الموضوع: رياض الصالحين
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-10-2015, 11:17 AM
الصورة الرمزية أبــو أحمد
أبــو أحمد أبــو أحمد غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
مكان الإقامة: صــنعاء
الجنس :
المشاركات: 26,997
الدولة : Yemen
افتراضي رد: رياض الصالحين

520
وعن جابر رضي اللَّه عنه قال :
إِنَّا كُنَّا يَوْم الخَنْدَقِ نَحْفِرُ ،
فَعَرضَتْ كُدْيَةٌ شَديدَةٌ فجاءُوا إِلى
النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالوا :
هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضتْ في الخَنْدَقِ .
فقال:
« أَنَا نَازِلٌ »
ثُمَّ قَامَ وبَطْنُهُ معْصوبٌ بِحَجرٍ ،
وَلَبِثْنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لا نَذُوقُ ذَوَاقاً ،
فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم المِعْول ،
فَضرَب فعاد كَثيباً أَهْيَلَ ، أَوْ أَهْيَمَ .

فقلتَ :
يا رسولَ اللَّه ائْذَن لي إِلى البيتِ ،
فقلتُ لامْرَأَتي :
رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم شَيْئاً مافي ذلكَ صبْرٌ فِعِنْدَكَ شَيءٌ ؟
فقالت :
عِندِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ ،
فَذَبحْتُ العَنَاقَ ،
وطَحَنْتُ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللحمَ في البُرْمَة ،
ثُمَّ جِئْتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَالعجِينُ قَدْ انْكَسَرَ والبُرْمَةُ
بيْنَ الأَثَافِيِّ قَد كَادَتَ تَنْضِجُ .

فقلتُ :
طُعَيِّمٌ لي فَقُمْ أَنْت يا رسولَ اللَّه وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلانِ ،
قال :
« كَمْ هُوَ ؟»
فَذَكَرتُ له فقال :
« كثِير طيب ، قُل لَهَا لا تَنْزِع البُرْمَةَ ، ولا الخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتيَ »
فقال :
« قُومُوا »
فقام المُهَاجِرُون وَالأَنْصَارُ ،
فَدَخَلْتُ عليها
فقلت :
وَيْحَكِ جَاءَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَالمُهَاجِرُونَ ،
وَالأَنْصارُ وَمن مَعَهم ،
قالت :
هل سأَلَكَ ؟
قلتُ :
نعم ،
قال :

« ادْخُلوا وَلا تَضَاغَطُوا »
فَجَعَلَ يَكْسِرُ الخُبْزَ ،
وَيجْعَلُ عليهِ اللحمَ ،
ويُخَمِّرُ البُرْمَةَ والتَّنُّورَ إِذا أَخَذَ مِنْهُ ،
وَيُقَرِّبُ إِلى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ وَيَغْرفُ حَتَّى شَبِعُوا ،
وَبَقِيَ مِنه ،
فقال:

« كُلِي هذَا وَأَهدي ، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ »

متفقٌ عليه .

وفي روايةٍ : قال جابرٌ :
لمَّا حُفِرَ الخَنْدَقُ رَأَيتُ بِالنبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَمَصاً ،
فَانْكَفَأْتُ إِلى امْرَأَتي
فقلت :
هل عِنْدَكِ شَيْء ،
فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَمَصاً شَدِيداً.
فَأَخْرَجَتْ إِليَّ جِراباً فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ ،
وَلَنَا بُهَيْمَةٌ ، داجِنٌ فَذَبحْتُهَا ،
وَطَحنتِ الشَّعِير فَفَرَغَتْ إلى فَرَاغِي ،
وَقَطَّعْتُهَا في بُرَمتِهَا ،
ثُمَّ وَلَّيْتُ إلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ،
فَقَالَتْ :
لا تفضحْني برسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ومن معَهُ ،
فجئْتُه فَسَارَرْتُهُ فقلتُ يا رسول اللَّه ،
ذَبَحْنا بُهَيمَةً لَنَا،
وَطَحَنْتُ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ ،
فَتَعالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ ،
فَصَاحَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
فقال :
« يَا أَهْلَ الخَنْدَق : إِنَّ جابراً قدْ صنَع سُؤْراً فَحَيَّهَلاًّ بكُمْ »
فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:
« لا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلا تَخْبِزُنَّ عجِينَكُمْ حَتَّى أَجيءَ » .
فَجِئْتُ ،
وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقْدُمُ النَّاسَ ،
حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتي فقالتْ :
بِك وَبِكَ ،
فقلتُ :
قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ .
فَأَخْرَجَتْ عجيناً فَبسَقَ فِيهِ وبارَكَ ،
ثُمَّ عَمَدَ إِلى بُرْمَتِنا فَبَصَقَ وَبَارَكَ،
ثُمَّ قال :
« ادْعُ خَابزَةً فلْتَخْبزْ مَعكِ ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُم وَلا تَنْزلُوها »
وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّه لأَكَلُوا حَتَّى تَركُوهُ وَانَحرَفُوا ،
وإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ ،
وَأَنَّ عَجِينَنَا لَيخْبَز كَمَا هُوَ .


قَوْلُه :
« عَرَضَت كُدْيَةٌ » :
بضم الكاف وإِسكان الدال وبالياءِ المثناة تحت ،
وَهِيَ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلْبَةٌ مِنَ الأَرْضِ لا يَعْمَلُ فيها الْفَأْسُ .
« وَالْكَثِيبُ »
أَصْلُهْ تَلُّ الرَّمْلِ ،
والمُرَادُ هُنَا:
صَارتْ تُراباً ناعِماً ،
وَهُوَ مَعْنَى
« أَهْيَلَ » .
و
«الأَثَافي » :
الأَحْجَارُ الَّتي يَكُونُ عَلَيْهَا القِدرُ.
و

« تَضَاغَطُوا »
:
تَزَاحَمُوا .
و
« المَجاعَةُ » :
الجُوعُ ،
وهو بفتحِ الميم .
و
«الخَمصُ »
بفتحِ الخاءِ المعجمة والميم :
الجُوعُ .
و
« انْكَفَأْتُ » :
انْقَلَبْتُ وَرَجَعْتُ .
و

«الْبُهَيمَةُ »
بضم الباءِ:
تَصغير بَهْمَة ،
وَهِيَ الْعنَاقُ بفتح العين
و
«الدَّاجِنُ » :
هي الَّتي أَلِفَتِ الْبيْتَ .
و
«السُّؤْر »
:
الطَّعَام الَّذِي يُدْعَى النَّاسُ إَلَيْه وَهُوَ بُالْفارِسيَّةِ ،
و

«حَيَّهَلا»
أي:
تَعَالوا .
وَقَوْلها

« بكَ وَبكَ »

أَي :
خَاصَمَتْهُ وَسَبَّتْهُ ،
لأَنَّهَا اعْتَقْدَت أَنَّ الَّذي عندهَا لا يَكفيهم ،
فَاسْتَحْيَتْ وخفي علَيْهَا مَا أَكَرَم اللَّه سُبحانَهُ وتعالى بِهِ نَبِيَّهُ
صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
مِنْ هذِهِ المُعْجِزَةِ الظَّاهِرةِ والآيَةِ الْبَاهِرَةِ .

« بَسقَ »

أَي :
بصَقَ،
وَيُقَالُ أَيضاً :
بَزقَ ثَلاثُ لُغَاتٍ .
و
« عَمَد »
بفتح الميم :
قصَد.
و

« اقْدَحي »

أَي :
اغرِفي ،
و
المِقْدَحةُ :
المِغْرفَةُ .
و
«تَغِطُّ »
أَي لِغَلَيَانِهَا صَوْتٌ .
واللَّه أعلم .
__________________
__________________
أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]