بين يديه وخلفه، فكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول الست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب، فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان عليه السلام وهو في المحراب إلا احترق، ولم يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق، ونظر إلى سليمان عليه السلام قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه، ووجدوا منسأته وهي العصا بلسان الحبشة قد أكلتها الارضة، ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الارضة على العصا فأكلت منها يوما وليلة.
5-ثم حسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة، وهي قراءة ابن مسعود فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا كاملا فأيقن الناس عند ذلك، أن الجن كانوا يكذبون، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العذاب سنة يعملون له وذلك قول الله عزوجل: (ما دلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) [ سبأ: 14 ] يقول: تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم، ثم إن الشياطين قالوا للارضة: لو كنت تأكلين الطعام لاتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين قال فإنهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت قال: ألم تر إلى الطين الذي يكون في حوف الخشب فهو ما يأتيها به الشيطان تشكرا لها (روى الخبر الطبري في تاريخه).
وهذا فيه من الاسرائيلات التي لا تصدق ولا تكذب.
6-وقال أبو داود في ، عن خيثمة قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام لملك الموت: إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني، قال: ما أنا أعلم بذاك منك إنما هي كتب يلقى إلي فيها تسمية من يموت.
و: قال سليمان لملك الموت: إذا أمرت بي فأعلمني.فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة، فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلي فاتكأ على عصاه قال فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه وهو متوك على عصاه ولم يصنع ذلك فرارا من ملك الموت قال والجن تعمل بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنه حي قال فبعث الله دابة الارض - يعني - إلى منسأته فأكلتها حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر، فلما رأت الجن ذلك انفضوا وذهبوا قال فذلك قوله: (ما دلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).قال : أنها مكثت سنة تأكل في منسأته حتى خر وقد روى نحو هذا عن جماعة من السلف وغيرهم والله أعلم.
أن سليمان عليه السلام عاش ثنتين وخمسين سنة وقال ابن عباس أن ملكه كان عشرين سنة والله أعلم
وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس فيما ذكر.ثم ملك بعده ابنه رحبعام مدة سبع عشرة سنة : ثم تفرقت بعده مملكة بني إسرائيل.
والحمد لله رب العالمين