مآرب كانت في الحياة لأهلها عذابا فصارت في الممات عذابا
ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات ، وانقضت الشهوات ، وأورثت الشقوات ،
وتمتعوا قليلا ، وعذبوا طويلا ، رتعوا مرتعا وخيما فأعقبهم عذابا أليما ،
أسكرتهم خمرة تلك الشهوات ، فما استفاقوا منها إلا في ديار المعذبين ،
وأرقدتهم تلك الغفلة ، فما استيقظوا منها إلا وهم في منازل الهالكين ،
فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم ، وبكوا على ما أسلفوه
بدل الدموع بالدم ، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة ،
والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم ،
وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كئوس الحميم ، ويقال لهم وهم
على وجوههم يسحبون :
اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الطور: 16
وقد قرب الله سبحانه مسافة العذاب بين هذه الأمة وبين إخوانهم في العمل ، فقال مخوفا لهم أن يقع الوعيد
يقول تعالى فلما جاء أمرنا ..
> [ سورة هود : 83 ] .